»حماس« تبدأ في إقامة منطقة عازلة عسكرية على حدود مصر
تنشر قوات معززة بمنظومة مراقبة على امتداد ١٢ كيلومتراً في إشارة إلى تطور العلاقات
تـسـابـق آلــيــات كـبـيـرة تابعة لــــوزارة الـداخـلـيـة فـي قـطـاع غـزة، الـزمـن، مـن أجــل تـجـريـف الأرض، لإقــامــة مـنـطـقـة عــازلــة عـلـى طـول الـــــحـــــدود مــــع جـــمـــهـــوريـــة مـصـر الـعـربـيـة، فـي واحـــدة مـن خطوات أمـنـيـة كـثـيـرة مرتقبة ستتخذها حركة حماس، استجابة لطلبات مصرية.
وأعلنت وزارة الداخلية أمس، عن بدء مرحلة جديدة من إجراءات ضبط الحدود الجنوبية مع مصر.
وقـــال الـنـاطـق بـاسـم الـــوزارة إيـــاد الــبــزم: »إن هـــذه الإجـــــراءات ضـمـن خـطـة الــــوزارة وإجـراءاتـهـا لزيادة الضبط والسيطرة وتعزيز الـــحـــالـــة الأمـــنـــيـــة عـــلـــى الـــحـــدود الجنوبية للقطاع«.
وشوهدت آليات ثقيلة تعمل على إزالـــة الأتـربـة وتمهد طريقا عـــريـــضـــا عـــلـــى الـــــــحـــــــدود، فـيـمـا ســيــتــحــول، لاحـــقـــا، إلــــى مـنـطـقـة عـسـكـريـة عـــازلـــة تـسـيـطـر عليها حـمـاس، لمنع أي تسلل مـن مصر وإليها.
وقال اللواء توفيق أبو نعيم، وكـيـل وزارة الـداخـلـيـة، الــذي كان ضمن وفد حركة حماس الذي زار القاهرة بداية الشهر الحالي: »هذه الإجــراءات تأتي في سياق نتائج الــــزيــــارة الأخـــيـــرة لــلــوفــد الأمــنــي لـجـمـهـوريـة مــصــر، والـتـفـاهـمـات التي تمت في هذا الإطار«.
وأضاف أبو نعيم، الذي حضر إلى المكان مع مسؤولي أمن آخرين: »سنقيم منطقة عازلة على الحدود بـعـمـق ١٠٠ مـتـر داخــــل الأراضــــي الفلسطينية، وستصبح منطقة عسكرية مغلقة«. وتابع أبو نعيم مخاطبا عناصره: »هذا سيسهل مــراقــبــة الــــحــــدود، ومــنــع تـهـريـب المخدرات وتسلل المطلوبين«.
وتشمل المرحلة الأولــى التي بـدأتـهـا حـمـاس، تـسـويـة الـطـريـق على الشريط الحدودي الجنوبي بــطــول ١٢ كـيـلـومـتـرا، وتـعـبـيـده، على أن يتم، لاحقا، نشر منظومة مـراقـبـة مـتـكـامـلـة، تـشـمـل أبـراجـا عسكرية وكاميرات حديثة، إضافة إلى تركيب شبكة إنارة كاملة على طول الحدود.
وأكــــــــــد أبــــــــو نـــعـــيـــم أن هــــذه الإجـراءات مستمرة، وستتواصل مـــــــن أجـــــــــل تـــحـــقـــيـــق الـــســـيـــطـــرة الـتـامـة عـلـى الــحــدود الـجـنـوبـيـة، حـتـى الــوصــول إلــى مـنـع التسلل والتهريب بشكل كامل.
وتـــحـــتـــاج الإجــــــــــــراءات الــتــي بدأتها حماس إلى موافقة مصر، وهو الأمر الذي تم في المباحثات الأخيرة.
وقـــــــالـــــــت مـــــــصـــــــادر مــطــلــعــة لـ »الشرق الأوسط« إنه اتفق كذلك، عـلـى نـشـر عـنـاصـر أمـنـيـة واسـعـة تابعة لحماس على طول الحدود، على أن تبقى هناك بشكل مستمر. وبحسب المـصـادر: »فـي اللقاءات السابقة جميعها كان هناك اتهام مــصــري لـحـمـاس بـالـتـقـصـيـر في مـسـألـة مـراقـبـة الــحــدود، وطلبت مصر، مرارا، ضبط الحدود وعدم السماح بتسلل عناصر متشددة من سيناء وإليها، كما طلبت منع تـــجـــارة الـــســـلاح ووقـــــف أي عـمـل للأنفاق المتبقية«.
وأضـــــافـــــت المـــــصـــــادر: »جــــزء مـن المشكلة أن مصر كـانـت تتهم حماس أو عناصرها بالمشاركة أو تسهيل التنقل عبر الأنفاق«.
وبــــحــــســــب المـــــــــصـــــــــادر، فــــإن الــحــركــة نـفـت كــل ذلــــك، وتـعـهـدت بضبط الحدود واتخذت إجراءات مختلفة، لكن من دون أن يمنع ذلك التسلل بشكل كامل، فقررت إقامة منطقة عازلة ونشر قوات معززة.
ووجـــــــــــــه أبــــــــــو نــــعــــيــــم بــــهــــذا الــــــخــــــصــــــوص، رســـــــالـــــــة طـــمـــأنـــة للمصريين، قائلا وهو يتفقد عمل الآليات : »الأمن القومي المصري هو أمن قومي فلسطيني، ولا يمكن أن نسمح بأي تهديد للحالة الأمنية المستقرة على الحدود الجنوبية.«
وأردف: »ســــنــــواصــــل عـمـل اللازم وسيتم تذليل كافة العقبات والعوائق أمامنا .«
ويـشـيـر الــحــراك الـحـمـسـاوي الجديد، إلى التحسن الكبير الذي طرأ على العلاقة مع مصر، أثناء اللقاء الأخير الذي تم بداية الشهر الحالي.
وأبـــــــــــــدت حـــــمـــــاس فــــــي هــــذه اللقاءات، استعدادا لتعاون أكبر مـــع مــصــر، بــعــدمــا فــكــت الـحـركـة ارتباطها بــ »الإخـوان« وألغت كل علاقة بهم في وثيقتها الجديدة، وكـثـفـت مــن قـواتـهـا الأمـنـيـة على الــــــــحــــــــدود، وشـــــنـــــت حـــــربـــــا ضــد الـــجـــمـــاعـــات المـــتـــشـــددة المـشـتـبـه بعلاقتها مع جماعات »داعش« في سـيـنـاء، كنتيجة لـلـقـاءات سابقة مع المصريين.
وكـــــان الــقــيــادي فـــي الـحـركـة خـلـيـل الــحــيــة، وصــــف الــلــقــاءات والـتـفـاهـمـات الأخـــيـــرة فــي مصر بــــالأفــــضــــل، مـــــن بـــــين تــفــاهــمــات ولـــقـــاءات أخــــرى ســابــقــة، مــؤكــدا أنــه بعد ٥ لـقـاءات مـع المسؤولين المـصـريـين، فـي غـضـون ١٥ شهرا، فإن العلاقة »ذاهبة نحو التحسن والتطور والاستقرار .«
ويـــتـــضـــح هــــــذا الـــتـــطـــور فـي الـــعـــلاقـــات بـــين مــصــر وحـــمـــاس، مـن خـلال الإجـــراءات الحمساوية الـجـديـدة عـلـى الــحــدود، وتـزويـد القاهرة وقـودا صناعيا وتجاريا لـــغـــزة، والاتــــفــــاق عــلــى اســتــمــرار اللقاءات.
وأدخــلــت الـسـلـطـات المصرية إلى غزة، كميات كبيرة من الوقود بسعر أقل من الوقود الذي تشتريه الـسـلـطـات فــي غـــزة عـبـر الـسـلـطـة الفلسطينية من إسرائيل.
ويتوقع مسؤولون في حماس أن تفتح مصر معبر رفح قبل عيد الأضحى، بحسب وعود مصرية.
وتراهن حماس على تقدم في العلاقة مع مصر وكذلك إيران، من أجــل الـخـروج مـن الأزمـــة الحالية التي تمر بها، سياسيا وماليا.
وقال الرئيس السابق للمكتب الـسـيـاسـي لـحـركـة حـمـاس، خالد مـشـعـل، إن الـحـركـة سـتـخـرج من الأزمــــــة الــحــالــيــة بـحـنـكـة عـالـيـة. وأضـــــاف فــي كـلـمـة فــي مـهـرجـان في غـزة: »يـراد لغزة أن تركع وأن تدفع ثمن حصارها، بتخليها عن شخصيتها الاعتبارية، وسلخها عن المقاومة والثوابت، ونحن على ثقة بأنكم ستكسرون الحصار دون أي تـنـازل عـن قيمكم ومبادئكم.«
َ وأضـاف: »حماس قدمت نموذجا رائـــــعـــــا فـــــي مــــواجــــهــــة الـــحـــصـــار والـوعـي السياسي، وتجسد ذلك فــي وثـيـقـتـهـا الـسـيـاسـيـة، ونـحـن قدمنا معادلة سحرية في الثبات والمــرونــة، وهـــذا هـو المـنـهـج الـذي تعتز به حماس.«
وتابع: »أقـول لكم (إن) حركة حماس ستبقى قوية حتى في ظل هذه الأزمات المتتابعة على المناطق الـعـربـيـة. حــمــاس خـلـقـت فــي ظل الأزمـــات، وروضـتـهـا وتجاوزتها بحنكة سياسية عالية.«