ﺣﻠﻔﺎء... أم أﻋﺒﺎء؟
ﻫﻞ ﻳﺤﺴﺪ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺮوﺳﻲ ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﻮﺗﲔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺎﻟﻔﻪ ﻣﻊ ﺳﻮرﻳﺎ وإﻳﺮان ﻓﻲ وﻗﺖ ﺗﺘﺤﻮل ﻓﻴﻪ اﻟﺪوﻟﺘﺎن إﻟﻰ ﻋﺐء ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻮض أن ﺗﻜﻮﻧﺎ ﺳﻨﺪﴽ ﻟﻄﻤﻮﺣﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ؟
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺳﻮرﻳﺎ... ﺣﺪث وﻻ ﺣﺮج. ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺑـﻮﺗـﲔ أن ﻳـﻜـﻮن واﺣـــﺪﴽ ﻣــﻦ رؤﺳـــﺎء ﺛــﻼث أو أرﺑــﻊ دول ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ﺗﺆﻳﺪ اﻟﻨﻈﺎم اﻷوﺗﻮﻗﺮاﻃﻲ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ أﻳﻀﴼ أن ﻳﺘﺤﻤﻞ اﺗﻬﺎﻣﺎت دوﻟﻴﺔ »ﺑــﺎﻟــﺘــﻮاﻃــﺆ« ﻣﻌﻬﺎ ﻓــﻲ ﻗﺼﻔﻬﺎ اﻟـﻜـﻴـﻤـﺎوي ﻟﺨﺎن ﺷﻴﺨﻮن.
ﻧﻈﺎم ﻳﻀﻊ ﺣﻠﻴﻔﻪ ﻓﻲ ﻗﻔﺺ اﻻﺗـﻬـﺎم وﻳﺸﻮه ﺳﻤﻌﺘﻪ اﻟﺪوﻟﻴﺔ... ﻳﺴﺘﺄﻫﻞ، ﻋﻠﻰ اﻷﻗــﻞ، ﻋﺘﺒﴼ ﻣﻦ ﺣﻠﻴﻔﻪ، إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺄﻧﻴﺒﴼ. وﻟﻜﻦ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺗﲔ ﺗﻘﺒﻞ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻪ، ﺟﺰﺋﻴﴼ أو ﻛﻠﻴﴼ، ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻋﻮدة اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري إﻟﻰ اﺳﺘﻌﻤﺎل ﻏﺎز اﻟﺴﺎرﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺧﺴﺎرة ورﻗﺔ ﺳﻮرﻳﺎ ﺗﻀﻔﻲ ﺑﻌﺾ اﳌﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ.
واﻟﺴﺆال اﻟﺬي ﻳﻄﺮح ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﻴﺎق ﻫﻮ: إذا ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﻮﺗﲔ ﻳﺴﻌﻰ، ﻋﺒﺮ ﺳﻮرﻳﺎ، ﻹﻗﻨﺎع اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﺷﺮﻳﻜﴼ ﻛﺎﻣﻼ ﻓﻲ رﻋﺎﻳﺔ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻓﻠﻤﺎذا ﻳﺘﺨﺬ ﻣﻮاﻗﻒ ﺗﺴﺘﻌﺪﻳﻬﺎ ﻋﻮض اﺳﺘﺮﺿﺎﺋﻬﺎ؟
اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ دوﻧـــﺎﻟـــﺪ ﺗــﺮﻣــﺐ وﺻـــﻒ ﻋــﻼﻗــﺔ ﺑــﻼده ﺑﺮوﺳﻴﺎ، ﻋﻘﺐ دﻓﺎﻋﻬﺎ ﻋﻦ ﻧﻈﺎم اﻷﺳﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺼﻒ اﻟـﺼـﺎروﺧـﻲ ﻟـﺨـﺎن ﺷـﻴـﺨـﻮن، ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻟﻴﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﻣــﺎ ﻳـــﺮام ﻋﻠﻰ اﻹﻃــــﻼق«؛ ﻣــﺎ ﻳـﻮﺣـﻲ ﺑــﺄن أﺟــﻮاءﻫــﺎ ﺑـﺎﺗـﺖ أﻗــﺮب ﻣـﺎ ﻳـﻜـﻮن إﻟــﻰ أﺟـــﻮاء اﻟـﺤـﺮب اﻟــﺒــﺎردة، رﻏـﻢ أن اﻟﺘﻮﺗﺮ اﻟﺮوﺳﻲ - اﻟﻐﺮﺑﻲ اﻟﺮاﻫﻦ ﻻ ﻳﻌﻮد إﻟـﻰ ﺗﺼﺎدم اﳌﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﻄﺮﻓﲔ، وﻻ ﺣﺘﻰ إﻟـﻰ ﻣـﺒـﺮرات آﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، اﻟﻠﻬﻢ إﻻ إذا ﻛﺎن ﺣﺮص روﺳﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎء اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻷوﺗﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة، ﻣﺜﻞ ﺳﻮرﻳﺎ اﻷﺳﺪ، ﻳﺨﻔﻒ ﻣﻦ »ﻋﺰﻟﺘﻬﺎ« ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﻟﺤﺮﻳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﻔﺮدﻳﺔ.
إﻻ أن اﻷﺧـﻄـﺮ ﻓـﻲ ﻣﻮﻗﻒ روﺳـﻴـﺎ ﻣـﻦ ﺣﻠﻴﻔﻬﺎ اﻟﻜﻴﻤﺎوي ﻣﺴﺎرﻋﺘﻬﺎ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻨﻪ ﺑﺄﻣﻀﻰ ﺳﻼح دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺗﻤﻠﻜﻪ، أي ﺣﻖ اﻟﻔﻴﺘﻮ، ﻟﻘﻄﻊ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻋــﻠــﻰ ﺗـﺒـﻨـﻲ ﻣـﺠـﻠــﺲ اﻷﻣــــﻦ ﻗـــــﺮارﴽ ﻳــﻄــﺎﻟــﺐ اﻟـﻨـﻈـﺎم اﻟـــﺴـــﻮري ﺑــﺎﻟــﺘــﻌــﺎون ﻣــﻊ اﻟـﺘـﺤـﻘـﻴـﻖ اﻟـــﺪوﻟـــﻲ ﺣــﻮل اﻟﻬﺠﻮم اﻟﻜﻴﻤﺎوي ﻋﻠﻰ ﺧﺎن ﺷﻴﺨﻮن.
ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ أﺣﺪ ﻧﺸﻮب ﺣﺮب ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻮرﻳﺎ، ﻟﻜﻦ ﻳﺒﺪو أﻳﻀﴼ أﻻ ﻧﻬﺎﻳﺔ وﺷﻴﻜﺔ ﻟﻠﻤﺂﺳﻲ اﻹﻧــﺴــﺎﻧــﻴــﺔ واﻟـــﺠـــﺮاﺋـــﻢ اﳌــﺮﻋــﺒــﺔ ﻓـــﻲ ﺣـــﺮب ﺳــﻮرﻳــﺎ اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺖ ﻋﺎﻣﻬﺎ اﻟﺴﺎﺑﻊ؛ ﻣﺎ ﻳﺒﺮر ﺗﻮﻗﻊ اﳌﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ ﺑﲔ روﺳﻴﺎ واﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة، واﻟﻐﺮب ﻋﺎﻣﺔ.
ﻣــﺎ ﻳﻄﺒﻖ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ اﻟــﺮوﺳــﻴــﺔ – اﻟـﺴـﻮرﻳـﺔ ﻳﻄﺒﻖ أﻳـﻀـﴼ ﻋﻠﻰ اﻟـﻌـﻼﻗـﺔ اﻟـﺮوﺳـﻴـﺔ – اﻹﻳـﺮاﻧـﻴـﺔ، ﺳﻮاء ﻟﺠﻬﺔ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ ﻧﻈﺎم أوﺗﻮﻗﺮاﻃﻲ ﺻﻐﻴﺮ، أو اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ ﺧﺮﻗﺖ ﻛﻞ ﻣﺤﻈﻮر وﻣﺤﺮم ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ.
واﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ ﻫـﺬا اﻟﺴﻴﺎق، أن روﺳﻴﺎ ﺗﺨﺎﻃﺮ، ﻓﻲ ﺗﺤﺎﻟﻔﻬﺎ ﻣﻊ إﻳﺮان، ﺑﺘﻮﺳﻴﻊ »ﺷﻖ ﺧﻼﻓﺎﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻗﻲ أﻋﻘﺎب إﻋﻼن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﺮﻣﺐ ﻣﻌﺎرﺿﺘﻪ ﻟﻼﺗﻔﺎق اﻟﻨﻮوي اﻟﺬي وﻗﻌﻪ ﺳﻠﻔﻪ، ﺑﺎراك أوﺑــﺎﻣــﺎ، ﻣـﻊ ﻃـﻬـﺮان وإﻋــﺮاﺑــﻪ ﻋـﻦ رﻏﺒﺘﻪ ﻓـﻲ إﻋــﺎدة اﻟﻨﻈﺮ ﺑﻪ.
ﻫﻞ دﺧﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻓﻼدﻳﻤﻴﺮ ﺑﻮﺗﲔ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺤﺪي اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، أم أﻧﻪ ﻻ ﻳﺰال ﻳﻨﺎور اﺳﺘﻌﺪادﴽ ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻰ »دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﳌﻘﺎﻳﻀﺔ«، أي ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻹﻣﺴﺎك ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻋـﺪد ﻣﻦ اﻷوراق اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ وﻣﻘﺎﻳﻀﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷوراق اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﻟﺒﻼده ﻓـﻲ أوروﺑـــﺎ، ﻣﺜﻞ رﻓــﻊ اﻟﻌﻘﻮﺑﺎت اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ ﻋﻦ روﺳﻴﺎ، واﻟﺤﺪ ﻣﻦ ﺗﻤﺪد ﺣﻠﻒ اﻷﻃﻠﺴﻲ ﻓﻲ أوروﺑﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ واﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻖ ﺑﻼده ﻓﻲ اﺳﺘﻌﺎدة ﺷﺒﻪ ﺟﺰﻳﺮة اﻟﻘﺮم ﻣﻦ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ، وأﺧﻴﺮﴽ ﻻ آﺧﺮﴽ اﻻﻋﺘﺮاف »ﺑـﺤـﻖ« روﺳـﻴـﺎ ﻓـﻲ اﻻﺣﺘﻔﺎظ ﺑﻨﻔﻮذ دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺴﻤﻴﻪ ﻣﻮﺳﻜﻮ »دول اﻟـﺠـﻮار اﻟـﻘـﺮﻳـﺐ«، أي اﻟـﻨـﻔـﻮذ اﻟــﺬي ﻣـﺎرﺳـﺘـﻪ ﻷﻛـﺜـﺮ ﻣــﻦ أرﺑــﻌــﺔ ﻋـﻘـﻮد ﻓﻲ ﻋﺼﺮ اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ؟
ﻗـﺪ ﻳﻨﻔﻊ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑــﺄن اﳌـﻮاﺟـﻬـﺎت اﻟـﺮوﺳـﻴـﺔ – اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﻋﻬﺪ اﳌﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻴﺔ ﻏﺎﻟﺒﴼ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة، وأﺧـــﻄـــﺮﻫـــﺎ ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻋــﻤــﻠــﻴــﺔ ﺣـــﺼـــﺎر ﺑـــﺮﻟـــﲔ وأزﻣــــﺔ ﺻﻮارﻳﺦ ﻛﻮﺑﺎ... ﻓﻬﻞ ﻳﻌﻘﻞ أن ﻳﺸﺬ اﻟﺨﻼف ﺣﻮل ﺳﻮرﻳﺎ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة؟