تبادل اتهامات بين السلطة و»حماس« وإسرائيل حول وفاة ٣ أطفال
مرضى غزة يدفعون حياتهم ثمناً للخلافات المتفاقمة
أثـــــــارت وفــــــاة ثـــلاثـــة أطــفــال فــلــســطــيــنــيــين مــــن قـــطـــاع غــــزة، لـــــم تـــتـــجـــاوز أعــــمــــارهــــم الـــعـــام الــواحــد فــي غـضـون أقــل مــن ٢٤ ســـــاعـــــة، بـــســـبـــب فـــشـــل إصـــــــدار تـــحـــويـــلات طــبــيــة لــنــقــلــهــم إلــى أحــد المـسـتـشـفـيـات الإسـرائـيـلـيـة داخل الخط الأخضر أو القدس، غضبا وجدلا فلسطينيا واسعا، واتـــهـــامـــات مــتــبــادلــة، أطــرافــهــا السلطة وإسرائيل وحماس.
وســــلــــطــــت وفــــــــــاة الأطـــــفـــــال الـثـلاثـة الــضــوء أكـثـر عـلـى ملف التحويلات الطبية الـذي تحول إلى ملف مأساوي.
وتـفـاجـأ الـغـزيـون مـن إعـلان مـسـتـشـفـى الــشــفــاء ومـسـتـشـفـى عـــبـــد الـــعـــزيـــز الـــرنـــتـــيـــســـي، عـن وفــــاة الأطـــفـــال إبــراهــيــم طـبـيـل، ومصعب الـعـرعـيـر، وبـــراء غبن، إثـــــر إصــابــتــهــم بــتــلــيــف كـيـسـي ومــــــــرض الــــقــــلــــب، وعــــــــدم تــوفــر الـــعـــلاج المــنــاســب لــهــم. ورفــعــت هذه الوفيات عدد المرضى الذين توفوا منذ مطلع العام الحالي، بـــســـبـــب عـــــــدم حـــصـــولـــهـــم عـلـى تحويلات طبية، إلى ١٢ مريضا، من بينهم ٦ أطفال، بحسب بيان لوزارة الصحة في قطاع غزة.
وشنت الوزارة التي تقودها حــمــاس هـجـومـا عـلـى الـسـلـطـة، ودعــــــا أشــــــرف الــــقــــدرة الــنــاطــق باسم الوزارة في غزة، المؤسسات الــحــقــوقــيــة والإنـــســـانـــيـــة كــافــة، والجهات المعنية، إلى رفع دعاوى قـضـائـيـة لـلـوقـوف عـلـى جريمة التسبب في وفاة المرضى، محملاً السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسـرائـيـلـي المـسـؤولـيـة، متهما إيـــاهـــمـــا »بـــتـــبـــادل الأدوار فـي حــرمــان مــرضــى قــطــاع غـــزة من حقهم فـي الـعـلاج والـتـحـويـلات العلاجية«، على حد قوله.
وأشــــار الــقــدرة فــي تصريح صـحـافـي لــه، إلــى أن الإجــــراءات الحالية ستتسبب في مزيد من حالات الوفاة بين المرضى، خلال الساعات والأيام المقبلة. لافتا إلى »وجـود نحو ٣ آلاف إلـى ٤ آلاف مــريــض فــي غـــزة بـحـاجـة مـاسـة لـلـعـلاج فـي الــخــارج، واسـتـمـرار مـنـعـهـم مــن الــســفــر، يـعـنـي أنـنـا فــي كــل لـحـظـة سـنـفـقـد طـفـلا أو مريضا .«
وجاء ذلك فيما حذر يوسف أبو الريش، وكيل وزارة الصحة فــي قــطــاع غـــزة، مــن زيــــادة عـدد حــــــــــالات الـــــــوفـــــــاة فــــــي صـــفـــوف المــرضــى جـــراء رفــض تحويلهم للعلاج إلـى الـخـارج. مرجحا أن يزداد عدد الوفيات نتيجة نقص الــــــــدواء والمــســتــلــزمــات الـطـبـيـة ووقـــف الـتـحـويـلات لـلـعـلاج في الــخــارج. وبـحـسـب أبــو الـريـش، فإن السلطة الفلسطينية في رام الـلـه رفـضـت المـوافـقـة على مئات التحويلات لمرضى من القطاع، واصفا ذلـك بأنه يأتي في إطار »تكامل للأدوار بجريمة متكاملة الأركـــــــــــــــان، مـــــن قــــبــــل الاحــــتــــلال والسلطة، لزيادة معاناة هؤلاء المرضى .«
ويـــوجـــد فـــي غــــــزة، بـحـسـب مـركـز المــيــزان لـحـقـوق الإنــســان، أكـــثـــر مـــن ١٧٢٠ مــريــضــا، عـلـى الأقــل، بحاجة لتحويلات علاج عاجلة، ناهيك عن حالات أخرى.
لكن وزارة الصحة في رام الله رفضت كل الاتهامات بشأن وقف التحويلات واتهمت إسرائيل.
وقــــال بــســام الـــبـــدري، مـديـر دائرة التحويلات الطبية التابعة للوزارة: »إن الاحتلال هو السبب فـي وفــاة الأطـفـال بـغـزة مـؤخـرا، لـــرفـــضـــه الــــســــمــــاح لمــرافــقــيــهــم بــالــخــروج مــن قـطـاع غـــزة تحت حــجــج وذرائــــــع أمــنــيــة واهــيــة.« وأضـــــــــاف: »إن الأطــــفــــال الــذيــن تـــوفـــوا حــصــلــوا عــلــى تـحـويـلـة طبية من وزارته مع تغطية مالية كاملة، وتم الطلب من السلطات الإسـرائـيـلـيـة مـنـحـهـم تـصـاريـح لمرافقيهم، إلا أنها رفضت ذلك، مــــرات عــــدة، مــا تـسـبـب فــي عـدم تمكنهم من الخروج«.
وتـابـع: »إن هـنـاك تعليمات عليا بتحويل الـحـالات الطارئة وإنقاذ الحياة بشكل عاجل إلى خــارج القطاع، ويـجـري عمل ما يلزم بصلاحيات كاملة من دون انـتـظـار ومــن دون أي معيقات، وذلــــك مــســانــدة لمــن هــم بـحـاجـة لعلاج عاجل من حالات الأمراض والأورام والـقـلـب، لكن الاحـتـلال عـادة يرفض السماح لكثير من الــــحــــالات بـــالـــخـــروج مـــن قـطـاع غزة تحت حجج وذرائع أمنية«. وأردف: »يتم رفض نحو ٥٠ في المــائــة مــن الــحــالات الـتـي يجري طــلــب تــصــاريــح لــخــروجــهــا من قــطــاع غـــزة لـلـعـلاج فــي مـشـافـي الداخل والضفة«. وذكر أن دائرته تحول شهريا ما لا يقل عن ١٥٠٠ مريض للعلاج خارج قطاع غزة، وأحيانا يزيد هذا العدد ليصل إلى ٢٠٠٠ حسب حاجات المرضى للعلاج في الخارج.
وفــــــــــورا رفــــضــــت إســـرائـــيـــل اتـهـامـات الـسـلـطـة، ونـفـى يـؤاف مردخاي، منسق أعمال الحكومة الإســــرائــــيــــلــــيــــة فــــــي الأراضــــــــــي الـفـلـسـطـيـنـيـة المـحـتـلـة أن يـكـون لإســرائــيــل أي دور فـيـمـا جــرى، مــدعــيــا فـــي تــصــريــحــات لــــه، أن الــســلــطــة الــفــلــســطــيــنــيــة قــامــت بـتـقـلـيـص المـيـزانـيـة المخصصة لــلــعــلاج الــصــحــي لأهـــالـــي غـــزة، بسبب خلافها المادي مع حماس عـــلـــى تــخــصــيــص الأمـــــــــــوال مـن الـطـرفـين لــغــرض الــعــلاج. وقــال مـــــردخـــــاي: »مـــــن دون الــتــعــهــد والالــــــــتــــــــزام بـــــدفـــــع الــــــعــــــلاج، لا يستطيع الغزيون تلقي العلاج من المستشفيات، ولا يستطيعون تلقي تصاريح دخول«. مضيفا: »إســرائــيــل مــن الـجـهـة الأخــــرى، تـعـالـج كـل طـلـب لتلقي الـعـلاج. وفـي الأمــور الطارئة تعمل على السماح بالدخول لتلقي العلاج الفوري .«
وتـــابـــع: »إن قـضـيـة الـعـلاج تشبه تماماً أزمة الكهرباء، فإذا لــم يـقـم الفلسطينيون بـالـدفـع، فــإســرائــيــل غـيـر مـلـزمـة بـالـدفـع عنهم .«
ومـضـى يــقــول: »كــل شكوى مــاديــة يـجـب أن تــكــون مـوجـهـة للسلطة الفلسطينية ولــــوزارة المـالـيـة الفلسطينية ولـحـمـاس، فــــهــــذه الــــجــــهــــات غــــيـــر مــعــنــيــة باستثمار الأموال من أجل أهالي الــقــطــاع، وتـفـضـل الاقــتــتــال مع بعضها على حساب صحتهم.«
ومـــــــــــع اســـــــتـــــــمـــــــرار تـــــبـــــادل الاتـهـامـات بـين الأطـــراف الثلاثة المـعـنـيـة، يـدفـع سـكـان غــزة ثمنا مـضـاعـفـا، يجعل حـيـاتـهـم على المحك.