Al-Watan (Saudi)

عسير تفرد ذراعيها لاحتضان نائب أميرها

- هادي اليامي

تنادى أبناء عسير بالأمس لاستقبال نائب أميرهم الجديد، تركي بن طلال بن عبدالعزيز، الذي أتى تعيينه خلفا للأمير الراحل منصور بن مقرن، الذي لقي ربه راضيا مرضيا، واستشهد بينما كان يقوم بواجبه في خدمة المنطقة وأبنائها. خرج مواطنو عسير ودواخلهم تموج بمشاعر متباينة، تفاوتت ما بين الفرحة بمقدم الأمير الجديد، والحزن على فراق الشهيد، إلا أن التفاؤل كان السمة الأبرز، والانحياز للمستقبل طغى على ما سواه، فخرجت كلمات الترحيب من أفواه المسؤولين والمواطنين، بسيطة وعفوية، تحمل بين طياتها الأمل، وتستشرف بمستقبل تشير كافة المؤشرات إلى أنه سيكون – بإذن الله – أكثر إشراقا.

من دوافع التفاؤل أن تعيين الأمير تركي بن طلال أتى في ظل توجه الدولة لضخ الدماء الجديدة في شرايين مؤسسات الدولة، وباتت ملامح العهد الجديد واضحة تمتزج فيه حماسة الشباب وطاقتهم الخلاقة بخبرة القادة وحكمتهم الوفيرة، وحتما فإن هذا المزيج الفريد سوف ينعكس على شكل الأداء الحكومي، تطورا وحنكة تؤدي بدورها إلى نتائج مبهرة على أرض الواقع، واستمرار مسيرة النهضة والازدهار الاقتصادي، وهذا هو نهج الدول المتقدمة التي تحرص على تجديد شباب مسؤوليها، والاستفادة من كافة القدرات.

عسير كانت أوفر حظا في سلسلة القرارات الملكية الأخيرة، حيث حظيت بالموافقة الكريمة على إنشاء هيئة عليا لتطوير المنطقة، تأكيداً للوعد الذي قطعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوصول التنمية إلى جميع مناطق المملكة، وعزم سموه وطموحه على أن تصبح عسير بمثابة »سويسرا الشرق الأوسط«. لذلك استبشر أهلها بخبر الموافقة على إنشاء الهيئة الذي يعد مقدمة لمشاريع رائدة وغير تقليدية، ينتظر أن يتم الإعلان عنها في القريب العاجل.

مما يزيد من أهمية القرار أنه يأتي في وقت تتجه فيه الدولة نحو تنمية المقومات السياحية الكبيرة التي تمتاز بها المملكة، سعيا وراء تطوير هذه الصناعة التي باتت من أهم مصادر الدخل القومي في الدول المتطورة، وعسير كما يعلم الجميع تملك من المؤهلات ما يجعلها محط أنظار السياح من داخل المملكة وبقية دول المنطقة العربية، من سواحل خلابة وشواطئ متميزة، كما تنعم بطبيعة آسرة وجو معتدل على مدار العام، وبيئة نباتية فريدة قل أن يوجد مثيلها. كذلك تمتاز عسير بخصائص أخرى، مثل طبيعة مواطنها الذي عُرف بالترحيب بالسياح، واستعداده لخدمتهم، إضافة إلى اكتمال البنية التحتية من طرق وجسور وكهرباء وأماكن ترفيه، ومجمعات تجارية، وكل تلك العوامل مجتمعة يمكن أن تجعل من منطقة عسير محطة سياحية تستقطب عشرات المليارات من الريالات التي ينفقها السعوديون والخليجيون في الخارج.

القطاع السياحي سيكون موعودا بالاهتمام الذي يستحقه، فنائب الأمير الجديد الذي عرف عنه الاهتمام بالمحافظة على التراث، ودعم المواقع التاريخية والأثرية، لا شك سوف يجد في عسير مجالا لمواصلة اهتماماته، من واقع القرى الأثرية العديدة التي عرفت بها، حيث تشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود ما يزيد على 416 موقعاً أثرياً مدرجة في السجل الوطني للآثار، فضلاً عن أكثر من 4 آلاف قرية تراثية، ناهيك عن المواقع الطبيعية المنتشرة، وهي قابلة لاحتضان كبرى المشاريع السياحية، فضلا عن انتشار المتاحف الخاصة والعامة التي تعنى بالحفاظ على تاريخ إنسان عسير، الذي عرف على الدوام بالتفاخر والاعتزاز بتراث أجداده، وتمسكه بعاداته وخصائصه القديمة، لاسيما في مجال الأزياء والطابع المعماري الفريد.

ورغم احتياج المنطقة إلى المزيد من مشاريع التطوير والتحديث، إلا أنها شهدت خلال السنوات الأخيرة تسارعا في استكمال كافة المقومات السياحية، مما أسهم في فوزها بلقب عاصمة السياحة العربية 2017، نتيجة لإسهامات وجهود أميرها فيصل بن خالد، الذي يقف وراء الإنجازات والمكاسب التي تحققت خلال الفترة الماضية، مما نقل عسير إلى مصاف المناطق الأسرع نموا في المملكة، ومع ذلك فإن الهمة العالية لمواطني المنطقة، ومقدار طموحهم الذي لا يحده سقف تقتضي إنجاز المزيد من مشاريع التنمية.

إن كان هناك من دور على مواطني المنطقة وقطاعها الخاص، فهو يتمثل في ضرورة إسناد الخطط الحكومية الرامية إلى تطوير منطقة عسير، لأن النهضة سوف تصب في صالحهم، وتنعكس على مستقبل أجيالهم، وتسهم في رفع مستوى معيشتهم، لذلك ينبغي التركيز على الأهداف العامة، والبعد عن كل ما سواها، ومعالجة السلبيات التي ظل يعاني منها قطاع السياحة، لأنه يشكل لهم أكبر أبواب الازدهار والتطور الاقتصادي.

باتت ملامح العهد الجديد واضحة تمتزج فيه حماسة الشباب وطاقتهم الخلاقة بخبرة القادة وحكمتهم الوفيرة، وحتما فإن هذا المزيج الفريد سوف ينعكس على شكل الأداء الحكومي

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia