ﺣﺪ اﻟﺴﻜﲔ... ذﻋﺮ ﻓﻲ ﻟﻨﺪن
ﻛﻴﻒ ﻧﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﺳــﺎدت ﻟﻨﺪن ﻳـﻮم اﻷرﺑـﻌـﺎء اﳌﺎﺿﻲ، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻓﻌﻞ ﻗــﺎم ﺑـﻪ رﺟــﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺧـﻤـﺴـﻴـﻨـﻲ ﻳــﺤــﻤــﻞ ﺳــﻜــﻴــﻨــﺎ؟ وﻣــــﺎذا ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻓﻲ إﻃﺎر ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻹرﻫــــﺎب واﺳـﺘـﺮاﺗـﻴـﺠـﻴـﺎت ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب؟ وﻫﻞ ﻧﻘﻠﻞ ﻣﻦ ﻗﻴﻤﺔ اﻷدوات اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﺴﻜﲔ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻤﻨﺎ ﻷي ﺣــﺎدث إرﻫــﺎﺑــﻲ؟ أم أن اﻹرﻫــﺎب ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷدوات؟ وﻫﻞ اﻻﺳﺘﻬﺎﻧﺔ ﺑــــــﺎﻷدوات ﺗـﻌـﺮﺿـﻨـﺎ ﻷﺧــﻄــﺎر أﻛـﺒـﺮ، أم ﻧــﻀــﻊ اﻷﻣـــــﺮ ﻓـــﻲ ﻧــﺼــﺎﺑــﻪ وﻧــــﺮاه ﻓــــﻲ ﺣـــــــــﺪوده، وﻻ داﻋــــــﻲ ﻟـــﻜـــﻞ ﻫـــﺬا اﻟـــﺬﻋـــﺮ واﻟـــﻬـــﻠـــﻊ؟ وﻣــــﺎ ﺗــﺒــﻌــﺎت ذﻟــﻚ ﻋـﻠـﻰ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ وﺛـﻘـﺎﻓـﺘـﻨـﺎ؟ وﻫـﻞ ﻳﻌﻔﻴﻨﺎ أن اﻟﺤﺪث ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻨﺎ وﻓﻲ ﺑﻠﺪ آﺧــﺮ، أن ﻧﻤﻌﻦ اﻟﻨﻈﺮ ﻓـﻲ أﻣﺮاﺿﻨﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻨﻮاﺟﻬﻬﺎ؟
ﻧــــﻌــــﻢ، ﺣـــــــﺎدث اﻹرﻫــــــــــﺎب ﺣـــﻮل اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﺳﻴﺎرة ﺗــﺤــﻤــﻞ ﻃـــﻨـــﺎ ﻣــــﻦ اﳌـــﺘـــﻔـــﺠـــﺮات، وﻟـــﻢ ﻳـﺪﺑـﺮه رﺟــﻞ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺪﻓﻌﺎ رﺷﺎﺷﺎ، إﻧــﻤــﺎ رﺟـــﻞ ﻳـﺤـﻤـﻞ ﺳﻜﻴﻨﺎ ﻗـﺘـﻞ ﺑﻬﺎ رﺟﻞ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ وﺳﻴﺎرة ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻘﺘﻠﺖ وﺟـﺮﺣـﺖ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ اﳌﺎرة، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺬﻋﺮ اﻟﺘﻲ ﺳﺎدت اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻫﻲ ﻣﺒﺮرة ﻓﻲ ﻧﻈﺮي.
ﺑــﺪاﻳــﺔ ﻋـﻼﻗـﺔ اﻷﺷــﻴــﺎء اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺑـﺎﻹرﻫـﺎب ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺪﻳﺪة، وﻳــــﺠــــﺐ إﻻ ﻳـــﺴـــﺘـــﻬـــﺎن ﺑــــﻬــــﺎ، ﻓـــــﺈذا ﺗــﺬﻛــﺮﻧــﺎ أﺣـــــﺪاث اﻟـــﺤـــﺎدي ﻋــﺸــﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ )أﻳـﻠـﻮل(، واﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ أﻋﻠﻰ درﺟــﺎت اﻹرﻫــﺎب ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي واﻟــــﻌــــﺸــــﺮﻳــــﻦ، وﺗـــﺄﻣـــﻠـــﻨـــﺎ أدواﺗـــــﻬـــــﺎ ﻧـﺠـﺪﻫـﺎ أﻳــﻀــﺎ أدوات ﺑـﺴـﻴـﻄـﺔ، ﻓﻠﻢ ﻳــﻜــﻦ ﻣـــﻊ اﻹرﻫـــﺎﺑـــﻴـــﲔ ﺳـــﻮى ﺗــﺬﻛــﺮة ﻃــﺎﺋــﺮة وﺳـﻜـﻴـﻨـﺔ ﻟـﻘـﻄـﻊ اﻟـﺼـﻨـﺎدﻳـﻖ اﻟــﻮرﻗــﻴــﺔ، وﻣــﻊ ذﻟــﻚ اﺧـﺘـﻄـﻔـﻮا أرﺑــﻊ ﻃـــﺎﺋـــﺮات، اﺛــﻨــﺘــﺎن ﻣـﻨـﻬـﺎ دﺧــﻠــﺘــﺎ ﻓﻲ ﺑـــــﺮج اﻟـــﺘـــﺠـــﺎرة اﻟـــﻌـــﺎﳌـــﻲ، واﻟــﺜــﺎﻟــﺜــﺔ ﺳــﻘــﻄــﺖ إﻟــــﻰ ﺟــــــﻮار ﻣــﺒــﻨــﻰ اﻟـــﺪﻓـــﺎع اﻟـــﺒـــﻨـــﺘـــﺎﻏـــﻮن، واﻟــــﺮاﺑــــﻌــــﺔ ﻟــــﻢ ﺗـﺼـﺐ ﻫــﺪﻓــﻬــﺎ وﺳــﻘــﻄــﺖ ﻓـــﻲ ﺑـﻨـﺴـﻠـﻔـﺎﻧـﻴـﺎ. وﺣــﻠــﺖ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـــﻚ ﻛــﺎرﺛــﺔ ﺑــﺎﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻌﺪ أﺣﺪاث اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ﻋﺎم ١٠٠٢. اﻟﻘﺼﺔ إذن ﻟــﻴــﺴــﺖ إرﻫــــــﺎب اﻟـﺘـﻜـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ اﻟــﻌــﺎﻟــﻴــﺔ أو إرﻫــــــﺎب اﻟـﺘـﻜـﻨـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺎ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ (low tech vs. High tech) ﻓﺎﻹرﻫﺎب ﻟﻪ ﻃﺮﻗﻪ ووﺳﺎﺋﻠﻪ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﻛﺜﻴﺮا ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺑﻘﺪر ارﺗـﺒـﺎﻃـﻬـﺎ ﺑـﻤـﺴـﺎﺣـﺎت اﻟـﻀـﻌـﻒ ﻓﻲ ﺑﻨﻴﺔ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟـــﺤـــﺪﻳـــﺜـــﺔ، اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﻌــﻄــﻞ أﺟــﻬــﺰﺗــﻬــﺎ رﺳــــﺎﻟــــﺔ ﻣــــﻦ ﻛــﻮﻣــﺒــﻴــﻮﺗــﺮ ﻓــــﻲ أدﻧــــﻰ اﻷرض.
ﺑﻌﺪ أﺣـــﺪاث اﻟــﺤــﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ أﻳــﻀــﺎ ﺗـﻌـﺮﻓـﻨـﺎ ﻋـﻠـﻰ رﺟـﻞ اﻟــﺤــﺬاء (shoe bomber) اﻟـــﺬي ﻛـﺎن ﻗــﺎدﻣــﺎ ﻣــﻦ ﺑـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺎ إﻟـــﻰ أﻣــﻴــﺮﻛــﺎ، واﻟــــــﺬي ﻛــــﺎن ﻳــﻀــﻊ اﳌــﺘــﻔــﺠــﺮات ﻓـﻲ ﺣــــﺬاﺋــــﻪ. ﺛــــﻢ ﺗــﻌــﺮﻓــﻨــﺎ ﺑـــﻌـــﺪﻫـــﺎ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي دﺧﻞ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻴﺮ ﻣــﺤــﻤــﺪ ﺑـــﻦ ﻧـــﺎﻳـــﻒ وزﻳـــــﺮ اﻟــﺪاﺧــﻠــﻴــﺔ ﻳــﻮﻣــﻬــﺎ واﺿـــﻌـــﺎ اﻟـــﻌـــﺒـــﻮة اﻟــﻨــﺎﺳــﻔــﺔ داﺧﻞ ﺟﺴﺪه. إذن اﻟﻘﺼﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺎ ﻟﺪى اﻹرﻫﺎﺑﻴﲔ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟـﺘـﻔـﺠـﻴـﺮ وأدواﺗــــــﻪ، وﻣـــﺎ ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ ﻣﻦ إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ زراﻋــﺔ اﻟـﺨـﻮف واﻟـﺬﻋـﺮ، ﺑﻞ اﻟﻘﺼﺔ أﻛﺒﺮ وأوﺳﻊ. اﻟﻘﺼﺔ ﻻ ﺗﺨﺺ اﻷدوات (hardware) ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺨﺺ اﻟﻌﻘﻮل واﻟﻘﻠﻮب .(software) اﳌﺸﻜﻠﺔ أﻋــﻘــﺪ وأﻋــﻤــﻖ ﻷﻧــﻬــﺎ ﺗـﺨـﺺ اﻟﻨﻔﺲ اﻟـــﺒـــﺸـــﺮﻳـــﺔ وﻣــﻜــﻨــﻮﻧــﺎﺗــﻬــﺎ وﻓــﻬــﻤــﻬــﺎ ﻟﻌﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ وﺑﺎﻵﺧﺮ اﳌﺨﺘﻠﻒ.
ﻳﺒﺪو ﺳﻬﻼ أن ﻧﻘﻮل: إن ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻫـــــﺬا اﻟــﻌــﻤــﻞ اﻹرﻫـــــﺎﺑـــــﻲ إﻟـــــﻰ ﺟــــﻮار اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻟﻴﺴﻮا ﺑﻜﺜﻴﺮﻳﻦ، ﻷن اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ ﻟﻴﺴﻮا ﺑﺎﳌﺌﺎت ﻛﻤﺎ ﻓﻲ أﺣــﺪاث اﻟـﺤـﺎدي ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ، وﻟـــﻜـــﻦ اﻟــﺤــﻘــﻴــﻘــﺔ ﻫــــﻲ أن اﺳــﺘــﻤــﺮار ﻇﺎﻫﺮة اﻹرﻫـﺎب ﻣﺎ زال ﻫﻮ اﻟﺘﺤﺪي اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻛﻤﺎ أن ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﺎﻣﻠﻨﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺘﺒﺎدل اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﺑﲔ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت واﻷدﻳﺎن ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮة وﻻ ﺗﻘﻠﻞ ﻣﻨﻬﺎ.
اﻟـــــﻌـــــﺎﻟـــــﻢ اﻟــــــﻴــــــﻮم ﻛــــــﻞ ﻣـــﺘـــﻜـــﺎﻣـــﻞ وﻳــﺤــﺘــﺎج إﻟــــﻰ اﺳــﺘــﺮاﺗــﻴــﺠــﻴــﺔ ﻛـﺒـﺮى ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻈﺎﻫﺮة ﺗﺘﺠﺎوز ﺣﺪود اﻟﺪوﻟﺔ وﺣﺪود اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت.
وﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﳌـﻜـﺎﻓـﺤـﺔ ﻫــﻲ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺰ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻘﻮل واﻟﻘﻠﻮب ﻗﺒﻞ اﻷدوات، وﻫــﻨــﺎ أﻗــﺼــﺪ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻴـﻢ، وﺧـﺼـﻮﺻـﺎ زرع ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ واﺣﺪ، وإدراك أن ﻣــﺎ ﻳــﻘــﻮم ﺑــﻪ أي ﻓـــﺮد ﻣﻦ أﻋـــﻤــــﺎل ﺗــﺨــﺮﻳــﺒــﻴــﺔ ﻻ ﻳــﻀــﺮ أﻋــــــﺪاءه ﻓـﻘـﻂ، ﺑـﻞ ﺳﻴﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ وﻋـﻠـﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﺨﺴﺎرة اﻷﻛﺒﺮ.
ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻹرﻫـﺎب ﺗﺘﻄﻠﺐ إدراﻛﺎ ﻛﺎﻣﻼ ﳌﺜﻠﺚ إﻧﺘﺎج اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ وﻫﻮ: أوﻻ اﳌﻨﻈﻤﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﳌﻨﻔﺬة ﻣـــﻦ »داﻋــــــــﺶ« إﻟـــــﻰ »اﻟــــﻘــــﺎﻋــــﺪة« إﻟــﻰ اﻟــﺠــﻤــﺎﻋــﺎت اﳌـﺘـﻄـﺮﻓـﺔ اﳌـﺨـﺘـﻠـﻔـﺔ؛ أﻣـﺎ اﻟـﻀـﻠـﻊ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﳌـﺜـﻠـﺚ ﻓﻬﻮ اﻟـــﺪول اﻟـﺮاﻋـﻴـﺔ ﻟـﻬـﺬا اﻹرﻫــــﺎب، وﻫﻨﺎ ﻳﺄﺗﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ دور إﻳﺮان ﻓﻲ ﺗﻐﺬﻳﺔ ﻫـــﺬه اﻟــﻈــﺎﻫــﺮة ﺧـــﻼل اﻟــﺜــﻼﺛــﲔ ﻋﺎﻣﺎ اﳌﺎﺿﻴﺔ؛ أﻣﺎ اﻟﻀﻠﻊ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﻣﺜﻠﺚ اﻹرﻫﺎب ﻓﻬﻮ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﳌﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻈﺎﻫﺮة أو اﻟـﺤـﺎﺿـﻨـﺔ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ اﻷوﺳـــﻊ، اﻟــﺘــﻲ ﺗـﺠـﻌـﻞ اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻹرﻫــﺎﺑـــﻲ ﻳﺒﺪو ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻛــﺄداة ﳌﻮاﺟﻬﺔ ﻇﻠﻢ. اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﺎﺿﻨﺔ ﻫﻲ اﳌﻨﺘﺞ واﻟﺤﺎﻣﻲ اﻷول ﻟﻺرﻫﺎب واﻹرﻫﺎﺑﻴﲔ.
ﺑــــﻠــــﻐــــﺔ أﺧــــــــــﺮى ﺑـــــﻘـــــﺪر أﻫـــﻤـــﻴـــﺔ اﻟﺘﻔﺠﻴﺮ ﻻ ﺑﺪ أن ﻧﺄﺧﺬ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫــﺎب ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺒﺮﻳﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت، ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗـﺮى أن أﻋـﻤـﺎل اﻟﻌﻨﻒ ﻣـﺒـﺮرة ﻓـﻲ ﻣـﻮاﺟـﻬـﺔ ﻣـﺎ ﻧﻈﻨﻪ ﻇﻠﻤﺎ واﻗﻌﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ.
ﻧـــﻌـــﻢ اﻟــــﺬﻋــــﺮ واﻹرﻫــــــــــــﺎب ﻛــﺎﻧــﺎ ﻓــﻲ ﻟــﻨــﺪن اﻷﺳـــﺒـــﻮع اﻟــﻔــﺎﺋــﺖ، وﻟـﻜـﻦ اﻷﺳـــــﺎس ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻧـﻜـﺘـﺐ ﺑـﻠـﻐـﺘـﻨـﺎ أن ﻧﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﻫﺬا اﳌﺮض اﻟﺬي ﻳﻀﺮب ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ، وﻳﺠﻌﻞ ﻋﻴﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﻤﺼﺪر وﻣﻨﺘﺞ ﻟﻈﺎﻫﺮة اﻹرﻫــــﺎب. ﻟـﻴـﺲ ﻣــﻦ اﻟــﻌــﺪل أن ﻧﻘﻮل إن ﻣــﺠــﺘــﻤــﻌــﺎﺗــﻨــﺎ وﺣــــﺪﻫــــﺎ أﻧــﺘــﺠــﺖ ﻫـــﺬه اﻟــﻈــﺎﻫــﺮة، ﻓــﻘــﺪ ﻇــﻬــﺮ اﻹرﻫــــﺎب ﻓــﻲ ﺛـﻘـﺎﻓـﺎت أﺧـــﺮى ﻣــﻦ اﻟـﻴـﺎﺑـﺎن إﻟـﻰ أوروﺑـــــﺎ ذاﺗـــﻬـــﺎ، وﻣـــﻊ ذﻟـــﻚ اﻹرﻫــــﺎب اﻟــﻴــﻮم اﻟـﺘـﺼـﻖ ﺑـﻨـﺎ وﺑﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ وﻃﺮق ﺗﻌﻠﻴﻤﻨﺎ وﻣﻨﺎﻫﺠﻨﺎ وﻣـــﺪارﺳـــﻨـــﺎ، وﻟـــﻦ ﻳـﻔـﻴـﺪ ﻛــﺜــﻴــﺮا دﻓــﻦ اﻟﺮؤوس ﻓﻲ اﻟﺮﻣﺎل، ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻜﻮن ﻓـﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ وﺷﺎﻣﻠﺔ ﺿﺪ ﻇﺎﻫﺮة اﻹرﻫﺎب.
ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ وﺛـﻘـﺎﻓـﺘـﻨـﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺪاﻧﺔ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﻔﻴﺮوﺳﺎت اﻟﺘﺨﻠﻒ وﻛـﺮاﻫـﻴـﺔ اﻵﺧـــﺮ. ﻧـﻘـﻮل ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻟــﺮﺧــﺎء إﻧـﻨـﺎ ﻣــﻊ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ اﻟـــﻌـــﺎﳌـــﻲ ﺑـــﲔ اﻟــﺜــﻘــﺎﻓــﺎت واﻷدﻳـــــــﺎن، وﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت اﻷزﻣــﺔ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺧﻄﺎب اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻋﻦ ﺧﻄﺎب اﻟﻐﻮﻏﺎء ﻓــــﻲ ﻛـــﺮاﻫـــﻴـــﺔ اﻵﺧـــــــﺮ. ﻣــﺠــﺘــﻤــﻌــﺎﺗــﻨــﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ ﺗﺤﺘﺎﺟﺎن إﻟﻰ وﻗﻔﺔ ﺟﺎدة ﻓـــﻲ ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ اﻹرﻫــــــــﺎب، ﻓــﻬــﻞ ﻧﺤﻦ ﻓﺎﻋﻠﻮن؟