Al-Watan (Saudi)

خطرفات وطلاسم

-

يلوذ كثير من الشعراء المعاصرين باستخدام المفردات الصعبة والمعاني الرمزية المغيبة، في تعمد لإخفاء المعنى، معتبرين الأمر نوعا من القوة، وعندما يقرأ الجمهور قصائدهم يجدها أشبه ما تكون بـ»الخطرفات والطلاسم« كما يقول البروفيسور في الإعلام عوض إبراهيم عوض »أرى ذلك سرابًا وخطرفاتٍ وطلاسم لا يمكن أن نسميها شعرًا بالمعنى المفهوم للشعر، وللأسف فإن كثيرًا من المعاصرين لجؤوا إلى هذا النمط من الكتابة مع ظنهم أنها جزء من الفلسفة أو الغموض الذي يحتاج إلى إعمال الفكر لفهمه وسبر أغواره، ولكنه للأسف لا هذا ولا ذاك، وإنما هو مجرد تغطية عيوب يلجأ إليها هؤلاء النفر ممن يكتبون ليداروا بها سوءاتهم وقصورهم في التعبير الشعري الرصين. وذلك لأن الشعر هو الكلام الفني الموزون المقفى الذي يعبر عن رؤى وأخيلة الشاعر في قالب سلس وجذاب ومؤثر في المتلقي سواء كان قارئًا أو مستمعًا لأبيات القصيدة، ولما كانت كل هذه الصفات لا تتوفر في كتابات هؤلاء الموهومين فإننا لا نستطيع أن نسمي ما يكتبونه شعرًا بأي حالٍ من الأحوال«. ويكمل »أعتقد أن محبي الشعر ازدادوا خلال العقود الماضية، ولكن في نفس الوقت ازداد عدد من يدعون كتابة الشعر في أوساط هذا الجيل، والمشكلة أن وسائل التواصل الحديثة أتاحت الفرصة لكل من هب ودب أن ينثر على الناس ما يكتب حتى وإن كان ما يكتبه فطيرًا وبعيداً عن الخيال الفني شعرًا كان أم نثرًا. بل إن بعضهم تجرأ ونشر كثيرًا من الغثاء في كتب زعموا زورًا وبهتانًا أنها دواوين شعر، والشعر منها براء. ولكن بين هذا وذاك نجد شعراء مجيدين ومتميزين في كثير من بلادنا العربية. وقد حباهم الله ناصية الكلام، وطوع لهم مفردات اللغة، وأوزان القصيد، وجماليات القوافي فكتبوا شعرًا يأسر الوجدان ويحرك مشاعر كل من يستمع إليهم. بل ونجد بينهم كثيرين ممن حباهم الله بملكة الإلقاء الممتاز فيؤثرون في كل من يستمع إليهم. ولكن رغم ذلك توارت أصوات كثير منهم خلف الضجيج الذي أحدثه ويحدثه دعاة الشعر والأدب الرصين. وهنا لا بد أن ندق ناقوس الخطر ونحذر من انفلات الحرية التي أتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي وجعلت من الكتابة مهنة من لا مهنة له في كثير من الأحيان. ولذلك ظللنا نطالع في كل صباح منشورات غثة ولا صلة لها بالشعر نبعت من أخيلة هؤلاء الذين لا يجيدون فن القريض. ولذلك دعونا نقول لهم: كفى ضجيجًا، وكفى استخفافًا بعقول الناس، وليتكم ركنتم للتلقي والاستماع لما يكتبه الشعراء الحقيقيون وهذا يكفيكم. أما أن تصروا على مواصلة الكتابة والزج بها في الأسافير والوسائل المتاحة بالمجان فهذا لا يضيف لكم إن لم يكن قد خصم منكم أكثر مما تتصورون«.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia