Al-Watan (Saudi)

ضربة أمريكية لمنافذ الدعاية الإيرانية

- ديفيد بولوك

أعلنت الحكومة الأمريكية هذا الأسبوع، أنها حجبت العديد من مواقع الإنترنت الخاصة بالعشرات من منصات وسائل الإعلام الأجنبية الإيرانية، بما فيها قناتها التلفزيوني­ة »برس تي في« التي تبث باللغة الإنجليزية وقناتها »العالم« التي تبث باللغة العربية. وهناك تأثيرات عملية طفيفة لهذه الخطوة، لأن إيران أعلنت بسرعة أن كثيرا من الجوانب في هذا المجال قد عادت للبث على الإنترنت، تحت أسماء نطاقات إلكترونية مختلفة. لكن الأهمية الرمزية لهذه الخطوة غير العادية- وبالنسبة لي، صداها الشخصي أيضا- جديرة بالملاحظة.

لقد كان الإعلان الرسمي الأمريكي الذي شرح هذه الخطوة مربكا بعض الشيء، حتى للخبراء في مجال العقوبات وإجراءات الإنفاذ ذات الصلة. وما هو واضح أن مصادرة النطاقات الأمريكية لتلك المواقع الإلكتروني­ة الإيرانية تمثل خطوة غير عادية. وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت سابقا أنشطة إعلامية تابعة لجماعات إرهابية مدرجة على لائحة الإرهاب أو لميليشيات غير حكومية وفرضت عليها عقوبات، وأبرزها قناة »المنار« التابعة لـ»حزب الله«. كما طلبت، مؤخرا، من بعض المنافذ الإعلامية الأخرى التي ترعاها بعض الحكومات، مثل قناة »آر تي« الروسية أو قناة »الجزيرة« القطرية، التسجيل كوكالات أجنبية. ومع ذلك، فإن حجب المواقع الإلكتروني­ة الرسمية- حتى تلك الخاصة بدولة معادية ليس للولايات المتحدة علاقات دبلوماسية معها- نادر جدا.

لذلك تكهن البعض بأن هذه الخطوة كانت مجرد عملية مؤجلة عفى عليها الزمن تعود إلى حملة »الضغط الأقصى« لإدارة ترمب ضد النظام الإيراني. وتساءل آخرون، على الطرف الآخر من الطيف المنطقي، عما إذا كان من الممكن أن يكون ذلك مجهودا من قبل إدارة بايدن كغطاء سياسي للتنازلات المقبلة في المفاوضات النووية الإيرانية. ورأى عدد قليل [من المتتبعين] وجود صلة لهذه الخطوة بالرئيس الإيراني المنتخب حديثا إبراهيم رئيسي، الذي يخضع أساسا لعقوبات أمريكية لدوره في النظام العدائي لطهران، أو ربما للمخاوف الحالية الأوسع نطاقا بشأن المعلومات المضللة، وحرب المعلومات الكاذبة، والتدخل الانتخابي. وما زال آخرون، بمن فيهم كاتب هذه السطور، يعتقدون أن ذلك قد يعكس ببساطة التنسيق غير الكافي بين الوكالات الفيدرالية الأمريكية المتعددة التي تتعامل مع جوانب مختلفة من الشؤون الإيرانية.

على أي حال، يبدو أن هناك تأثيرا ضئيلا على المفاوضات النووية، أو على قضايا مهمة أخرى. فلم يحتج سوى عدد قليل من المسؤولين الإيرانيين من المستوى المنخفض وبصورة شفهية على الإجراء الأمريكي. وبالمثل، علق عدد قليل من كبار المسؤولين الأمريكيين على هذه المسألة. وأحالت وزارة الخارجية الأمريكية الأسئلة حول هذا الموضوع إلى وزارة العدل، التي ليس لديها ما تضيفه تقريبا إلى بيانها الأصلي المقتضب والغامض.

ومع ذلك، فإن الخطوة الأمريكية ضد محطات البث الأجنبية الرائدة في إيران هي بمثابة تذكير حي بمدى سمية دعايتها حقاً. وبغض النظر عن أي اتفاق نووي، فإن ذلك والأبعاد ذات الصلة بتهديدات إيران غير النووية التي هي بالكاد تهديدات تقليدية على المنطقة والمصالح الأمريكية، ستستمر على الأرجح على قدم وساق. إن السمات المميزة لسياسة إيران الخارجية هي دعم الإرهاب والتخريب والنزاع الطائفي وجرائم الحرب الأهلية التي هي على وشك أن تكون إبادة جماعية في سورية واليمن، وحتى التدمير النهائي لإسرائيل أو الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة. وتتواطأ وسائل الإعلام الأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعي الإيرانية بنشاط في هذه الحملة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia