Al-Watan (Saudi)

ترسيخ مفهوم التعايش

-

وتعتبر »حمــاس« أن التوتر داخــل المجتمع العربي في إسرائيل، هي أحــد أبرز انتصاراتها الاســترات­يجية في جولة العنــف الأخيرة، حتى وإن لم تصفها »حماس« بذلك وحدثت بصورة عشوائية نوعًا ما. فقد وصف كبار المسؤولين في الحركة - وعلى رأســهم إسماعيل هنية ويحيى الســنوار - ثوران المجتمع العربي بأنه »ثورة زعزعت اســتقرار إسرائيل، ومَحــت مفاهيم التطبّع الإسرائيلي والتعايش«، وأوضحوا أن عرب إسرائيل هم قوة فاعلة في النضال ضد إسرائيل، ملمّحــين إلى أنهم ســيحاولون عاجلاً أم آجلاً، تأجيج نار الخلاف مرة أخرى. من أجل اســتعادة الثقة المتبادلة وإعادة الهدوء عــلى الأرض، من الضروري الحــث على اتخاذ خطوات عمليــة تؤتي ثمارها بصورة تدريجية. من وجهة نظــر الحكومة والمجتمع اليهودي، لا بد من تنفيذ البرامج التي ســبق إعدادها والتي تعالج المشــاكل الجوهرية في المجتمع العربي، وقبل كل شيء اجتثــاث الجريمة والعنف، وهو هدف يتطلب أيضًا توســيع نطاق الاستثمار، في الرعاية والشــباب والبنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة لتحسين خدمات رعاية الشباب، والخدمات المدنية في القطاع العربي مثل »التعليم والخدمات بشكل أساسي« وإيجاد حل لمشاكل التجمعات غير المعترف بها، وخاصة في منطقة النقب. لكن هذا لا يكفي. فترســيخ مفهــوم التعايش يستلزم من كلا المجتمعين تأملاً عميقًا في الذات. إذ يجب على المجتمع اليهــودي الإقرار بوجود ممارســات التحيز والتمييز، والتعصب والقمع ومعالجتها، كونها تشــكل أرضًا خصبة للجفاء والعداوة المتناميــ­ين. وكذلك يجب على المجتمع العربي الغوص في مراجعة للذات. في هذا السياق، من الضروري نبذ الميل السائد إلى شرح خلفية أو سياق العنف واستعراضهم­ا، فهذا لا يعدو كونه تبريرًا له، والإقرار بوجود مشــكلة خطيرة، ألا وهي أن المجتمع العربي فقدَ سيطرته على الجيل الأصغر، الذي يعاني من الإحباط. وبدون مراجعــة صادقة ومتبادلة للذات، يمكن توقع عودة كلا المجتمعين إلى ما يشــبه الوجود المشترك. ولكن تحت السطح، ستكون العلاقات مشــحونة بالشــك والخوف المتمحورين حول اليقين بأن الانفجار التالي ليس ســوى مسألة وقت.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia