Al-Watan (Saudi)

في الحماقة هم شركاء

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

- مؤيد رشيد

الحمق كما يبدو مرض ليس له دواء، وهو ليس جهلا يُعالج بالفكر والمطالعة والتنوير، أو بمدرس خصوصي قدير، كلا بل هو عاهةٌ وعَوَق، يصيب العقل ويؤدي إلى قصور في الفهم والإدراك، وهو ليس عيبا أو سُبَّة، ولكنه عَتَهٌ ليس منه شفاء، إلا من رَحِمَ ربي.

جماعة الإخوان المسلمين، وقبل توصيفها بجماعة إرهابية، ومن قبل حتى أن تتفرع منها وتتوالد كل التنظيمات الجهادية المتطرفة بكل مسمياتها، هي حركة أو جماعة تتسم بكثير من الحماقة والعَشو الفكري، وعمى الألوان السياسي.

وهذا التوصيف بالحماقة، لمسناه وعلمناه وخبرناه طوال سنوات طويلة، وتناولته كتب، وأسهب فيه كتاب كثيرون عبر كل مراحل تاريخ الجماعة، وهو أيضا موجود خلال مراجعهم ومرجعياتهم، وحتى مراجعاتهم، وبوضوح وفجاجة تدعو إلى السخرية قدر ما تدعو إلى الاستغراب.

وينسحب هذا الوصف بالحماقة والغباء وقصر النظر، على كل الذين يَنضَوون تحت لوائهم وفكرهم اللا إنساني، بالهوى أو الانتساب، سواء كانوا أفرادا أو فئات أو منظمات أو أنظمة أو دولا، وخير شاهد هو الحدث الأخير الذي يشغل العالم اليوم، ألا وهو الأزمة القطرية، ولا يخفى على كل مطّلع ومتابع أن »القيادة« القطرية -وأقول القيادة وليس الشعب- هي راعية للإخوان، وهناك ما يؤكد ولاءهم وانتماءهم إلى ذلك التنظيم العالمي للإرهاب بالهوى والانتساب معا.

السؤال: لِمَ يتم توصيف هذا التنظيم بالحماقة والغباء وقِصَر النظر؟

هذا التوصيف لم يأت من فراغ، ومن يقرأ تاريخهم سيعلم ذلك، ولكن لنبتعد قليلا عن الماضي ونقترب من الحاضر قليلا، فحين تمكّن تنظيمهم من الوصول إلى السلطة في مصر، انكشفت حماقتهم وغباؤهم وسطحيتهم وافتقارهم إلى الحكمة والدهاء السياسيين، وانشغلوا بالهيمنة والنهب وتحقيق المصالح الشخصية، وأحلام وخيالات تعشش في فكرهم الذي تعفن على مر السنين، ولم يصبه هواء التجديد، حتى أفرغ من محتواه ومضمونه، وكثرت الأزمات الاقتصادية في الداخل، والكل يتذكر ذلك. رغم كل الزيف، ولَيّْ وتشويه الحقائق الذي مارسته قناة الجزيرة لصالحهم، لتبييض صحفهم، ووجوههم السوداء.

وخارجيا، تكشف لنا على الأقل -كدول عربية وخليجيةمدى عُريهم الفكري والثقافي وأيديولوجي­تهم الفارغة، حيث كان التخبط والعشوائية والتهور منهجهم في الحكم، إذ بادروا بادخال آلاف الإرهابيين إلى سيناء، بهدف إعلان الدولة الإسلامية، وإعطاء حماس جزءا من سيناء لإقامة دولة فلسطينية بديلة، وفتحوا الحدود مع ليبيا لدخول الإرهابيين والسلاح، وليكون هذا كله مقدمة ومنطلقا لإحياء وإقامة دولة الخلافة التي لا تعترف بالحدود ولا الأوطان، وبالمناسبة -ويا للمصادفةفه­ذا هو نفس طائر العنقاء الخرافي الذي تؤمن به إيران، مُرشِدَّين يتقاسمان الأدوار، واحد هنا والآخر هناك.

ولا بد أن نتذكر -ولو من باب السخرية- خطاب المعزول إلى بيريز بتاريخ 12/ ‪2012، 6/‬ إذ بدأه بعبارة »عزيزي وصديقي العظيم«، وختمه بعبارة صديقكم الوفي محمد مرسي، وفق النسخة المصورة التي نشرتها صحيفة »ذا تايم أوف إسرائيل«، وأعاد نشرها جميع وسائل الإعلام المصرية.

ولن ننسى دعوتهم للرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر، والحفاوة التي قابلوه بها، تمهيدا لمد الجسور، ولعودة علاقات إستراتيجية، »فهم يشكلون جناحي بعوضة واحدة من حيث الأساليب والأهداف«، وكل ما رافق فترة حكمهم القصيرة من استقواء لتنظيمات الإخوان في شمال المغرب العربي والعراق والأردن وسورية واليمن، والتعاون الوثيق مع التنظيم في تركيا، كان الأمر يسير نحو كارثة، وبمباركة ودعم غربي كامل، بدأت فصولها في كثير من بلداننا الغالية منذ ذاك الحين.

ولكن الله ستر، ووقع الإخوان وحكمهم وكل من يقف وراءهم في شر أعمالهم، حين لفظهم الشعب المصري لفظ النواة، إلى مزبلة التاريخ، وقُضي عليهم في مصر ومعظم العالم العربي، ولن تقوم لهم قائمة ربما لعقود طويلة قادمة.

هذا السياق، هو مقدمة وتذكير لما حدث ويحدث اليوم من مسارعة »القيادات« القطرية للارتماء في أحضان الغير، وفي الوقت ذاته إشهار علانية قنوات التواصل التي كانت مستترة مع إيران، وأصبحوا يجاهرون ويفاخرون بإقامة علاقات قوية معها، وهو فخ الشيطان الكبير، يسيرون إليه بكل حماقة.

وها هي »القيادات« القطرية -وبكل عناد- تكرر السيناريو نفسه، وتُرتكب الأخطاء نفسها التي وقعوا فيها مع إخوان مصر، ولكن بإصرار أحمق وعجيب!

ربما نعلم شأن إيران وأطماعها في الخليج، ولكن حماقة الإخوان تبعث على الضحك والسخرية، فهم يضربون عرض الحائط بكل مصالحهم التاريخية والإستراتي­جية، سياسيا واقتصاديا في دول المنطقة ودول الخليج، وبكل رعونة سياسية، في مغامرة فاشلة وغير محسوبة، ولكن يبدو أن الحماقة داء مُعدٍ، جمعتهم ولفّتهم برداء واحد مُغّبَّرْ.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia