ﻣﻌﻚ/ ﺑﺪوﻧﻚ 1

دون أن ﺗﻜﻮﻧﻲ ﻣﻌﻲ، اﺳﺘﻄﻌﺖ اﻟﻴﻮم أن أﺻﻨﻊ ﻟﻨﻔﴘ اﻟﺸﺎي، وأﺟﻠﺲ دون أن أﻛﻮن ﻣﺘﻮﺟﺴﺎ ﺧﻴﻔﺔ ﻣﻦ أن أﺻﺤﻮ ﻣﻦ ﺣﻠﻢ ﻓﺄﺷﻌﺮ أﻧﻚ ﻏﺎدرﺗﻨﻲ! إﻧﻬﻢ ﻳﺴﻤﻮن ﻫﺬا ﺗﻤﺮﻳﻨﺎ »روﺣﻴﺎ«. ﻟﺴﺖ ﻣﻦ املﺆﻣﻨني ﺑﺘﺄﺛري اﻟﻴﻮﺟﺎ، وﻻ أود أن أؤﻣﻦ ﺑﺄي ﳾء وﻫﻮ ﺧﺎرج اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻌﻠﻤﻲ، ﻣﻊ أﻧﻨﻲ أﻗﻮم ﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﻴﺎﱄ املﺮﻳﺮة وأذﻫﺐ ﻛﻲ أﺗﻮﺿﺄ، ﺛﻢ أﺻﲇ رﻛﻌﺘني، وأﻣﻜﺚ ﰲ ﻣﻜﺎﻧﻲ ﻗﻠﻴﻼ، وأذﻫﺐ إﱃ ﻓﺮاﳾ اﻟﺬي ﻳﺒﺎدﻟﻨﻲ »اﻟﻐﻴﻆ« ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺬي أﺣﻤﻠﻪ ﺗﺠﺎﻫﻪ، ﻟﻴﺲ ﻷﻧﻪ ﻣﺠﺮد ﳾء ﻟﻪ وﻗﺘﻪ وزﻣﺎﻧﻪ، وﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﻦ اﻷﻫﻮال ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻏريه أن ﻳﺴﻤﻌﻬﺎ ﻣﻨﻲ، وﻟﺴﺖ ﺑﻤﺘﻜﻠﻢ ﻋﻦ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﻫﺬه اﻷﻫﻮال ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ اﻟﻄﺮاﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﺣﺴﺐ ﻋﻠﻤﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ رﺟﻞ ﻣﻬﺬب!. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻏري رﺳﺎﻟﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﻨﻬﺎ راﺋﺤﺘﻬﺎ املﺒﺎرﻛﺔ، وﻓﻴﻬﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻗﺪﻣﺘﻬﺎ ﺑﺄوﻟﻬﺎ ﺗﻘﻮل ...ﻢﻛ» ﺗﻠﺰﻣﻚ؟ ﻟﻜﻲ ﺗﻜﺘَﺐ ﱄ ﻛﻞ ﺷﻬﺮﻳﻦ إﻧﻨﻲ أﺣﺒﻚ!«. وأن ﻳﺘﻠﻘﻰ رﺟﻞ ﻣﻌﺘﻜﻒ ﰲ »ﻣﻌﺘﻜﻔﻪ« ﻫﺬا اﻟﻜﻼم اﻟﺮذاذي، وﻳﻌﻮد إﱃ أزﻣﻨﺔ ﻛﺎن ﻳﺘﺠﺎﻫﻠﻬﺎ اﻟﺪﻫﺮ!ﻋﲆ اﻷﻗﻞ- ﻓﺘﻠﻚ إﺣﺪى ﻧﻮاﺋﺐ ﻣﻨﺬ أن ﻳﺌﺴﺖ ﻣﻦ أن اﻟﺤﺎل ﺳـ»ﻳﻨﺼﻠﺢ!«، ﻣﻨﺬ ﺗﺠﺎﻫﻠﺘﻨﻲ رﻳﺎﺣﻚ وﺻﺎرت ﺗﻤﻄﺮ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ ﺣﺘﻰ ﻧﻮاﻓﺬ ﻏﺮﻓﺘﻲ، وﻣﻨﺬ أن ﻋﺪت ﻣﺮة إﱃ اﻟﺒﻴﺖ ﻣﻤﺘﻠﺌﺎ ﺑﺎﻟﺨﻨﻮع وﺑﺎﻟﺤﺰن اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻋﻼﺟﻪ ﻋﱪ أي ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼج، وأﻣﴚ ﻧﺤﻮ اﻟﺒﺎب وﺋﻴﺪا، وﻏري ﻣﻠﺘﻔﺖ ﻣﻄﻠﻘﺎ إﱃ اﻟﺬي ﻳﺪور ﰲ زﻗﺎﻗﻨﺎ »ﻫﻢ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ: ﺷﺎرﻋﻨﺎ«، وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺳﺎدر ﰲ اﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﰲ ﻏﻴﻮم اﻟﺮؤى، وراﺣﻞ ﻣﻊ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﻠﻜﻮن ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺠﻮف/ ﻋﻤﺎن، وﺑﻲ ﺷﻮق ﻟﺴﺖ أﺧﻔﻴﻪ إﱃ اﻟﻨﻜﻮص.

ﻓﺄﻧﺎ أﺗﺴﺎءل دوﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﺠﺮد اﻟﻨﻜﻮص ﻋﺎرا؟! وﺣني ﻻ أﺳﻤﻊ ردا ﺳﻮى ﻣﻦ ﺳﻮاد اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺬي ﻳﺠﻴﺌﻨﺎ ﻣﺒﻜﺮا دون ﻣﺪن وﻗﺮى اﻵﺧﺮﻳﻦ.

أﺗﻨﺤﻨﺢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﴪﺣﻲ وأﻧﺎ أﻣﺎرس اﻟﺪﺧﻮل إﱃ اﻟﺒﻴﺖ، وأردد »ﻣﻦ ﻫﻨﺎك؟«، ﻣﻨﺘﻈﺮاً اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ أزل ﻣﴫا ﻋﲆ أﻧﻬﺎ اﻹﺟﺎﺑﺔ املﺜﺎﻟﻴﺔ »أﻫﻠﻪ!«، وﻟﻜﻦ اﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺸﺄ أن ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ أﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ ﻣﻦ ﻳﺸﻐﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺠﻴﺐ ﻋﻦ ﺳﺆال ﻛﻬﺬا. ﻣﻦ املﻌﺮوف أن ﻇﺮوف ﺗﻜّﻮﻧﻪ ﻟﻐﻮﻳﺎً ﻫﻲ ﻇﺮوف ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ!، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻟﻨﺎس ﻳﺪﺧﻠﻮن ﺑﻴﻮت اﻟﻨﺎس اﻵﺧﺮﻳﻦ إﻻ ﺑﻮاﺳﻄﺔ »ﻃﻘﻮس« ﻣﺤﺪدة، ﻣﺜﻞ ...» اﻟﻠﻴﻠﺔ ﺳﻴﺘﻌﴙ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﻧﺴﻴﺒﻨﺎ، وﻧﺘﻤﻨﻰ أﻻ ﻧﻜﻮن ﺛﻘﻼء إن دﻋْﻮﻧﺎك ﻟﻠﺤﻀﻮر!«، وﻃﺒﻌﺎ، ﻟﻴﺲ ﻋﲆ اﻟﻘﺎرئ ﺗﺨﻤني اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺻﻠﻴﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺨﻄﺎب، وﻟﻜﻦ املﻬﻢ أن ﻳﻌﺮف، ﻛﺠﺰء ﻣﻦ اﻟﻔﻮﻟﻜﻠﻮر، ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻓﻬﻢ اﻟﺤﻮار ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ املﻨﺴﻴﺔ!

وواﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﺳﻴﺪﺗﻲ، إﻧﻨﻲ أﻋﺮف أﻧﻨﻲ ﻣﻘﴫ ﰲ ﺣﻘﻚ، وﻣﻤﻌﻦ ﰲ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻣﺠﺎﻣﻼﺗﻚ املﺎزﺣﺔ ﱄ، وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﺑﺎ إن ﻗﻠﺖ »ﻣﺠﺎﻣﻼت«، وﻟﻜﻨﻨﻲ -ﻛﻤﺎ أﺳﻠﻔﺖ- رﺟﻞ ﻣﻬﺬب ﻟﺪرﺟﺔ أن ﺻﺪﻳﻘﺎ ﱄ ﻣﺎت -رﺣﻤﻪ اﻟﻠﻪ- ﻛﺎن ﻳﺤﺪق ﺑﻲ وأﻧﺎ أﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺎ، وﺣني أﻧﺘﻬﻲ ﻳﻘﻮل ﱄ ﺑﺼﻮت ﻓﻴﻪ ﺣﴩﺟﺔ اﻟﺨﺸﻮع »أﻧﺎ أﺷﻬﺪ! أﻧﺖ رﺟﻞ أدﺑﻚ اﻟﻠﻪ. ﻛﻢ أﻧﺖ ﻣﻬﺬب؟«، وأﻛﺘﻔﻲ ﺑﺄن أﺑﺘﺴﻢ؛ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻧﻀﻊ املﺴﺄﻟﺔ ﻣﺎدة ﻟﻠﺤﻮار. إﻧﻬﺎ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﻋﺠﲆ ﻣﻦ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻪ اﻟﻌﺒﻘﺮﻳﺔ! وﻛّﻞ ﻣﺮة أﺣﺎول ﻓﻴﻬﺎ أن أﺑﺎدَر ﺗﺄﺗﻴﻨﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻧﻌﺪام روح املﺒﺎدرة، وﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺷﺒﻴﻬﺔ ﺑﺎﻟﺬﻫﺎن! واﻟﻠﻴﻞ دوﻣﺎ ﻫﻮ: ﻣﻠﻜﻲ! ﻻ ﻳﻨﻘﺼﻨﻲ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺳﻮى ﻧﺼﺐ ﺧﻴﻤﺔ وﻃﺎوﻟﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ ورزم ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﺘﻲ ﻻ ﺟﺪوى ﻣﻨﻬﺎ، ﺳﻮى أﻧﻬﺎ ﺗﻀﻔﻲ ﻋﲆ املﻜﺎن ﺣﺎل اﻟﻔﻮﴇ اﻟﺘﻲ أﺗﺠﻨﺒﻬﺎ ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﻃﻮﻳﻞ، دون أن ﻳﻜﻮن ﻟﻄﻮﻟﻪ دور ﰲ إﻧﻀﺎج روح ﻋﺪم إﺛﺎرة اﻟﺸﻌﺚ واﻟﻐﺒﺎر واﻟﻼ اﻟﺘﺰام املﻤﻌﻦ ﰲ ازدراء اﻵﺧﺮﻳﻦ.