Al-Watan (Saudi)

وماذا بعد خيانة الوطن

- محمد فايع

ليس هناك ما هو أقذر ولا أعظم خساسة ولا أكبر نذالة من »خيانة الأوطان« بعد خيانة الدين، فإذا باع أحدُ دينه ووطنه، فماذا بقي له؟ فقد باء بالخسران العظيم، وخسر الدين والدنيا معا، وأصبح لا معنى لوجوده، ولا قيمة لعيشه وحياته، وماذا بقي له ليعيش من أجله؟ وصدق الله إذا قال في محكم تنزيله »يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم«، وقال عزّ من قائل »إن الله لا يحب الخائنين«، وخونة الأوطان في كل زمان ومكان، من المعلوم جيدا أنه ليس لهم من هدف أهم من ضرب نسيج وحدة الوطن، والعمل على خلخلته ليتم لهم تحقيق أفكارهم، ولو كان على حساب تمييع القيم الدينية والوطنية، لا حقق الله لهم هدفهم.

لقد أبت هذه المقدمة إلا أن تتصدر مقالي، إثر متابعتي الليلة الثالثة من شهر رمضان المبارك، تصريح المتحدث الأمني لرئاسة أمن الدولة ونصه »بأن الجهة المختصة رصدت نشاطا منسقا لمجموعة من الأشخاص قاموا من خلاله بعمل منظم للتجاوز على الثوابت الدينية والوطنية، والتواصل المشبوه مع جهات خارجية فيما يدعم أنشطتهم، وتجنيد أشخاص يعملون بمواقع حكومية حساسة وتقديم الدعم المالي للعناصر المعادية في الخارج بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي، والمساس باللحمة الوطنية التي أكدت المادة الثانية عشرة من النظام الأساسي للحكم على وجوب تعزيزها وحمايتها من الفتنة والانقسام.

وقد تمكنت بفضل الله الجهة المختصة من القبض على عناصر تلك المجموعة، والبالغ عددهم سبعة أشخاص، فيما لا يزال العمل جاريا على تحديد كل من له صلة بأنشطتهم واتخاذ كافة الإجراءات النظامية بحقه، والله الهادي إلى سواء السبيل« انتهى، فحمدت الله كثيرا ودعوت لولاة أمرنا ورجال أمننا على شجاعتهم وبسالتهم في حفظ أمن الوطن، وزادت ثقتنا فيهم بأن للوطن رجالا أعينهم يقظة تحرس أمنه، وترصد كل تحرك يحمل الشبهة قد يهدف أصحابه إلحاق الضرر باستقرار بلادنا، وهذا عهدنا الدائم والمستمر برجال أمننا الأبطال في كل القطاعات، وفقهم الله، الذي نسأله -جلت قدرته- أن يحرس بلادنا من شر أعداء الداخل والخارج، ولن ينالوا -بإذن الله- من لحمة الوطن واستقراره وأمنه، مهما كان سلاحهم من الغدر والخيانة والخسة، سواء ممن تستر بالدين للقيام بأعمال إرهابية لضرب أمن الوطن واستقراره، أو من فئة معروفة أرادوا رسم خريطة من التغريب والعيش بلا قيود ولا ضوابط داخل الوطن، يدفعهم نحو ذلك فهمهم الخاطئ لمعنى التغيير الإيجابي الذي يشهده الوطن وفق ثوابته وقيمه، التي يؤكد عليها قادتنا وفقهم الله، وأنهم متمسكون بالكتاب والسنة كمنهج يسير عليه الوطن، ولن يحيد عنه قيد أنملة، رضي من رضي، وأبى من أبى.

إن خيانة الوطن تعني خيانة للعهد والولاء والأمانة، وانقلابا على الانتماء والمجتمع، وتعني بيع الضمير والقيم والارتماء في أحضان أعداء الوطن، ويكفي أن من يخون وطنه، أن خيانته ستظل وصمة عار تلاحقه وتلاحق نسله أينما رحل، فلا يمكن للوطني المخلص المحب لقادته العاشق لوطنه الذي لديه شعور صادق، بصدق الولاء لولاة أمره، وعظيم الانتماء لوطنه يرضى أن »يمّد كفه« ليصافح أعداء وطنه، أو يتآمر عليه، إنها قمة الخساسة والحقارة التآمر على الوطن، ولعل القائد الفرنسي نابليون قد قدم درسا لمن يخون وطنه، بامتناعه عن مصافحة جاسوس نمساوي أعانه على احتلال وطنه، حينما طلب مصافحته، إذ رمى له بحفنة من المال والذهب على الأرض وهو يقول له »هذا الذهب والمال لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده«، حتى النازي هتلر حين سئل من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك؟ أجاب أحقر الناس هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم. »وخيانة الوطن لها صور وأشكال متعددة وليست متمثلة في إعانة عدو ما في احتلال جزء من الأرض، فقد يكون معاونة الأعداء على احتلاله فكريا أو بالتنازل عن مبادئه أو قيمه، أو بيع مواقف أو معلومات، أو بالتآمر والتجسس للعدو، أو بالاستقواء بالجهات الأجنبية، سواء كانت منظمات أو جماعات، أو أجهزة إعلامية، وصدق من قال إن الخائن لوطنه كالذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص، فلا أباه يسامحه، ولا اللصوص سيكافئونه.

ولذلك فالأمر المهم الذي يجب أن يفهمه كل من يعيش على ثرى بلادنا المملكة العربية السعودية، أنها لن تسمح لكائن من كان بأن يمس أمنها أو عقيدتها المستمدة من الدين الإسلامي، الدين العدل والوسطي، وستقطع دابره، وهي اللغة التي يجب أن يفهمها كل من يتعاطف مع الإرهابيين الذين يتخذون من الدين ستارا لشرعنة إرهابهم، أو يتعاطف مع من يدعّون أنهم جماعات ناشطة

خيانة الوطن تعني خيانة للعهد والولاء والأمانة، وانقلابا على الانتماء والمجتمع، وتعني بيع الضمير والقيم والارتماء في أحضان أعداء الوطن، ويكفي أن من يخون وطنه أن خيانته ستظل وصمة عار تلاحقه وتلاحق نسله أينما رحل

للحقوق، ويتخذون من الإصلاح ذريعة، وسند الحقوق ستارا لهم كذلك، فكلا الطرفين يتخذون من »الدين والإصلاح« ستارا لتبرير أفعالهم الخبيثة، لإضفاء الشرعية عليها، ولن يجدوا سوى لغة الحزم لمواجهتهم، فالأقذر من أولئك الخائنين لدينهم ووطنهم، هم تلك الفئة الداعون لهم بالتغريدات والكتابات التي لا يجديهم مسحها، وتلميع أسمائهم، والترويج لتصديق مصادر أعداء الوطن، وتجاهل المصادر الرئيسية، واستضافتهم في برامج فضائية، وتقديمهم كنماذج للمجتمع، ثم بعد ذلك، ثبت لنا ضلوع بعض تلك الأسماء السبعة في شبكات لاستهداف زعزعة أمن الوطن، كما جاء في بيان أمن الدولة، لكن بفضل الله ستبقى أجهزتنا الأمنية قادرة بتوفيق الله ثم بفضل مهارة رجال أمننا وشجاعتهم، على ضبط كل من »يثبت« ضلوعه في أي عمل يمس أمن الوطن وملاحقته ومعاقبته.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia