اﻧﺘﺤﺎر ﺳﻴﺎﺳﻲ... وورﻃﺔ ﺑﻠﺪ

ﻟﻢ ﺗﻜﺪ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺗﺨﺮج ﻣﻦ ﺻﺪﻣﺔ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ أﺧﻴﺮا، ﺣــﺘــﻰ وﺟـــــﺪت ﻧــﻔــﺴــﻬــﺎ ﻓـــﻲ ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ أزﻣــــﺔ، أو ﺑــﺎﻷﺣــﺮى ورﻃـــﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮاز اﻷول. ﻓﻨﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﳌﺒﻜﺮة اﻟﺘﻲ دﻋﺖ إﻟﻴﻬﺎ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﳌﺤﺎﻓﻈﲔ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪﻫﺎ اﳌﻘﺮر ﺑﻌﺎﻣﲔ ﻷﺳﺒﺎب اﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ ﻣﺤﻀﺔ، وأﺟﺮﻳﺖ اﻷﺳﺒﻮع اﳌﺎﺿﻲ، ﺟﺎءت ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﺴﺒﺎن، ﺑﺮﳌﺎن ﻣﻌﻠﻖ ﻻ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻪ أي ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب ﺑﺄﻏﻠﺒﻴﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻟﻪ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻨﻔﺮدا، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن اﻟﺒﻠﺪ ﺳﻴﺪﺧﻞ ﻣﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑــﻲ )اﻟﺒﺮﻳﻜﺴﺖ(، وﻫﻮ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺰال اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ، ﻓﻲ وﻗﺖ أﺣﻮج ﻣﺎ ﻳﻜﻮن إﻟﻰ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻗﻮﻳﺔ.

رﺋـــﻴـــﺴـــﺔ اﻟـــــــــــﻮزراء ﺗـــﻴـــﺮﻳـــﺰا ﻣـــﺎي ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻤﻐﺎﻣﺮة ﺣﺴﺒﺖ أن ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻣـﻀـﻤـﻮﻧـﺔ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻓــﻲ اﻟــﻮاﻗــﻊ اﻧــــــﺘــــــﺤــــــﺎرا ﺳــــﻴــــﺎﺳــــﻴــــﺎ. ﻓــــﻘــــﺪ ﺧــﺴــﺮ اﳌﺤﺎﻓﻈﻮن اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻜﻨﺘﻬﻢ ﻣـﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﻣﻨﻔﺮدﻳﻦ، وﻛـﺎن ﻓﻲ ﻣﻘﺪورﻫﻢ أن ﻳﺒﻘﻮا ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺣـــﺘـــﻰ ﻋــــــﺎم ٠٢٠٢ اﳌــــﻮﻋــــﺪ اﻷﺻـــﻠـــﻲ اﳌـﻘـﺮر ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. ﻣــﺎي ﻇﻨﺖ أﻧﻬﺎ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﺒﻜﺮة ﺳﺘﻮﺟﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﻣﻌﻠﻢ إﻟﻰ ﻛﻞ ﺧﺼﻮﻣﻬﺎ، داﺧﻞ اﻟﺤﺰب وﺧﺎرﺟﻪ، وﺳﺘﻌﺰز ﻣﺮﻛﺰﻫﺎ وﻗﻮﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن وﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻷوروﺑﻴﲔ ﺧــﻼل ﻣــﻔــﺎوﺿــﺎت »اﻟـﺒـﺮﻳـﻜـﺴـﺖ«. إﻻ أﻧﻬﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺿﻌﻴﻔﺔ، ﻣــﻬــﺰوزة، وﻣـﺤـﻜـﻮم ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑــﺎﻹﻋــﺪام اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ، ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻨـﺘـﻈـﺮ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﺤﺰب وﻣﻨﺎورات اﻟﺨﺼﻮم واﻟـــﻄـــﺎﻣـــﻌـــﲔ ﻓــــﻲ اﳌـــﻨـــﺼـــﺐ. ﻓــﺤــﺰب اﳌــﺤــﺎﻓــﻈــﲔ اﻟــــﺬي ﻻ ﻳــﻌــﺮف اﻟـﺮﺣـﻤـﺔ ﻓــﻲ إﻃـــﺎر ﻟـﻌـﺒـﺔ اﻟــﺒــﻘــﺎء ﻓــﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻗـــــــــﺮر أن ﻳــــﻠــــﺘــــﻒ ﺣــــﻮل ﻣﺎي ﻣﺆﻗﺘﺎ ﻟﻜﻲ ﻳﺠﺘﺎز ﻋــﻘــﺒــﺔ ﺗــﺸــﻜــﻴــﻞ ﺣـﻜـﻮﻣـﺔ أﻗـــﻠـــﻴـــﺔ، وﻟـــﻜـــﻲ ﻳــﺘــﻔــﺎدى اﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت ﺟـــﺪﻳـــﺪة ﻓﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻛـﺎرﺛـﻴـﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻗــــﻴــــﺎﺳــــﺎ ﻋــــﻠــــﻰ ﻧــﺘــﻴــﺠــﺔ اﻧــــﺘــــﺨــــﺎﺑــــﺎت اﻷﺳــــﺒــــﻮع اﳌﺎﺿﻲ، وإدراﻛﺎ ﻟﻠﻤﺰاج اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ اﻟﺬي ﻻ ﻳــﺤــﺒــﺬ اﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت أﺧـــــﺮى ﻗــﺮﻳــﺒــﺎ. ﻟﻜﻦ اﻟﺴﻜﺎﻛﲔ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ أﻏﻤﺎدﻫﺎ، واﻟﻄﺎﻣﺤﻮن ﳌﻨﺼﺐ رﺋﺎﺳﺔ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ واﻟﺤﺰب ﻳﺪورون اﻵن ﺣﻮل ﻃﺮﻳﺪﺗﻬﻢ اﻟــــﺠــــﺮﻳــــﺤــــﺔ ﻓــــــﻲ اﻧـــــﺘـــــﻈـــــﺎر ﺳـــﺎﻧـــﺤـــﺔ اﻻﻧﻘﻀﺎض ﻋﻠﻴﻬﺎ.

اﳌﺤﺎﻓﻈﻮن ﻟﻜﻲ ﻳﺒﻘﻮا ﻓﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻳﺴﺘﻤﺮوا ﻛﺤﻜﻮﻣﺔ أﻗﻠﻴﺔ، ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳﺪﻓﻌﻮا ﺛﻤﻨﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻛﺒﻴﺮا، وﻳﻘﺪﻣﻮا ﺗﻨﺎزﻻت، وﻳﻨﻔﺬوا ﺗﺮاﺟﻌﺎت ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺑﺮاﻣﺠﻬﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﻌﻠﻨﺔ. ﻓﺎﻟﺤﺰب اﻵن ﺗﺘﺠﺎذﺑﻪ ﻋﺪة ﻗﻮى وﺗﻴﺎرات ﻣﻦ اﻟـﺪاﺧـﻞ واﻟــﺨــﺎرج، وﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺮﺿﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻷﻃـﺮاف. ﻣﻦ ﺧﺎرج اﻟﺤﺰب، وﺟــــــــﺪت ﺗــــﻴــــﺮﻳــــﺰا ﻣــــــﺎي ﻧــﻔــﺴــﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻄﺎﻟﺐ اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟـﻮﺣـﺪوي اﻵﻳﺮﻟﻨﺪي اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ اﻟﺬي ﻳــﺮﻳــﺪ أﻛــﺒــﺮ اﻷﺛــــﻤــــﺎن، ﻣــﻘــﺎﺑــﻞ ﺗـﺄﻳـﻴـﺪ ﻧﻮاﺑﻪ اﻟﻌﺸﺮة ﻓﻲ اﻟﺒﺮﳌﺎن ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ، اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻤﺜﻠﻮن اﻟـﻔـﺎرق ﺑﲔ ﺳﻘﻮط اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أو اﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ. ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻔﺎوﺿﺎت ﺑﲔ اﻟﻄﺮﻓﲔ أﻃﻮل وأﻋﻘﺪ ﻣـــﻤـــﺎ ﺗــﻮﻗــﻌــﺘــﻪ ﻣــــــﺎي، ﺧـــﺼـــﻮﺻـــﺎ أن اﻟﺼﻴﻐﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﺄﻳﻴﺪ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﻗﻠﻴﺔ وﻟـﻴـﺲ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﺋﺘﻼﻓﻴﺔ.

ﺑـﺎﻹﺿـﺎﻓـﺔ إﻟــﻰ ﻋــﺪد ﻣـﻦ اﳌﻄﺎﻟﺐ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﺈن اﻟﺤﺰب اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻲ اﻟـﻮﺣـﺪوي اﻵﻳﺮﻟﻨﺪي ﻟﻦ ﻳﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﻣﻮﺿﻮع ﺑﻘﺎء ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺿﻤﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺠﻤﺮﻛﻲ اﻷوروﺑـــــــﻲ ﻛــﺤــﺪ أدﻧــــﻰ، ﻷن اﻵﻳـــــﺮﻟـــــﻨـــــﺪﻳـــــﲔ ﻓــﻲ إﻗﻠﻴﻢ ﺷﻤﺎل آﻳﺮﻟﻨﺪا أو ﻓــﻲ ﺟــﻤــﻬــﻮرﻳــﺔ آﻳــﺮﻟــﻨــﺪا اﻟـــﻌـــﻀـــﻮ ﻓـــــﻲ اﻻﺗــــﺤــــﺎد اﻷوروﺑـــــــــــﻲ ﻻ ﻳـــﺮﻳـــﺪون ﺣﺪودا وﺳﻴﺎﺟﺎ ﻳﻘﻄﻊ ﺑﲔ اﻟﺠﺎﻧﺒﲔ، وﻳــــﺆﺛــــﺮ ﻋـــﻠـــﻰ ﺣـــﺮﻳـــﺔ ﺣـــﺮﻛـــﺔ اﻟــﺒــﺸــﺮ واﻟﺒﻀﺎﺋﻊ.

ﻣﻦ اﻟﺘﻨﺎزﻻت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻮﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﻣﺎي ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ إﻧﻬﺎء ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻘﺸﻒ ﺧـــﺼـــﻮﺻـــﺎ ﻓـــــﻲ ﺑــــﺮﻧــــﺎﻣــــﺞ اﻟـــﺮﻋـــﺎﻳـــﺔ اﻟـــﺼـــﺤـــﻴـــﺔ واﻻﺟـــﺘـــﻤـــﺎﻋـــﻴـــﺔ، وﻛـــﺬﻟـــﻚ إﻟــﻐــﺎء ﺑـﻌـﺾ اﻟـﺒـﻨـﻮد اﳌـﺜـﻴـﺮة ﻟﻠﺠﺪل اﻟـﺘـﻲ وردت ﻓــﻲ ﺑـﺮﻧـﺎﻣـﺞ اﳌﺤﺎﻓﻈﲔ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻲ. ﻟـﻜـﻦ اﻷﻫــــﻢ ﻣــﻦ ﻛــﻞ ذﻟـﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﳌﺘﻮﻗﻊ ﻓﻲ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟــــــﺤــــــﻜــــــﻮﻣــــــﺔ ﺑـــــــﺸـــــــﺄن ﻣــــــﻔــــــﺎوﺿــــــﺎت »اﻟــﺒــﺮﻳــﻜــﺴــﺖ«، وﻫـــﻲ اﻟـﻘـﻀـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﺜـﻴـﺮ اﻧــﻘــﺴــﺎﻣــﺎت ﻛــﺒــﻴــﺮة ﻓـــﻲ اﻟـﺒـﻠـﺪ، وﺳﺘﻜﻮن ﻟﻬﺎ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ.

ﻣـــﻌـــﺎرﺿـــﻮ ﺳـــﻴـــﺎﺳـــﺔ »اﻟــــﺨــــﺮوج اﻟـــﺨـــﺸـــﻦ« ﻣــــﻦ اﻻﺗـــــﺤـــــﺎد اﻷوروﺑـــــــــﻲ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺒــﻨــﺘــﻬــﺎ ﺣــﻜــﻮﻣــﺔ ﻣـــــﺎي ﺑـــــﺪأوا ﻳﻄﺎﻟﺒﻮن ﻣـﺠـﺪدا ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋـﻦ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ وﺗﺒﻨﻲ ﻧﻬﺞ »اﻟﺨﺮوج اﻟـﻨـﺎﻋـﻢ« اﻟــﺬي ﻳﻌﻨﻲ ﺑﻘﺎء ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﺿــﻤــﻦ اﻟــﺴــﻮق اﻷوروﺑـــﻴـــﺔ اﳌـﺸـﺘـﺮﻛـﺔ وﺿﻤﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺠﻤﺮﻛﻲ، ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻘﺒﻮل أﻳﻀﺎ ﺑﻘﺪر ﻣﻦ اﻟﻬﺠﺮة وﺣﺮﻳﺔ اﻟـﺤـﺮﻛـﺔ واﻟـﺘـﻨـﻘـﻞ واﻹﻗــﺎﻣــﺔ ﳌﻮاﻃﻨﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻻﺗــﺤــﺎد اﻷوروﺑــــﻲ. ﻫﺬا