Al-Watan (Saudi)

عشر جولات من العقوبات

- هنري روم

الشريحة التي قامت بدورها الوطني، إبان شبابها وقوتها، وحان وقت رعايتهم من جانب مؤسسات المجتمع تقديرا لهم وعرفانا بالجميل

في الأشهر الأخيرة انخرطت إيران بشكل متزايد في انتهاكات قرارات الأمم المتحدة والمعايير الدولية، من إرسال أسلحة إلى روسيا لاستخدامها ضد أوكرانيا، إلى قمع الاحتجاجات الجماهيرية بوحشية في الداخل، وإلى تطوير برنامجها النووي بطرق لا رجعة فيها. وعلى الرغم من أن الحكومات الغربية ردّت على هذه الإجراءات من خلال فرضها عقوبات جديدة محدودة على طهران ومحاولة عزلها دبلوماسياً، إلا أنها لم تبدأ حتى الآن بالضغط عليها بشكل كبير.

ويشكّل قطاع الطاقة أحد المجالات المحتملة للقيام بذلك، حيث يمكن أن يؤدي الضغط المنسق إلى قطع مصدر رئيسي للدخل الحكومي. وقد حافظت إدارة بايدن على العقوبات المفروضة بموجب حملة »الضغط الأقصى« التي كان قد أطلقها سلفه، ولكنها لم تطبقها بصرامة، مما سمح لإيران بزيادة صادراتها من الطاقة على مدى العامين الماضيين. وفي حين تُعتبر العقوبات التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية في 3 نوفمبر خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أنها ليست خطوة في إطار حملة ممنهجة. وقد يؤدي اتباع مقاربة أكثر قوة إلى فرض تكاليف أكبر على طهران بسبب سياساتها النووية والإقليمية والمحلية.

على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، تراوح متوسط صادرات النفط الإيرانية بين 810 آلاف و1.2 مليون برميل يومياً من النفط الخام والمكثفات (هيدروكربون سائل خفيف)، وفقاً لتقديرات »تانكر تراكرز« و«فورتيكسا« و«كيبلر« ومنظمة »متحدون ضد إيران النووية«. وذهب معظم هذا التدفق إلى الشركات في الصين، حيث استلمت كيانات في سورية والإمارات وفنزويلا بعضها أيضاً (من المحتمل إعادة تصدير النفط المرسل إلى الإمارات العربية المتحدة إلى آسيا).

غير أن هذه الأرقام أقل بكثير من الكمية التي كانت إيران تصدرها في أوائل عام 2018 والبالغة حوالي 2.7 مليون برميل يومياً، قبل انسحاب إدارة ترمب من »خطة العمل الشاملة المشتركة« وإعادة فرض عقوبات ثانوية. لكنها أعلى بكثير مما كانت عليه في ذروة حملة الضغط القصوى التي شنها ترمب، عندما انتهت إعفاءات استيراد النفط في مايو 2019 وانخفضت الصادرات الإيرانية إلى 500 ألف برميل يومياً أو أقل من ذلك.

ومع بدء المفاوضات لإحياء »خطة العمل الشاملة المشتركة« العام الماضي، قررت إدارة بايدن عدم فرض عقوبات قصوى بشكل صارم بالقول أو الفعل، واستنتجت على ما يبدو أن هذا من شأنه أن يضعف الآفاق الدبلوماسي­ة وأنه غير ضروري في النهاية لأن الاتفاق النووي سيتم إحياؤه بسرعة. وإجمالاً، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية لإدارة بايدن عشر جولات من العقوبات المرتبطة بمبيعات الطاقة الإيرانية. ومع ذلك، كانت هذه الجهود متقطعة وليست جزءاً من حملة أوسع نطاقاً، ولم يكن لها تأثير ملحوظ على أرقام الصادرات الإيرانية أو عملية صنع القرار في النظام الإيراني. وقد تكون سياسة التطبيق المحدود للعقوبات قد جعلت طهران تقلل أيضاً من ضرورة إعادة إحياء الاتفاق النووي من خلال منحها دعماً اقتصادياً قيّماً وتقویض الفوائد المحتملة لتخفيف العقوبات رسمياً عنها. وبشكل عام، كانت الإشارة إلى أسواق النفط واضحة: لقد انخفض خطر التعامل مع النفط الإيراني.

* معهد واشنطن

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia