Al-Watan (Saudi)

المساحات الضائعة من البيوت

وجود الصناديق العقارية

-

لقد تغــيرت الحياة كثيرًا، وتغــيرت معها عــادات الناس وأنماط معيشتهم. فقبل أربعين عامًا تقريبًا، لم يكن لدى العائلة السعودية سوى بيت واحد وسيارة واحدة، وكانت العائلة تستمر في هذا البيت لأكثر من جيل قد يصل إلى الجيــل الثالث أحيانًا. في بدايات الطفرة والنمو العمراني في الريــاض، كنا نتمنى لو كانت الأنظمة في الأمانة تســمح لنا كمطورين عقاريين - أثنــاء تطوير الأراضي الخام - أن نقوم بالتجزئة إلى مســاحات قطع أراضٍ صغــيرة، لبناء وحدات سكنية صغيرة مناســبة للعائلات، مع توفير تسهيلات وخدمات في الحي تكون عامة ومشــتركة بين السكان، تضمن التواصل والتآخي بين الجيران، الذي افتقدناه -للأســف- مع كبر المســاحات وتباعد البيوت عــن بعضها البعض، ولكن الرؤية آنذاك كانت تتجه لتحديد الأرض الســكنية بما لا يقل عن 500 مــتر، بحيث يتم التطوير من خلال المســاحات الكبيرة، مع أن الصواب يكمن في تطوير التخطيط والتصميم للبيوت حتى بمساحات صغيرة كما يحدث الآن. لقد لاحظ الجميع أن هناك عودة إلى قطع الأراضي الصغيرة ذات المساحات التي تتراوح بين 250 و300 متر مربع، مع تصميم هندسي جيد يســتغل كل جزء من المساحة الصغيرة، وهذا جيد لأنه يوفر على الدولة تكلفة الامتداد الأفقي للمدن، فضلًا عن الترابط بين سكان المنازل الصغيرة المتجاورة. كلما رأيت المساحات أمام بعض البيوت والأمتار الضائعة في الارتدادات بين البيت والآخر، تمنيت لو كان بوسعي جمع هذه المساحات المهدرة وغير المستغلة لكي أصنع منها حديقة عامة للحي. كثيرة هي الأفكار التي يمكن أن تسهم في المخططات العمرانية للمدن. لو كانت الفرصة في السابق متاحة للأخذ بجميع آراء التنفيذيين ممن لهم علاقة مباشرة بالشــأن العقاري وتخطيط المدن، فمن الصعب الاعتماد على وجهة نظر هندســية فحسب، بينما من يعمل في الواقع وعلى الأرض ولديه الخبرات والتجارب، لا يُمنح فرصة المشــاركة في تخطيط المدينة. تأثر الســوق العقاري بإلغاء نشاط المساهمات، حيث أدى ذلــك إلى قلة العــرض من الأراضي الجديدة الجاهزة، وفي ظل تنامي الطلب ارتفعت الأسعار، وتحوَّل الناس إلى مضاربين في الأراضي الجاهزة داخل المدن، فاشتعلت الأسعار، ولم يعد في قدرة المواطن البســيط الحصول على قطعة أرض تناســب إمكاناته. وبسبب هذه التداعيات تقدمت إلى المســؤولي­ن بعدة اقتراحات لحل هذه الأزمة، أبرزها القضاء على المضاربات في الأراضي المطورة داخل المــدن، وذلك بعودة العمل بنظام المساهمات العقارية كأداة تمويلية تسهم في ضخ وإنتاج أراضٍ جديدة صالحة للبناء والاستخدام داخــل النطاق العمراني للمــدن، على أن يعود هذا النشــاط تحت مظلة وزارة الإســكان، وفي ظل ضوابط جديــدة تحكم العلاقة بين أطرافه، وتحفظ حقوق كافة الأطراف، كأن تكون أموال المساهمة في حســاب خاص لا يتم السحب منه إلا لمصاريــف التطوير، وأن تكون تحت إشراف مكتب محاســبة قانوني معتمد مــن الوزارة، وأن يتم التأكد من ســلامة الصكوك قبل طرح المساهمة، وأن يمتلك صاحب المساهمة ما لا يقل عن 20 % من مساحة الأرض محل المساهمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia