ردود مستنكرة على تهديد »حزب الله« بـ »الحرس الثوري«
شبه تجاهل من المسؤولين واتهام بإحراج »العهد الجديد«
لا تــــزال ردود الأفـــعـــال على تصريحات النائب في »حزب الله« نواف الموسوي، التي هدّد خلالها بـالاسـتـعـانـة بـعـنـاصـر »الـحـرس الثوري«، إذا اندلعت حرب جديدة مع إسرائيل، مستمرة في لبنان، وإن كـانـت تقتصر إلـى حـد كبير على فئات معينة من السياسيين والـــلـــبـــنـــانـــيـــين، فـــــي حـــــين يــبــدو واضــحــاً أن هــنــاك شــبــه تـجـاهـل من القيادات الحزبية والمسؤولين للتصريحات.
وإضــافــة إلــى غـيـاب المـواقـف الرسمية في هذا الإطار، كان لافتاً امتناع عدد كبير من السياسيين، خصوصاً مـن قبل الأطــراف التي تـشـارك »حــزب الـلـه« عـلـى طـاولـة الحكومة، حتى عن التعليق على هــذا المــوضــوع، فـي تسليم منهم بأن قضية »حزب الله« لم تعد أمراً محلياً، بل مرتبطة بقرارات دولية وإقليمية، وبالتالي التعامل معه أصبح أمراً واقعاً. وفي حين تمنى ماريو عـون، القيادي في »التيار الوطني « )حليف »حزب الله «،( لو لم يصدر تصريح الموسوي في هذه المرحلة بالتحديد، طالب القيادي فــي »تــيــار المـسـتـقـبـل« مصطفى علوش، رئيس الجمهورية ميشال عون، والحزب الذي يمثله، بإعلان موقفه الصريح في هذا الإطار.
مـــع الــعــلــم بــــأن تـصـريـحـات المــوســوي كــانــت قــد جــــاءت لـلـرد عــلــى مـنـتـقـدي أمــــين عــــام »حـــزب الـلـه« حسن نصر الـلـه، الــذي قال إن آلاف المـــقـــاتـــلـــين مــــن ســـوريـــا واليمن والعراق وإيران وباكستان وأفـغـانـسـتـان، إضـافـة إلــى لبنان وفلسطين، مستعدون للحضور إلى الساحتين اللبنانية والسورية لــلــمــشــاركــة فـــي صـــد أي هــجــوم محتمل قد تشنه إسرائيل، مجدداً تأكيده: »من حق الحزب أن يحشد حلفاءه في مواجهة معركة يحشد فيها عدوه كل حلفائه«، وأضاف: »كـمـا قاتلنا مـعـاً فـي سـوريـا مع الــحــرس الـــثـــوري الإيــــرانــــي، إلــى جانب الحشد الشعبي العراقي، والـــــقـــــوى الــــســــوريــــة الــشــعــبــيــة، ســنــقــاتــل مــعــاً فـــي لــبــنــان، صـفـاً واحـــداً وحـلـفـاً واحـــداً، إذا اعـتـدى العدو على لبنان.«
وقــال عــون: »لا يمكن البناء عـلـى تـصـريـحـات هــي فــي نـهـايـة المـطـاف استراتيجية، أكـثـر منها سـيـاسـيـة«، مضيفاً فـي تصريح لـ »الشرق الأوســط«: »كنا نتمنى ألا تـصـدر مـواقـف تأزيمية كهذه فــي هــذه المـرحـلـة بـالـتـحـديـد، في ظـل الجهود الـتـي يبذلها رئيس الـجـمـهـوريـة لـلانـطـلاق بـالـعـهـد، وبعد طـاولـة الـحـوار التي عقدت فـي القصر الـرئـاسـي«. وفـي حين اعــتــبــر أن مـــوقـــف »حــــــزب الــلــه« جـــــاء رداً عــلــى اســـتـــفـــزاز الــعــدو الإسرائيلي، وهو يعني صاحبه، أمل ألا تترجم مفاعيله عملياً.
فـي المقابل، استغرب علوش غياب ردود الأفعال الرسمية على مـواقـف المـوسـوي، سـائـلاً: »قـد لا نكون قادرين على مواجهة (حزب الــلــه) بــالــســلاح، لـكـن ألا يمكننا الــرد عليه فـي الـسـيـاسـة؟«. وقـال لـــ »الــشــرق الأوســــــط«: »المــوســوي ونـــصـــر الـــلـــه لا يــتــكــلــمــان بـاسـم الحكومة أو لبنان، بل باسم إيران، وما صدر عنهما هو تصريحات من نوع الهزل السياسي«، في حين طالب رئيس الجمهورية وحلفاء الــــحــــزب، خــصــوصــاً المـسـيـحـيـين الـذيـن يـعـتـبـرونـه عنصر تـــوازن، اتخاذ الموقف المناسب، والرد على الـتـهـديـد بـالاسـتـعـانـة بـالـحـرس الــــــثــــــوري، مــضــيــفــاً: »المـــواجـــهـــة تــتــعــدى المــســألــة الـسـيـاسـيـة فـي الـحـكـومـة الـتـي هـي قـائـمـة بحكم الأمر الواقع لأنه لم يكن بالإمكان تأليفها مـن دون مـشـاركـة مكون شيعي، والحزب هو أحد أبرز هذه المكونات«.
وفــــي حـــين اســتــبــعــد عـلـوش تنفيذ »حزب الله« تهديده، أشار إلـــى أنـــه إن كــانــت الـتـصـريـحـات حـقـيـقـيـة، فــهــذا يـعـنـي أن هـنـاك قراراً دولياً بهذا الشأن، موضحاً: »المـقـاتـلـون الـذيـن يـتـحـدث عنهم نـــصـــر الـــلـــه والمــــــوســــــوي لــيــســوا أشباحاً، ولا يمكن لهم أن يصلوا إلــــى لــبــنــان إلا بــانــتــقــالــهــم عـبـر الحدود السورية التي بات يسيطر عليها التحالف الـدولـي، بقيادة الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة الأمــيــركــيــة، وبالتالي حصولهم على الضوء الأخضر منهم«.
وفي السياق نفسه، استغربت مصادر سياسية تدور في فلك »١٤ آذار« تـوجـيـه الـحـزب لمـا وصفته بـ »الضربة تلو الأخرى إلى العهد منذ انطلاقته، من عرض القصير العسكري إلى شن الحملات على الـسـعـوديـة، غـــداة عـــودة الرئيس عـــون مــنــهــا، حــيــث حــــاول إعـــادة المــيــاه إلـــى مـجـاريـهـا مــع المملكة العربية السعودية«، معتبرة في تصريح لـ »وكالة الأنباء المركزية« أن مــوقــف نــصــر الــلــه عـــن »فـتـح الـحـدود أمـام المقاومين يـدل على أنـــه لا يـــزال يـــرى نـفـسـه أكـبـر من الدولة اللبنانية، فسياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة لا تعنيه، كما أنه لا يستشيرها في القضايا الاستراتيجية، ويتفرد بــقــرار الــحــرب والــســلــم، غـيـر آبـه بمصلحة لـبـنـان، ولا بـتـداعـيـات قراراته وارتداداتها لبنانياً«.
واعـتـبـرت المــصــادر أن »هـذه المــــــمــــــارســــــات فــــــي الـــــــواقـــــــع أول ضـحـايـاهـا هــو الـعـهـد الـجـديـد، الـذي يصر رئيسه على أن تكون إعادة (الهيبة المفقودة إلى الدولة) أبـــرز أهــدافــه، مـمـا يـثـيـر عـلامـات استفهام كثيرة حول مدى جدية الـــحـــزب فـــي إنـــجـــاح ولايـــــة عــون الـــرئـــاســـيـــة، ذلــــك أن مــمــارســاتــه حتى الساعة توحي بأن حساباته الإقليمية وارتباطاته الخارجية تتقدم في قاموسه كلّ الاعتبارات اللبنانية .«
وكـــان رئـيـس حــزب »الــقــوات الــلــبــنــانــيــة« ســمــيــر جــعــجــع قـد اعتبر أن كلام نصر الله »يخالف الجوّ الإيجابي بعد إقـرار قانونِ الانـــتـــخـــاب، والــلــقــاء الــتّــشــاوري فــــــــي بـــــــعـــــــبـــــــدا«، واصــــــــفــــــــاً إيــــــــاه بـ »التصعيدي«، وأكد: »لا أحد منا يستطيع الـتـطـرّق إلــى مـواضـيـع اســتــراتــيــجــيّــة لــــوحــــده، ويــحــدد مسارات، وفتح الحدود اللبنانيّة
ّ ليس ملكاً لأحد، ولا يحق لأحد أن يتصرّف به .«