Al-Watan (Saudi)

ما قصة تعبيرات شائعة عند العرب

- حاطب الليل ربما احتطب واحتمل فيما يحتطبه حيّة، وهو لا يشعر بها لمكان الظلمة، فيكون فيها هلاكه، كذلك المكثار في الكلام.

تزخر لغتنا العربية بالعديد من المسكوكات اللغوية، أو التعابير المســكوكة التي جرت - في ســيرورتها وذيوعها - مجرى الأمثال، وإن لم تكن أمثالاً »بالمعنى القياسي«، كما كثر ورودها في التراث العربي، نثراً ونظماً، وشاع استخدامها بين الخاصة والعامة، مثل:

»شــعرة معاوية، قميص عثمــان، حديث خرافة، جزاء ســنمار، مواعيد عرقوب، مزامير داود، ســحر هاروت، غراب نوح، برد العجوز، سحابة صيف.. الخ«. تعبيرات »أوجزت اللفظ وأشبعت المعنى«. ورغم أن الكثير من مثل هذه التعبيرات المســكوكة لا يزال حيّاً، فإن مبناها

ومعناها، ربمــا كان خافيــاً أو غامضاً لدى الأجيال الشــابّة، التي كادت الصلة بينها وبين تراثها تنقطع. ومن هذه المسكوكات أو التعابير المسكوكة:

* »جزاء ســنمار«،يُضرب به المثل للمحسن يكافأ بالإســاءة، حيث كان ســنمار الرومي مشهوراً ببناء الحصون والقصور للملوك، فبنى قصر الخورنــق في الكوفة، عــلى نهر الفرات، للنعمان بن امرئ القيــس، فلما فرغ منه بعد عشريــن عاماً، صعده النعمــان - وهو معه - فأعجبه حســن البناء وطيب موضعه، وأوهمه بحســن المكافأة، حتى إذا ما اطمأن سنمار إلى ذلك، أمر النعمان به فرمي من أعلى البنيان، فتقطع. فعل النعمان ذلك بسنمار خشية أن يبني مثله لغيره!. * »مواعيد عرقوب«، يُضرب المثل في الكذب وخلف المواعيد، وعرقوب رجل من خيبر، أتاه أخوه يســأله المســاعدة، فقال له عرقوب: إذا أطلعت النخلــة فلك طلعها، فلما أطلعت أتاه للوفاء بالوعد، فقال له: دعها حتى تبلح، فلما أبلحت أتاه، فقــال له: دعها حتى تزهي »يصبح لــون البلــح أحمر أو أصفر«، فلما زهــت أتاه، فقال: دعها حتى ترطب »يصبح البلح

رطبا« فلما أرطبت أتاه، قال: دعها حتى تثمر، فلما أثمــرت سرى إليها عرقــوب ليلا، فجنى ثمارها، ولم يُعط أخاه شيئاً، فسارت مواعـيده الكـاذبة مـثلاً سائراً في عدم الوفاء بالمواعيد.

*»حديــث خرافة«، ذكــر الثعالبي في ثمار القلوب أن »خرافة« بطل هذه العبارة المثلية هو رجل من بني عذرة، اســتهوته الجن، فأسرته، فمكث فيهم دهراً، فلما تركته وخلت عنه رجع إلى قومه، فكان يحدث الناس بالأعاجيب من أحاديث الجن، وبالغرائب من مشــاهداته في عالمهم، وقد شــك العرب في قوله، فكانوا إذا ســمعوا حديثا عجيباً أو غريباً لا أصل له ولا برهان عليه، قالوا: »حديث خرافة« نسبة إليه، وضربه ابن الزبعري، مثلاً، في الكفر بالبعث حين قال: حياة ثم موت ثم نشر حديث خرافة يا أم عمرو ثم كثر هذا في كلام العرب، حتى قيل للأباطيل خرافات، وللترهات أحاديث خرافية.

* »غراب نوح«، تُضرب مثلاً للرسول الذي لا يعود، أو يُبطئ عن ذي الحاجة من غير إنجاح. وذلك أن نوحاً - عليه السلام - أرسل الغراب من سفينته ليأتيه بخبر البر، بعد أن توقف الطوفان وتطهّرت الأرض، فوجد جيفة فاشتغل بها ولم يعد إلى نوح، فأرسل مكانه الحمامة، وقد غضب منه، وعندئذ دعا عليه بسواد اللون، بعد أن كان لونه أبيض - كما في المعاجم اللغوية - وتشاءم

منه العــرب، لغدره بالنبي نوح. »وعرفته العامة باسم: الغراب النوحي«.

*»غــراب البين«، قال الجاحظ: غراب البين نوعان: أحدهما غربان صغار معروفة بالخبــث واللــؤم والضعــف، والآخر كل غراب يُتشــاءم به، وإنمــا لزمه هذا الاسم، لأن الغراب إذا بان »رحل« أهل الدار وقع في بيوتهم يلتمس ما تركوا، فتشــاءموا به، وتطيّروا منه، إذ كان لا يعتري منازلهم إلا إذا بانوا »رحلوا منها« فسمّوه غراب البين، واشتقّوا من اسمه الغربة والاغتراب.

*»عنقاء مُغــرب«، قال الجاحظ: الأمم كلها تضرب المثل بالعنقــاء »طائر خرافي« في الشيء الذي يُســمع بــه ولا يُــرى، وإن كانوا يرون صورة العنقاء مصوّرة في بُسط الملوك وحيطان قصورهم، والعــرب إذا أخبرت عن هلاك شيء وبطلانه قالت: حلّقت به في الجو عنقاء مُغرب.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia