Al-Watan (Saudi)

مدفوع الثمن

- سارة العكاش

عندما يروج المؤثر لبضاعة مغشوشة فإنه يسلك طريقتين في إعلانه، إما الاعتماد على أسلوب الحلف لإثبات أن المنتج أصلي أو التحفظ على هذا الجانب وعدم ذكره إبراء للذمة

في ظل ماتشهده اليوم وسائل التواصل الاجتماعي من حراك إعلاني، فقد ازداد، وبشكل ملحوظ، الإقبال على ما يسمى بالإعلانات المدفوعة والتي تمرر بشكل غير مباشر لمستخدمي هذه الوسائل. فبعض الشركات التجارية اتخذتها وسيلة رخيصة وسهلة لنشر الإعلانات اعتمادا على شهرة المستخدم وعدد متابعيه. تلك الطريقة التي أصبحت فنا احترافيا، رغم أنها شكل بلا مضمون، هدفها الاستغلال والتضليل، الكل يتأثر بها وبناء عليها يتحدد السلوك. فتجد الشخص يقف ضعيفا أمام وسائل التواصل، بعد أن تم تنميطه من قبل المؤثر ليصبح آلة استهلاكية، متوحدا تماما في المادة، يضعف عند أول جملة تقول »يوجد كود تخفيض حصري للمتابعين«. وبحسب الدكتور جلال أمين، عالم الاقتصاد، فإن ضحايا الاستغلال في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة ليسوا العمال والفلاحين، وإنما هم المستهلكون من أي طبقة.

عندما أتصفح قائمة المشاهير تحت خانة DISCOVER)( على منصة السناب تشات.

فتحين فقرة الإعلانات، ويقوم المُعلِن باستعراض السلع الخاصة لأي علامة تجارية، ومن ثمَ يلحقه، بالخط العريض، بكود تخفيض.. عندها يبدأ سعار الاستهلاك. حيث يقبل الكثير من المتابعين على شراء السلع المعروضة قبل نفادها أو انتهاء صلاحية كودها. وهكذا إلى أن يختم كل منهم إعلانه بـ»نفدت الكمية« كنوع من الإجراءات التسويقية.

أستطيع أن أجزم بأن غالبية المتبضعين ليسوا بحاجة إلى تلك السلع. هم فقط لديهم أسبابهم الخاصة، سبب أول يقول عرضه المشهور الفلاني، وسبب آخر يقول طريقة الإعلان مغرية جدا لا يمكن تجاهلها، وسبب إضافي يقول اعتادوا مسألة الشراء. فالموضوع أصبح هواية أكثر من كونه احتياجا. فهو وضع اجتماعي شامل يسيطر على الإنسان ويستنبطه دون أن يشعر.

بغض النظر عن سبب المسوق له من شرائه للمنتج، أكان منطقيا أم لا. فإنه لن يسلم من الوقوع في بضاعة مغشوشة أو أخرى مقلدة، وهذا صلب الموضوع. فالحاصل الآن عندما يروج المؤثر لبضاعة مغشوشة فإنه يسلك طريقتين في إعلانه، إما الاعتماد على أسلوب الحلف بأغلظ الأيمان لإثبات أن المنتج أصلي. أو التحفظ على هذا الجانب وعدم ذكره إبراء للذمة، وكلاهما في التسويق سواء.

القضية الأهم فيما سبق، هي السعار الاستهلاكي الحالي مع انعدام الرقيب الإعلامي والتجاري. فحين يشاهد الإعلان متابعون أعدادهم تصل إلى الملايين. بمن فيهم القصر وقليلو الوعي والخبرة، ويتأثرون بها ويقتنوها على الفور. فهنا تبرز المشكلة، خاصة إذا كان المنتج متعلقا بالصحة كالمأكولات والمشروبات والأدوية ويتبين لاحقا ضرره بعد استخدامه أو تعاطيه. فياعزيزي المؤثر بروزك في هذا المجال يعد شيئا جيدا، ولكن أتمنى أن تنتهج سياسة لا تميل إلى التضليل من أجل التكسب.

كما أتمنى من الجهات المعنية، كوزارة التجارة والاستثمار ووزارة الثقافة والإعلام، تقنين نظام الإعلانات التجارية، ووضع الضوابط لردع المخالفين. فحتى بعد صدور بعض القوانين في هذا المجال مازال هناك ضعف في التطبيق والالتزام وأخذ بلاغات المستهلكين بعين الاعتبار. ومن الأجدر أن تعلن وزارة التجارة عن عدم استخدام هذا المنتج أو ذاك قبل فوات الأوان وليس بعده.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia