ﺣﺮﻛﺔ »ﻣﻲ ﺗﻮ« اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ

اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ أﻣريﻛﺎ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺄن اﻟﺼﺪﻓﺔ ﻟﻴﺲ ﻟﻬﺎ وﺟﻮد ﺣﻘﻴﻘﻲ، ﻓﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ﻟﻠﻤﺘﺎﺑﻊ أﻧﻪ ﻃﺒﻴﻌﻲ وﻳﻤﴤ وﻓﻖ املﺴﺘﺠﺪات ﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﺨﻄﻄﻪ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ ﻃﺮف ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻐﻠﺐ ﻋﲆ ﻃﺮف، أو ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺪف، أو ﻣﺠﺮد ﻓﺮض واﻗﻊ ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﴬورة ﻣﺆﻳﺪون ﻛﺜﺮ ﻋﲆ اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ. رﺑﻤﺎ ﺗﺎﺑﻊ ﻣﻌﻈﻤﻨﺎ اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻷﺧرية اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﺗﺼﺒﺢ ﺳﻤﺔ ﻻﻓﺘﺔ ﻟﻠﻄﺒﻘﺔ املﺨﻤﻠﻴﺔ ﰲ أﻣريﻛﺎ، وأﻋﻨﻲ ﺑﻬﺎ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت املﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮش اﻟﺠﻨﴘ اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻴﻮم ﺣﻤﻠﺔ ﺗﻨﻈﻴﻒ واﺳﻌﺔ أﺻﺎﺑﺖ ﺑﺸﻜﻞ أﺳﺎﳼ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني واﻹﻋﻼﻣﻴني واﻟﻌﺎﻣﻠني ﰲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﱰﻓﻴﻪ، ﺣﺘﻰ إن ﻣﺠﻠﺔ اﻟﺘﺎﻳﻤﺰ اﻟﺸﻬرية اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪر ﺳﻨﻮﻳﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﺘﱪه ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟﻌﺎم، ﻓﻀﻠﺖ اﺧﺘﻴﺎر اﻟﺤﻤﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺼﺼﺖ ﻋﲆ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻻﻋﱰاف املﺘﺤﺮش ﺑﻬﻢ، واﻟﺨﺮوج ﻋﻼﻧﻴﺔ ﺑﺘﻮﺟﻴﻪ اﻻﺗﻬﺎم ملﻦ ﺗﺤﺮش ﺑﻬﻢ. اﻟﺴﺆال ﻫﻨﺎ، ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺣﺎﻟﺔ املﺮاﺟﻌﺔ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ املﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣريﻛﻲ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﺻﺪﻓﺔ أو إﻟﻬﺎم ﻓﺮد ﺗﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ رﺑﻤﺎ ﺳﺘﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﻋﺎدة رﺳﻢ ﺧﺎرﻃﺔ ﻗﻮاﻧني اﻟﻌﻤﻞ، وﻓﺮض أﺳﺎﻟﻴﺐ ﺗﺤﻘﻖ إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﺘﻘﺪم ﻟﻮﻇﻴﻔﺔ أو ﻋﻤﻞ ﺧﺎص أو ﺣﻜﻮﻣﻲ، ﺧﺼﻮﺻﺎ إذا ﻣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ أن ﻛﺜريا ﻣﻦ اﻷﺻﻮات اﻟﺸﻬرية اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﺑﺎﺗﻬﺎﻣﺎت ﺿﺪ ﺳﻴﺎﳼ أو إﻋﻼﻣﻲ أو ﻓﻨﺎن ﻛﺎن ﻗﺪ ﺗﻢ اﻟﺘﺤﺮش ﺑﻬﻦ، وﻫﻦ ﰲ اﻷﻏﻠﺐ ﻧﺴﺎء ﰲ أﻣﺎﻛﻦ ﻋﻤﻠﻬﻦ، أو ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻤﻠﻬﻦ، أو ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﻣﻴﺰة وﻇﻴﻔﻴﺔ. ﺷﺨﺼﻴﺎ ﻟﺪي ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ ﰲ ﻣﺠﻤﻠﻬﺎ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻔﺮض ﻧﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻟﺮادع ﻋﲆ أي ﻣﺴﺘﻐﻞ أو ﻣﺘﻨﻤﺮ أو ﻣﺘﺤﺮش ﻳﺴﺘﻐﻞ ﻧﻔﻮذه ﰲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ ﳾء ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ، وﻟﻜﻨﻲ ﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﻟﺪي ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺄن ﻫﺬه اﻟﺤﻤﻠﺔ ﺗﺄﺗﻲ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ ﺑﻨﺎء ﻗﻀﻴﺔ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ املﻄﺎف اﻟﻀﻐﻂ واﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﺮﻣﺐ اﻟﺬي ﺳﺒﻖ أن اُﺗﻬﻢ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺷﺒﻴﻬﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﻬﻤﺔ ﰲ ﻧﻈﺮ اﻟﻨﺎﺧﺐ، ﻧﻈﺮا ﻟﻜﻮن اﻟﺒﺪﻳﻞ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻓﺴﺎدا وﺳﻮء إدارة ﻋﻨﺪ اﻟﻜﺜريﻳﻦ، ﻓﻔﻀﻠﻮا اﻟﺘﻐﺎﴈ ﻋﻦ أﺧﻄﺎء ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﺗﺮﻣﺐ وﻗﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﰲ ﺳﺒﻴﻞ ﻧﺠﺎﺣﻪ وﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻟﻠﻮﻋﻮد اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻻﻣﺴﺖ املﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣريﻛﻲ. ﺧﻼل اﻷﺳﺒﻮﻋني املﺎﺿﻴني اﺳﺘﻘﺎل ﺛﻼﺛﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴني ﻣﻨﺘﺨﺒني، ﻫﻢ: اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ »ﺟﻮن ﻛﻮﻧريز اﻻﺑﻦ«، واﻟﺠﻤﻬﻮري »ﺗﺮﻳﻨﺖ ﻓﺮاﻧﻜﺲ« ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب، واﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ »ال ﻓﺮاﻧﻜﻦ« ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ، إﺿﺎﻓﺔ إﱃ إﻋﻼن اﻟﺠﻤﻬﻮري »ﺑﻠﻴﻚ ﻓﺎرﻧﺘﻮﻟﺪ« أﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﱰﺷﺢ ملﻘﻌﺪه ﰲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻨﻮاب ﰲ اﻟﺪورة اﻟﻘﺎدﻣﺔ املﻘﺮرة اﻟﻌﺎم اﻟﻘﺎدم، وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ أن ﻃﺎﻟﺘﻪ اﺗﻬﺎﻣﺎت ﺑﺎﻟﺘﺤﺮش اﻟﺠﻨﴘ، وﻫﻲ ﺣﺎﻻت ﺗﺪﻟﻞ ﻋﲆ أن ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺘﺤﺮش ﻫﺬه أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻴﻮم وﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺼﻔﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻴﺲ املﻘﺼﻮد ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺆﻻء ﺑﺎﻟﺘﺤﺪﻳﺪ، ﺑﻞ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر ﻫﺆﻻء ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ أﺳﻬﻢ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﻟﻠﻬﺪف اﻷول ﻟﻠﻤﴩﻋني املﻨﺎﻫﻀني ﻟﻺدارة اﻷﻣريﻛﻴﺔ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ، واﻹﻋﻼم اﻟﺪاﻋﻢ ﻟﻬﻢ، أي اﻟﺮﺋﻴﺲ ذاﺗﻪ. ﺧﺴﺎرة املﺮﺷﺢ ملﻘﻌﺪ وﻻﻳﺔ أﻻﺑﺎﻣﺎ، واﻟﺬي ﻃﺎﻟﺘﻪ ﻫﻮ أﻳﻀﺎ اﺗﻬﺎﻣﺎت ﺑﺎﻟﺘﺤﺮش اﻟﺠﻨﴘ اﻟﺠﻤﻬﻮري اﻟﻌﺘﻴﺪ »روي ﻣﻮر« وﻣﻌﻪ اﻟﺤﺰب اﻟﺬي ﻣﺜﻞ اﻟﻮﻻﻳﺔ ﻟﻠﺴﻨﻮات اﻟﺨﻤﺲ واﻟﻌﴩﻳﻦ اﻷﺧرية، ﻫﻲ ﻣﺆﴍ ﺑﺄن ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺘﻄﻬري ﻫﺬه ﺑﺪأت ﺗﻘﱰب أﻛﺜﺮ ﻓﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻗﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ، ﺧﺼﻮﺻﺎ أن ﺗﺮﻣﺐ ﻛﺎن ﻗﺪ دﻋﻢ ﻣﻮر ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻨﻲ، وﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ أﺗﻰ ﺑﻨﺎء ﻋﲆ ﻣﺸﻮرة »ﺳﺘﻴﻒ ﺑﺎﻧﻮن« اﻟﺬي ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ ﺳﻴﻔﻘﺪ ﺛﻘﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻛﺪاﻋﻢ ﻳﻤﻴﻨﻲ ﻟﺘﻨﺸﻴﻂ وﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺤﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري، ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻗﺪ أﻗﺎﻟﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻛﻤﺴﺘﺸﺎر إﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ ﰲ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ. ﺣﻤﻠﺔ «MeToo» اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ اﻟﻴﻮم ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻟﻬﺎ ﻓﻘﻂ ﻋﲆ أﻧﻬﺎ ﺣﺮاك اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﺧﻼﻗﻲ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺗﻨﺘﻬﺞ ﺗﻘﻴﺔ ﻣﺮﺣﻠﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺑﺪون ﺷﻚ ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛري ﻛﺒري ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﰲ اﻟﻘﺎدم ﻣﻦ اﻷﻳﺎم.

alghaslan@alwatan.com.sa