Asharq Al-Awsat Saudi Edition

القوات العراقية تستعيد منطقتين من »داعش«

دور حاسم للقناصة مع انتقال المعارك من الأزقة إلى المنازل

- أربيل: »الشرق الأوسط«

أعـلـنـت الـسـلـطـا­ت الـعـراقـي­ـة، أمــس، اسـتـعـادة الـجـيـش منطقتين مـن تنظيم داعـش فـي مدينة المـوصـل القديمة، مما يقربها من السيطرة على كامل المدينة.

وقـــال الـضـابـط فــي الـجـيـش المــلازم فــرحــان ســـلام لـــ »الــشــرق الأوســـــ­ــط«، إن »قــطــعــا­ت الــفــرقـ­ـة الــســادس­ــة عــشــرة مـن الجيش حـررت منطقتي حضرة السادة والأحـــمـ­ــديـــة فـــي المــديــن­ــة الــقــديـ­ـمــة بـعـد ُاشتباكات ضارية مع مسلحي التنظيم فيها، ق تل خلالها نحو ٢٠ مسلحاً، بينما لاذ الآخرون بالفرار إلى مناطق الخاضعة لهم في المدينة القديمة.«

وأوضــــــ­ح ســــلام أن الـتـنـظـي­ـم »دمـــر غـالـبـيـة الأبــنــي­ــة وفــخــخ الــطــرق قـبـل أن ينسحب من المناطق المـحـررة.« وأضـاف أن »المساحة المتبقية الخاضعة لسيطرة التنظيم داخـل الموصل تبلغ نحو ١ في المائة من المساحة الكلية للمدينة.«

وخـــرجـــ­ت المـــعـــ­ارك مـــن إطـــــار حــرب الشوارع إلى مواجهات متنقلة من منزل إلى آخر، خصوصاً مع عدم تمكن القوات العراقية من استخدام المدرعات والأسلحة الـثـقـيـل­ـة، بـسـبـب ضـيـق الأزقـــة وتـلاصـق المــــنــ­ــازل والأعـــــ­ـــــداد الــكــبــ­يــرة لـلـمـدنـي­ـين المحاصرين فيها.

وتــزايــد­ت أهـمـيـة دور الـقـنـاصـ­ة من الـجـانـبـ­ين فـي هــذه المـرحـلـة مـن المـعـركـة. وتحصن ناظم حسين، وهـو قناص من قوات مكافحة الإرهاب، مع عدد من زملائه داخل منزل على الخط الأمامي لجبهات القتال في المدينة، بهدف قنص مسلحي »داعش«. وقال حسين لـ »الشرق الأوسط « إن »مــســلــح­ــي (داعـــــــ­ـــش) يــســتــخ­ــدمــون حـيـلاً كثيرة خـلال المـعـارك، ويختبئون بــين الأهــالــ­ي لـتـجـنـب قـنـاصـتـن­ـا، لكننا نقضي عليهم من دون أن نلحق أي أذى بالمدنيين .«

وأشـــــــ­ـار إلـــــى أن غــالــبــ­يــة مـسـلـحـي الــتــنــ­ظــيــم فــــي المـــديــ­ـنـــة الـــقـــد­يـــمـــة »هـــم الأجـــانـ­ــب.« ولا تـقـتـصـر مـهـمـة قـنـاصـي الـقـوات الأمنية العراقية على الاشتباك مع قناصة »داعش« فحسب، بل يوفرون الإســــنـ­ـــاد لــلــقــو­ات الــتــي تـقـتـحـم الأزقــــة وتـحـررهـا ولــفــرق الـهـنـدسـ­ة العسكرية التي تفتح الطرق والممرات بعد تطهيرها مـن الـعـبـوات الناسفة والمـتـفـج­ـرات التي يزرعها مسلحو التنظيم.

ولا تتطلب معركة الموصل القديمة سوى عدد قليل من الجنود وأسلحتهم الخفيفة، المتمثلة بالرشاشات وقذائف »آر بي جي « والقنابل اليدوية، إذ لا تتمكن قـوات جهاز مكافحة الإرهــاب والشرطة الاتــــحـ­ـــاديــــ­ة والـــجـــ­يـــش مــــن اســـتـــخ­ـــدام مدرعاتها ودباباتها في المنطقة.

وتتطلب المعركة من الجنود السير على الأقـدام داخل الأزقة الضيقة التي لا تتسع غالبيتها إلا لمـرور جندي واحـد، ومن ثم يدخلون من منزل إلى آخر عبر الفتحات التي أحدثها مسلحو »داعش« بــين هـــذه المـــنـــ­ازل. وفـــي بـعـض الأحــيــا­ن يستخدم الجنود أسطح المنازل للانتقال بينها، ومن زقاق إلى آخر، أثناء ملاحقة مسلحي التنظيم والاشتباك معهم.

ويــقــول المـقـاتـل فــي الـجـيـش محمد العبيدي لـ »الشرق الأوسط « إن »مسلحي (داعـــش) يستخدمون أنـــواع المتفجرات وطــــرق الـتـلـغـي­ـم المـخـتـلـ­فـة كــافــة لإعـاقـة القوات وإيقاع أكبر خسائر في صفوفها. لـكـن فــرق الـهـنـدسـ­ة الـعـسـكـر­يـة تـواصـل عملها في تطهير الطرق وإبطال مفعول هـذه الـعـبـوات«. ولـفـت إلـى أن »)داعــش) لغّم مباني المدينة القديمة كافة، وعجلات المواطنين التي أغلق بها منافذ الأحياء وبعض الأزقة .«

وتسعى القوات للوصول إلى ضفة نـهـر دجـلـة المـحـاذيـ­ة لـلـمـديـن­ـة الـقـديـمـ­ة، لـتـحـسـم عـمـلـيـة تـحـريـر المــوصــل بشكل كامل. وتتوقع السلطات تحرير الموصل خلال ١٠ أيام، لكن التقدم على الأرض ما زال بطيئاً، فيما لا يـزال هناك نحو ٣٠٠ مسلح من (داعش) يتواجدون في المدينة القديمة ويبدون مقاومة شرسة للقوات.

ويــتــحــ­دث المـــدنــ­ـيـــون الـــــفــ­ـــارون مـن مـنـاطـق الاشـتـبـا­كـات عـن عــدد كـبـيـر من مسلحي »داعش«، غالبيتهم من الأجانب، يـتـخـذون مـن أسـطـح المـنـازل مـقـرات لهم بعدما احتجزوا في كل منزل أكثر من ٦٠ مدنياً، غالبيتهم مـن النساء والأطـفـال، ويطلقون النار على مروحيات الجيش وطــــائــ­ــرات الــتــحــ­الــف الـــدولــ­ـي والـــقـــ­وات الأمنية من تلك المنازل، مستغلين تواجد المــدنــي­ــين فــيــهــا لــلــبــق­ــاء مــــدة أطـــــول فـي المنطقة.

وذكــــــر­ت »خــلــيــة الإعــــــ­لام الــحــربـ­ـي« العراقية، في بيان، أن مقاتلين من مديرية الاستخبارا­ت العسكرية التابعة للفرقة الـسـادسـة عـشـر مـن الـجـيـش والــلــوا­ء ٧٦ »أحبطوا محاولة لتسلل خمسة مسلحين من (داعش) حاولوا العبور سباحة عبر النهر من الموصل القديمة باتجاه شرق المدينة إلى حي دوميز وسومر، حاملين معهم معدات وأجهزة محمولة في حاوية مطاطية .«

وأضــــــا­فــــــت أن »الـــــــق­ـــــــوات الأمـــنــ­ـيـــة رصـــدت الإرهــابـ­ـيــين الـخـمـسـة ونـادتـهـم عبر مـكـبـرات الـصـوت لتسليم أنفسهم، لكنهم عند وصولهم إلى الضفة الأخرى فتحوا النيران باتجاه قطعاتنا الأمنية ولم يستجيبوا للنداءات، وبدورها ردت عليهم قواتنا الأمنية وقتلتهم جميعاً، واسـتـولـت على الـحـاويـة المطاطية التي تحمل المعدات والأسلحة.«

ومع اشتداد المعارك، تواصل القوات الأمنية عمليات إنقاذ المدنيين المحاصرين الـذيـن تـقـدر أعــداد الـفـاريـن منهم يومياً بـــالمـــ­ئـــات. وقــــــال مــــســــ­ؤول إعــــــلا­م قــــوات الشرطة الاتحادية العقيد عبد الرحمن الـخـزعـلـ­ي لــ »الـشـرق الأوســــط:« »فــي كل منطقة من مناطق الاشتباك، تؤمّن قواتنا ممراً لإجلاء النازحين ونقلهم إلى خارج المدينة القديمة، إضافة إلـى وجـود فرق خاصة بمعالجة الألغام مهمتها تطهير الطرق وتأمينها .«

مـن جهة أخــرى، أعلن مصدر أمني فـي محافظة صـلاح الـديـن، أمــس، مقتل شرطي وثلاثة من عناصر تنظيم داعش وجـرح عنصرين مـن »الحشد الشعبي« فـي هـجـوم شنه مسلحو »داعـــش« على موقع أمني على طريق بيجي - حديثة )٢٢٠ كلم شمال بغداد).

وقال المصدر إن »المهاجمين تمكنوا من الوصول إلى المواقع المتقدمة للقوات الأمنية، مستغلين فترة الظهيرة والحر الـــشـــد­يـــد، مــمــا أدى إلــــى تــراجــعـ­ـهــا فـي الـــبـــد­ايـــة. لـكـنـهـا تـمـكـنـت بــعــد وصـــول تــعــزيــ­زات عــاجــلــ­ة مـــن طــــرد المـهـاجـم­ـين واســـتـــ­عـــادة الــســيــ­طــرة عــلــى الـــوضـــ­ع،« بحسب وكالة الأنباء الألمانية. ويسيطر »داعش« على المناطق الغربية من بيجي في صحراء العراق الغربية، وصولاً إلى مـــدن فــي مـحـافـظـت­ـي الأنـــبــ­ـار ونـيـنـوى، ويشن هجمات متكررة منها على القوات العراقية في المحافظات الثلاث.

 ??  ?? شرطي عراقي يستطلع منطقة تحت سيطرة »داعش« في مدينة الموصل القديمة أمس (رويترز)
شرطي عراقي يستطلع منطقة تحت سيطرة »داعش« في مدينة الموصل القديمة أمس (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia