Al-Watan (Saudi)

رحلة من الإبل إلى ا رافات

- المدينة المنورة: طلال السناني

أســهمت زيــادة نســبة الهطــولات المطريــة عــلى قــرى وأريــاف محافظتــي العيــص وأملــج في إقبــال أهــالي المحافظتــ­ين عــلى الزراعــة البعليــة التــي لا تحتــاج إلى ســقاية.

وشـهدت المحافظتـا­ن إقبـالًا عـلى زراعـة القمـح، حيث اسـتعان عــدد مــن المزارعــي­ن ومــلاك الأراضي بالجرافــا­ت ومعــدات الحراثــة، ممــا أســهم في رواج ســوق المحــال الزراعيــة وارتفـاع الطلـب عـلى الجرافـات التـي زادت أجـرة الواحـدة منهـا في السـاعة الواحـدة عـن 300 ريــال، حيــث يســتخدمها المزارعــو­ن في اســتصلاح أراضيهــم، والاســتفا­دة مــن نتاجهــا الزراعــي وقــت الحصــاد.

رحلة عبر التاريخ

عرفــت المحافظتــ­ان زراعــة القمــح منــذ القــدم، حيــث كان الأهــالي يحرثــون أراضيهــم يدويًــا أو باســتخدام الإبــل، قبــل أن تحــل محلهــا الآلات الحديثــة. وكان أهــالي المحافظتــ­ين يســكنون قريبًــا مــن تلــك المــزارع، حتـى يتولـون العنايـة بزرعهـم ومتابعتـه مـن الحرث مـرورًا بنثــر البــذور وصــولًا إلى الحصــاد في دورة إنتــاج تســتمر قرابـة الــ5 شـهور. وكان الأهـالي وأصحـاب المـزارع يجهزون التربــة وينظفــون الأرض، ثــم ينثــرون الحبــوب الحبــوب عــلى كامــل الأرض، ثــم نحرثهــا بواســطة الحراثــة، فتخلــط الحبـوب داخـل مكونـات التربـة، ولـم تكـن زراعتهـم تختلـط بــأي مــواد كيماويــة مثــل الأســمدة المبيــدات أو غيرهــا. وفي موســم الحصــاد ومــا بعــده، كان كثــير مــن الأهــالي يحرصــون عــلى توزيــع القمــح عــلى الأهــل والأصدقــا­ء ممــن لا يمتلكـون مـزارع خاصـة بهـم، فيمـا يعمـد آخـرون وبعـد عمليـة الحصـاد إلى تعبئـة القمـح في أكيـاس صالحـة للحفـظ، وينقلونهــ­ا إلى المحــلات حيــث تعــرض للبيــع دون طحــن، فيمــا يذهــب بعضهــا إلى المطاحــن ليبــاع كدقيــق.

رياض القمح

العيص وأملج تعتمدان زراعة القمح بالاعتماد على الأمطار

اعتمد المزارعون قديمًا على الإبل ( حراثة أراضيهم

ا6صاد سابقًا كان يتم بالأيدي أو بآلات بسيطة مساعدة

اAبرة ( مراقبة النجوم كانت تساعد المزارعين على توقع الأمطار يشــير المرشــد الســياحي في محافظــة العيــص مســلم عــواد العنينــي إلى اشــتهار المحافظــة بزراعــة النخيــل، وكذلــك زراعــة القمــح عنــد هطـول الأمطـار، حيـث يعمـد المزارعـون إلى بـذر القمـح في الحقـول فيمــا يســمى ريــاض القمــح، وذلــك بعــد حرثهــا، وبــات المزارعــو­ن يســتخدمون اليــوم الآلات الحديثــة في عمليــات الحــرث بعدمــا كانــوا يســتخدمون فيهــا الإبــل. وأضــاف »عندمــا ينبــت الــزرع يقــوم المــزارع بتشــبيكه وحراســته وتطييبــه وشــذب الحشــائش الضــارة ليكـون نبتـه في أفضـل حالاتـه، وتسـتمر هـذه الـدورة الزراعيـة مـن 4 إلى 6 أشــهر حســب هطــول الأمطــار.«

مرحلة ا(صاد

يواصـل العنينـي »عقـب ذلـك تأتـي مرحلـة الحصـاد، أو مـا يعـرف لـدى الأهـالي بـ(الـصرام) أي جمـع المحصـول الزراعـي ويتـم ذلـك بطريقـة بدائيـة، حيـث يجمـع محصـول القمـح عـلى شـكل حـزم«. وتابـع »تأتـي في المرحلـة الثالثـة عمليـة فصـل الحبـوب عـن التبـن، وتسـمى بـ(الدِراسـة) وتسـتخدم فيهـا آلـة حديثـة تلقـى في داخلهـا كميــات الــزرع عــلى دفعــات، وتتــولى إخــراج الحبــوب مــن مخــرج والتبـن مـن مخـرج آخـر«. وعــن تخزيــن المحصــول، قــال »كانــت الحبــوب تخــزّن قديمًــا في حفــرة تســمى »القــصر«، وغالبــا مــا تكــون قريبــة مــن الجبــل، وتتــم تغطيتهــا بإحــكام، أمــا الطريقــة الحاليــة والمعتــاد­ة فتتــم عــبر تعبئــة المحصــول في أكيــاس الخيــش العــادي ثــم يخــزّن في القصــور داخــل التبــن حتــى لا تصــل إليــه الحــشرات أو الأمطــار، وبمــا يضمــن بقــاءه عــدة ســنوات«.

أنواع القمح

يفصّـل العنينـي نوعـي القمـح المـزروع أمـا ما يسـمى »قمـح الزرعيـة« ويقـول »قمـح الزرعيـة نوعـان، الأول الزرعيــة الحمــراء ذات الفوائــد الصحيــة، خاصــة عنــد تناولهــا قبــل العمــل الشــاق والــبرودة القارســة، وكان كبــار الســن قديمًــا يطبخونهــا عــلى شــكل قرصـان وفطـير، نظـرًا لكثـرة تنقلهـم المسـتمر بحثًــا عــن مواقــع هطــول الأمطــار، وأماكــن تواجــد الأعشــاب والــكلأ لمواشــيهم. أمــا النــوع الآخــر فيعــرف بالبيضــاء، ويتميــز بفوائــد صحيــة قيمــة، ويكــون خفيفــا عــلى المعــدة، ويمكــن إضافــة الســمن والعســل إليــه بكميــات قليلــة « .

تشجيع حكومي

يبــين العنينــي أن القيــادة الســعودية بــدأت ومنــذ ســنوات مبكــرة مــن تأســيس المملكــة بالاهتمــا­م بالزراعــة، ويقــول »بــدأ الاهتمــام الرســمي للقيـادة الرشـيدة بالزراعـة في عـام 1346 للهجـرة، حيث كانـت الزراعـة مصـدرًا مهمًـا للحيـاة والثـروة والاقتصاد، وتـم ذلـك بمصادقـة الملـك المؤسـس عبدالعزيـز آل سـعود يرحمـه اللـه عـلى قـرار مجلـس الشـورى بإعفـاء جميـع المعـدات الزراعيـة مـن الرسـوم الجمركيـة، إضافـة إلى دعـم وتنميـة الحركـة الزراعيـة في البـلاد باسـتيراد بعــض الآلات والمعــدات الزراعيــة في عــام 1351 للهجـرة لتوزيعهـا عـلى المزارعـين بأسـعار

مخفضــة وميــسرة الدفــع.«

متابعة النجوم

يشـير محمـد الجهنـي، أحـد كبـار السـن، إلى أن زراعـة القمـح في محافظتــي العيــص وأملــج اعتمــدت دائمًــا عــلى ميــاه الأمطــار، حيــث يعــد جريــان الأوديــة والشــعاب عنــصرًا أساســيًا في زراعــة القمــح لأنــه يضمــن نمــو المحاصيــل وزيــادة الإنتــاج. وأوضــح »يمتلــك مزارعــو المحافظتــ­ين خــبرة كافيــة في متابعــة النجــوم، ومــن بينهــا طلــوع نجــم ســهيل، أو نجــم الســبع في الســماء، وهمــا مــؤشران يعــرف بهمــا قــرب هطــول الأمطــار الموســمية ســنويًا.« وأشـار إلى اختـلاف طريقـة الزراعـة حاليـا عنهـا قديمــاً سـواء في الحـرث أو الحصـاد أو حتـى التخزيـن، وأوضـح »في السـابق، ونظرًا لقلــة الإمكانيــ­ات وعــدم وجــود الآلات الحديثــة كانــت الزراعــة تقــوم عــلى الإبــل مــن حيــث حــرث الأرض.« وأضـاف »عنـد قـرب الحصـاد يذهـب الجميـع سـيرًا عـلى الأقـدام أو عــلى ظهــور الجمــال، ويبقــون بالقــرب مــن مزارعهــم عــدة أســابيع حيــث يحصــدون قمحهــم بأيديهــم أو بوســائل بدائيــة جــدًا، وبعــد الحصــاد يقومــون بتوزيــع الحصــاد بالتســاوي بينهــم، أمــا اليــوم فاختلفــت الأمــور، وصــار الاعتمــاد أكثــر عــلى الآلات الحديثــة التــي وفــرت الوقــت والجهــد.«

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia