Al-Watan (Saudi)

تا#"خ كرة القدم

-

»الش ا ين المفتوحة

لأم &%كا اللاتينية «

وثلاثية

»ذاكرة النار«.

يسمونه البواب، والغولار، وحارس حاجز، وحارس القوس، ولكننا نستطيع أن نسميه الشهيد، الوثن، النادم، أو المهرج الذي يتلقى الصفعات، ويقولون إن المكان الذي يطأه لا ينبت فيه العشب أبدًا. إنه وحيد.. محكوم عليه بمشاهدة المباراة من بعيد، ينتظر وحيدًا إعدامه رميًا بالرصاص بين العوارض الثلاثة، كان في السابق يرتدي الأسود، مثل الحكم، أما الآن فلم يعد الحكم يتنكر بزي الغراب، وصار حارس المرمى يسلي وحدته بتخيلات ملونة. حارس المرمى هو المذنب دائمًا، وهو الذي يدفع الثمن، حتى لو لم يكن مذنبًا، فعندما يقترف لاعب كرة خطأ

يستوجب ضربة جزاء، يتحمل هو العقوبة، إنه لا يسجل أهدافًا؛ بل يقف ليمنع تسجيلها، ولأن الهدف كرة القدم، فإن مسجل الأهداف يصنع الأفراح، أما حارس المرمى، غراب البين، فيحبطها. يمكن للاعبين أن يخطؤوا مرات، ولكنهم يستردون مكانتهم بعد القيام بمراوغة استعراضية، أو تمريرة بارعة، أما هو فلا يمكنه ذلك، الحشود لا تغفر لحارس المرمى، بخطأ واحد قد يدمر حارس المرمى مباراة كاملة، أو يخسر البطولة، وعندئذ ينسى الجمهور فجأة كل مآثره، ويحكم عليه بالتعاسة الأبدية، وتلاحقه اللعنة حتى نهاية حياته.

هو رحلة حزينة من المتعة إلى الواجب، فكلما تحولت هذه الرياضة إلى صناعة كان يجري استبعاد الجمال الذي يتولد من متعة اللعب لمجرد اللعب، وفي عالم نهاية قرننا هذا تستنكر كرة القدم الاحترافية ما هو غير مفيد، وما هو غير مفيد في عرفها هو كل ما لا يعود بالربح، وليس هناك أية أرباح تجنى حين يتحول الرجل لبرهة إلى طفل يلعب بالكرة مثلما يلعب الطفل بالبالون، ومثلما تلعب القطة بكبة خيوط صوفية. يصبح راقصًا يرقص بكرة خفيفة مثل البالون الذي يطير في الهواء أو مثل كبة الصوف التي تتدحرج، لاعبًا دون أن يدري أنه يلعب ودون أن يكون هناك سبب أو توقيت أو حكم، لقد تحول اللعب إلى استعراض فيه قلة من الأبطال وكثرة من المشاهدين إنها كرة قدم للنظر، وتحول هذا الاستعراض إلى واحد من أكثر الأعمال التجارية ربحاً في العالم لا يجري تنظيمه من أجل اللعب، وإنما من أجل منع اللعب. لقد راحت تكنوقراطية الرياضة الاحترافية تفرض كرة قدم تعتمد السرعة المحضة والقوة الكبيرة وتستبعد الفرح، وتستأصل المخيلة وتمنع الجسارة، ومن حسن الحظ أنه مازال يظهر في الملاعب، حتى وإن كان ذلك في أحيان متباعدة، وقح مستهتر يخرج على النص ويقترف حماقة القفز عـن كل الفريق الخصم، وعن الحكم وجمهور المنصة، لمجرد متعة الجسد المنطلق.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia