Al-Watan (Saudi)

زواج المبدعين ثراء المتخيل وفقر الواقع

- موج يوسف

و(فريدا كاهلــو) دييجو و(فيرا تولياكوفا) ناظم حكمت و(سيمون دي بوفوار) سارتر و(وصوفيا أندرييفينا) وتولستوي.

هؤلاء النســوة وغيرهن من خلال كتابتهن، وفي الجانب العربي الذي يتمثــل بالقلّة؛ يعود إلى أن أغلــب المبدعين العرب لم يتزوجوا من وســطهم الإبداعي إلا البعض، وهن وثقن ســيرة الشريك، كـ(عبلة الرويني) مع أمــل دنقل، (ومي المظفر مع رافع الناصري، وأخريات في الحورات كـ(رنا قباني) محمــود درويش، و(بلقيــس الراوي) زوج نزار، و(خالدة ســعيد) مع أدونيس، و(مها بيرقدار) زوج يوسف الخال، وآخرين عرب ضاعت سيرهم؛ لأنَّ نسائهم لم يكنَّ من بيت الإبداع، فهنا تكمن أهمية الزوجة المبدعة في جوانب عدة: كتابة ســيرتهما، والثاني ووفق ما يراه الشاعر شوقي بزيع المتزوج من شــاعرة مبدعة، هادئة الطباع ومتفهّمة ـــ كما وصفها ـــ فأصيب شِــعره بســببها بكدمات من الناحية العاطفية بقصائد الحب، والوله، لكنه وجد ضالته ـــ الشــعر ـــ في تربة التأمّل والحكمــة، والحفر الداخلي، وهذا الداعي من تأليف الكتاب أنه كان يبحث عن نظائر وأشباه له في عالم الكتابة والفن.

سيرة المبدعين في زواجهم، وعلاقاتهم العاطفية تكشــف عن جانب مشرق، وعكسه، فالأول نجده عند (إلسا وآرجون) الشــاعر الفرنسي والكاتبة الروسية، حملا مشعل الإبداع والحب، ولم ينطفئ هذا الأخير، وهذا ما نجده في كتابه (مجنون إلسا)، لم تكن عنده جوهــر الكينونة والوجود بل كرّس لها شــعره وإبداعه وقلبه، فيقول: المرأة ليست مستقبل الرجل فحســب، بل مستقبل الإنسانية والكواكب والأراضي برّمته.

بينما نلحظ (آنّا جريجوريفني­ا) في سيرتها عن زوجها دستويفســك­ي، كرّست حياتها في الاعتناء بكتاباتــه، وأعماله تنقيحا وتبويبا وتهيئة للنشر، ووفرت له المناخ الملائــم للكتابة، كما حاولت في سيرتها أن تزيل ما لحق بزوجها من التشويهات في ســلوكه وإدمانه على القمــار، وما يمرّ به من نوبات الصرع، والألم عند الكتابة، فكانت شريكة

في العبقرية والإبداع.

بينما ديجو الفنان العالمي زوج الفتاة الشــابة فريدا كاهلوا يظهر في ســيرته أنه ســدد في قلب زوجته المريضة أكثر مــن لكمة عندما خانها مع أختها الصغرى، كما فعلــت هي كذلك مع ليون تروتكسي.

وفي المناخ ذاتــه يتصارع الكاتــب الصامت والجمال الصارع، وهما آثر ملير ومارلين مونرو وهذه الفاتنة الجميلة عشــقت الكاتب المسرحي الذي حررها من سلطة جســدها، لكن زواجهما لم يدم سوى 10 ســنوات، اضطر الزوج بعدها لمغادرة هوليوود، وإلا خسر نفســه بســبب أداء زوجته المفــرط في الجرأة في فيلمها (دعنا نمارس الحب).

وما أن انتقلنا إلى الجانب العربي حتى تطالعنا أشهر قصة حب بين الشاعر نزار قباني وبلقيس الراوي، فهذه الزرافــة العراقية ـــ كما وصفها ـــ صمدت أمام أمــواج معجبات زوجها، فهذا ما يبوح به الشــاعر بقصيــدة كتبها بعد مرور 10 أعوام على زواجهما (أشهد أن لا امرأة أتقنت اللّعبة إلا أنــت/ واحتملت حماقاتي عشرة أعوام كما احتملــت/ واصطبرت عــلى جنوني مثلما صبرتِ) فهذه الزوجة الاســتثنا­ئية كبحت جماح غيرتها، فنجحت أمام امتحان الغيرة، الذي فشلت فيه زوجته الســابقة زهــراء؛ لأنَّ الأمر يعود إلى كيمياء الشــخصية ـــ كما يرى صاحب الكتاب ـــ المتفاوتة بين شــخص وآخر، وعائلة قباني العصرية، والمفتوحة أبوابها على الحب.

يرصد الشاعر بزيع زيجة أخرى وهي بين الشــاعر محمود درويش ورنا قباني ابنة أخ الشاعر نزار، الشــابة الدمشقية ذات التسعة عشر ربيعا، التي كشفت عن علاقتهما الزوجية بأنها (بركانية وعاصفة)، فصاحب الجدارية عرض عليها الزواج بــأول لقاء جمعهما في أمســيته الشــعرية في جامعة جورج تاون، وانفصل الزوجان بعد ستة أشهر من الزواج، وهي تشــير إلى تبّرمها من التسلط الذكوري عند درويش، وهــذا الأخير خصها بأكثر من

نص شعري فلماذا هو بخيل مع المرأة واقعيا، لا شعريا؟.

في كتــاب الحوارات لمحمــود درويش جمعها محب جميل ـــ قرأتُ علّة الأمر ـــ يقول: إنني عاشق فاشل وأناني ووقح، غير قادر على العطاء إلا فنيا، وأســتطيع أن أقول إننــي لا أحب امرأة ولكنني أحب المرأة. فهذا التناقض في شــخصيته جعله زوجا فاشلا في المؤسسة الزوجية، ولعل الأمر الأهم أن يرى هذه المؤسسة تقتل الإبداع، وموقفه السلبي من الإنجاب، والشعر محور حياته الأهم.

والأغرب هي ســيرة الماغوط وســنية صالح، هذه الشــاعرة الرقيقة عانت من الوحشة والعزلة والعنف من زوجها، وهذا ما كشفته أختها الناقدة خالدة ســعيد في تقديم أعمال الشــاعرة، وعنف الماغوط يصل إلى شــعرها في ســؤاله المؤنب عند إصدار ديوانها حبر الإعدام (ألا تشــعرين بتأنيب الضمير وأنت تكتبين بمعزل عن قضايا أكثر أهمية وإلحاحا من عذاب امرأة غير متآلفة مع بيئتها؟).

وربما يســعنا في ختام المقالــة أن نجمع بين الشــعر والنقد على سرير الحب، المتمثل بالناقدة خالدة سعيد والشاعر أدونيس، فتروي أنها كتبت عن الشاعر نقدا قبل أن تلتقي به، والحب من أول نظرة كان من اللقاء الأول واستمر إلى يومنا.

إنَّ صاحب قمصان يوســف لــم يكتف بسرد الحياة الخاصة لأشباهه المبدعين، بل نجده محللا لأكثر القضايا الإنسانية في حياة الشريكين.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia