إي+ان لم تُعدّل سلوكها
تنبثق وجهة النظر في المنطقة بشــأن إيران من تجربــة هؤلاء القادة مــع الجمهورية الإســلامية، فبالنســبة إليهم أن السؤال الجوهري حول إيــران، كما عبّر عنه هنري كيســنجر ذات مرة، هو ما إذا كانت هذه البــلاد دولــة أم قضيــة؟، والحجة التي تدفــع إلى قول هذه الأخــيرة قوية وعميقة الجذور، فإيران الثورية تستخدم الخطاب الإسلامي الشــيعي المناهض للاستعمار في تبرير اتباعها أجندة قومية توســعية. وبعد فترة وجيزة من الثــورة الإيرانية، اتضحت طبيعة إيران، واتضح التهديد الذي تشكله إثر إعدام آلاف المعارضــين الحقيقيين أو الوهميين للنظام، ودعم الجماعات الإرهابية في أنحــاء المنطقة، والتهديــدات المتواصلة لوجود إسرائيــل، والهجوم المضاد الخطير على العراق في الثمانينيــات، والاعتداء على الولايات المتحــدة بلبنان في 1983، وحرب الناقلات مع أمريكا. وعندما أصبح تطوير إيران برنامج أسلحة نوويــة واضحا بحلــول 2005، اعتُبر في البداية أداة أخرى، وإن كانت خطيرة بشكل خاص، في صندوق سياسات القوة الإيرانية. لذلك، أعلنت إدارتا »بــوش« و»أوباما« أن الولايات المتحدة ستستخدم القوة في إيقاف
إيران عن تطوير سلاح »نووي«، وهو تهديد لم يُفرض ضد جنــوب إفريقيا أو ليبيا أو الهند أو باكســتان، التي طورت كل منها بعض القــدرات النووية في أوقات مختلفة، بينما تم التعامل مع إيــران، التي اعتبرها الغرب مبعث خطر، كمعتدية متأصلة. وتوصــل البعــض في إدارة »أوبامــا« إلى الاعتقاد بأن »خطة العمل الشاملة المشتركة« يمكن أن تشير إلى »تغيير نظام« دبلوماسي، أي أنــه من خلال اختبــار الاحترام والثقة من قِبل الغرب، ستعتنق إيران عالم العولمة الأمريكي المصدر. وإذا كان هذا هو الرهان، فإنه لم يأتِ بأي نتيجة، فمنذ 2013، حين بدأت المفاوضات الجادة مع الحكومة الإيرانية، وإلى 2018، عندما انسحب »ترمب« من الاتفاق النووي، لم تُعدّل إيران سلوكها. بدلا من ذلك، سرّعت عدوانها الإقليمي، مســتغلة عدم الاستقرار الناتج عــن »الربيع العربــي«، فضلا عن صعود تنظيم »الدولة الإســلامية« بهدف توسيع ســلطتها. وبالنســبة للكثيرين في المنطقة، كان الدرس واضحا: ليســت هناك طريقة لبناء الثقة مع إيران، لأن الجمهورية الإســلامية لديها أجندة للهيمنة على الشرق الأوسط.