إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺗﺴﺘﺒﻖ
ﻣﻨﺬ ﺑﺪأ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺻﻔﻘﺔ ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻳﻌﺪ ﻟﻬﺎ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﺮﻣﺐ، ﺑــﺪأت إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﺧﻄﺔ اﺳﺘﺒﺎﻗﻴﺔ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﺣﺘﻤﺎل ﻧﺠﺎح ﺗﺮﻣﺐ، ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﺒﺎدرة وﻓﺮﺿﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﻃﺮاف، أو ﻟﻮ اﻧﺴﺤﺐ أو ﺗﺮﻳﺚ ﻓﻲ أول اﻟﻄﺮﻳﻖ أو ﻣﻨﺘﺼﻔﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻊ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻓﻮق اﻷرض وﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﳌﻔﺎﺟﺂت.
أوﻻ... اﻟـــﻘـــﺪس، اﻛـﺘـﺸـﻔـﺖ اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ اﻹﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻴــﺔ أن إﺟــــــﺮاءات ﺧـﻤـﺴـﲔ ﺳــﻨــﺔ ﻣــﻦ اﻟــﻀــﻢ واﻟــﺘــﻮﺣــﻴــﺪ، ﻟــﻢ ﺗﻨﺘﺞ ﻓــﻲ اﳌـﺤـﺼـﻠـﺔ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ ﻣــﻮﺣــﺪة؛ ﻓـﺎﻟـﻴـﻬـﻮد أﻗـﻠـﻴـﺔ ﻓــﻲ اﻟـﺠـﺰء اﻟــﺘــﺎرﻳــﺨــﻲ ﻣـــﻦ اﳌــﺪﻳــﻨــﺔ وﻫــــﻮ اﻷﻫــــــﻢ، أﻣــــﺎ ﺧـــــﺎرج اﻷﺳـــــﻮار ﻓﺎﻟﻜﺜﺎﻓﺔ اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ وإن ﻗﻠﺖ ﺑﻔﻌﻞ اﻹﺟـﺮاءات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺼﺎرﻣﺔ، إﻻ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺰال ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻹﻟﻐﺎء وﺣﺪة اﳌﺪﻳﻨﺔ واﻧﺼﻴﺎع اﻟﺴﻜﺎن ﻟﻠﺴﻴﻄﺮة اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﳌﻔﺘﺮض أن ﺗﻜﻮن ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ »اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ«، وﻷن ﻣﺤﺎوﻻت إﺧﺮاج اﻟﻘﺪس ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ﺑﺎء ت ﺟﻤﻴﻌﴼ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ، ﻓﺈن اﻟﺨﺮﻳﻄﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮﺑﺖ ﺑﲔ ﻳﺪي زﻳﺎرة ﺗﺮﻣﺐ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ، واﻟﺘﻲ ﺗﺒﲔ اﻟــﺤــﺪود ﻛﻤﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻓـﻲ اﻟــﺮاﺑــﻊ ﻣـﻦ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣــﺰﻳــﺮان( ٧٦٩١ أﻳﻘﻈﺖ ﻣﺨﺎوف ﺟﺪﻳﺔ ﺣﻮل ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ وﺣﺪة اﻟﻘﺪس، واﻟﻘﺒﻮل اﻟﺪوﻟﻲ واﻷﻣﻴﺮﻛﻲ أوﻻ ﻟﻮﺿﻌﻬﺎ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ.
ﺑــﺪء اﻻﺳـﺘـﺒـﺎق اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ رﻣـﺰﻳـﺔ ذات دﻻﻟـﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺟﺪﻳﺔ، ﺣﲔ ﻋﻘﺪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟــﻮزراء اﺟﺘﻤﺎﻋﴼ داﺧﻞ ﻧﻔﻖ ﻳﻘﻮد إﻟﻰ ﺣﺎﺋﻂ »اﳌﺒﻜﻰ« اﻟﺒﺮاق، وإﻗﺮار ﺧﻄﻂ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﻟﻠﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ، ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان ﺗﻘﻠﻴﺺ اﻟـﻔـﻮارق ﺑﲔ ﺳﻜﺎن »اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ«، إﺿﺎﻓﺔ إﻟـﻰ دﻋﻢ اﳌﺪارس اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﳌﻨﻬﺎج اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﻔﻮق ﻓﻲ إﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻬﺎ وﺟﺎذﺑﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ واﳌﺪرﺳﲔ، ﻋﻠﻰ اﳌﺪارس اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﺗﻌﺘﻤﺪ اﳌﻨﻬﺎج اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ.
وأﺷـــﻴـــﺎء ﻛــﺜــﻴــﺮة ﻳــﺠــﺮي ﺗـــــﺪاول ﺧــﻄــﻂ ﺑــﺸــﺄﻧــﻬــﺎ، ﻣﺜﻞ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎء اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، وإﻟﺤﺎﻗﻬﺎ وﻟﻮ ﺑﺎﻷﻣﺮ اﻟــﻮاﻗــﻊ ﺑﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ؛ وذﻟــﻚ ﻟﻀﻤﺎن أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺳﻜﺎﻧﻴﺔ ﻳﻬﻮدﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﻘﺪس، واﺿﻌﲔ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺮي اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓـﻲ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑــﺄي ﻣـﺰاﻳـﺎ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ؛ ﻓﻬﻲ أﻗــﺮب إﻟــﻰ اﻟــــ»snaM NO «Land ﻳﺸﺒﻬﻬﺎ ﺑﻌﺾ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﺑـﺎﻟـﻮرم اﻟﻌﺎﻟﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺴﺪ اﻟﻴﻬﻮدي ﻳﻨﺒﻐﻲ إزاﻟﺘﻪ.
اﻹﺟــــﺮاءات اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﻓـﻲ اﻟــﻘــﺪس، وﻟـﻜـﻲ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﻘﻮم اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﳌـﺒـﺎدرة اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ ﻟﻠﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟـﻨـﻬـﺎﺋـﻴـﺔ، ﺑﻠﺠﻢ اﻻﻧــﺪﻓــﺎﻋــﺔ اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﻟـﺘـﺮﺗـﻴـﺐ وﺿـﻊ اﳌـﺪﻳـﻨـﺔ ﻗـﺒـﻞ اﻟـﺘـﻔـﺎوض ﻋـﻠـﻴـﻪ، ﺣــﺪث ﺷــﻲء ﻛـﻬـﺬا ﻓــﻲ زﻣـﻦ إدارة أوﺑﺎﻣﺎ.
اﳌﻨﻄﻖ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟﺬي ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﻪ اﻟﻮﺳﻴﻂ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻟﻜﻲ ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﴼ وﻣﻘﺒﻮﻻ، ﻳﺤﺘﻢ اﻋﺘﻤﺎد ﻣﺒﺪأ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ، وﻫﻮ أﻻ ﺣﻖ ﻟﻠﻤﺤﺘﻞ وﻻ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﻹﺟﺮاءاﺗﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺤﺘﻞ.
اﻻﺳﺘﺒﺎق اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺬي ﻳﺒﺪأ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻼ ﻫﻮادة، ﻫﻮ إﻗﺮار ﻗﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ، ﻟﻜﻲ ﻳﻀﻄﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ واﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ اﳌﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻴﻪ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﴼ واﳌﻘﻠﻖ دوﻟﻴﴼ واﳌﺮﻓﻮض ﻋﺮﺑﻴﺎ وﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﴼ. أن إﻗﺮار اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ ﻟﻬﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻳﻌﻨﻲ ﻗﺒﻮل اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﻮﺻﻒ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ، وﻫﺬا ﺳﻴﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻬﺎ ﻛﺸﺮط ﻟﻠﺘﺴﻮﻳﺔ أو ﻛﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻬﺎ.
اﻻﺳﺘﺒﺎق اﻟﺜﺎﻟﺚ، اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ. ﻻ ﺗﺮﻏﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺘﺴﻬﻴﻼت اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ ﺟﺰءﴽ ﻣﻦ اﻟﺼﻔﻘﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻗـﺪ ﻳﻄﺮﺣﻬﺎ ﺗـﺮﻣـﺐ وﻳﻔﺮﺿﻬﺎ، وﻗــﺪ ﺟﺮى ﺣﺪﻳﺚ ﻃﻮﻳﻞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳﺘﻄﻼع، ﻓﺈﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺗﻔﻀﻞ اﻟﺘﺤﻜﻢ اﳌﻄﻠﻖ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺎدرات ﺗﻘﺪم ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺗﻔﺎﻗﻴﺎت ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻔﺮض، ﻓﻼ ﻳﻤﺮ ﻳﻮم إﻻ وﺗﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﻋﺰﻣﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻣﻐﺮﻳﺎت اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ، ﻟﺘﺒﺎع ﻫﺬه اﻟﺒﻀﺎﻋﺔ ﻟﻠﺪول اﻟﻀﺎﻏﻄﺔ ﺑﻬﺬا اﻻﺗﺠﺎه، أﻣﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﻓﻘﺪ ﻻ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﻮﻋﺪ، وﺑﻌﺾ اﻟﻨﺘﻒ اﻟﺼﻐﻴﺮة. اﻟﺬي ﻳﺨﺪم اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﲔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه ﻫﻮ ﻃﻮل أﻣﺪ ﻓﺘﺮة اﻻﺳﺘﻄﻼع، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻐﻠﻬﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﺎﻟﺤﺪ اﻷﻗﺼﻰ، وﺳﻴﺨﺪﻣﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺒﺎدرة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳌﺮﺗﻘﺒﺔ، ﺣﺸﺪﴽ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎوﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎج ﻛـﻞ ﻋـﻨـﻮان ﻣﻨﻬﺎ إﻟــﻰ ﺳـﻨـﻮات ﻣـﻦ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣــﺪث ﻣـﻊ أوﺳـﻠـﻮ، وﻳـﺨـﺪم إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻛﺬﻟﻚ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﳌﺸﺘﺖ واﳌﺘﺸﺮذم واﳌﻨﻘﺴﻢ أﻓﻘﻴﴼ وﻋﻤﻮدﻳﴼ، إدارﻳﴼ وﺟﻐﺮاﻓﻴﴼ.
وﺣــﺘــﻰ اﻵن ورﻏـــــﻢ ﺗـــﺴـــﺎرع اﻟــــﻘــــﺮارات اﻹﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻴــﺔ اﻻﺳﺘﺒﺎﻗﻴﺔ ﻓـﻼ ﻳﻈﻬﺮ ﻣـﺎ ﻳﻮﻗﻔﻬﺎ أو ﻳﺤﺪ ﻣـﻦ ﺗﺴﺎرﻋﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ.