Al-Watan (Saudi)

الأستاذ الجامعي عندما يطرب

- عزة آل محمود

قال »أمزمار الحي لا يطرب؟!« فرد عليه قائلا »سمعنا مزماركم، فلم نعجل على طربه، قلنا قريبا منا ومتى ما أردنا الطرب، له لجاءنا!«.

كان حوار بين طالب دراسات عليا وأستاذه ذي الفكر المتجدد، الذي ألف كتابا، في علم من العلوم، فتعجب من طالبه الذي لم يستق معلوماته من ذلك المرجع، برغم الارتباط الوثيق بين المرجع وبحث طالبه، فالأستاذ يعلم يقينا بخبرته وعلمه أن الطالب مهما بلغ من المعرفة وأتقن مهارات وأصبح لديه قناعات ليست كقناعاته السابقة، إلا أنه يظل بحاجة إلى أستاذه ومعلمه، فبه يزداد كيانه العلمي وتتجدد لغته الفكرية، فالأستاذ يمده بخبرات متجددة ومفصلة إلى جزئيات، كل جزئية منها يربطها بشكل احترافي بخبرات طالبه السابقة، ويدعمها بشواهد من حياته وواقعه، ليمكنه من امتلاك معارف ومهارات غير مسبوقة، ويجعله قادرا على أن يصنع لذاته قناعات جديدة وأصيلة ومرنة ترضي تطلعاته التي تتوافق مع عصره الحديث، وهذه الطريقة يسلكها، فقط، »أصحاب المزامير« مع طلابهم، أصحاب المؤلفات القيمة التي كُتبت لتعالج وتثري المواقف العلمية والبحثية، وأصحاب الفكر المختلف بأدواته وتوجهاته الحديثة، وأصحاب المزج الذكي لنظريات التعلم في واقع طلابهم العلمي والتربوي، مما يجعل الطالب يحلق عاليا في عالم العلم وفلسفاته ونظرياته، ليصيغ لنفسه فلسفة جديدة، قد يصعب فهمها لدى الكثير في لحظتها الراهنة، ولكنها تُنبئ بغد واعد. فبالتأكيد الفضل بعد الله لأصحاب المزامير الذين يجيدون فن إظهار علمهم، بل ويُسمعون صوت علمهم للجميع، ويتعدون ذلك ليكون صوتا يملؤه الطرب، فهم يثقون بقدراتهم العلمية والفكرية ثم يحيلونها إلى قدرات تأثيرية على طلابهم، ليتمكن الطلاب من خلالها أن يمارسوا رياضة القفز على حاجز الخوف الذي ينتابهم عند الاقتراب من جديد العلم، ثم يتعلمون كيف يحملون هم أيضا مزامير كأساتذتهم ليطربوا الآخرين في حيهم وأحياء بجوار حيهم!

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia