اﻟﺪﻳﻦ واﺣﺪ واﻟﺼﻮر ﻣﺘﻌﺪدة

ﻣﻦ ﻳﻌﺮف ﺣﻘﻴﻘﺔ دﻳﻦ اﻹﺳﻼم ﻳﻌﺮف أﻧﻪ ﻳﻘﻒ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧري اﻟﻨﺎس أﺟﻤﻌني، وﻣﻦ أﺟﻞ إدﺧﺎل اﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻘﻠﻮﺑﻬﻢ، وأﻧﻪ ﻣﺘﺴﺎﻣﺢ إﱃ ﻣﻨﺘﻬﻰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﻛﻞ اﻟﺒﴩ، ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ أدﻳﺎﻧﻬﻢ وﻣﻠﻠﻬﻢ، ﻣﻦ أﺟﻞ أن ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻜﻞ ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﺴﻮده اﻟﺴﻼم اﻟﺘﺎم.

اﻹﺳﻼم ﰲ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﻮﺣﺪة اﻟﺪﻳﻦ، وﻫﺬا ﺑﻨﺺ ﻣﺤﻜﻢ اﻟﺘﻨﺰﻳﻞ: }ﴍع ﻟﻜﻢ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻦ ﻣﺎ وﴅ ﺑﻪ ﻧﻮﺣﺎ واﻟﺬي أوﺣﻴﻨﺎ إﻟﻴﻚ وﻣﺎ وﺻﻴﻨﺎ ﺑﻪ إﺑﺮاﻫﻴﻢ وﻣﻮﳻ وﻋﻴﴗ أن أﻗﻴﻤﻮا اﻟﺪﻳﻦ وﻻ ﺗﺘﻔﺮﻗﻮا ﻓﻴﻪ ﻛﱪ ﻋﲆ املﴩﻛني ﻣﺎ ﺗﺪﻋﻮﻫﻢ إﻟﻴﻪ اﻟﻠﻪ ﻳﺠﺘﺒﻲ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎء وﻳﻬﺪي إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﻨﻴﺐ{؛ وﻫﺬه اﻟﻮﺣﺪة ﻻ ﺗﻤﻨﻊ ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ اﻷﺷﻜﺎل أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻋﺪة ﺻﻮر ﻟﻠﺪﻳﻦ، وﻫﺬا ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻨﺺ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ: }وأﻧﺰﻟﻨﺎ إﻟﻴﻚ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻣﺼﺪﻗﺎ ملﺎ ﺑني ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب وﻣﻬﻴﻤﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺎﺣﻜﻢ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺑﻤﺎ أﻧﺰل اﻟﻠﻪ وﻻ

ﺗﺘﺒﻊ أﻫﻮاءﻫﻢ ﻋﻤﺎ ﺟﺎءك ﻣﻦ اﻟﺤﻖ ﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﴍﻋﺔ وﻣﻨﻬﺎﺟﺎ وﻟﻮ ﺷﺎء اﻟﻠﻪ ﻟﺠﻌﻠﻜﻢ أﻣﺔ واﺣﺪة وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺒﻠﻮﻛﻢ ﰲ ﻣﺎ آﺗﺎﻛﻢ ﻓﺎﺳﺘﺒﻘﻮا اﻟﺨريات إﱃ اﻟﻠﻪ ﻣﺮﺟﻌﻜﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻓﻴﻨﺒﺌﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﻴﻪ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮن{.

ﻟﻴﺲ ﻟﺪى ﻋﻘﻼء ﻋﻠﻤﺎء املﺴﻠﻤني ودﻋﺎﺗﻬﻢ وﻣﺜﻘﻔﻴﻬﻢ وﻣﻔﻜﺮﻳﻬﻢ ﺷﻚ ﰲ أن ﺗﻌﺪدﻳﺎت اﻷدﻳﺎن واﻟﺤﻀﺎرات ﺗﺮﺟﻊ ﻟﺪﻳﻦ واﺣﺪ؛ ﺟﺎءت ﺑﻪ رﺳﺎﻻت ﻣﺘﻌﺪدة، ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻫﺪاﻳﺔ اﻟﻨﺎس، واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﺤﻴﺎﺗﻬﻢ، وإﻳﻘﺎظ اﻟﻜﻮاﻣﻦ اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ إﻋﻤﺎر اﻷرض، واﻻﺗﺼﺎل ﺑﺨﺎﻟﻘﻬﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﱃ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻨﺎﴏ املﺸﱰﻛﺔ ﺑني اﻟﻨﺎس، وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ أن اﻹﻟﻪ واﺣﺪ، وأن اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﺟﺪا، وﻫﺬا ﻫﻮ ﺑﺎب أﻣﻨﻬﻢ وﺳﻌﺎدﺗﻬﻢ، }إن اﻟﺬﻳﻦ آﻣﻨﻮا واﻟﺬﻳﻦ ﻫﺎدوا واﻟﻨﺼﺎرى واﻟﺼﺎﺑﺌني ﻣﻦ آﻣﻦ ﺑﺎﻟﻠﻪ واﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ وﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎ

ﻓﻠﻬﻢ أﺟﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪ رﺑﻬﻢ وﻻ ﺧﻮف ﻋﻠﻴﻬﻢ وﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮن{.

املﻌﻮل اﻟﻴﻮم ﰲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد ﻫﻮ ﻋﲆ دﻋﻢ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﻬﺎدﻓﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﺑني أﻫﻞ اﻷدﻳﺎن، واﻟﺘﻘﺮﻳﺐ ﺑﻴﻨﻬﻢ، واﻟﺘﻌﺎون ﻣﻦ أﺟﻞ ﺧريﻳﺔ اﻟﻨﺎس؛ أﻣﺎ اﻻﻧﻌﺰال،

املﺴﺆوﻟﻴﺎت واﻻﻟﺘﺰاﻣﺎت اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ رﺳﻤﻬﺎ ﻟﻠﻨﺎس ﺳﻴﺪﻫﻢ، ﺻﲆ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠـﻢ، ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ املﺸﻬﻮر: »أﻻ ﻛﻠﻜﻢ راع، وﻛﻠﻜﻢ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ رﻋﻴﺘﻪ، ﻓﺎﻷﻣري اﻟﺬي ﻋﲆ اﻟﻨﺎس راع، وﻫﻮ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ رﻋﻴﺘﻪ، واﻟﺮﺟﻞ