ﻟﻠﻔﻦ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ }أﺳﺒﻮع ﻟﻨﺪن{ اﻟﺤﺎﻓﻞ
»ﺑﲑﺑﺮي« ﺗﺴﺘﻨﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﺤﺎت ﻫﻨﺮي ﻣﻮر ﰲ ﺛﺎﻧﻲ ﺗﺸﻜﻴﻠﺔ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻓﻴﻬﺎ »اﻟﻌﺮض اﻟﻴﻮم واﻟﺒﻴﻊ ﻏﺪا«
< »ﺑﻴﺮﺑﺮي« ﻗﺪﻣﺖ ﻣﺴﺎء ﻳﻮم اﻻﺛﻨﲔ اﳌﺎﺿﻲ، ﻋﺮﺿﺎ وﻣﻌﺮﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗــﻪ. ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻟﺨﺮﻳﻒ وﺷﺘﺎء ٧١٠٢ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﻣﻌﺮض ﻣﺼﻐﺮ ﻟﻠﻨﺤﺎت اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻫﻨﺮي ﻣﻮر، اﺣﺘﻀﻦ ﻧﺤﻮ ٠٤ ﻋﻤﻼ ﻣــﻦ أﻋـﻤـﺎﻟـﻪ، ﻣــﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻨﺤﻮﺗﺘﻪ اﻟﺸﻬﻴﺮة »اﻷم وﻃﻔﻠﻬﺎ«.
ورﻏـــﻢ أن اﳌـﺼـﻤـﻢ ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ ﺑﺎﻳﻠﻲ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﻳﻮﻣﺎ ﺷﻐﻔﻪ ﺑﺎﻟﻔﻦ واﻷدب، ﺣﻴﺚ ﺳﺒﻖ ﻟﻪ أن اﺳﺘﻮﺣﻰ ﻣﻦ أدﺑــﺎء »ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﻠﻮﻣﺰﺑﻮري« ﻛﻤﺎ ﻣﻦ اﻟﺮﺳﺎم دﻳﻔﻴﺪ ﻫﻮﻛﻨﻲ، ﻓﺈن اﺧــﺘــﻴــﺎره ﻟـﻠـﻔـﻨـﺎن ﻫــﻨــﺮي ﻣـــﻮر ﻛـﺎن ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺎ. واﻟــﺴــﺒــﺐ أن ﻣﻨﺤﻮﺗﺎﺗﻪ ﺗﺸﻲ ﺑﻨﻈﺮة ﻏﻴﺮ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﺠﻤﺎل اﻟﺠﺴﺪ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻳﻠﻐﻲ ﻣﻌﺎﳌﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﳌﻮﺿﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ. ﻟـﻜـﻦ ﻟـﺤـﺴـﻦ اﻟــﺤــﻆ أن ﻛﺮﻳﺴﺘﻮﻓﺮ ﺑﺎﻳﻠﻲ ﺑﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﺪرة ﻋﺠﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺠﻤﺎل ﻟﺪى اﻟﻔﻨﺎن ﺑﻄﺮﻳﻘﺘﻪ وأدواﺗـﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﺮاﻋﻴﺎ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎت اﻟــﺴــﻮق. ﺻﻴﺎﻏﺔ أﻋﻄﺖ اﻹﺣــﺴــﺎس ﺑـــﺄن ﻣـﻨـﺤـﻮﺗـﺎت ﻫﻨﺮي ﻣــــﻮر ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣــﺠــﺮد ﺧــﻠــﻔــﻴــﺔ ﺗـﺴـﻨـﺪ أﺷــــﻜــــﺎﻻ ﻫــﻨــﺪﺳــﻴــﺔ ﻇـــﻬـــﺮت ﺑـﺸـﻜـﻞ ﺣﺮﻓﻲ ﻓﻲ ﻛﻌﻮب اﻷﺣﺬﻳﺔ اﻟﻨﺴﺎﺋﻴﺔ، وﺑــﺸــﻜــﻞ ﻣــﺠــﺎزي ﻓــﻲ أزﻳـــــﺎء ﺗﻠﻌﺐ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎرﻳﺲ اﻟﺠﺴﻢ، ﻓﺘﻌﺎﻧﻘﻬﺎ ﺣـــﻴـــﻨـــﺎ وﺗـــﻀـــﺨـــﻤـــﻬـــﺎ ﺣـــﻴـــﻨـــﺎ آﺧــــﺮ. ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻌﺮض ﺗﻮﺿﺤﺖ ﻟﻐﺔ اﻟﺤﻮار ﺑﲔ اﳌﺼﻤﻢ واﻟﻨﺤﺎت أﻛﺜﺮ ﻋﺒﺮ ﺗﺼﺎﻣﻴﻢ ﻏﻄﺖ اﻟﺠﺴﻢ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ وﻣﻨﺤﺘﻪ ﺗـﻀـﺎرﻳـﺲ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻤﺎ ﻫـــــﻮ ﻣـــــﺄﻟـــــﻮف ﻣـــــﻦ دون أن ﺗــﻜــﻮن ﺻـــﺎدﻣـــﺔ. ﻓــﻬــﻲ إﻣــــﺎ ﻏــﻴــﺮ ﻣــﺘــﻮازﻧــﺔ ﻓــــﻲ ﺧــﻄــﻮﻃــﻬــﺎ وأﻃــــﻮاﻟــــﻬــــﺎ، وإﻣــــﺎ ﺿﺨﻤﺔ ﺑﺄﺣﺠﺎﻣﻬﺎ ﻏﻴﺮ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أو ﺑﺎﻧﺤﻨﺎءاﺗﻬﺎ واﻧـﺤـﺪاراﺗـﻬـﺎ ﻋﻦ اﻷﻛــﺘــﺎف أو اﻟــﺨــﺼــﺮ، أو أﻛﻤﺎﻣﻬﺎ اﳌــﻨــﻔــﻮﺧــﺔ واﻟــﻄــﻮﻳــﻠــﺔ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻏﻴﺮ ﻋـــﺎدي. اﻟـﺼـﻮف أﻳـﻀـﺎ أﺧــﺬ ﺳﻤﻜﺎ أﻛــﺒــﺮ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓـﻘـﺪ اﳌـﻌـﻄـﻒ اﻟــﻮاﻗــﻲ ﻣـــﻦ اﳌـــﻄـــﺮ ﻧــﻌــﻮﻣــﺘــﻪ واﻛــﺘــﺴــﺐ ﻓـﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ﻗﻮة ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﺠﻴﻮب وﻓﻲ اﻷﺣﺰﻣﺔ اﻟﻌﺮﻳﻀﺔ. اﻟﻼﻓﺖ أﻳﻀﺎ أن اﳌﻌﻄﻒ اﳌﻤﻄﺮ، أو »ﺗﺮاﻧﺶ« اﻟﺬي ﻳـﻌـﻮد إﻟـﻴـﻪ اﳌـﺼـﻤـﻢ ﻓــﻲ ﻛــﻞ ﻣﻮﺳﻢ ﻟﻴﻌﻴﺪ ﺻـﻴـﺎﻏـﺘـﻪ، ﺗــﺮاﺟــﻊ ﻋــﻦ دور اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ »ﻛـﺎﺑـﺎت« ﻣﺒﺘﻜﺮة ﻻ ﺷﻚ أﻧﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮن اﻟﺪﺟﺎﺟﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺒﻴﺾ ذﻫﺒﺎ ﻟﻠﺪار اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، إﻟـــــﻰ ﺟـــﺎﻧـــﺐ اﻟـــﻘـــﻤـــﺼـــﺎن اﻟــﻘــﻄــﻨــﻴــﺔ اﳌـﻄـﻌـﻤـﺔ ﺑـﺎﻟـﺪاﻧـﺘـﻴـﻞ أو اﳌــﺰﻳــﻨــﺔ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻳﺎﻗﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ أو ﻛﺸﺎﻛﺶ ﻋـﻠـﻰ اﻷﻛــﺘــﺎف، ﻣــﻦ دون أن ﻧﻨﺴﻰ اﻟﺒﻨﻄﻠﻮﻧﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺨﺼﺮ ﺑﺜﻨﻴﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺮﺟﻞ.
وﻣــــﻊ ذﻟــــﻚ ﻧـــﻌـــﻮد ﻟــﻠــﻘــﻮل: إن ﻣـــﺎ ﻳــﺤــﺴــﺐ ﻟــﻜــﺮﻳــﺴــﺘــﻮﻓــﺮ ﺑـﺎﻳـﻠـﻲ ﻋــــﺪم ﺗـــﺄﺛـــﺮه ﺑــﻨــﻈــﺮة ﻫـــﻨـــﺮي ﻣــﻮر ﻟـﻠـﺠـﺴـﺪ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻛــﺒــﻴــﺮ، وﺣــﻔــﺎﻇــﻪ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺴـﺘـﻮى ﻣـﻌـﲔ ﻣــﻦ اﻟﺠﻤﺎل اﻟﺬي ﺗﻌﻮدت ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻌﲔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﻄﻊ اﳌﻨﻔﺼﻠﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا. ﻓﻔﻲ اﻹﻃﻼﻟﺔ اﻟﻮاﺣﺪة أﺣﻴﺎﻧﺎ ﻗﺪم ﻧﺤﻮ ﺧﻤﺲ ﻗﻄﻊ ﺗﺘﺒﺎﻳﻦ أﻃﻮاﻟﻬﺎ ﻟـــﺘـــﺘـــﺮك اﳌـــــﺠـــــﺎل ﻟـــﻈـــﻬـــﻮر أﺧـــــﺮى ﻣــﻦ ﺗـﺤـﺘـﻬـﺎ. ﻓــﺄﺳــﻠــﻮب اﻟـﻄـﺒـﻘـﺎت اﳌﺘﻌﺪدة ﻫﺬا، اﻋﺘﻤﺪه اﳌﺼﻤﻢ ﻓﻲ اﳌﻮﺳﻢ اﳌﺎﺿﻲ وﺗﺮك ﺻﺪى ﻃﻴﺒﺎ، ﻷﻧـﻪ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻣﻮﺳﻤﻲ اﻟﺨﺮﻳﻒ واﻟﺸﺘﺎء ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﺰﺑـﻮن ﻳﺴﺎﻓﺮ ﺑﲔ اﻟﻘﺎرات وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﻳﻌﺮف أي ﻃـﻘـﺲ ﺳـﻴـﻮاﺟـﻬـﻪ ﻋـﻨـﺪ وﺻــﻮﻟــﻪ. ﻛــﻤــﺎ أﻧــــﻪ أﺳـــﻠـــﻮب ﻳـــﺮاﻋـــﻲ ﻗــﻮاﻋــﺪ اﳌـــﻮﺿـــﺔ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺪة، أو ﺑــﺎﻷﺣــﺮى اﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻴــﺔ »اﻟـــــﻌـــــﺮض اﻟـــﻴـــﻮم واﻟﺒﻴﻊ ﻏــﺪا« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻨﺎﻫﺎ اﻟـﺪار ﻣﻨﺬ اﳌﻮﺳﻢ اﳌﺎﺿﻲ.
إذا ﻛــﺎن ﻫـﻨـﺎك ﺗـﺴـﺎؤل ﺣﻮل اﻟـــﻌـــﺮض، ﻓــﻬــﻮ ﻟــﻴــﺲ ﻋـــﻦ ﺟـﻤـﺎل اﻷزﻳﺎء، اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺮﻓﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﻀﺎﻫﻴﻬﺎ ﺳــﻮى ﻓﻨﻴﺔ اﻟــﺘــﺼــﺎﻣــﻴـــﻢ وﺟــــــــﺮأة اﻻﺑـــﺘـــﻜـــﺎر، ﺑـــﻞ ﻋـــﻦ ﻣــﻌــﺮض ﻳــﻀــﻢ ٠٤ ﻋﻤﻼ ﻟـــﻨـــﺤـــﺎت ﺷــﻬــﻴــﺮ وﺟـــــﺪواﻫـــــﺎ ﻓـﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ. ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺴﺆال ﻣﻠﺤﺎ أﻛﺜﺮ، أن اﻟﺪار أول ﻣﻦ ﻋﺎﻧﻖ ﻋﺎﻟﻢ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ووﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟـــﺘـــﻤـــﺎﻋـــﻲ، ﺑــﻴــﻨــﻤــﺎ اﳌـــﻌـــﺮض ﻳﺄﺧﺬﻧﺎ إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻨﺎﻗﺾ ﺗﻤﺎﻣﺎ.
اﻟــﺠــﻮاب اﻟـــﺬي ﻳﻘﻔﺰ إﻟــﻰ اﻟـﺬﻫـﻦ ﻫﻮ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ أﺳﺲ اﻟﺪار راﺳﺨﺔ ﻓﻲ اﻷرض وﻣﺘﺮﺳﺨﺔ ﻓــــﻲ إرﺛــــﻬــــﺎ اﻟـــﻌـــﺮﻳـــﻖ وﻓــﻨــﻴــﺘــﻬــﺎ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻷدوات واﻟﻠﻐﺔ. ﻛـﻤـﺎ ﻗــﺪ ﻳــﻜــﻮن ﺑـﻜـﻞ ﺑـﺴـﺎﻃـﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﺤﻮار ﺑﲔ اﳌﻠﻤﻮس واﻷﺣﻼم، أو ﺑﲔ اﳌﺎﺿﻲ واﳌﺴﺘﻘﺒﻞ، إذا أﺧﺬﻧﺎ ﺑﻌﲔ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن ﻫﻨﺮي ﻣـﻮر وﻟﺪ ﻓﻲ ﻛﺎﺳﻠﻔﻮرد ﺑﻴﻮرﻛﺸﺎﻳﺮ، اﳌﻜﺎن ﻧﻔﺴﻪ اﻟـــﺬي ﺑـــﺪأت دار »ﺑـﻴـﺮﺑـﺮي« ﺗـﺼـﻨـﻊ ﻓـﻴـﻪ ﻣﻌﺎﻃﻔﻬﺎ اﻷﻳـﻘـﻮﻧـﻴـﺔ و»ﻛﺎﺑﺎﺗﻬﺎ« ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻗـﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ.