Al-Watan (Saudi)

الحلوى التي تلتهم الدماغ

سلوك الأطفال تدهور بعدما تناولوا أغذية ملونة لمدة معينة، وتحسن بعدما توقفوا عنها، وهناك أبحاث تربط بين ألوان الأطعمة الصناعية وسلوك الأطفال.

- مريم النويمي

دائمًا ما يقترن حب الحلويات بالطفولة، حتى أصبح معظمنا أطفالًا، يعشق الحلوى، وربما أجمل ما في النضج هو أنك تستطيع شراء الحلوى متى رغبت، دون تخوف من سلطة أحد، الصحة وحدها تجبرنا على الخيار الأفضل، حتى تعليمات الطبيب، لنا الخيار في اتباعها أو التمرد عليها.

كلنا نهتم بتاريخ نهاية صلاحية المنتج، ونكهته، ولكن لا أعرف إن كان أحدنا يهتم بمكوناته، فالطعم وحده لا يكفي، هل قرأتم يومًا رموزًا وأرقامًا على مغلفات الحلوى أو الأطعمة، هل اهتممتم بمعرفتها؟ بأضرارها؟ وفوائدها؟

لأن رغبة الأطفال هي الأقل مقاومة، نشتري دون أن نعرف، من غير أن نهتم، فالحلوى لذيذة، ونحبها، بألوانها، التي تترك آثارها على أصابعنا، ومرات كثيرة تلوث ملابس الصغار، ويظهر إعلان لمسحوق غسيل يدعي قدرته على إزالتها، فالماء وحده لا يستطيع تنظيفها، فكيف لأجسادنا التخلص منها؟ تم استخدام ألوان الطعام الاصطناعية في الأطعمة منذ زمن بعيد، لتعزيز النكهة وإعطاء ألوان جذابة، دون أي قيمة غذائية، ولكونها أرخص وأكثر استقرارًا أثناء التصنيع من البدائل الطبيعية، كثر استخدامها.

وربطت بعض الدراسات بين استهلاك بعض ألوان الطعام الاصطناعية وسلوك الطفل منذ ما يقرب من 50 عامًا، وأهمها نظرية الدكتور بن فينغولد في سبعينيات القرن الماضي والتي نصت على أن ألوان الطعام الصناعية سبب مباشر لفرط الحركة وصعوبة التعلم لدى الأطفال. وأكثر المواد الملونة استخدامًا في الأطعمة والحلويات، هي الصبغة الحمراء 3 و الصفراء 5 و 6 ولها مفعول يشبه مفعول هرمون الاستروجين، لذلك من الممكن أن تسبب زيادة الوزن، الاضطرابات الهرمونية، والبلوغ المبكر لدى الأولاد والبنات، وكذلك أظهرت

بعض تقارير معامل السموم أن منها ما هو ملوث بمواد مسرطنة، ولكن تأثيرها في أدمغة الأطفال التي في طور النمو، يثير القلق الأكبر.

على الرغم من هذا، تُجيز إدارة الدواء والغذاء الأمريكية، استخدامها وتعتبر أن جميع ملونات الطعام الاصطناعية آمنة، ولكن بقيت بعض الجهات الأخرى بما في ذلك مركز علوم المصلحة العامة تصر على أنها ليست آمنة، وتسعى لحظر استخدام بعض ملونات الطعام الاصطناعية.

أجد هنا أن الجزم بسلامتها مطلقًا مخاطرة، قد تؤدي إلى تبعات صحية سيئة، لو اتبعنا منهج الطب القائم على الأدلة والبراهين، سنجد أن سلوك كثير من الأطفال قد تدهور بعدما تناولوا أغذية ملونة لمدة معينة، وتحسن هذا السلوك بعدما توقفوا عنها، وهناك أبحاث من مناطق مختلفة في العالم تربط بين ألوان الأطعمة الصناعية وسلوك الأطفال. مثلا في أستراليا أثبتت دراسة أن %75 من الآباء لاحظوا تحسنًا في سلوك وانتباه أبنائهم بمجرد إزالة الصبغات من طعامهم، لا يمكن أن تكون هذه النسبة مجرد صدفة!

ووجدت دراسة بحثية أخرى من المملكة المتحدة نُشرت في مجلة لانسيت عام 2007، زيادة في فرط النشاط لدى مجموعة من الأطفال في سن الثالثة، ومجموعة أخرى من 8 إلى 9 سنوات، عندما تناولوا مزيجًا من ملونات الطعام الصناعية ومشروبًا مع مادة حافظة غذائية.

حقيقة لا يحتاج الأطفال إلى حلويات تترك آثارًا في ألسنتهم أو أصابعهم، هم في غنى عن حلويات شديدة الحموضة وكأنهم يختبرون قدراتهم على التحمل.

شدني يومًا فضولي لقراءة المكونات لأحد أنواع العلك الفقاعية، فوجدت أنها تحتوي على E129,E110، الجميل وجود تحذير يذكر بأن هاتين المادتين تحديدًا قد يكون لهما تأثيرٌ سلبي في نشاط الأطفال وانتباههم، ليست هذه المواد الملونة وحدها بل أيضًا، هناك E102,E104,E122,E124 والتي توجد في المشروبات الغازية والحلويات والايسكريم والكيك.

ولكن هل نحن بالفعل نقرأ؟، أم نترك رغباتنا تتحكم باختياراتن­ا، نشتريها لمجرد أن طعمها لذيذ، بغض النظر عن مساوئها.

تذكرت الدخان، فالمدخنون يشترونه لأنهم يرغبون في ذلك رغم التحذير المخيف والواضح على كل عبوة، الكبار، هم أحرار فيما يقررون، لكن الطفل مسؤوليتنا، علينا أن نعرف ماذا نشتري لأطفالنا، الألوان الطبيعية خيار جيد، ربما تكون أعلى سعرًا ولكنها أكثر أمانًا، مثل مسحوق البنجر، لون الكراميل، لون الكركم وعصير الفاكهة أو الخضار.

ربما من المفيد أن نعرف أنه كلما ازدادت الألوان الزاهية، كان ضررها أكبر، فلا تجعل حواسك تخدعك، كن ذا بصيرة وبصر.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia