أﻣﻴﺮﻛﺎ: اﻟﺴﻮق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة!

إﻟﻰ أﻳﻦ ﻳﺘﺠﻪ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﺣﻘﺒﺔ رﺋﺎﺳﺔ ﺟﺪﻳﺪة؟ ﻫﺬا ﺳﺆال ﻣﻬﻢ، وﻃﺮﺣﻪ ﻣﻄﻠﻮب، واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ اﳌﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺴﺆال ﺳﻴﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ ﻗﺮاء ة ﺣﺮاك اﻟﺮﻳﺎح واﺗﺠﺎه اﻟﺒﻮﺻﻠﺔ.

ﺑﺤﺴﺐ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ دوﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﺳﻴﻨﺼﺐ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﺪاﺧﻠﻲ، وﺗﺤﺪﻳﺪﴽ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﺘﻲ أﺻﺎﺑﻬﺎ اﻻﻫﺘﺮاء واﻟﺘﻠﻒ واﻟـﺘـﺼـﺪع. وﻟــﺪى اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﺟﺪﴽ ﺑـــﺄن ﻣــﺸــﺮوﻋــﴼ وﻃـﻨـﻴـﴼ ﻋـﻤـﻼﻗـﴼ ﻹﺣــﻴــﺎء اﻟـﺒـﻨـﻴـﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﺳﻴﻜﻮن ﻗﺎدرﴽ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﻣﺌﺎت اﳌﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟﺪوﻻرات ﻧﺤﻮ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ، ﻣﺘﻴﺤﴼ ﻟﻠﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻋﻮاﺋﺪ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﻓﺮﺻﴼ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺘﻮﻇﻴﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﲔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ.

وﻳـﺴـﺘـﻠـﻬـﻢ دوﻧـــﺎﻟـــﺪ ﺗــﺮﻣــﺐ ﻫـــﺬه اﻟــﻔــﻜــﺮة ﻣــﻦ رﺋـﻴـﺲ أﻣﻴﺮﻛﻲ آﺧﺮ ﻫﻮ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﺮاﻧﻜﻠﲔ روزﻓﻠﺖ اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺪه ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻤﺎ ﺑﺎت ﻳﻌﺮف ﻻﺣﻘﴼ ﺑﺎﻟﻜﺴﺎد اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدي اﻷﻋـﻈـﻢ، ﻓـﻮﺟـﻪ ﻛـﻞ اﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻧﺤﻮ اﻟـﺪاﺧـﻞ، وأﻃـﻠـﻖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣـﺸـﺮوﻋـﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻟﺘﺸﻐﻴﻞ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ، وﺿــﺦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ، وﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﻴﺠﺘﻬﺎ اﻟـﺨـﺮوج ﻣﻦ ﻋﻨﻖ اﻟﺰﺟﺎﺟﺔ ﺑﻨﺠﺎح وﺟﺪارة.

ﻫــــﺬا اﻟـــﺘـــﻮﺟـــﻪ وﻫـــــﺬا اﻟــــﻘــــﺮار ﺳــﻴــﺠــﻌــﻞ ﻣـــﻦ اﻟــﺴــﻮق اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﻨﺼﺮ ﺟﺬب ﻫﺎﺋﻞ ﻟﻸﻣﻮال اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻦ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻬﻲ ﺳﺘﻜﻮن »ﻣﻨﺎﻓﺴﴼ« ﻟﻸﺳﻮاق اﻷﺧﺮى، وﺗﻌﺪ ﺑﻌﻮاﺋﺪ ﻛﺒﻴﺮة ﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺘﻮﻓﺮة إﻻ ﻓـﻲ اﻷﺳــﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ، إﻻ أن أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪ أن ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻴﺰة ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ وإﻏﺮاء ﻣﻦ ﻫﺬه اﻷﺳﻮاق ﻛﻠﻬﺎ، وﻫﺬه اﳌﻴﺰة ﻫﻲ ﻗﺪرة أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﻔﻴﻒ اﳌﺨﺎﻃﺮة ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻈﺮﴽ ﻟﻠﻤﻼءة اﳌﺎﻟﻴﺔ ﻟﻬﺎ، اﳌﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ أﺻﻮﻟﻬﺎ اﻟﻜﺒﻴﺮة، ﻓﻬﻲ ﺳﺘﻘﺪم ﻓـﺮﺻـﺔ ذﻫﺒﻴﺔ ﻟﻜﻞ اﳌـﺆﺳـﺴـﺎت اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى واﻷﻓـــﺮاد اﻟﺮاﻏﺒﲔ ﻓﻲ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻴﻬﺎ وﺧﻴﺎرﴽ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﴼ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺪات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺷﺒﻪ ﻣﻌﺪوﻣﺔ، وﻋﻮاﺋﺪ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺗﺬﻛﺮ. وﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﻳﻌﻨﻲ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر أن أﻣﻴﺮﻛﺎ، ﺑﻤﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ اﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ، ﺳﺘﺴﻌﻰ إﻟـﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻻﻋﺒﴼ أﺳﺎﺳﻴﴼ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﳌﺎﻟﻴﺔ، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳌﺮة ﻛﻌﻨﺼﺮ ﺟﺎذب إﻟﻴﻬﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ وﺳﻴﻂ ﻷﺳﻮاق أﺧﺮى، وﻫﺬا ﺗﻐﻴﺮ ﻋﻈﻴﻢ وﻣﻬﻢ وﺳﺘﻜﻮن ﻟﻪ أﺑﻌﺎد ﻣﻬﻤﺔ وﻻﻓﺘﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﳌﻲ واﻟـــﻘـــﺪرة اﻟـﺘـﻨـﺎﻓـﺴـﻴـﺔ ﻟـــﻸﺳـــﻮاق اﻟــﻨــﺎﺷــﺌــﺔ، وﻫـــﻲ ﺗـﺪﺧـﻞ »ﻋﻤﻠﻴﴼ« ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﻣﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻛﺒﺮ ﻋﺎﳌﻴﴼ.

وﺳﻴﻜﻮن ﻟﻠﺸﺮﻛﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﳌــــﻘــــﺎوﻻت واﳌــــﻌــــﺪات اﻟــﺜــﻘــﻴــﻠــﺔ واﻟــﻬــﻨــﺪﺳــﺔ واﻟـﺘـﺼـﻤـﻴـﻢ واﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻧﺼﻴﺐ اﻷﺳــﺪ ﻣـﻦ اﳌـﺸـﺎرﻳـﻊ اﳌﺘﻮﻗﻌﺔ، وﻫﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻊ »ﺳﺘﻌﺒﺊ« ﻗـﺪراﺗـﻬـﺎ وﻃﺎﻗﺘﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﻤﺎ ﺳﻴﻨﻌﻜﺲ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ اﻟﺴﻮﻗﻴﺔ وﺳﻌﺮ اﻷﺳـــﻬـــﻢ اﳌـــﻌـــﺮوﺿـــﺔ. وﻳــﺴــﻴــﺮ ﻫــــﺬا اﻟـــﺘـــﻮﺟـــﻪ ﻣـــﻊ اﻟــﺨــﻂ اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻲ اﻵﺧﺮ اﻟﺬي اﺗﺨﺬﺗﻪ أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺮة، وﻫــﻮ ﺗﻜﺜﻴﻒ ﻗﺪرﺗﻬﺎ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻓـﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻨﻔﻂ اﻟﺼﺨﺮي واﻟﻐﺎز اﻟﺼﺨﺮي ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻜﺘﻔﻴﺔ ذاﺗﻴﴼ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻣﺼﺪرﴽ وﻣﻨﺎﻓﺴﴼ ﻋﺎﳌﻴﴼ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺔ ﻏﻴﺮ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻓـﻲ ﺳــﻮق اﻟﻨﻔﻂ واﻟــﻐــﺎز، وﻫــﻮ أﻳﻀﴼ ﺗﻐﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﻤﺮﻛﺰ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻓﻲ ﻫﺬا اﳌﺠﺎل اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ دوﻣﴼ ﻣﺎ ﺗﻜﺘﻔﻲ ﺑﺪور اﳌﺴﺘﻬﻠﻚ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻴﻪ.

ﻫﺬه اﻟﺘﻐﻴﺮات ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺛﺮ وﻻ ﺷﻚ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﺧﺼﻮﺻﴼ إذا ﻟﻢ ﻧﻐﻔﻞ دور اﻟـﺪوﻻر اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، وﻫﻮ أداة وﺳـﻼح اﻗﺘﺼﺎدي ﺧﻄﻴﺮ ﺗﻘﻮم أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺑﻀﺦ ﻛﻤﻴﺎت ﻣﻬﻮﻟﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ اﻷﺳــﻮاق ﻟﺠﻌﻠﻪ اﻟﺨﻴﺎر اﻷوﺣـﺪ واﻷﺳﻬﻞ واﻷﻫــﻢ واﻷﻛﺜﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮﴽ ﻓﻲ اﻷﺳــﻮاق اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺣــــﻮل اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ، ﺣــﺘــﻰ أﺻــﺒــﺢ ﻋــﻤــﻠــﺔ اﻟـــﺘـــﺒـــﺎدل اﻟــﺘــﺠــﺎري اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ اﻟﻴﻮم.

أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺳﺘﺘﺤﻮل إﻟﻰ اﻟﺪاﺧﻞ، وﺳﺘﺴﺤﺐ ﻣﻌﻬﺎ ﻗﻮة اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ؛ ﻓﻬﻲ اﻟﺴﻮق اﻷﻛﺒﺮ واﻷﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ، ﺧﺼﻮﺻﴼ وﻫﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﻄﺮح أﻛﺒﺮ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ آﻣــﻠــﺔ ﻓــﻲ ﺟـــﺬب اﺳــﺘــﺜــﻤــﺎرات ﻏـﻴـﺮ ﻣـﺴـﺒـﻮﻗـﺔ، واﻷوﻟــﻮﻳــﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﻟﻠﺸﺮﻛﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺑﺤﺴﺐ ﻣﺎ ﺗﻢ اﻟﺘﺼﺮﻳﺢ ﺑﻪ ﻣﻦ دوﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﺷﺨﺼﻴﴼ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ.

أﻣﻴﺮﻛﺎ ﺗﻨﺎﻓﺲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻨﺎدﻳﻖ ذات وﻋﻮد ﻣﻐﺮﻳﺔ. ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺠﺪﻳﺪ اﳌﻘﺒﻞ اﻟـﺬي ﻳﻨﺘﻈﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ. أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻫﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟـــﺠـــﺪﻳـــﺪة... ﻫــﻲ ﺳـــﻮق ﻧــﺎﺷــﺌــﺔ ﺑـﺤـﺠـﻢ ﻛـﻠـﻔـﺔ اﻷﺳــــﻮاق اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺔ.