Al-Watan (Saudi)

ملحقياتنا المسماة ثقافية وإعلامنا الواقع والمأمول

-

الملحقيات الثقافية تقدم خدماتها للطلاب الدارسين في عدد من الدول، وكذلك من يحضرون لشهادات عليا، أو يتلقون دورات متقدمة من المبتعثين من وزارة التعليم، حاليا، بعد ضم الوزارتين، التربية والتعليم العالي.

لذلك، يجب تسميتها ملحقيات تعليمية، فلا دور ثقافيّا لها في المجتمعات التي توجد فيها، خاصة لدينا مئات الآلاف في الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، وأستراليا ونيوزيلندا، وكندا، وغيرها.

من المفيد -ما دامت ملحقياتنا حاليا تحمل مسمىً ثقافيّا- عليها أن تضطلع به، وحتى يحق لنا أن نطالبها بذلك، أن تزود بخبراء في الاتصال والتواصل مع الفعاليات بتلك الدول، خاصة مؤسسات الإعلام، وعلى الأخص كبريات الصحف وشبكات الأخبار التلفزيوني­ة والمجالس البلدية والنيابية، والروابط الطلابية في الجامعات من مختلف الدول.

وأن تبني علاقات مستمرة ومضطردة مع وسائل الإعلام الفاعلة، والتي لها تأثير في تشكيل الرأي العام في تلك الدول.

وقد ظهر -مثلا- قصور الملحقية الثقافية في الولايات المتحدة التي من المفترض أن تكون صوتا لوطنها وقلما، وحتى في موقف دفاع لا يسرّ، أن تكون مبادرة بخطط واضحة وثرية، وتحاول -بشتى الوسائل القانونية- في كل بلد أن تستهدف الجهات المحلية الناشطة والفاعلة، التي تتبنى مواقف وقناعات مغلوطة، أوصلها إليهم من هَمّهم الوحيد تشوية كل ما هو سعودي، خاصة قطر والإخوان، وإيران.

ومن المؤسف، أن أناسا يُنسبون إلى الوطن ارتموا في أحضان الغرب، وهم لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، يعملون ضد وطنهم ويُستضافون في أكبر شبكات الإعلام المرئي والمقروء والمسموع، وهم على باطل، بينما مئات الآلاف من الوطنيين والأوفياء من طلاب ومبدعين وخبراء، ولهم مناصب في أعرق الجامعات والمستشفيا­ت والشركات، وصولا إلى وكالة الفضاء ناسا، ومع هذه الثروة الضخمة لم يتم توعيتهم بدورهم ورسالتهم نحو بلدهم، لإسماع صوت العقل والمصداقية لشعوب ومؤسسات المجمع المدني، ومراكز صناعة القرار، وفقا لقوانين الدول التي يوجدون فيها، فيما الدولة منحتهم كل ما يسهل لهم التفوق العلمي ونيل الشهادات العليا في مختلف التخصصات، لا ينقصهم سوى قيادات إدارية فاعلة ومؤثرة في الملحقيات التي تسمى ثقافية، بينما اهتماماتها تعليمية بحتة.

ونعلم جميعا أن الأميركيين -وبنسبة أقل الأوروبيين- لا يهتمون بأن يتابعوا وسائل إعلامنا الشحيحة ببث برامج موجهة باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية، وغيرها، وكذلك الإعلام الخاص.

لذلك، لا ننتظر حتى مع تطوير إعلامنا وتفعيله أن يجدوا مُتّسعا للبحث عن وسائل إعلامنا، بعكسنا نحن العرب بصفة عامة، والسعوديين خاصة، نهتم بكل ما هو غربي وأميركي بصفة خاصة، وكثير منا، لديه معرفة عن الولايات

الـ50، وعاصمة كل ولاية، ويتابع الحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية، وكذلك النصفية، وما يستجد من أحداث ونشاطات في بلدانهم عن طريق إعلامنا بمختلف وسائله، وصولا إلى الدوري الأوروبي لكرة القدم، وأخبار الفن والنجوم يحفظها كثيرون لدينا عن ظهر قلب، وعن طريق وسائل إعلامنا.

فلو يبذل إعلامنا الحكومي والخاص، نصف معشار ما يرددونه على مسامعنا من أخبار وتقارير إخبارية فنية ورياضية وأحداث سياسية، وماذا قال زعماء تلك الدول ونوابها في مجالس النواب أو العموم أو الجمعية التأسيسية عن قضايا العالم ومستجدات الأحداث، بينما المفروض أن يقدم لشعوب تلك الدول أنشطتنا الرياضية، والفنية، والثقافية، والتنموية، وحفلات تدشين المشروعات، وعن جامعاتنا وعن القدرات البشرية في الطب والهندسة والأدب، وفي الاقتصاد والأعمال، وينقلون آراء مواطنينا وتفاعلاتهم خلال التلفزيون والإذاعة الموجهة، وتفعيلها عن مواقع التواصل في قضايا وطنية تشغل الرأي العام.

وعلى الملحقيات الحالية أن تضطلع بالدور الإعلامي والثقافي، وأن تفتتح إذاعات في كل ولاية باللغة الإنجليزية أو الفرسية وغيرها، حسب اللغة الأم لكل دولة، ووفقا لقوانين تلك البلدان، وأخرى بلغة عربية في الولايات التي توجد فيها مجتمعات عربية بكثافة تحتفظ بلغة بلدها، وأن تقيم ندوات ولقاءات مع أبرز وجوه المجتمع السعودي، وتقدمهم لشعوب تلك الدول، وأن تشتري ملايين الأسهم في شبكات الإعلام لتلك الدول، والأندية الرياضية، والمحافل الثقافية، ويبثون لقاءات مباشرة يشارك فيها عاملون لدينا من تلك الدول بلغة بلدانهم، ينقلون انطباعاتهم وما تعرفوا عليه من الوسط الذي يعيشون فيه أو يعملون فيه عن عاداتنا وتقاليدنا ومكتسباتنا، وعن مبدعينا في شتى المجالات، وعن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعي­ة والبيئة التي تقدمها الدولة، بما لا يتعارض مع قوانيننا.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia