اﻟﺠﻮز أول ﺷﺠﺮ ﻣﺜﻤﺮ ﻋﺮﻓﻪ اﻹﻧﺴﺎن
ﻳﺤﻤﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﺮﻃﺎن واﻟﺴﻜﺮي وزﻳﺎدة اﻟﻮزن
ﻗـــﻠـــﻴـــﻞ ﻣــــــﻦ اﻟــــــﻨــــــﺎس اﻟــــﺬﻳــــﻦ ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟـﺠـﻮز، ﺷﺠﺮه وﺛﻤﺎره اﻟــﻠــﺬﻳــﺬة واﻟــﻄــﻴــﺒــﺔ، أو ﻳـﻌـﺮﻓـﻮن ﺻــﻌــﻮﺑــﺔ اﻟــﺘــﺨــﻠــﺺ ﻣـــﻦ اﻟـــﺪﺑـــﺎغ اﻷﺳـــــــــﻮد اﻟــــــــﺬي ﺗـــﺘـــﺮﻛـــﻪ ﺣــﺒــﺎﺗــﻪ اﻟﺒﻴﻀﺎوﻳﺔ اﻟﺨﻀﺮاء اﻟﻨﻴﺌﺔ، أو ﻃـﻌـﻢ اﻟــﺠــﻮز اﻟﺤﻠﻴﺒﻲ اﻟﻜﺮﻳﻤﻲ ﻗــﺒــﻞ أن ﻳـﻨـﻀـﺞ وﻳــﺠــﻒ. وﻗـﻠـﻴـﻞ ﻣـــﻦ اﻟـــﻨـــﺎس أﻳـــﻀـــﴼ ﻣـــﻦ ﺗــﻤــﺘــﻌــﻮا ﺑﻤﺤﺎوﻟﺔ إﺳﻘﺎط واﻟﺘﻘﺎط ﺣﺒﺎت ﻣﻦ ﺷﺠﺮاﺗﻪ اﻟﻜﺒﻴﺮة واﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ ﺿﺮﺑﻬﺎ ﺑﻌﺼﺎ ﻃﻮﻳﻞ. ﻓﻔﻲ ﺻﻴﺪ اﻟــﺠــﻮز ﻣــﺎ ﻳـﺬﻛـﺮ ﺑـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ اﻟــــــﺒــــــﺮيء، وﺑــــﻌــــﻮاﻟــــﻢ اﻟـــﻌـــﻼﻗـــﺎت اﻷوﻟﻰ ﺑﲔ اﻟﻔﺮد واﻟﺸﺠﺮ اﻟﻀﺨﻢ واﳌﻌﻄﺎء. ﻓﺎﻟﺸﺠﺮة ﻓﻲ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺷـــﺠـــﺮة ﺿــﺨــﻤــﺔ ﺗـــﻮﻓـــﺮ ﻟــﻠــﻨــﺎس دوﺣـــﺔ ﻛـﺎﻣـﻠـﺔ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ أﻳﺎم اﻟﻘﻴﻆ وﺷﺠﺮة ﺧﻴﺮة ﺗﻤﻨﺢ اﻟــﻨــﺎس واﺣــــﺪة ﻣــﻦ أﻛــﺜــﺮ اﻟـﺜـﻤـﺎر ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻺﻧﺴﺎن.
ﺗــــﺆﻛــــﺪ اﳌــــﻮﺳــــﻮﻋــــﺔ اﻟــــﺤــــﺮة، أن اﻟــﺠــﻮز ﻧـﺒـﺎﺗـﻴـﴼ ﻣــﻦ اﻟﻔﺼﻴﻠﺔ اﻟــــــﺠــــــﻮزﻳــــــﺔ وﻗــــــﻄــــــﺎع ﻛــــﺎﺳــــﻴــــﺎت اﻟـــــــﺒـــــــﺬور، وأن »ﻫـــــﻨـــــﺎك ﻧـــﻮﻋـــﲔ رﺋـﻴـﺴـﻴـﲔ ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﲔ ﻣــﻦ اﻟــﺠــﻮز ﻳـــــﺰرﻋـــــﺎن ﺑـــﺒـــﺬورﻫـــﻤـــﺎ - اﻟـــﺠـــﻮز اﻹﻧـــﺠـــﻠـــﻴـــﺰي واﻟــــﺠــــﻮز اﻷﺳــــــﻮد. اﻟﺠﻮز اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي - ج رﻳﻐﻴﺎ J.) (regia وﻣﻨﺸﺄه ﻓﻲ إﻳﺮان، واﻟﺠﻮز اﻷﺳـــــﻮد - ج ﻧــﻴــﺠــﺮا (J. nigra) وﻳـــﺴـــﺘـــﻮﻃـــﻦ ﻓــــﻲ ﺷـــــﺮق أﻣــﻴــﺮﻛــﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. وﻳﺘﻤﻴﺰ اﻟﺠﻮز اﻷﺳﻮد ﺑﻨﻜﻬﺘﻪ اﻟﻮاﺿﺤﺔ، وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺰرع ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺠﻮز ﻟﻠﺴﻮق اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﺸﺮﺗﻪ اﻟﺼﻠﺒﺔ .... وﺗﻘﺮﻳﺒﴼ ﻛــﻞ اﻷﻧـــــﻮاع اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻨـﺘـﺞ ﻟﻠﺴﻮق اﻟـﺘـﺠـﺎرﻳـﺔ ﻋــﺒــﺎرة ﻋــﻦ ﻫـﺠـﲔ ﻣﻦ اﻟـــﺠـــﻮز اﻹﻧـــﺠـــﻠـــﻴـــﺰي.... ﺗﺸﺘﻤﻞ اﻟـــﻔـــﺼـــﺎﺋـــﻞ اﻷﺧــــــــﺮى ﻋـــﻠـــﻰ ﺟـــﻮز ﻛـﺎﻟـﻴـﻔـﻮرﻧـﻴـﺎ )ﺟـــﻮز ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ اﻷﺳـــﻮد( ﻏﺎﻟﺒﴼ ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻛﺄﺻﻞ ﻟــﻠــﺴــﻼﻻت اﻟــﺘــﺠــﺎرﻳــﺔ ﻣــﻦ اﻟـﺠـﻮز اﳌﻠﻜﻲ(، واﻟﺠﻮز اﻟﺮﻣﺎدي )ﺟﻮز أرﻣــــــﺪ(، وﺟــــﻮز ﻣــﻴــﺠــﻮر، اﻟــﺠــﻮز اﻷرﻳـــــﺰوﻧـــــﻲ... ﺗــﺤــﺘــﻮي اﻟــﻘــﺸــﺮة اﻟــﺼــﻠــﺒــﺔ ﻟــﻠــﺠــﻮز ﻋــﻠــﻰ ﻋــﺼــﺎرة ﻗــــﺪ ﺗــﻠــﻄــﺦ أي ﺷــــــﻲء ﺗــﻼﻣــﺴــﻪ، وﺗﺴﺘﺨﺪم ﻛﺼﺒﻐﺔ ﻟﻠﻘﻤﺎش«.
ﻟﻠﺠﻮز اﻟﺬي ﻳﺴﻤﻴﻪ اﻟﺒﻌﺾ »ﻋﲔ اﻟﺠﻤﻞ« ﺗﺎرﻳﺦ ﻗﺪﻳﻢ وﻏﻨﻲ ﻓــــﻲ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ وﻳــــﻌــــﻮد إﻟــــــﻰ آﻻف اﻟﺴﻨﲔ، وﻳﺆﻛﺪ ﺑﻌﺾ اﳌﺆرﺧﲔ أن ﺷﺠﺮة اﻟﺠﻮز أوﻟﻰ اﻟﺸﺠﺮات اﳌــﺜــﻤــﺮة اﻟــﺘــﻲ ﻋــﺮﻓــﻬــﺎ اﻹﻧـــﺴـــﺎن، وﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺦ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺠﻮز اﻟﺬي ﺗﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﻮب ﻓﺮﻧﺴﺎ إﻟﻰ ٧١ أﻟﻒ ﺳﻨﺔ، ﻓﻘﺪ زرع اﻟﻨﺎس اﻟﺠﻮز ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٧ آﻻف ﻋـــــﺎم، أي ﻣـــﻦ اﻟــﻌــﺼــﺮ اﻟــﺤــﺠــﺮي اﻟﺤﺪﻳﺚ. ﻟﻜﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟـﺰرع ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺒﺤﺮ اﻷﺑﻴﺾ اﳌﺘﻮﺳﻂ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳـﻊ إﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮﻳﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ واﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ اﻟـــﻘـــﺪﻳـــﻤـــﲔ. وﻳــــﻘــــﺎل إن ﻋـــﻮاﻣـــﻞ اﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻫــﻲ اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓـﻲ اﻧﺘﺸﺎر زراﻋﺘﻪ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﺑﻌﺾ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ اﻟــﺸــﻤــﺎﻟــﻲ. وﻋــﺜــﺮ اﳌـﻜـﺘـﺸـﻔـﻮن ﻋـﻠـﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـــﻦ اﻟــﺴــﻔــﻦ اﻟــﺮوﻣــﺎﻧــﻴــﺔ اﻟﻐﺎرﻗﺔ ﻓﻲ »اﳌﺘﻮﺳﻂ« واﳌــــﺤــــﻤــــﻠــــﺔ ﺑــــﺎﻟــــﺠــــﻮز. وﻛـــــــــــــــــﺮس اﻟــــــــــﺮوﻣــــــــــﺎن اﻟــﺠــﻮز ﻟـﻺﻟـﻪ ﺟﻮﺑﻴﺘﺮ )اﳌـــــــــﺸـــــــــﺘـــــــــﺮي(، وﻟــــــــﺬا أﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻪ اﺳـﻢ »ﻏـﺪد ﺟﻮﺑﻴﺘﺮ« glands of Jupiter اﻟــــــﺬي ﺗــﻜــﺜــﻒ ﻻﺣـــﻘـــﴼ وأﺻـــﺒـــﺢ ﻣﺨﺘﺼﺮﴽ ﺑـــ»ﺟــﻮﻏــﻼﻧــﺰ رﻳﺠﻴﺎ« ،Juglans regia أي »ﺟﻮز اﳌﺸﺘﺮي اﳌﻠﻜﻲ«. وﻻ ﻳﺰال ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻻﺳﻢ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﻪ اﻻﺳﻢ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻨﻮع اﻟﺠﻮز ﺣﺘﻰ اﻵن.
ﺗﺸﻴﺮ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﳌﺘﻮﻓﺮة إﻟﻰ أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﳌﺒﻜﺮ ﻟﺸﺠﺮة اﻟﺠﻮز اﻹﻧـــﺠـــﻠـــﻴـــﺰي اﻟــــــــﺬي ﻧــﺴــﺘــﺨــﺪﻣــﻪ ﻫــﺬه اﻷﻳـــﺎم ﺟــﺎء ﻣــﻦ ﺑــﻼد ﻓــﺎرس اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﻤﺎرا ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﳌﻠﻮك. وﻗﺒﻞ اﻟـﺮوﻣـﺎن، ﺳﺎﻫﻢ ﺗﺠﺎر ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ واﻟــــﻄــــﻮﻳــــﻞ اﻟــــــــﺬي ﻳــﺮﺑــﻂ اﻟـﺼـﲔ ﺑــ»اﳌـﺘـﻮﺳـﻂ«، ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺠﻮز وﺷﻌﺒﻴﺘﻪ ﻓﻲ آﺳـــﻴـــﺎ وﺣــــــﻮل اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻟـﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ. وﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺳﺎﻫﻢ اﻟﺒﺤﺎرة واﻟﺘﺠﺎر اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ أﻳﻀﴼ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎره ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻧﻘﻠﻮا اﻟﺠﻮز وﺗﺎﺟﺮوا ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺮاﻓﺊ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ، وﻟﻬﺬا ﻳﻌﺮف اﻟﺠﻮز ﺣﺎﻟﻴﺎ ﺑـ »اﻟﺠﻮز اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي«، رﻏﻢ أﻧـﻪ ﻻ ﻳــﺰرع ﻓـﻲ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻟﻐﺎﻳﺎت ﺗـــﺠـــﺎرﻳـــﺔ. وﻗـــــﺪ ﺳــﺎﻫــﻤــﺖ ﻗــﺸــﻮر اﻟــــﺠــــﻮز اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺤــﻤــﻴــﻪ وﺗــﺤــﻤــﻲ
ﻧـــﻮﻋـــﻴـــﺘـــﻪ ﻓـــــﻲ ﻗــﻴــﻤــﺘــﻪ اﻟــﺘــﺠــﺎرﻳــﺔ، وﻳـﻌـﺘـﺒـﺮ ﺟـــﻮز وﻻﻳــﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ ﻣﻦ أﺟﻮد اﻷﻧﻮاع ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺣﺎﻟﻴﴼ.
وﻗـــﺪ ﻛـﺘـﺐ اﳌــــﺆرخ اﻟــﺮوﻣــﺎﻧــﻲ ﺑﻠﻴﻨﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ« ﻓـﻲ اﻟـﻘـﺮن اﻷول، ﻛﺘﺒﴼ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺠﻮز، ﻣﺆﻛﺪﴽ أن أﻫﻞ اﻟــﻴــﻮﻧــﺎن اﻟــﻘــﺪﻳــﻢ ﺗــﻠــﻘــﻮا اﻟـﺸـﺠـﺮة أﺻــــــــﻼ ﻣـــــﻦ ﺑــــــﻼد ﻓـــــــــﺎرس. وذﻛـــــﺮ ﺑــﻠــﻴــﻨــﻲ إﻟـــــﻰ ﺟـــﺎﻧـــﺐ اﻟــﻜــﺜــﻴــﺮ ﻣـﻦ ﻣﺆرﺧﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻘﺪﻳﻢ أن اﻟﻨﺎس ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻨﺜﺮون اﻟﺠﻮز ﺑﲔ اﻟﺸﺒﺎب أﺛﻨﺎء اﻷﻋﺮاس وﻫﻢ ﻳﻐﻨﻮن أﻏﺎﻧﻲ ﻓﺎﺣﺸﺔ. وﺣﺴﺐ ﺑﻠﻴﻨﻲ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺠﻮز ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻟﺼﺒﺎﻏﺔ اﻟﺼﻮف، وﻛﺎن ﻳﺼﻨﻊ ﻣﻨﻪ ﺧﻠﻴﻂ ﻟﻠﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﻮاع اﻟﺴﻤﻮم، وﻟـــﻄـــﺎﳌـــﺎ ﻧــﺼــﺢ ﺑــﻠــﻴــﻨــﻲ ﺑــﺘــﻨــﺎول اﻟــﺠــﻮز ﻟﺘﺤﺴﲔ وﺗـﻨـﻘـﻴـﺔ راﺋـﺤـﺔ اﻟﻔﻢ وﺧﺼﻮﺻﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻨﺎول ﻣﻮاد ﻗـــــــﻮﻳـــــــﺔ ﻣـــﺜـــﻞ اﻟﺒﺼﻞ واﻟﺜﻮم. وﺑﻌﺪ ﻣــﻮت ﺑﻠﻴﻨﻲ ﺑـــﻌـــﺪ اﻧـــــــــﺪﻻع ﺑـــﺮﻛـــﺎن ﻓـﻴـﺴـﻮﻓـﻴـﻮس ﻋـــﺎم ٩٧ ﻗﺒﻞ اﳌــﻴــﻼد، ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺑـــﻘـــﺎﻳـــﺎ اﻟــــﺠــــﻮز اﳌــﻔــﺤــﻢ، ﺑــﺎﻹﺿــﺎﻓــﺔ إﻟـــﻰ ﺟــﺪارﻳــﺎت ﺗـﺤـﻤـﻞ ﺻـــﻮر ﺷــﺠــﺮ اﻟــﺠــﻮز اﻟﺠﻤﻴﻞ. وﻳــــﻘــــﻮل اﻟـــﻜـــﺎﺗـــﺐ اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻲ اﳌـﻌـﺮوف ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻄﻌﺎم آﻧـﺪرو ﺳـﻤـﻴـﺚ إن اﻟـﻔـﻴـﻠـﺴـﻮف واﳌــــﺆرخ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻲ - اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ ﺑﻠﻮﺗﺎرﺧﺲ، ذﻛــــــﺮ أن ﺷــــﺠــــﺮة اﻟـــــﺠـــــﻮز ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣﺨﺪرة أو ﻣﻨﻮﻣﺔ، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺳﻞ »روﺣﴼ ﺛﻘﻴﻠﺔ وﻣﻨﻌﺴﺔ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ رؤوس ﻣــﻦ ﻳــﻨــﺎم ﺗـﺤـﺘـﻬـﺎ«. وﻣـﻊ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ أي إﺛﺒﺎت ﻋﻠﻤﻲ ﻋﻠﻰ ﻗــــﺪرة اﻟــﺸــﺠــﺮة ﻓـــﻲ ﻫـــﺬا اﻹﻃــــﺎر، ﻓـــــﺈن اﻷﺑــــﺤــــﺎث اﻟــﺤــﺪﻳــﺜــﺔ ﺗـﺸـﻴـﺮ إﻟﻰ أن اﻟﺠﻮز ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﺎدة اﳌﻴﻼﺗﻮﻧﲔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﻈﻢ دورة اﻟﻨﻮم - اﻟﻴﻘﻈﺔ أو ﻣــﺎ ﻳـﻌـﺮف ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻋﻨﺪ اﻷﻓـــﺮاد، وﻟﻬﺬا ﻳﺆﻣﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺎﺛﺔ أن ﺗﻨﺎول اﻟﺠﻮز ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺴﻬﺎد.
وﻫــﻨــﺎ ﻻ ﺑـــﺪ ﻣـــﻦ ذﻛــــﺮ ﻓــﻮاﺋــﺪ اﻟـــﺠـــﻮز اﻟــﺼــﺤــﻴــﺔ؛ إذ إن اﻟــﺠــﻮز ﻛﺎن ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﳌﻮاد ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻠﺼﺤﺔ ﻓﻲ »ﻋﺎﻟﻢ اﳌﺘﻮﺳﻂ« اﻟﻘﺪﻳﻢ، وﻗﺪ ﺟــــﺎءت ﻓـــﻮاﺋـــﺪه اﻟـﻄـﺒـﻴـﺔ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮة ﻣﻔﺼﻠﺔ وﻣـﺸـﺮﺣـﺔ ﻓــﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟــﻄــﺒــﻴــﺔ ﻓـــﻲ اﻟــﻌــﺎﳌــﲔ اﻟــﻴــﻮﻧــﺎﻧــﻲ واﻟـــــﺮوﻣـــــﺎﻧـــــﻲ، وﻋـــﻠـــﻰ رأس ذﻟـــﻚ ﻛــــﺘــــﺒــــﺎت اﻟــــﻄــــﺒــــﻴــــﺐ اﻟــــﻴــــﻮﻧــــﺎﻧــــﻲ دﻳــﺴــﻘــﻮرﻳــﺪوس ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺮن اﻷول ﻟـــﻠـــﻤـــﻴـــﻼد. وﻛـــــــﺎن ﻫــــــﺬا اﻟــﻄــﺒــﻴــﺐ اﳌــــﻌــــﺮوف ﺑــــ»ﻛـــﺘـــﺎب اﻟــﺤــﺸــﺎﺋــﺶ واﻷدوﻳــﺔ« (de Materia Medica) ﻃـــﺒـــﻴـــﺒـــﴼ ﻋـــﺴـــﻜـــﺮﻳـــﴼ ﻓـــــﻲ اﻟــﺠــﻴــﺶ اﻟﺮوﻣﺎﻧﻲ أﻳﺎم اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮر ﻧﻴﺮون. وذﻛــــﺮ دﻳــﺴــﻘــﻮرﻳــﺪوس وﺻــﻔــﺎت ﻟﻠﺠﻮز اﳌﻠﺒﺲ ﻓﻲ اﻟﻮﻻﺋﻢ، وﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﺨﺒﺰ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺼﻨﻊ ﻣــﻨــﻪ، ﺑــﺎﻹﺿــﺎﻓــﺔ إﻟـــﻰ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣﻦ اﻟــﻮﺻــﻔــﺎت اﻟـﻄـﺒـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮز ﻓﻲ اﻟﻌﻼج. وﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮﺻﻔﺎت وﺻﻔﺎت اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻟﺼﻠﻊ وإﻧﺒﺎت اﻟﺸﻌﺮ، واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻐﻨﻐﺮﻳﻦ، ورﺿﻮض اﻟﺠﺴﻢ وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻟﻠﻤﻌﺪة.
وﻛــﺎن أﻫــﻞ اﻟـﻴـﻮﻧـﺎن ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮز آﻧﺬاك اﺳﻢ »ﻛﺎرﻳﻮن«، أي »رأس« ﻟﺸﺒﻪ اﻟﻘﺸﺮة ﺑﺎﻟﺮأس واﻟﺠﻮز ﺑﺎﳌﺦ.
وﻛـــــــﺎﻟـــــــﻜـــــــﺎﺗـــــــﺐ واﻟـــــﻄـــــﺒـــــﻴـــــﺐ اﻟــــﻴــــﻮﻧــــﺎﻧــــﻲ ﻏــــﺎﻟــــﲔ اﻟــــــــﺬي ﻋـــﺎش ﻓــﻲ روﻣــــﺎ، أﻋـــﺎد اﺑــﻦ ﺳﻴﻨﺎ اﻟــﺬي ﻛﺘﺐ ﻋـﻦ ﻓـﻮاﺋـﺪ اﻟـﺠـﻮز ﻓـﻲ ﻛﺘﺎب ﻗﺎﻧﻮن اﻟﻄﺐ، اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻻت دﻳــﺴــﻘــﻮرﻳــﺪوس ﻓـــﻲ ﻣـﻮﺳـﻮﻋـﺘـﻪ اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ، وﺧﺼﻮﺻﴼ ﻃﻠﻲ اﻟﺠﻮز ﺑﺎﻟﺴﻜﺮ ﻟﺤﻔﻈﻪ ﻟﻔﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ.
وﺑـــﺴـــﺒـــﺐ ﻓــــــﻮاﺋــــــﺪه اﻟــﻄــﺒــﻴــﺔ اﻟﺠﻤﺔ، اﻧﺘﺸﺮ اﻟـﺠـﻮز ﺑﻜﺜﺮة ﻓﻲ أوروﺑــــﺎ ﺧــﻼل اﻟــﻘــﺮون اﻟـﻮﺳـﻄـﻰ، وﺷــــﻤــــﻠــــﺖ ﻣـــــــﺪرﺳـــــــﺔ ﺳـــﺎﻟـــﻴـــﺮﻧـــﻮ اﻹﻳــﻄــﺎﻟــﻴــﺔ اﳌــﻌــﺮوﻓــﺔ اﻟـــﺠـــﻮز ﻓﻲ ﻧــﻈــﺎﻣــﻬــﺎ اﻟــﻄــﺒــﻲ. وﺟــــــﺎءت ﻫــﺬه اﻟـﻔـﻮاﺋـﺪ ﻓـﻲ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـﻦ اﻷدﺑـﻴـﺎت اﻟﻄﺒﻴﺔ اﻷوروﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﺸﺮ، وﻣﻨﻬﺎ اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻲ ذﻛﺮت أن اﻟﺠﻮز ﻳﻌﺎﻟﺞ اﻟﻌﻘﻢ.
وﻓــــﻲ اﻟـــﻘـــﺮن اﻟـــﺴـــﺎدس ﻋﺸﺮ ﺟــــﺎء ذﻛــــﺮ اﺳـــﺘـــﺨـــﺪام اﻟـــﺠـــﻮز ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺗﻮﻣﺎس دوﺳﻮن ﻋـﻦ اﻟـﻄـﺒـﺦ، وﻓــﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﻬﻀﺔ واﺻـــﻞ أﻫــﻞ اﻟـﻄـﺐ أﻣــﺜــﺎل داﻧﻴﻴﻞ ﺳﺎرﻧﻴﺖ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ واﻟــــﻔــــﺮﻧــــﺴــــﻲ ﺗــــﺸــــﺎرﻟــــﺰ اﺳـــﺘـــﻴـــﺎن واﻷﳌــــﺎﻧــــﻲ ﺟــﻮﻫــﺎﻧــﻴــﺲ ﺷــــﺮودر، ﺗﻜﺮار اﳌﻘﻮﻻت اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ووﺻﻔﺎت دﻳﺴﻘﻮرﻳﺪوس اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺠﻮز.
ﺣــﺪﻳــﺜــﴼ، ﻳــﻌــﺮف اﻟــﺠــﻮز ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻣﻔﻴﺪ ﺟﺪﴽ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻦ أﻣﺮاض اﻟـــﻘـــﻠـــﺐ؛ ﻻﺣــــﺘــــﻮاﺋــــﻪ ﻋـــﻠـــﻰ ﻛــﻤــﻴــﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷوﻣﻴﻐﺎ - ٣ أﻟﻔﺎ، وﻣﻦ أﻛﺴﺪة اﻟﻜﻮﻟﺴﺘﺮول ﻓﻲ اﻟﺸﺮاﻳﲔ ﻻﺣــــﺘــــﻮاﺋــــﻪ ﻋـــﻠـــﻰ ﻓـــﻴـــﺘـــﺎﻣـــﲔ إي، ﺑــﺎﻹﺿــﺎﻓــﺔ إﻟــــﻰ ﺗــﺤــﺴــﲔ اﻟــــﺪورة اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ واﻟﻬﻀﻢ.
وﺑــﺸــﻜــﻞ ﻋــــﺎم وﻷﻧـــــﻪ ﻳـﺤـﻤـﻲ اﻟﺸﺮاﻳﲔ واﻟﻘﻠﺐ وﻳﺤﺴﻦ اﻟﺪورة اﻟـــﺪﻣـــﻮﻳـــﺔ، ﻓـــﺈﻧـــﻪ ﻳــﺤــﻤــﻲ ﻣـــﻦ داء اﻟﺴﻜﺮي، ﻛﻤﺎ ﺗﺆﻛﺪ أﺑﺤﺎث ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻛﻤﺎ ﻳﺤﻤﻲ اﻟﺠﻮز ﻣـــــﻦ ﺣــــﺼــــﻮل ﻣــــــﺮض اﻟـــﺴـــﺮﻃـــﺎن واﻟــﺠــﺬور اﻟـﺤـﺮة وﻳـﺪﻣـﺮ اﻟﺨﻼﻳﺎ اﻟﺴﺮﻃﺎﻧﻴﺔ أﻳﻀﴼ، واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﻫﺬا ﻛـﻠـﻪ أﻧـــﻪ ﻳـﻤـﻨـﻊ اﻟـﺴـﻤـﻨـﺔ وﻳـﺴـﺎﻋـﺪ ﻋــــﻠــــﻰ اﻟـــﺘـــﺨـــﻠـــﺺ ﻣـــــﻦ اﻟـــﺸـــﺤـــﻮم وزﻳــﺎدة اﻟـﻮزن وﻳﻤﻨﺢ اﻹﺣﺴﺎس ﺑــﺎﻟــﺸــﺒــﻊ. وﺗــﺸــﻴــﺮ ﻋـــﺪة دراﺳــــﺎت إﻟـــﻰ أن اﻟــﺠــﻮز اﻟـﻐـﻨـﻲ ﺑﻔﻴﺘﺎﻣﲔ إي ﻳﺤﺴﻦ ﻋﻤﻞ اﻟﺪﻣﺎغ وﻳﻨﺸﻄﻪ، وﺑــﺎﻟــﺘــﺎﻟــﻲ اﻟــــﻘــــﺪرة ﻋــﻠــﻰ اﻟـﺘـﻌـﻠـﻢ ﻋـــﻨـــﺪ اﻷﻃـــــﻔـــــﺎل، ﺑــــﺎﻹﺿــــﺎﻓــــﺔ إﻟـــﻰ ﺗﺤﺴﲔ اﻟﺴﻠﻮك ﻋﻨﺪﻫﻢ. إﺿﺎﻓﺔ إﻟــﻰ ﻛـﻞ ذﻟــﻚ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟـﺠـﻮز ﻋﻠﻰ اﻟــﺘــﺨــﻠــﺺ ﻣـــﻦ اﻟـــﺴـــﻬـــﺎد، وﻳـﻨـﻈـﻢ اﻟــﺪورة اﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻟﻠﺠﺴﻢ ﻋﻨﺪ اﻷﻓــــــــﺮاد، وﻳـــﺴـــﺎﻋـــﺪ اﻟـــﻨـــﺎس ﻋـﻠـﻰ اﻟﻨﻮم ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ وذﻛـﺮﻧـﺎ. ﻛﻤﺎ أن ﻟﻠﺠﻮز ﻓﻮاﺋﺪ ﻓﻲ ﺗﺤﺴﲔ اﻟﻘﺪرة اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻋـﻨـﺪ اﻟــﻔــﺮد، وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ أﻣﺮاض اﻟﺠﻠﺪ وﺗﺤﺴﻦ اﻟﺒﺸﺮة.