ﺧﻄﺮ اﻟﺘﻨﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﱐ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺗﺮﺑﻮي
رﻳﻢ اﻟﻄﻴﺐ
ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻇﻠﺖ اﻷﴎة واملﺪرﺳﺔ ﺗﻠﻌﺒﺎن دوراً أﺳﺎﺳﻴﺎً ﰲ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﻣﺪارك اﻟﻄﻔﻞ وﻧﺸﺄﺗﻪ وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ، ﺣﻴﺚ ﺳﺎﻫﻤﺘﺎ ﰲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﻬﺎ وﻳﺘﺨﺬﻫﺎ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﺤﺪد ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺴﻠﻮك اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎت اﻵﺑﺎء ﺑﺎﻷﺑﻨﺎء.
أﻣﺎ اﻟﻴﻮم وﰲ ﻇﻞ ﻋﴫ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﻗﻤﻲ اﻧﺘﻘﻞ ﺟﺰء ﻛﺒري ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺪور إﱃ ﺷﺒﻜﺎت اﻹﻧﱰﻧﺖ واﻟﻬﻮاﺗﻒ اﻟﻨﻘﺎﻟﺔ واﻷﻟﻌﺎب اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب أﻣﺎم أﻧﻤﺎط ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﻓﱰاﴈ ﻣﻦ ﺧﺎرج املﺠﺘﻤﻊ، اﻟﺬي ﺣﻞ ﻣﺤﻞ اﻟﺤﻮار واملﺤﺎدﺛﺔ ﺑني أﻓﺮاد اﻷﴎة اﻟﻮاﺣﺪة، ﻣﻤﺎ ﺳﺎﻫﻢ ﰲ ﺗﻮﺳﻴﻊ اﻟﻔﺠﻮة وﺗﻜﺮﻳﺲ اﻟﴫاع ﺑني ﺟﻴﲇ اﻵﺑﺎء واﻷﺑﻨﺎء.
اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ أﻓﺮزت ﺗﻔﺎﻋﻼت ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت ﻣﻊ اﻟﺘﻄﻮرات ﰲ ﺗﻘﻨﻴﺔ املﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﻗﻤﻲ واﻻﺗﺼﺎل واﻟﺒﻴﺌﺔ املﺸﺒﻌﺔ ﺑﺎملﻮاد اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﺠﻴﻞ، ﺣﻴﺚ ﻓﺮﺿﺖ واﻗﻌﺎ ﺟﺪﻳﺪا ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ، ﻓﺒﺎﺗﺖ ﻇﺎﻫﺮة املﻀﺎﻳﻘﺎت اﻹﻟﻜﱰوﻧﻴﺔ ﻋﱪ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺗﻨﺘﴩ ﺑني اﻟﻄﻼب واﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﺑﺎملﺪارس، ﻓﺘﻄﻮرت أﺷﻜﺎل اﻹﻳﺬاء ﻋﲆ اﺧﺘﻼف ﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻬﺎ )اﻟﺘﻨﻤﺮ( أو اﻟﻌﻨﻒ ﺿﺪ اﻷﻗﺮان، واﻟﺒﻠﻄﺠﺔ، واﻟﺘﺴﻠﻂ، واﻟﱰﻫﻴﺐ، واﻻﺳﺘﻘﻮاء، ﻟﻴﻨﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻮاﻗﻌﻲ إﱃ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻻﻓﱰاﴈ وﺗﻨﻌﻜﺲ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ ﻣﺠﺪدا ﻋﲆ أرض اﻟﻮاﻗﻊ.
ﻟﻄﺎملﺎ ﺳﻤﻌﻨﺎ ﻋﻦ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻨﻤﺮ أو اﻟﺒﻠﻄﺠﺔ ﺑني ﻃﻼب املﺪارس، وﻳﻌﺮف ﻣﻮﻗﻊ وﻳﻜﻴﺒﻴﺪﻳﺎ )اﻟﺘﻨﻤﺮ( ﻋﲆ أﻧﻪ ﺳﻠﻮك ﻋﺪواﻧﻲ ﻣﺘﻜﺮر ﻳﻬﺪف ﻟﻺﴐار ﺑﺸﺨﺺ آﺧﺮ ﻋﻤﺪا، ﺟﺴﺪﻳﺎ أو ﻧﻔﺴﻴﺎ، وﻳﻬﺪف إﱃ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻋﲆ ﺣﺴﺎب ﺷﺨﺺ آﺧﺮ. ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻀﻤﻦ اﻟﺘﴫﻓﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﺗﻨﻤﺮا اﻟﺘﻨﺎﺑﺰ ﺑﺎﻷﻟﻘﺎب، أو اﻹﺳﺎءات اﻟﻠﻔﻈﻴﺔ أو املﻜﺘﻮﺑﺔ، أو اﻹﻗﺼﺎء املﺘﻌﻤﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ، أو ﻣﻦ املﻨﺎﺳﺒﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أو اﻹﺳﺎءة اﻟﺠﺴﺪﻳﺔ، أو اﻹﻛﺮاه. وﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺘﴫف املﺘﻨﻤﺮون ﺑﻬﺬه اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﻛﻲ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﻋﲆ أﻧﻬﻢ ﻣﺤﺒﻮﺑﻮن أو أﻗﻮﻳﺎء أو ﻗﺪ ﻳﺘﻢ ﻫﺬا ﻣﻦ أﺟﻞ ﻟﻔﺖ اﻻﻧﺘﺒﺎه. أﺛﺮت اﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل ﻋﲆ ﺗﻼﳾ ﻗﻴﻢ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻷﴎي وﺧﺼﺎﺋﺺ املﺠﺘﻤﻊ واﻟﱰاﺣﻢ، ﻓﻈﻬﺮ ﻣﺎ ﻳﻌﺮف ﺑﺎﻟﺘﻨﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ، وﻫﻮ اﺳﺘﺨﺪام اﻹﻧﱰﻧﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ إﻳﺬاء أﺷﺨﺎص آﺧﺮﻳﻦ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻣﺘﻌﻤﺪة وﻣﺘﻜﺮرة وﻋﺪاﺋﻴﺔ.
وﺗﺸري ﺑﻌﺾ اﻹﺣﺼﺎءات اﻟﻌﺎملﻴﺔ إﱃ ﺧﻄﻮرة اﻧﺘﺸﺎر ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة وﴐورة اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻬﺎ، ﺣﻴﺚ أﻛﺪت اﻷﺑﺤﺎث ﻣﺪى اﻵﺛﺎر اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻘﻰ ﰲ ذاﻛﺮة اﻟﻄﻼب، وﺗﺆﺛﺮ ﰲ ﺻﺤﺘﻪ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﲆ املﺪى اﻟﺒﻌﻴﺪ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺗﻌﺮﺿﻪ ﻟﻠﺘﻨﻤﺮ، ﻓﻴﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺤﺰن، اﻟﻘﻠﻖ، اﻟﺨﻮف، ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، اﻟﻐﻀﺐ، ﻟﻮم اﻟﻨﻔﺲ، وﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﻳﺨﻔﻲ اﻟﻄﻼب ﻋﻦ اﻷﻫﻞ واملﻌﻠﻤني ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﺷﻌﻮرﻫﻢ ﺑﺎﻟﺨﺠﻞ، ﻟﺌﻼ ﻳﻮﺻﻔﻮا ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ.
ذﻟﻚ أن ﺑﻌﺾ املﺘﻨﻤﺮﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻬﺠﻮﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل إرﺳﺎل إﻫﺎﻧﺎت وﺗﻬﺪﻳﺪات ﻋﱪ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وذﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺧﻠﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﺗﺮوج ﻟﻠﻜﺮاﻫﻴﺔ واﻟﻌﺪاﺋﻴﺔ. وﻫﻢ ﻳﺤﺎﴏون ﺿﺤﻴﺘﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻫﺠﻮم ﻋﱪ ﻗﻨﻮات ﻋﺪة ﰲ ﻓﱰة زﻣﻨﻴﺔ ﻣﺤﺪدة.
ﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ دور اﻷﴎة واملﺪرﺳﺔ ﰲ ﺗﻮﺟﻴﻪ اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻨﺎﻗﺪة ملﺴﺎﻋﺪة اﻟﻨﺶء ﻋﲆ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻮاﻋﻲ ﻣﻊ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم، واﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ آﻣﻨﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة، واﻻﺳﺘﺨﺪام اﻷﻣﺜﻞ ﻟﻠﺘﻘﻨﻴﺔ ﺑﺎﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل اﻟﺠﺪﻳﺪة، واﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ املﺆﺛﺮات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، وذﻟﻚ ﺑﺘﻮﻋﻴﺔ املﻌﻠﻤني واﻷﻫﺎﱄ ﻟﺠﻴﻞ اﻟﻨﺶء ﺑﻤﺎﻫﻴﺔ ﺳﻠﻮك اﻟﺘﻨﻤﺮ وﺧﻄﻮرﺗﻪ.
ﺗﻠﻘﻰ ﻇﺎﻫﺮة اﻟﺘﻨﻤﺮ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ ﻏري ﻋﺎدي ﻣﻦ املﻬﺘﻤني ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﱰﺑﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﺪﻋﺖ إﱃ ﺗﺸﺪﻳﺪ املﺮاﻗﺒﺔ واﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﻟﻠﺮﺻﺪ املﺒﻜﺮ ﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻨﻤﺮ، وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﺮاﻣﺞ ﻋﻼﺟﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻨﻤﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﴩاﻛﺔ ﻣﻊ املﺨﺘﺼني ﰲ ﻋﻠﻢ اﻟﻨﻔﺲ. إدراج اﻟﱰﺑﻴﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻨﺎﻗﺪة اﻟﺘﻔﻜري اﻟﻨﺎﻗﺪ ﰲ املﻨﺎﻫﺞ اﻟﺪراﺳﻴﺔ، وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻨﺼﺎﺋﺢ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ إﻋﻼﻣﻴﺎ ﺣﻮل ﺧﻄﺮ اﻟﺘﻨﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ وﺧﻄﻮات اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻬﺎ، وذﻟﻚ ﺑﺎﻻﻧﺘﺒﺎه ملﺎ ﻳﻘﻮﻣﻮن ﺑﻨﴩه ﻋﲆ ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﱰﻧﺖ، وﺗﻮﺟﻴﻬﻬﻢ وﺗﻮﻋﻴﺘﻬﻢ ﺑﻌﺪم اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻻﺳﻢ ﻛﺎﻣﻼ واﻟﻌﻨﻮان، رﻗﻢ اﻟﻬﺎﺗﻒ أو املﺪرﺳﺔ. ﺛﻖ ﺑﺤﺪﺳﻚ إن ﺑﺪأ أﺣﺪ اﻷﺻﺪﻗﺎء ﺑﺈزﻋﺎﺟﻚ ﻗﻢ ﺑﺈزاﻟﺘﻪ ﻓﻮرا ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﺻﺪﻗﺎﺋﻚ.
ﺗﻌﺮف ﻋﲆ إﻋﺪادات اﻟﺨﺼﻮﺻﻴﺔ ﰲ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وﻣﻦ ﺛﻢ اﺳﺘﺨﺪم ﻫﺬه اﻹﻋﺪادات ﻟﺘﺤﻤﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﲆ اﻟﺸﺒﻜﺔ!
ﺣﺪد أﺻﺪﻗﺎءك وﻻ ﺗﻌﺮض ﻧﻔﺴﻚ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻋﱪ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﲆ أﺷﺨﺎص ﻏﺮﺑﺎء وﻣﺼﺎدﻗﺘﻬﻢ ﻋﲆ اﻟﺸﺒﻜﺔ.
ﺗﻌﻠﻢ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻋﻦ اﻟﺘﻨﻤﺮ اﻹﻟﻜﱰوﻧﻲ وﻃﻠﺐ املﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ اﻵﺑﺎء أو املﺪرﺳﺔ.
ﻛﻠﻤﺔ أﺧرية.. ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ ﺑﺎﻟﻔﻄﺮة، وﻫﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻌﺪﻳﻞ واﻟﺘﻐري، ﻓﺎﻟﱰﺑﻴﺔ املﺘﻮازﻧﺔ ﰲ اﻟﺘﻮﺟﻴﻪ ﻧﺤﻮ اﻹﺻﻼح واﻟﻜﻤﺎل ﺗﺼﻨﻊ املﻌﺠﺰات.