ضغوط أميركية إضافية في الكونغرس اليوم على {حزب الله}
إقرار القانون يشمل الشركات الأوروبية في السوق الأميركية
تضع لجنة الـعـلاقـات الـدولـيـة في الـكـونـغـرس الأمــيــركــي، الــيــوم، جـرعـة ضـــغـــط إضـــافـــيـــة عـــلـــى {حـــــــزب الـــلـــه} الـلـبـنـانـي، والـحـكـومـة الـلـبـنـانـيـة التي يـتـمـثـل الـــحـــزب بــوزيــريــن فــيــهــا، عبر البحث في مشروع قانون يحث الاتحاد الأوروبي على وضع الحزب على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما دفع أقطاباً لبنانية للمطالبة بوضع لبنان تحت مظلة حماية دولية.
ويـصـطـدم المــشــروع الأمـيـركـي مع المسار الذي اتبعته أوروبا في مقاربتها للعلاقة مع {حزب الله} منذ ٤ سنوات، حـين أدرجـــت فـي يـولـيـو (تــمــوز) ٢٠١٣ الـجـنـاح الـعـسـكـري فـي حــزب الـلـه على قائمة المنظمات الإرهـابـيـة، بعد فصل جناحيه العسكري والسياسي، وذلـك على خلفية اتهام الحزب بالتورط في تـفـجـيـر حـافـلـة ســيــاح إسـرائـيـلـيـة في بوغاس ببلغاريا، وهو ما دفع العارفين بالحركة الدبلوماسية الأوروبية للقول إن براغماتية السياسة الأوروبية دفعت للتفريق بين جناحي الحزب، علماً بأن الـــحـــزب نـفـسـه لا يـفـصـل بـــين »الـعـمـل السياسي « و»الجهاد«.
وتـنـظـر الـسـلـطـات الـلـبـنـانـيـة إلـى مــشــروع الـقـانـون المــزمــع بـحـثـه الـيـوم، فـي حـال إقـــراره، على أنـه اسـتـمـرار في مــســار الــعــقــوبــات عـلـى الـــحـــزب. وقــال مصدر لبناني واسع الاطلاع لـ »الشرق الأوسط« إن الحكومة اللبنانية مطلعة عـلـى مــشــروع قــانــون مــشــابــه، »وتــــراه اســتــمــراراً بـالـضـغـط عـلـى الــحــزب وأن الــعــقــوبــات عـلـيـه مــتــواصــلــة«، لـكـنـهـا فـي الـوقـت نفسه »لا تـرى أن تداعياته المحلية، في حال إقـراره، ستتجه نحو الأسوأ .«
ويــتــزامــن بـحـث هـــذا الــقــانــون مع وضـــــع الـــســـلـــطـــات الأمـــيـــركـــيـــة قــائــمــة عــقــوبــات مــالــيــة عــلــى شـخـصـيـات من {حزب الله} وحلفائه تحظر التعاملات المصرفية معهم، وهـو ما استدعى في وقت سابق حركة لبنانية لافتة باتجاه واشنطن لتطويق تداعيات القرار المزمع إصداره على المصارف اللبنانية.
وفي حال تعديل الاتحاد الأوروبي قرار تصنيفه لحزب الله، ليشمل الحزب بــجــنــاحــيــه، فـــإنـــه ســيــفــرض تـجـمـيـد الأصــــول المـالـيـة الــعــائــدة لأعـضـائـه أو المشتبه بهم في أوروبـا، بالإضافة إلى وقــف الـتـعـامـلات المـالـيـة والـتـحـويـلات وغيرها، كما سيشمل حظراً عليهم.
وإقــرار القانون الـذي يضغط على الاتحاد الأوروبي، سيترتب عليه شقان، اقـتـصـادي يشمل الـشـركـات الأوروبـيـة الـــتـــي تــعــمــل فـــي الـــســـوق الأمــيــركــيــة، وســيــاســي مــرتــبــط بــانــعــكــاس الــقــرار على تعامل دول الاتحاد الأوروبـي مع الحكومة اللبنانية، كون الحزب ممثل فيها بوزيرين.
ويــقــول الــوزيــر الـلـبـنـانـي الأسـبـق سليم الـصـايـغ إن »الـكـونـغـرس يعتبر دائماً أن المصالح الأميركية يتم الحفاظ عليها مـن قبل قـوانـين أميركية تطبق خارج الأراضي الأميركية مثل العقوبات والـــحـــظـــر، ولـــهـــا أثـــــر عــلــى الــشــركــات الأميركية التي يفرض عليها الكونغرس القطيعة وسحب الاستثمارات،« لافتاً إلى أن الأثر الاقتصادي على الشركات الأوروبـــيـــة سـيـكـون كـبـيـراً، بـمـا يشبه الحرب الاقتصادية، كون حجم التبادل بين ضفتي المحيط الأطلسي هو الأكبر فــــي الـــعـــالـــم، وقـــــد يـــرتـــب ضــــــرراً عـلـى الطرفين .«
أما في الشق السياسي، فإن أوروبا تتعامل مع الأمور ببراغماتية »نتيجة التجربة الطويلة لها في بلدان العالم، ما يتيح لها التفريق بين الفعل والفاعل.« ويوضح الصايغ: »تقول دول أوروبية إن حــركــة حــمــاس مــثــلاً تــقــوم بـأعـمـال أوروبية، لكنها لا تصنف الحركة نفسها إرهابية، وهي بذلك تفصل بين العمل وتوصيف الفاعل بـالإرهـاب، وهــذا ما سمح لها بالاستمرار بنسج علاقات مع المنظمات من دون الاقتصاص بنيوياً منها، بل الاقتصاص بطريقة متلاصقة ومتناغمة مع الفعل«، بمعنى »التعامل بــطــريــقــة مــوضــعــيــة ولـــيـــس بـطـريـقـة شاملة .«
ويؤكد الصايغ أن أوروبا »ستبقى في هذا المنحى للإبقاء على إمكانيات الـــتـــواصـــل ونـــســـج الـــعـــلاقـــات مــــع كـل الأحـزاب اللبنانية،« لافتاً إلى أن حزب الــلــه »بـقـتـالـه الــعــســكــري، هــو مـرتـبـط بــالــحــرس الـــثـــوري الإيـــرانـــي عـضـويـاً، بـيـنـمـا هـــو مـــن جــهــة أخـــــرى لـــه نـــواب ووزراء ومـنـتـخـبـون مــن قـبـل الـشـعـب اللبناني، ولربما هـو الفصل النظري بـين السياسة والعسكر بـهـدف إيجاد تسوية سياسية .«
ويــــرى الــصــايــغ، الــــذي كـــان مـمـثـلاً لحزب »الكتائب« في الحكومة اللبنانية وأحـد القياديين في الـحـزب، »إننا نرى في المتغيرات الأميركية دفعاً كبيراً نحو القطع مع ما مضى، ومع مشروع ما زال مبهماً (تتم مناقشته اليوم(«، مضيفاً: »إننا لاعبون صغار في المشهد الإقليمي، والحزب له نطاقه الجغرافي اللبناني، قــيــادتــه الــعــمــلانــيــة ونــقــطــة انـطـلاقـتـه لـيـتـحـول إلـــى قـــوة إقـلـيـمـيـة، مــوجــودة فـــي لـــبـــنـــان«، مـــشـــدداً عــلــى أنــــه »لــذلــك نحن قلقون جـداً مـن الـتـوتـر السياسي والدبلوماسي، وهذا يفرض قطيعة مع ما جرى في المنطقة وإيقافه«، مضيفاً: »لــذلــك نـطـلـب تـحـيـيـد لـبـنـان وإعــطــاءه هذا الموقع والصفة القانونية، وألا يتم تحميل لبنان ارتـــدادات مـا يحصل في العالم العربي«، في إشـارة إلـى »لائحة الــعــقــوبــات الأمــيــركــيــة الـــجـــديـــدة عـلـى الحزب، والضغط على الاتحاد الأوروبي، ومشاريع إيران في المنطقة، ودور روسيا الـتـي بـاتـت أكـبـر اللاعبين فـي سـوريـا«. وقال: »لا نستطيع اختراع الحلول كلما صدر قرار جديد أو تغير شيء ما، لذلك نـطـالـب بــأن يـوضـع لـبـنـان تـحـت مظلة دولـيـة وتـفـعـيـل الــقــرار ١٧٠١ وتطبيقه وتوسيعه كي يكون هناك مظلة دولية تمهيداً للحياد الإيجابي«.