Al-Watan (Saudi)

تأثير انسحاب أميركا من اتفاق إيران النووي

- مايكل سينج*

هناك ثلاثة عوامل أساسية أثَّرت على انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران المعروف بـ»خطة العمل الشاملة المشتركة«. يتعلق العامل الأول بنقد جوهر الاتفاق نفسه، بدلا من القلق بشأن امتثال إيران لالتزاماته­ا بموجب اتفاقات الضمانات لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وعلى وجه التحديد، شعر مسؤولون في الحكومة الأميركية بالقلق لأن الاتفاق النووي لم يفعل الكثير لمنع السلوك العدائي الإيراني، مثل تطوير قدرات الأسلحة النووية، لفترة قصيرة جدا. وفي المقابل، رأوا أن التخفيف من العقوبات الذي مُنح لإيران من خلال »خطة العمل الشاملة المشتركة« هو أمر واسع جدا ويستمر وقتا طويلا. بالإضافة إلى ذلك، حدّ الاتفاق من خيارات السياسة الأميركية المتاحة للتعامل مع سلوك إيران المتعلق بتطوير كل من الصواريخ الباليستية ودعم القوى المعادية للمصالح الأميركية في جميع أنحاء المنطقة. ثانيا، شعرت الإدارة الأميركية بالضعف الاقتصادي والسياسي الذي يسود النظام الإيراني في الوقت الراهن. أمّا العامل الثالث فيتعلق بالإعلان عن استئناف المحادثات مع كوريا الشمالية، والذي حدث قبل أربعة أيام من حلول موعد تجديد فترة الإعفاءات. وتمهيدا للمفاوضات المحتملة مع جمهورية كوريا الديمقراطي­ة الشعبية، كانت الإدارة الأميركية تسعى إلى تكوين وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة لن ترضى بأي اتفاق. وهنا، ربما كان يدور بخلد الإدارة الأميركية الرغبة في تكرار النموذج الكوري الشمالي مع إيران، وهو ممارسة »أقصى قدر ممكن من الضغط«، مقترنا بالرغبة في الدخول في مفاوضات واسعة النطاق. وفي الواقع، يتنافس القرار بشأن إيران مع كوريا الشمالية، ومع التعريفات على الفولاذ والألمنيوم، والعديد من أولويات السياسة الخارجية الأخرى في واشنطن. وفي الحملات السابقة لفرض عقوبات على إيران، كانت الإدارات الأميركية قد اتبعت قدرا هائلا من الدبلوماسي­ة لضمان تنفيذ آليات الرقابة القائمة على أسواق رأس المال في إطار متعدد الأطراف والالتزام بها. ففي عام 2006، على سبيل المثال، تبنَّت الولايات المتحدة سلسلة من قرارات مجلس الأمن الدولي التي وضعت الأساس الدبلوماسي للتنسيق مع الاتحاد الأوروبي إلى جانب روسيا والصين. وستكون هذه المرة الأولى التي تسعى فيها واشنطن إلى فرض هذا النوع من العقوبات في ظل هذا الاختلاف الإستراتيج­ي مع حلفائها الدبلوماسي­ين. وسيُركز الأوروبيون على وجه الخصوص على تهدئة طهران والإبقاء على الاتفاق معها، وبالتالي إعطاء إيران نفوذا للتفاوض على اتفاق أفضل مع الأطراف الموقِّعة المتبقية. ومن الآن فصاعدا، يجب على الولايات المتحدة أن تحاول إصلاح بعض الخلافات بينها وبين حلفائها الأوروبيين، من خلال استمرار المحادثات مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا (مجموعة الدول الأوروبية الثلاث) على وجه التحديد والجهات الفاعلة الأخرى، حتى وإن نتج عن ذلك تقديم بعض التنازلات بشأن العقوبات. ومن شأن اتباع نهج شامل، إلى جانب الدعم المقدم من »مجموعة الدول الأوروبية الثلاث«، أن يسمح بنوع من التنسيق الذي تحتاجه واشنطن لممارسة أقصى درجات الضغط على الجمهورية الإسلامية.

*زميل أقدم في زمالة »لين- سويغ« والمدير الإداري في (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط) الأميركي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia