اﻧﺰﻋﺎج اﳌﻼﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ
ﺗــﻨــﺘــﻈــﻢ اﻟــﻠــﻐــﺔ اﻟــﻔــﺎرﺳــﻴــﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻣﻨﻮال »اﻟﻔﺎﻋﻞ، واﻟﻔﻌﻞ، ﺛﻢ اﳌﻔﻌﻮل ﺑـــــﻪ«، ﻋــﻠــﻰ ﻏـــــﺮار اﻟـــﻘـــﻮاﻋـــﺪ اﻟـﻠـﻐـﻮﻳـﺔ اﳌـﻌـﻤـﻮل ﺑﻬﺎ ﻓــﻲ أﻏـﻠـﺐ اﻟـﻠـﻐـﺎت ذات اﻷﺻـــﻮل اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﻷوروﺑــﻴــﺔ، )وﻫـﻮ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﻌـــﻜـــﺲ ﻣــــﻦ ذﻟــــــﻚ ﻓــــﻲ اﻟــﻠــﻐــﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ!( ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ أن أول ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻌﻪ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻟﻔﺎﻋﻞ، أي ﻣـــﻦ ﻳـــﻘـــﻮم ﺑــــــﺄداء اﻟــﻔــﻌــﻞ ﻧـﻔـﺴـﻪ. واﻟﺴﻤﺔ اﻟﺒﺎرزة ﳌﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﻫﻮ ﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮح. ﻓﺈﻧﻚ ﺗﻌﺮف ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﺎذا، ﻣﻊ ﻣﻦ، ﻗﺒﻞ أن ﺗﻌﺮف ﻣﺘﻰ ﻗﺎم ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﳌﺎذا ﻓﻌﻠﻪ.
وﻟـﻜـﻦ ﻣـــﺎذا ﻟــﻮ، ﻷي ﺳﺒﺐ ﻛــﺎن، أﻧﻚ ﺗﺨﺸﻰ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻮﺿﻮح وﺗﺮﻏﺐ ﻓـﻲ إﺧـﻔـﺎء اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺧﻠﻒ ﺳﺘﺎر ﻣﻦ اﻟـﻐـﻤـﻮض واﻟـﻀـﺒـﺎب واﻟــﻮﻫــﻢ. وﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﻴﺔ، ﻣﺎذا ﻟﻮ أﻧﻚ ﺗﺮﻏﺐ ﻓﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺔ »اﻟﺘﻘﻴﺔ« أو »اﻟﻜﺘﻤﺎن«.
ﺣـــﺎول ﺑـﻌـﺾ اﻟــﻜــﺘــﺎب، ﻋـﻠـﻰ ﻣﺮ اﻟـﻌـﺼـﻮر، وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﻣـﻦ اﳌـﻼﻟـﻲ، ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫـﺬه اﻹﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﺎ أداة ﺻــﺮﻓــﻴـﺔ ﺗـﺴـﻤـﻰ »ﻧــﺎﻛــﺎرﻳــﻪ« أو »اﳌــﺒــﻨــﻲ ﻟـﻠـﻤـﺠـﻬـﻮل« واﻟــﺘــﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟـــﻠـــﻜـــﺎﺗـــﺐ أو اﳌــــﺘــــﺤــــﺪث ﺑـــــﻘـــــﺪر ﻣــﻦ اﻟـﻐـﻤـﻮض ﺣــﻮل اﻟـﻔـﺎﻋـﻞ ﻓــﻲ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﳌــﻜــﺘــﻮﺑــﺔ أو اﳌــﻨــﻄــﻮﻗــﺔ. وﺑــﺎﻟــﺘــﺎﻟــﻲ، ﺑــﺪﻻ ﻣـﻦ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻓـﺎﻋـﻞ اﻟﺠﻤﻠﺔ ﻋﻨﺪ ﺑـﺪاﻳـﺘـﻬـﺎ، ﻳﻤﻜﻨﻚ اﻟــﻘــﻮل »ﻟـﻘـﺪ ﺣـﺪث ذﻟﻚ...«، أو »ﻫﻢ ﻓﻌﻠﻮا ذﻟﻚ..«.
واﻷﻣــﺜــﻠــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﺳــﺘــﺨــﺪام ﻫــﺬه اﻷداة اﻟﺼﺮﻓﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮة وﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎت ﻋﻠﻤﺎء اﳌﺬﻫﺐ اﻟﺸﻴﻌﻲ، ﺑﺪء ا ﻣــﻦ ﻣـﺤـﻤـﺪ ﺑــﺎﻗــﺮ اﳌــﺠــﻠــﺴــﻲ، وﺣـﺘـﻰ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻟﻄﺒﺎﻃﺒﺎﺋﻲ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺣﺪاﺛﺔ واﻷوﺳﻊ ﻣﻌﺮﻓﺔ.
ﻏـــﻴـــﺮ أن ﻫـــــــﺬه اﻷداة ﻗـــــﺪ ﻛــﺜــﺮ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ أﻳﻀﺎ ﻟﺪى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ واﻟــﺪﺑــﻠــﻮﻣــﺎﺳــﻴــﲔ. ﻓــﻔــﻲ ﻋــــﺎم ١٤٩١ ﻋــــﻨــــﺪﻣــــﺎ ﻏـــــــﺰت اﻟــــــﻘــــــﻮات اﻟــــﺮوﺳــــﻴــــﺔ واﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ إﻳﺮان ﺑﻬﺪف اﺳﺘﺨﺪام ﺧــــﻄــــﻮط اﻟـــﺴـــﻜـــﻚ اﻟـــﺤـــﺪﻳـــﺪﻳـــﺔ ﻋــﻠــﻰ أراﺿـــﻴـــﻬـــﺎ ﻓــــﻲ ﻧـــﻘـــﻞ اﻷﺳـــﻠـــﺤـــﺔ إﻟـــﻰ اﻻﺗــﺤــﺎد اﻟـﺴـﻮﻓـﻴـﺎﺗـﻲ ﺧـــﻼل اﻟـﺤـﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺻﺮح رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻹﻳﺮاﻧﻲ وﻗﺘﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻓﺮوﻏﻲ ﺑﺒﻴﺎن ﻋﺒﺮ اﻹذاﻋـﻴـﺔ اﻹﻳـﺮاﻧـﻴـﺔ، ﺟﺎء ﻓﻴﻪ: »ﻟﻘﺪ ﺟﺎءوا، ﺛﻢ اﻧﺼﺮﻓﻮا، وﻫﻢ ﻟﻦ ﻳﺰﻋﺠﻮا أﺣﺪﴽ ﺑﻌﺪ اﻵن!«.
إﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟﺘﻔﻮه ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﻠﻐﺘﻪ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ اﻟﺠﻴﺪة ﻟﻴﻘﻮل: »ﻟﻘﺪ ﻏﺰت اﻟﻘﻮات اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ واﻟﺮوﺳﻴﺔ ﺑﻼدﻧﺎ!«.
وﻓﻲ ﻋﺎم ٩٨٩١، ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺟﺒﺮ آﻳﺔ اﻟـﻠـﻪ اﻟﺨﻤﻴﻨﻲ ﻋـﻠـﻰ اﻻﻋــﺘــﺮاف ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﳌﺴﻴﺮ إﻟﻰ اﻟﻘﺪس ﻋﺒﺮ ﻛــﺮﺑــﻼء اﻟــﻌــﺮاﻗــﻴــﺔ، ﻟــﻢ ﻳـﻘـﻞ إن وﻋــﺪه اﳌﺄﺳﺎوي ﻗﺪ ﻓﺸﻞ، ﺑﻞ ﻗﺎل: »ﻟﻘﺪ ﺗﻘﺮر ﻗﺒﻮل وﻗﻒ إﻃﻼق اﻟﻨﺎر«، ﻫﻜﺬا!
وﻓﻲ اﻵوﻧـﺔ اﻷﺧﻴﺮة، ﻛﺎن ﻓﺮﻳﻖ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ، اﻟـﺬي وﺿﻊ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻨﻮوي ﻣﻊ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ، ﻗﺪ اﺳـﺘـﺨـﺪم ﻧﻔﺲ اﻷداة اﻟﺼﺮﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻟﻨﺴﺨﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﻣﻦ ٩٧١ ﺻــﻔــﺤــﺔ ﻣـــﻦ »ﺻــﺤــﻴــﻔــﺔ اﻟــﺤــﻘــﺎﺋــﻖ«، وﻓﻴﻬﺎ أن ﻫــﺬا اﻷﻣــﺮ أو ذاك »ﺳـﻮف ﻳـــﺘـــﻢ« ﻣــــﻦ دون أن ﺗـــﻘـــﻒ ﻗــــﻂ ﻋـﻠـﻰ »اﻟﻔﺎﻋﻞ« اﻟﺬي ﻳﻔﺘﺮض ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﳌﻄﻠﻮب. وﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻣﲔ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻹرث ﻟﻠﺴﻴﺪ أوﺑﺎﻣﺎ، ﺳﻘﻂ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓﻲ ﻓﺦ اﻟﺨﺪﻋﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ، وﻣﻀﻮا ﻳﺰﻋﻤﻮن أن اﻹﻳﺮاﻧﻴﲔ ﺳﻮف ﻳﻔﻌﻠﻮن ﻫﺬا أو ذاك ﻣﻦ اﻷﻣﻮر.
وﺑـﻌـﺾ اﻟــﻜــﺘــﺎب، ﻣـﺜـﻞ ﺻﺪﻳﻘﻲ اﻟـــﺮاﺣـــﻞ ﺟـــﻼل اﻷﺣـــﻤـــﺪ، اﻟــــﺬي ﻏــﺎدر اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﺻـﻮب اﻹﺳـﻼﻣـﻮﻳـﺔ، ﻛﺎن ﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم ﻧﺴﺨﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷداة اﻟــﺼــﺮﻓــﻴــﺔ ﻋـــﻦ ﻃــﺮﻳــﻖ إدﻏــــﺎم اﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺠﻤﻠﺔ ﺑﻜﺘﺎﺑﺎﺗﻪ، ﻟﻴﺨﻠﻖ ﺣــﺎﻟــﺔ اﻻرﺗـــﺒـــﺎك واﻟـﻐـﻤـﻮض اﳌﻄﻠﻮﺑﺔ.
وﻫـــــﻨـــــﺎك ﻛـــﺜـــﻴـــﺮ ﻣـــــﻦ اﻟــﻨــﻘــﺎﺋــﺺ اﻟـﻨـﺎﺟـﻤـﺔ ﻋــﻦ اﺳــﺘــﺨــﺪام ﻫـــﺬه اﻷداة اﻟـــﺼـــﺮﻓـــﻴـــﺔ، وﻻ ﺳــﻴــﻤــﺎ ﻓــــﻲ ﻣــﺠــﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﺣﻴﺚ ﻻ ﺗﻌﺮف اﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ أﺑـــﺪﴽ ﻣــﻦ ﻫــﻲ اﻟـﺠـﻬـﺎت اﳌﺘﻨﺎﻓﺴﺔ أو اﳌـــﻌـــﺎرﺿـــﺔ ﻓـــﻲ أي ﺣــﺠــﺔ ﻣــﻄــﺮوﺣــﺔ ﻛﺎﻧﺖ.
وأﺣــــﺪث اﻷﻣــﺜــﻠــﺔ ﻋـﻠـﻰ ذﻟـــﻚ ﻛـﺎن ﺧـــﻄـــﺎب اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻹﻳـــــﺮاﻧـــــﻲ، اﳌــﻌــﺎد اﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻪ ﺣـــﺪﻳـــﺜـــﺎ، ﻓـــﻲ ﻃـــﻬـــﺮان ﻣـﻊ اﻟـــﺼـــﺤـــﺎﻓـــﻴـــﲔ اﻷﺳـــــﺒـــــﻮع اﳌــــﺎﺿــــﻲ: »ﻳــﺪﻋــﻲ اﻟـﺒـﻌـﺾ ﺧـﺒـﺮﺗـﻬـﻢ اﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻓــﻲ ﻗـﻴـﺎس ﺗـﻘـﻮى اﻟــﻨــﺎس وإﻳﻤﺎﻧﻬﻢ ﺑﺎﻟﺜﻮرة، وﻳﻌﺼﻔﻮن ﺑﻤﻦ ﻫﻢ أﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﻓـﻲ ذﻟــﻚ!« وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺄﻟﻪ أﺣﺪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﻋﻤﻦ ﻳﻘﺼﺪ ﺑـ »اﻟﺒﻌﺾ«، أﺟﺎﺑﻪ روﺣﺎﻧﻲ ﺑﻘﻮﻟﻪ: »وﻣﻦ وراﺋﻬﻢ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺘﺨﺬ اﻟﻘﺮارات«. ﻣﻦ دون أن ﻳﻌﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺔ ﻫﺬه اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻨﻬﺎ. )ﺧﻀﻌﺖ ﻛﻠﻤﺎت روﺣﺎﻧﻲ ﻟﻠﺮﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﻮات اﻹذاﻋﺔ واﻟﺘﻠﻔﺎز اﳌﻤﻠﻮك ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻫﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻊ ﻳﻮﺗﻴﻮب!(.
وﻟﻘﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﳌﺮﺷﺪ اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﻷﻋــﻠــﻰ ﻋــﻠــﻲ ﺧـﺎﻣـﻨـﺌـﻲ ﻧــﻔــﺲ اﻷداة اﻟﺼﺮﻓﻴﺔ اﻟﺨﺎدﻋﺔ. ﻓﻔﻲ ﻛﻠﻤﺘﻪ إﻟﻰ ﺟﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ »اﳌﺴﻠﺤﲔ« اﻷﺳﺒﻮع اﳌﺎﺿﻲ، ﻗﺎل ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ: »ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ، إن ﻛﻠﻤﺎﺗﻲ ﻣﻮﺟﻬﺔ إﻟــﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻟﺒﺬل ﻣﺎ ﻓﻲ وﺳﻌﻬﻢ، واﺿﻄﻼع )اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟــﺮﺳــﻤــﻴــﺔ( ﻓـــﻲ اﻟـــﺪوﻟـــﺔ ﺑـﻮاﺟـﺒـﺎﺗـﻬـﺎ ﻟﻠﺘﺼﺮف ﻣﻦ ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟــﺤــﺎل ﻓــﻲ ﺳــﺎﺣــﺎت اﳌــﻌــﺎرك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳــﺤــﲔ اﻟـــﻮﻗـــﺖ ﻹﻃـــــﻼق اﻟـــﻨـــﻴـــﺮان ﺑﻼ ﺿﺎﺑﻂ أو ﺣﺎﻛﻢ«.
وﻣـــــــﻦ اﻟــــــﻮاﺿــــــﺢ أن روﺣــــﺎﻧــــﻲ وﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﺸﻴﺮ أﺣﺪﻫﻤﺎ إﻟﻰ اﻵﺧﺮ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف، ﻓﻲ ﺳﻴﺎق اﻟﺼﺮاع ﻣــــﻦ أﺟـــــﻞ اﻟــﺴــﻠــﻄــﺔ داﺧـــــــﻞ اﻟــــﺪاﺋــــﺮة اﻟﺨﻤﻴﻨﻴﺔ اﻟﻀﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﻀﻮﻳﺎن ﺗﺤﺖ ﻟﻮاﺋﻬﺎ ﺳﻮﻳﴼ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻟﻴﺲ ﻣﻨﻬﻤﺎ أﺣﺪ ﻣﺴﺘﻌﺪ ﻻﻋﺘﻤﺎد اﳌﻮﻗﻒ اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ اﻟــﻄــﺒــﻴــﻌــﻲ اﻟــﻘــﺎﺋــﻢ ﻋـﻠـﻰ ﺗﺤﺪﻳﺪ »اﻟـﺠـﺎﻧـﺐ اﻵﺧــﺮ« وﺗﺴﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ أي ﺣﻮار ﻛﺎن، أو اﻟﺘﻔﻮه ﺻﺮاﺣﺔ ﺑــﺄي ﺧـﻼﻓـﺎت أو ﺗﻮﺿﻴﺢ أي ﻓـﺮوق ﻓـﻲ وﺟـﻬـﺎت اﻟﻨﻈﺮ، وﻣﻄﺎﻟﺒﺔ اﻟـﺮأي اﻟﻌﺎم ﺑﺪﻋﻢ أو إﺳﻨﺎد أي ﻣﻦ اﳌﻮﻗﻔﲔ. ﺑﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﻄﻮرة »اﻹﺟﻤﺎع اﻹﺳﻼﻣﻲ« اﻟﺨﺎدﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺠﻠﻴﺔ.
وﻓﻲ اﻷﺳﺒﻮع اﳌﺎﺿﻲ، اﺳﺘﺨﺪم ﺑﻌﺾ ﻣﻦ أﻋﻀﺎء اﳌﺠﻠﺲ اﻹﺳﻼﻣﻲ، أو اﻟﺒﺮﳌﺎن اﻹﻳﺮاﻧﻲ اﳌﺼﻄﻨﻊ، ﻧﻔﺲ اﻟـﺨـﺪﻋـﺔ اﻟـﺼـﺮﻓـﻴـﺔ، ﻓـﻲ اﻹﻋـــﺮاب ﻋﻦ إﺣﺒﺎﻃﻬﻢ إزاء ﻓﺸﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أو ﻋﺪم رﻏﺒﺘﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟﺘﻘﺪم ﺑﺴﺮد ﻣﺘﻤﺎﺳﻚ وراﺳﺦ ﺑﺸﺄن اﻟﻬﺠﻤﺔ اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻫﺰت اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻃﻬﺮان.
وﻣـــــــﻦ أﺣـــــــﺪ اﻷﻋـــــــﻀـــــــﺎء، أﺣـــﻤـــﺪ زﻣﺎﻧﻲ، اﻟﺬي ﻗﺎل ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺳﺘﺔ أﻳﺎم ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺠﻤﺎت: »ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎك ﺗﻘﺮﻳﺮ رﺳﻤﻲ ﻋﻤﺎ ﺣﺪث ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ«.
وﻫـــــﻨـــــﺎك ﻋــــﻀــــﻮ آﺧـــــــــﺮ، ﻣــﺤــﻤــﺪ ﻗــﺎﺳــﻢ زﻣـــﺎﻧـــﻲ، اﻟــــﺬي ﺻــــﺮح: »ﻻ ﺑﺪ ﻟــﻠــﻤــﻬــﺎﺟــﻤــﲔ ﻣــــﻦ ﺷــﺒــﻜــﺔ ﻟــﻠــﻘــﻴــﺎدة واﻟﺴﻴﻄﺮة واﻟﺪﻋﻢ، واﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﺮف ﻋﻨﻬﺎ أي ﺷﻲء ﻗﻂ«.
وﻋــــﻀــــﻮ ﺛـــــﺎﻟـــــﺚ، ﻣـــﺤـــﻤـــﺪ رﺿـــﺎ ﻃﺎﺑﺶ، اﻟﺬي ﻗﺎل: »ﺗﻮﻓﺮت ﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣـــــﺎ ﻟــــﻺرﻫــــﺎﺑــــﻴــــﲔ، وإﻻ ﻣـــــﺎ ﻛـــﺎﻧـــﻮا اﺳﺘﻄﺎﻋﻮا أن ﻳﻔﻌﻠﻮا ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻮه«.
وﻋﻠﻰ ﻏﺮار ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ وروﺣﺎﻧﻲ، أراد اﻟﻨﻮاب اﻟﺒﺮﳌﺎﻧﻴﻮن اﻟﺜﻼﺛﺔ إرﺿﺎء اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ ﻓﻲ دواﺋﺮﻫﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ أو اﳌﺘﻮﻫﻤﺔ، ﻣﻦ دون اﻻﻟﺘﺰام اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑــﺄي ﻣـﻮﻗـﻒ واﺿــﺢ ﺣـﻴـﺎل اﻷﺣـــﺪاث. وﻫـــﻢ ﻋــﻠــﻰ ﻏــﻴــﺮ اﺳــﺘــﻌــﺪاد ﻟﺘﺴﻤﻴﺔ أﺟـﻬـﺰة اﻷﻣــﻦ اﻹﻳـﺮاﻧـﻴـﺔ ﺑﺎﺳﻤﻬﺎ، أو اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، وﺳﺎدﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﺎﺳﺔ، وإﻟـﻘـﺎء اﻟﻼﺋﻤﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ اﻹﺧﻔﺎق ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺳﺮد ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ وﻣﻮﺛﻮق ﺣﻮل اﳌﺄﺳﺎة.
ﺗــﻌــﺪ اﻟــﻠــﻐــﺔ ﻣــﻦ وﺳــﺎﺋــﻂ ﺗــﺒــﺎدل اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت واﻷﻓـــﻜـــﺎر واﳌــﺸــﺎﻋــﺮ ﻓﻲ ﻣـﻨـﺎﺣـﻲ اﻟـﺤـﻴـﺎة ﻛــﺎﻓــﺔ، ﺑـﻤـﺎ ﻓــﻲ ذﻟـﻚ اﳌــﺠــﺎل اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ. وﻓـــﻲ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ إﻳــــــﺮان اﻹﺳـــﻼﻣـــﻴـــﺔ، رﻏــــﻢ ﻛـــﻞ ﺷـــﻲء، ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﻠﻐﺔ إﻣﺎ ﻓﻲ إﺧﻔﺎء أﺷﻴﺎء أو اﻟﺒﻌﺚ ﺑـﺮﺳـﺎﺋـﻞ ﻣﺸﻔﺮة ﻻ ﻳــﺪرك ﻓﺤﻮاﻫﺎ إﻻ أﻫﻞ اﻟﺪراﻳﺔ واﻻﻃﻼع.
وﻓــﻘــﺪان اﻟـﺸـﺠـﺎﻋـﺔ ﻓــﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ اﻹداﻧﺔ اﳌﺴﺘﻨﺪة إﻟﻰ اﻟﺮاﺳﺦ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺎﺋﻊ، ﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﻴﺎن ﺑــﻬــﺪف ﺣـﻤـﺎﻳـﺔ اﻟــــﺬات ﻣــﻦ اﻷذى ﻓﻲ ﺑﻴﺌﺔ ﻣـﻨـﺎوﺋـﺔ ورﺑــﻤــﺎ ﻣـﻌـﺎدﻳـﺔ، وﻣـﻦ ﺛـﻢ ﻳـﺄﺗـﻲ اﳌـﺒـﺮر اﻟــﺬي ﻳﺘﺒﻨﺎه ﺑﻌﺾ اﳌﻼﻟﻲ ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام »اﻟﺘﻘﻴﺔ«.
وﻟــــﻜــــﻦ ﻣــــــــﺎذا ﻋـــــﻦ اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻴــﲔ اﻟـــﻌـــﺎﻣـــﻠـــﲔ ﻓــــﻲ ﺑــﻴــﺌــﺔ ﻣــــﻦ ﺻـﻨـﻌـﻬـﻢ وﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺴﻴﻄﺮﺗﻬﻢ؟
ﻗﺪ ﻳﺘﻔﻬﻢ اﳌﺮء اﻟﺴﺒﺐ وراء ﻓﺮض اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ أو رﺑﻤﺎ اﻹﺳﻜﺎت اﳌﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﺘﻘﺪﻳﻦ ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺤﺎﻛﻢ. وﻟﻜﻦ، ﻣﺎذا ﻋﻦ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋــﻼم اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗـــﻔـــﺮض اﻟـــﺮﻗـــﺎﺑـــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﺗــﺼــﺮﻳــﺤــﺎت رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ، ﻧﺎﻫﻴﻜﻢ ﻋﻦ ذﻛﺮ اﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺴﺎﺑﻘﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﻮﻟﻮا إﻟﻰ ﺷﺨﺼﻴﺎت وﻫﻤﻴﺔ؟
ﻳﺰﻋﻢ اﻟﺮﺋﻴﺲ روﺣـﺎﻧـﻲ أﻧـﻪ ﻣﻦ اﳌﻌﺘﺪﻟﲔ واﻹﺻﻼﺣﻴﲔ، ﻣﻦ دون أن ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﻋــﻦ اﳌـﺴـﺎﺋـﻞ اﳌــﺤــﺪدة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﺰم اﻻﻋﺘﺪال ﻓﻴﻬﺎ أو ﻋﻦ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﳌﻌﻴﻨﺔ ﻓـﻲ ﺳﻴﺎﺳﺘﻪ اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻏﺐ ﻓﻲ إﺻﻼﺣﻬﺎ، وﻛﻴﻒ ﻳﺘﺼﻮر ﻣﻼﻣﺢ ﻫﺬا اﻹﺻﻼح.
وﻣـــﻦ ﺟــﺎﻧــﺒــﻪ، ﻻ ﻳـﻔـﺘـﺄ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﺤﺬر وﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﻣﻦ »ﻋﻤﻼء اﻟﺘﺂﻣﺮ ووﻛﻼء اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ« اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺎوﻟﻮن ﺗﺨﺮﻳﺐ اﻟﺜﻮرة اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ، وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ أﺑــﺪا »ﻣــﻦ« ﻫـﺆﻻء، وﳌـــﺎذا ﻫـﻢ ﻣـﺘـﺮوﻛـﻮن ﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ اﻹﻳﺮاﻧﻲ.
إن ﻛﺒﺎر ﺳﺪﻧﺔ اﻟﺪاﺋﺮة اﻟﺨﻤﻴﻨﻴﺔ ﻻ ﻳـــﺘـــﺤـــﺪﺛـــﻮن أو ﻳـــﻜـــﺘـــﺒـــﻮن اﻟــﻠــﻐــﺔ اﻟﻔﺎرﺳﻴﺔ ﺑﻄﻼﻗﺔ، أو ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﻣــﺮ. وﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ أﻧﻬﻢ ﻛﻠﻤﺎ زاد ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ ازدادت ﺣﻴﺮة اﻟﻨﺎس ﻓﻲ إدراك ﻓﺤﻮى ﺣﺪﻳﺜﻬﻢ. واﻟﺼﻮت اﻟﻮﺣﻴﺪ اﻷﺻﻴﻞ اﳌﺴﻤﻮع ﻫﻮ ﺻﻮت ﺷﺤﺬ اﻟﺨﻨﺎﺟﺮ ﺧﻠﻒ اﻟﻜﻮاﻟﻴﺲ.