Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ردود مستنكرة على تهديد »حزب الله« بـ »الحرس الثوري«

شبه تجاهل من المسؤولين واتهام بإحراج »العهد الجديد«

- بيروت: كارولين عاكوم

لا تــــزال ردود الأفـــعــ­ـال على تصريحات النائب في »حزب الله« نواف الموسوي، التي هدّد خلالها بـالاسـتـع­ـانـة بـعـنـاصـر »الـحـرس الثوري«، إذا اندلعت حرب جديدة مع إسرائيل، مستمرة في لبنان، وإن كـانـت تقتصر إلـى حـد كبير على فئات معينة من السياسيين والـــلـــ­بـــنـــان­ـــيـــين، فـــــي حـــــين يــبــدو واضــحــاً أن هــنــاك شــبــه تـجـاهـل من القيادات الحزبية والمسؤولين للتصريحات.

وإضــافــة إلــى غـيـاب المـواقـف الرسمية في هذا الإطار، كان لافتاً امتناع عدد كبير من السياسيين، خصوصاً مـن قبل الأطــراف التي تـشـارك »حــزب الـلـه« عـلـى طـاولـة الحكومة، حتى عن التعليق على هــذا المــوضــو­ع، فـي تسليم منهم بأن قضية »حزب الله« لم تعد أمراً محلياً، بل مرتبطة بقرارات دولية وإقليمية، وبالتالي التعامل معه أصبح أمراً واقعاً. وفي حين تمنى ماريو عـون، القيادي في »التيار الوطني « )حليف »حزب الله «،( لو لم يصدر تصريح الموسوي في هذه المرحلة بالتحديد، طالب القيادي فــي »تــيــار المـسـتـقـ­بـل« مصطفى علوش، رئيس الجمهورية ميشال عون، والحزب الذي يمثله، بإعلان موقفه الصريح في هذا الإطار.

مـــع الــعــلــ­م بــــأن تـصـريـحـا­ت المــوســو­ي كــانــت قــد جــــاءت لـلـرد عــلــى مـنـتـقـدي أمــــين عــــام »حـــزب الـلـه« حسن نصر الـلـه، الــذي قال إن آلاف المـــقـــ­اتـــلـــي­ن مــــن ســـوريـــ­ا واليمن والعراق وإيران وباكستان وأفـغـانـس­ـتـان، إضـافـة إلــى لبنان وفلسطين، مستعدون للحضور إلى الساحتين اللبنانية والسورية لــلــمــش­ــاركــة فـــي صـــد أي هــجــوم محتمل قد تشنه إسرائيل، مجدداً تأكيده: »من حق الحزب أن يحشد حلفاءه في مواجهة معركة يحشد فيها عدوه كل حلفائه«، وأضاف: »كـمـا قاتلنا مـعـاً فـي سـوريـا مع الــحــرس الـــثـــو­ري الإيــــرا­نــــي، إلــى جانب الحشد الشعبي العراقي، والـــــقـ­ــــوى الــــســـ­ـوريــــة الــشــعــ­بــيــة، ســنــقــا­تــل مــعــاً فـــي لــبــنــا­ن، صـفـاً واحـــداً وحـلـفـاً واحـــداً، إذا اعـتـدى العدو على لبنان.«

وقــال عــون: »لا يمكن البناء عـلـى تـصـريـحـا­ت هــي فــي نـهـايـة المـطـاف استراتيجية، أكـثـر منها سـيـاسـيـة«، مضيفاً فـي تصريح لـ »الشرق الأوســط«: »كنا نتمنى ألا تـصـدر مـواقـف تأزيمية كهذه فــي هــذه المـرحـلـة بـالـتـحـد­يـد، في ظـل الجهود الـتـي يبذلها رئيس الـجـمـهـو­ريـة لـلانـطـلا­ق بـالـعـهـد، وبعد طـاولـة الـحـوار التي عقدت فـي القصر الـرئـاسـي«. وفـي حين اعــتــبــ­ر أن مـــوقـــف »حــــــزب الــلــه« جـــــاء رداً عــلــى اســـتـــف­ـــزاز الــعــدو الإسرائيلي، وهو يعني صاحبه، أمل ألا تترجم مفاعيله عملياً.

فـي المقابل، استغرب علوش غياب ردود الأفعال الرسمية على مـواقـف المـوسـوي، سـائـلاً: »قـد لا نكون قادرين على مواجهة (حزب الــلــه) بــالــســ­لاح، لـكـن ألا يمكننا الــرد عليه فـي الـسـيـاسـ­ة؟«. وقـال لـــ »الــشــرق الأوســـــ­ـط«: »المــوســو­ي ونـــصـــر الـــلـــه لا يــتــكــل­ــمــان بـاسـم الحكومة أو لبنان، بل باسم إيران، وما صدر عنهما هو تصريحات من نوع الهزل السياسي«، في حين طالب رئيس الجمهورية وحلفاء الــــحـــ­ـزب، خــصــوصــ­اً المـسـيـحـ­يـين الـذيـن يـعـتـبـرو­نـه عنصر تـــوازن، اتخاذ الموقف المناسب، والرد على الـتـهـديـ­د بـالاسـتـع­ـانـة بـالـحـرس الــــــثـ­ـــــوري، مــضــيــف­ــاً: »المـــواجـ­ــهـــة تــتــعــد­ى المــســأل­ــة الـسـيـاسـ­يـة فـي الـحـكـومـ­ة الـتـي هـي قـائـمـة بحكم الأمر الواقع لأنه لم يكن بالإمكان تأليفها مـن دون مـشـاركـة مكون شيعي، والحزب هو أحد أبرز هذه المكونات«.

وفــــي حـــين اســتــبــ­عــد عـلـوش تنفيذ »حزب الله« تهديده، أشار إلـــى أنـــه إن كــانــت الـتـصـريـ­حـات حـقـيـقـيـ­ة، فــهــذا يـعـنـي أن هـنـاك قراراً دولياً بهذا الشأن، موضحاً: »المـقـاتـل­ـون الـذيـن يـتـحـدث عنهم نـــصـــر الـــلـــه والمــــــ­وســــــوي لــيــســو­ا أشباحاً، ولا يمكن لهم أن يصلوا إلــــى لــبــنــا­ن إلا بــانــتــ­قــالــهــ­م عـبـر الحدود السورية التي بات يسيطر عليها التحالف الـدولـي، بقيادة الـــــولا­يـــــات المـــتـــ­حـــدة الأمــيــر­كــيــة، وبالتالي حصولهم على الضوء الأخضر منهم«.

وفي السياق نفسه، استغربت مصادر سياسية تدور في فلك »١٤ آذار« تـوجـيـه الـحـزب لمـا وصفته بـ »الضربة تلو الأخرى إلى العهد منذ انطلاقته، من عرض القصير العسكري إلى شن الحملات على الـسـعـودي­ـة، غـــداة عـــودة الرئيس عـــون مــنــهــا، حــيــث حــــاول إعـــادة المــيــاه إلـــى مـجـاريـهـ­ا مــع المملكة العربية السعودية«، معتبرة في تصريح لـ »وكالة الأنباء المركزية« أن مــوقــف نــصــر الــلــه عـــن »فـتـح الـحـدود أمـام المقاومين يـدل على أنـــه لا يـــزال يـــرى نـفـسـه أكـبـر من الدولة اللبنانية، فسياسة النأي بالنفس التي تعتمدها الحكومة لا تعنيه، كما أنه لا يستشيرها في القضايا الاستراتيج­ية، ويتفرد بــقــرار الــحــرب والــســلـ­ـم، غـيـر آبـه بمصلحة لـبـنـان، ولا بـتـداعـيـ­ات قراراته وارتداداته­ا لبنانياً«.

واعـتـبـرت المــصــاد­ر أن »هـذه المــــــم­ــــــارسـ­ـــــات فــــــي الـــــــو­اقـــــــع أول ضـحـايـاهـ­ا هــو الـعـهـد الـجـديـد، الـذي يصر رئيسه على أن تكون إعادة (الهيبة المفقودة إلى الدولة) أبـــرز أهــدافــه، مـمـا يـثـيـر عـلامـات استفهام كثيرة حول مدى جدية الـــحـــز­ب فـــي إنـــجـــا­ح ولايـــــة عــون الـــرئـــ­اســـيـــة، ذلــــك أن مــمــارسـ­ـاتــه حتى الساعة توحي بأن حساباته الإقليمية وارتباطاته الخارجية تتقدم في قاموسه كلّ الاعتبارات اللبنانية .«

وكـــان رئـيـس حــزب »الــقــوات الــلــبــ­نــانــيــ­ة« ســمــيــر جــعــجــع قـد اعتبر أن كلام نصر الله »يخالف الجوّ الإيجابي بعد إقـرار قانونِ الانـــتــ­ـخـــاب، والــلــقـ­ـاء الــتّــشــاوري فــــــــي بـــــــعـ­ــــــبـــ­ــــدا«، واصـــــــ­ـفــــــــ­اً إيــــــــ­اه بـ »التصعيدي«، وأكد: »لا أحد منا يستطيع الـتـطـرّق إلــى مـواضـيـع اســتــرات­ــيــجــيّــة لــــوحـــ­ـده، ويــحــدد مسارات، وفتح الحدود اللبنانيّة

ّ ليس ملكاً لأحد، ولا يحق لأحد أن يتصرّف به .«

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia