نَوع من الميثولوجيا الإغريقيّة
الشرق الأوسط بين المستحيلين الأمريكيّ الإسرائيليّ
مــن ســنوات أصَــدرت مجلّــة »لونوفيــل أوبسرفاتــور« الفرنســيّة، في سلســلة » Hors série « عــددًا خاصٍّــا بعنــوان ( »الأمريكيّــونLES) AMERICAINS(«. شـارَكَ فيـه عـددٌ مـن الأسـماء الأمريكيّـة البـارزة، حـوارًا أو آراءً، في سـائر مناحـي الحيـاة فيفي الولايـات المتّحـدة لينتهـي القـارئُ إلى هـذا السـؤال: هـل الكائـن الأمريكـي، كنتـاجٍ للتفاعُـلات السوسـيولوجيّة، إثنيٍّـا، وفلسـفيٍّا، وإيديولوجيٍّـا، وحتـىوحتّـى جينيٍّـا، بـين كلّ تلــك الأنــواع، يشــبه أيّ كائــنٍ بــشريٍّ آخــر إذا مــا أخَذنــا بالاعتبــار مــا دعاهــا بــول كروغمــان (نوبــل في الاقتصــاد - 2008( »الأهــوالَ التكنولوجيّــة التــي صَنَعْنَاهــا بأيدينــا«؟ البيوريتانز
هـذا الكائـن المُركَّـب سرياليٍّـا، في مُجتمـعٍ مُركَّـبٍ سرياليٍّـا أيضًـا، والـذي يَختـزِل أو يَختـزِن كلّ ثقافـات الدنيـا، وكلّ ترتر الترسّـباتالتاريخيّـة، موجـود في كلّ مـكان، إن بالأسـاطيل، أو بالأطبـاق، أو باللّبـاس، ناهيـك بالشـبكة العنكبوتيّـة التـي أحَدثـت زلـزالًا في الإيقـاع الكلاسـيكي إن للعلاقـات بـين الأمـمالأمُـم (والمُجتمعـات) أو في مَسـار الأزمنـة. وكان عالِـم الاجتمـاع الفرنـسي بيـار بورديـو قـد رأى في الرقصـات الأمريكيـة المُسـتحدَثة، ولاسـيّما »الـروك أنـد رول«، انعكاسًـا لنقطـةِ التقاطُـععِِ بـين أسـئلةِ الجسـد وأسـئلةِ الـروح (الأسـئلة الماورائيّـة)، بالرغـم مـن أنّ جذورهـا تعـود إلى قبائـل بدائيّـة لـم تتمكّـن مـن بلـورةِبلْـورةِ أيّيِ أسـئلة »في حـضرة الحيـاة كمـا في حـضرة الغَيـب«، لتَغـدوَ، في تشـكيلها الصاخـب، نَوعًـا مـن العصيـان السـايكولوجي عـلى الحضـارة الحديثـة التـي تقودهـا الولايـات المتّحـدة والتـي تُحـاول تقويـضَ الإنسـان داخـل الإنسـان. لكــنّ مــا يُستشَــفّ مــن بعــض الآراء التــي نَشَرتهــا المجلّــةُ أنّ كلَّ شيء في أمريــكا بَــدأ، هيســتيريٍّا، بالألــدورادو، أي الطريــق إلى الذهــب الــذي توجَّــس بنيامــين فرنكلــين مــن أن يكــونَ الطريــق إلى الجحيــم، تــاركًا لويــل ديورانــت صاحــب »قصّــة الحضــارات«، أن يُلاحِــظ يِي كيــفأنّ الولايــات المتّحــدة، كظاهــرة إمبراطوريّــة فــذّة، تَختلــف عــن أيّ ظاهــرة إمبراطوريّــة أخــرى. وبالرّغــم مــن ذلــك، وكوريثــةٍ للإمبراطوريّــات الأوروبيّــة، لــم تتمكَّــن مــن صَـوْغِ مفهـومٍ خـاصّ لقيـادة العالَـم، ليبقـى ماثِـلًا في الوعـي، وفي اللّاوعـي، ظِـلُّ ذلـك الكاوبـوي الـذي كان يَشـعر، وهـو عـلى صهـوة حصانـه، بـأنّ مِهنتــه هــي تدجــين المســتحيل. كلّ تلــك المعجــزات التكنولوجيّــة، وإلى حــدّ التخطيــط لفَتْــحِ مطاعــم ماكدونالــدز عــلى ســطح المرّيــخ، كمــا قــال الرئيــس التنفيــذي للسلســلة كريــس كيمكزينســكي، وقــد بلــغ بــه الخيــال حــدّ القــول إنّــه واثــقٌ مــن أنّ »الكائنــات الفضائيّــة ستعشــقستَعشــق أطباقَنـا«، لـن تَحمـي الإمبراطوريّـة »التـي لا بـدّ أنّ التاريـخ الـذي يتقمّـص، في أحيـانٍ كثـيرة، الشـيطان، يَنتظرهـا عنــد مفــترقٍ مــا« تبعًــا لــرأي نعّــوم تشومســكي. تشومسـكي، اليهـوديّ، أبـدى خشـيته مـن أن »نتبنّـى النظـرة التوراتيّـة إلى الآخـر، وحيـث اليهـودي ليـس فَـوق العالَــم فقــط، وإنّمــا أيضًــا فــوق التاريــخ«. براغماتيّــة اليهــودي الآخــر إســحق دويتــشر، مؤلِّــف »اليهــودي واللّايهـودي«، جَعَلَتْـهُ أقـرب إلى المُقارَبـة البراغماتيّـة لــ »العبقريّـة اليهوديّـة«. في رأيـه أنّ ذلـك يعـود إلى كَـون اليهـودي يعيـش عـلى تخـوم حضـارةٍ مـا وفي قلبهـا (نـوع مـن الشـيزوفرانيا الخلّاقـة). وإذا كان الأمريكيّـون قد تأثَّـروا بالطهرانيّـين (البيوريتانـز)، في تمثُّلهـم الطقـوسي »العهـد القديـم«، فهُـم يعيشـون، أيضًـا، الشـيزوفرانيا وإنْ بتفاصيـل مُختلفـة: الأميركـي فـوق العالَـم وداخـل هـذا العالَـم.