أﺣﻼم ﺿﺎﺋﻌﺔ

Opinion@alwatan.com.sa ﻓﺎﻛﺲ: 0172273756

ﻣﺎ ﺑني وﺳﻮم ﺗﺘﻨﻮع ﻣﻔﺮداﺗﻬﺎ وﻫﺪﻓﻬﺎ واﺣﺪ، وﻣﻘﺎﻻت ﺗﻜﺘﺐ ﺑﺄﻗﻼم اﻷﻟﻢ واملﻌﺎﻧﺎة، وﻣﻘﺎﻃﻊ ﺗﺼﻒ اﻷﻟﻢ ﺻﻮﺗﺎ وﺻﻮرة، ﻳﻘﻒ اﻟﺤﺎﻟﻢ اﻟﺤﺎﺋﺮ ﻟﻴﺒﺤﺚ ﻋﻦ أﺣﻼﻣﻪ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻌﻰ ﻛﺜريا ﻟﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ، وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺣﺎن وﻗﺖ ﺣﺼﺎدﻫﺎ ﺣﺮم ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺪون ﻋﺬر ﻣﻘﻨﻊ أو ﺳﺒﺐ ﻳﺬﻛﺮ.

رﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻮاﺟﻬﻪ اﻟﻜﻔﻴﻒ ﰲ ﻣﺴريﺗﻪ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﺒﺎت ﻛﺎملﺒﺎﻧﻲ ﻏري املﻬﻴﺄة واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻨﺎﻗﺼﺔ واﻷدوات ﻏري املﺘﻮﻓﺮة واملﻌﻠﻤني ﻏري املﺘﺨﺼﺼني وﻧﻈﺮة املﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺎﴏة وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ املﻘﻴﺪ، إﻻ أﻧﻪ ﺳﻌﻰ واﺟﺘﻬﺪ وﺗﻔﻮق راﻓﻀﺎ اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻈﺮوف اﻟﺤﻴﺎة وﺑﻴﺌﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻏري املﻨﺎﺳﺒﺔ. وﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﺠﺪ واﻻﺟﺘﻬﺎد ﺗﺨﺮج ﺑﻤﺴﻤﻰ ﺟﺎﻣﻌﻲ وﺑﺄﻓﻀﻞ املﻌﺪﻻت وأﻋﻼﻫﺎ ﻟﻴﺼﺪم ﺑﺤﺮﻣﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﻇﻴﻒ دون ﺳﺒﺐ ﻣﻘﺒﻮل أو ﻣﻘﻨﻊ.

املﺆﻟﻢ ﺣﻘﺎ أن ﻣﻌﻈﻢ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﺪﻣﺞ ﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻌﺠﺰ أو ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻣﻌﻠﻤﻮن ﻏري ﻣﺆﻫﻠني، ﻟﺘﺘﺴﺎوى ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻄﺎﻟﺐ واﻟﺨﺮﻳﺞ ﰲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﻘﻬﺮ واﻟﻈﻠﻢ واﻹﺟﺤﺎف.

وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ رﻓﴤ اﻟﺘﺎم ﻟﻔﻜﺮة ﺣﴫ اﻟﻜﻔﻴﻒ ﰲ اﻟﺪﻋﻮة واﻟﺘﺪرﻳﺲ وإﺑﻌﺎده ﻋﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺑﻘﻴﺔ املﻬﻦ واﻟﻮﻇﺎﺋﻒ، إﻻ أن املﻌﻄﻴﺎت ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻨﺺ ﻋﲆ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻮﻇﻴﻒ أﻛﱪ ﻋﺪد ﻣﻦ املﻜﻔﻮﻓني ﰲ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻟﻌﺪة أﺳﺒﺎب، أﻫﻤﻬﺎ، أن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻻ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻠﻜﻔﻴﻒ ﺳﻮى ﺗﺨﺼﺼﺎت ﺗﺮﺑﻮﻳﺔ، وﻻ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻮﻇﻒ ﰲ ﻏري اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ﻛﻤﺎ أن ﻧﻈﺮة املﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺎﴏة ووﻋﻴﻪ املﺤﺪود ﺑﻘﺪرات واﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻜﻔﻴﻒ ﻳﻘﻔﺎن ﺣﺎﺋﻼ ﺑﻴﻨﻪ وﺑني ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﰲ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص واﻟﺤﻜﻮﻣﻲ، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺤﺎﺟﺔ املﻠﺤﺔ ملﻌﻠﻤني ذوي ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺧﱪة ﰲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﱪاﻣﺞ وﻣﺪارس اﻟﺪﻣﺞ.

ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺠﺪر ﺑﻨﺎ ﰲ ﻇﻞ اﻟﺘﻘﺪم واﻟﺘﻄﻮر ﰲ ﻛﻞ اﻟﺠﻮاﻧﺐ أن ﻧﺰداد وﻋﻴًﺎ وإدراﻛﺎ ﺑﻘﺪرات اﻟﻜﻔﻴﻒ وﻏريه ﻣﻦ ذوي اﻹﻋﺎﻗﺔ، وأن ﻧﻌﻤﻞ ﻋﲆ إﺗﺎﺣﺔ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺮص ﻟﻪ ﻟﻴﺴﺘﻄﻴﻊ اﻟﻨﻬﻮض واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻨﻔﺴﻪ وﺑﻮﻃﻨﻪ، وﻟﻴﺲ ﺑﺘﻘﻠﻴﺺ ﻣﺎ أﺗﻴﺢ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻓﺮص وﻫﻀﻢ املﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻮق املﻜﻔﻮﻟﺔ ﻟﻪ.

ورﺳﺎﻟﺘﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺄﻗﺪﻣﻬﺎ ﻗﺒﻞ أن أﺧﺘﻢ ﻫﺬه املﻘﺎﻟﺔ، أوﺟﻬﻬﺎ إﱃ ﻛﻞ ﻛﻔﻴﻒ ﺑﺬل اﻟﻜﺜري ﻣﻦ وﻗﺘﻪ وﺟﻬﺪه ﰲ ﺳﺒﻴﻞ املﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺄﺣﺪ ﺣﻘﻮﻗﻪ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ وأﺣﻼﻣﻪ اﻟﻀﺎﺋﻌﺔ وﻣﻀﻤﻮﻧﻬﺎ:

اﺳﺘﻤﺮ ﺑﺎﻟﻨﺪاء ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﺷﻌﺮت ﺑﺄن ﺻﻮﺗﻚ ﻻ ﻳﺼﻞ ملﺴﺎﻣﻊ أﺣﺪ، وإﻳﺎك أن ﺗﺪع ﻟﻠﻴﺄس ﻓﺮﺻﺔ ﻹﻳﻘﺎﻓﻚ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﻤﺮار ﰲ املﺤﺎوﻟﺔ واﻹﻗﺪام، ﻓﻘﻀﻴﺘﻚ ﻻ ﺗﻌﻨﻴﻚ ﺑﻤﻔﺮدك ﻓﻬﻲ ﻗﻀﻴﺔ أﴎة ﺗﺤﺎول ﺟﺎﻫﺪة إﻟﺤﺎق اﺑﻨﻬﺎ اﻟﻜﻔﻴﻒ ﺑﺎملﺪرﺳﺔ وﻻ ﺗﺠﺪ ﺳﻮى اﻟﺮﻓﺾ رًدا ملﻄﻠﺒﻬﺎ، ﺑﺤﺠﺔ ﻋﺪم ﺗﻮﻓﺮ ﻣﻌﻠﻢ ﻣﺨﺘﺺ، وﻗﻀﻴﺔ ﻃﺎﻟﺐ ﺗﺎﺋﻪ ﺑني ﻣﻘﺮرات ﺗﺪرس دون ﻣﻌﻠﻢ وﻣﻌﻠﻢ ﻏري ﻣﺆﻫﻞ ﻻ ﻳﻌﺮف ﻋﻦ ﻃﺮق ﺗﺪرﻳﺴﻬﺎ أي ﳾء، وﻗﻀﻴﺘﻲ أﻧﺎ واﻟﻜﺜري ﻏريي ﻣﻦ اﻟﻄﻼب املﻜﻔﻮﻓني، اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺟﻮن وﻳﺘﻤﻨﻮن أن ﺗﺴﺘﻄﻴﻌﻮا ﺗﻐﻴري ذﻟﻚ اﻟﻮاﻗﻊ املﺆﻟﻢ واﻟﻈﺎﻟﻢ، ﻗﺒﻞ أن ﻧﺘﺠﺎوز ﺳﻨﻮات اﻟﺪراﺳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ إﱃ ﻗﺎﺋﻤﺔ اﻟﻌﺎﻃﻠني ﺑﻤﺮاﺗﺐ اﻟﴩف، وﻧﺼﻞ إﱃ ﻣﺎ وﺻﻠﺘﻢ إﻟﻴﻪ.

وﺧﺘﺎًﻣﺎ أﺣﺐ إﻳﻀﺎح أن ﻣﺎ ﺗﻢ ﻃﺮﺣﻪ ﰲ ﻫﺬه املﻘﺎﻟﺔ، ﻟﻴﺲ إﻻ ﺷﻴﺌﺎ ﻳﺴريا ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ أن ﻳﺜﺎر وﻳﻨﺎﻗﺶ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ وأﺑﻌﺎدﻫﺎ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ، وﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﱰﺗﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ آﺛﺎر ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﲆ أﻃﺮاف ﻋﺪة، وﻟﻜﻦ اﻟﻌﱪة ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻜﺘﺐ أو ﻳﻘﺎل، ﺑﻞ إﻧﻬﺎ ﺗﻜﻤﻦ ﰲ ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻊ وﻳﺸﻌﺮ وﻳﻌﻤﻞ ﺑﺠﺪ إﱃ اﻷﻓﻀﻞ ﺑﺼﺪق وﻳﻘني، ﺑﺄن ﺗﻮﻇﻴﻒ اﻟﻜﻔﻴﻒ ﺣﻖ أﺳﺎﳼ وﻟﻴﺲ ﻣﺒﺎدرة إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، وﺗﻬﻤﻴﺸﻪ وﺣﺮﻣﺎﻧﻪ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺤﻖ إﺳﺎءة ﻳﺸﻤﻞ ﺗﺄﺛريﻫﺎ اﻟﺴﻠﺒﻲ املﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﴎه، وﻻ ﻳﻘﺘﴫ ﻋﲆ اﻟﺨﺮﻳﺞ واﻟﻔﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻨﻰ ﺗﻮﻇﻴﻔﻪ ﺑﺨﺪﻣﺘﻬﺎ.