Asharq Al-Awsat Saudi Edition

»ﻛﻞ اﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺻﺎرت واﻗﻌﺎ«

-

ﻋﺎم ٤٧٩١ ﻛﺎﻧﺖ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺗﻨﺘﺨﺐ رﺋﻴﺴﺎ ﻟﻬﺎ. واﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺼﺐ ﺷﺮﻓﻲ، رﻣﺰي، ﻻ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﻪ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻗﺎل ﻏﺴﺎن ﺗﻮﻳﻨﻲ وﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻌﻮدة ﻣﻦ ﻧﻴﻮﻳﻮرك: »ﻋﺮج ﻋﻠﻰ ﺑﻮن، ﻓﺎﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﺻﺪﻳﻘﻨﺎ وﺻﺪﻳﻖ ﻟﺒﻨﺎن«. ﻓﻲ ﺑـﻮن اﻛﺘﺸﻔﺖ أن ﻣﺴﺘﺸﺎر اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻫﻮ اﳌﻠﺤﻖ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻓﻲ ﺳﻔﺎرة أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت، اﻟﻬﺮ ﺑﺎش ﻓﻮن ﻫﻠﺒﻞ. وﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺎﻟﺘﺮ ﺷﻴﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﻌﺮف »اﻟﻨﻬﺎر«. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻗﺒﻞ أﺷﻬﺮ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﺮوت ﻛﻮزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺔ. ﺗﻤﺖ اﳌﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ، ﺧﺼﻮﺻﺎ أﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ أن ﻳﻘﻮل ﺷﻴﺌﺎ ﺳﻮى اﻟﺘﻤﻨﻴﺎت واﻵﻣﺎل. وﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻘﻮﻟﻪ ﻛﻮزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﺴﻤﻮﺣﺎ ﻟﻪ ﺑﺄن ﻳﺮدده اﻵن. ﻟﻜﻦ ﺑﺪل اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ »ﺳﺒﻖ« ﺗﺘﻨﺎﻗﻠﻪ وﻛﺎﻻت اﻷﻧﺒﺎء، ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﺟﻤﻞ ﺑﻜﺜﻴﺮ. ﻫﺪﻳﺔ ﻣﻮﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﳌﺎﻧﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ، ﻫﻲ أﺳﻄﻮاﻧﺔ ﺗﺤﻤﻞ اﻷﻏﻨﻴﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻠﻘﻬﺎ ﺣﺪﻳﺜﺎ، ﻣﻦ أﺟﻞ أﻃﻔﺎل أﳌﺎﻧﻴﺎ. ﻗﺪﻣﺖ اﻟﻬﺪﻳﺔ ﻟﻐﺴﺎن ﺗﻮﻳﻨﻲ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﺣـﻖ ﻣﻨﻲ ﺑﻬﺎ. ﻧﺰﻟﺖ ﻓﻲ »ﻓﻨﺪق اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ« ﻓﻲ ﺑـﻮن. وﻛـﺎن ﻳﻔﺘﺮض أن أﻣﻀﻲ ﻳﻮﻣﲔ أو ﺛﻼﺛﺔ. ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺑﻮن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﻲ إﺣﺪى أﺣﺐ اﳌﻔﺎﺟﺂت. ﻓﻔﻲ ﻏــﺪاء أﻗﺎﻣﻪ ﺳﻔﻴﺮ ﻟﺒﻨﺎن، ﻛـﺴـﺮوان ﻟﺒﻜﻲ، اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﻜﺒﻴﺮ اﻟــﺬي ﻛﺴﺒﺘﻪ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴ­ﺔ، ﻓﻮﺟﺌﺖ ﺑﻮﺟﻮد ﺷﻴﺦ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴ­ﺔ اﻟﻌﺮﺑﻲ، وﺷﻴﺦ اﻷﺻﺪﻗﺎء، ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺤﺠﻴﻼن. وﺑﻌﺪﻫﺎ أﺻﺒﺢ ﻫﺬا اﻟﻜﻨﺰ ﻣﻦ اﻟﺮﻓﻌﺔ واﳌﻮدة ﻳﻤﺮ ﺑﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺎء ﻟﻨﺘﻨﺎول اﻟﻌﺸﺎء ﻓﻲ ﺿﻮاﺣﻲ ﺑﻮن اﳌﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮر واﻟﺤﺪاﺋﻖ واﻟﻐﺎﺑﺎت واﻟﺘﺎرﻳﺦ وأﻟﻮان ﻧﻬﺮ اﻟﺮاﻳﻦ، ﺑﲔ اﻧﺴﻴﺎب وآﺧﺮ، ﺿﻔﺔ وأﺧﺮى.

ﺗﻠﻚ ﻛﺎﻧﺖ أول ﻣﺮة أﺷﺎﻫﺪ ﻓﻴﻬﺎ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻧﻮاﻓﺬ اﻟﻘﻄﺎرات، وأﺗـﻌـﺮف إﻟـﻰ ﻣﺮاﺑﻊ اﻟﺠﻤﺎل ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﻟﻢ ﻳﺸﺘﻬﺮ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﻮة، ﻫـﺎزﻣـﺎ أو ﻣﻬﺰوﻣﺎ، ﻣﺤﺘﻼ أو ﻣﺤﺘﻼ. ﻻ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺎت. ﻃﺒﻌﺎ ﻛﺎن اﻷرﻗﻰ واﻷﻋﺮق ﻓﻲ ﻛﻞ ذﻟﻚ، اﻟﺴﻔﻴﺮ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺤﺠﻴﻼن، اﻟـﺬي أﺳﺲ ﻣﺪرﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴ­ﺔ وﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﻤﻞ رﺳﻤﻲ ﺗﻘﻠﺪه. وﻗﺪ رﻣﻰ ﺳﺤﺮه ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻃﻮال ٣٢ ﻋﺎﻣﺎ، ﻳﺘﻐﻴﺮ رؤﺳﺎؤﻫﺎ، وﻛﻞ رﺋﻴﺲ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎض إﺑﻘﺎء اﻟﺴﻔﻴﺮ. وﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺮة ﻛﺎن ﺳﻔﻴﺮ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﺣﺪﻫﺎ. وﺑﺼﻔﺘﻪ ﻋﻤﻴﺪا ﻟﻠﺴﻠﻚ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺷﻌﺮ ﻛﻞ ﺳﻔﻴﺮ ﻋﺮﺑﻲ آﺧﺮ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﺮاﻗﻲ اﻟﻌﺮﻳﻖ ﻳﻤﺜﻠﻪ أﻳﻀﺎ.

ﺳﻤﻴﺖ ﺑــﻮن ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻳﻈﻞ اﻟـﺒـﺎب ﻣﻔﺘﻮﺣﺎ أﻣــﺎم ﻋــﻮدة اﻟﻮﺣﺪة اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ وﻋﻮدة ﺑﺮﻟﲔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻷﳌﺎﻧﻴﺎ »اﻟﺘﻲ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﻴﻊ«. وﺑﺪا ذﻟﻚ ﻣﻀﺤﻜﺎ وروﻣﺎﻧﺴﻴﺎ. ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺘﻮﺣﺪ أﳌﺎﻧﻴﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺤﻨﺘﻲ اﻟﺤﺮب اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ؟ ﻟﻦ ﻳﺮﻓﺾ ذﻟﻚ أﻋﺪاؤﻫﺎ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎت ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ أﺻﺪﻗﺎؤﻫﺎ اﻟﺠﺪد أﻳﻀﺎ ﻣﻦ أﻣﻴﺮﻛﺎ وﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ. »ﻻ ﺗﻘﻞ أﺑﺪا أﺑﺪا« ﺗﻘﻮل اﻷﻏﻨﻴﺔ. ﻋﺎم ٩٨٩١ ﺳﻘﻂ ﺟﺪار ﺑﺮﻟﲔ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺴﻘﻂ، وﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﻌﺎم ﻋﺎدت ﺑﺮﻟﲔ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﺣﺪ، وﻋﺎدت ﺑــﻮن ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺻﻐﻴﺮة )٠٥٣ أﻟــﻒ ﻧﺴﻤﺔ( ﻋﻠﻰ اﻟــﺮاﻳــﻦ، ﺗﺘﺬﻛﺮ ﻳــﻮم ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻣﺆﻗﺘﺔ، ﻳﻬﺪﻫﺪﻫﺎ اﻟﺮاﻳﻦ ﻛﻞ ﻣﺴﺎء ﺣﺘﻰ ﺗﻨﻌﺲ وﺗﻐﻔﻮ. وذات ﺻﺒﺎح أﻓﺎﻗﺖ ﻣﻦ اﻟﻨﻮم ﻟﺘﻔﺎﺟﺄ ﺑﺄن »اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﻰ«، ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﻓﻮﻛﻮﻳﺎﻣﺎ، ﻣﺘﺴﺮﻋﺎ. إﻟﻰ اﻟﻠﻘﺎء..

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia