بوادر »تصدع« في علاقة العبادي وقادة في »الحشد«
انتقادات متبادلة على خلفية محاولة السيطرة على الحدود مع سوريا
عـــلـــى رغـــــــم الـــصـــيـــغـــة الـــقـــانـــونـــيـــة والــدســتــوريــة الــتــي تـحـكـم الـعـلاقـة بين رئـيـس الـــــوزراء حـيـدر الـعـبـادي وهيئة »الحشد الشعبي« التي ينص قانونها عــلــى خـــضـــوع وجــــودهــــا وتــحــركــاتــهــا لــقــيــادة رئــيــس الــــــــوزراء، إلا أن ذلـــك لم يمنع »مماحكات« علنية ومضمرة بين العبادي وبعض قادة »الحشد«.
فـفـي مـطـلـع الـشـهـر الــحــالــي، أعـلـن الـعـبـادي بلهجة حاسمة أنـه لـن يسمح لـ »الحشد الشعبي«، بعبور الحدود إلى سوريا، في سياق رده على تصريحات لـــلـــقـــيـــادي فــــي »الــــحــــشــــد« أبــــــو مــهــدي المهندس.
وقــــــبــــــل ذلــــــــــك بــــــأســــــابــــــيــــــع، وجّــــــــه الــعــبــادي انــتــقــادات شــديــدة إلـــى بعض المنخرطين في »الحشد«، حين قال إنهم »يخطفون الناس ويريدون المشاركة في الانـتـخـابـات«. وجــاء كـلامـه على خلفية صــــدامــــات بـــين عــنــاصــر مـــن »عــصــائــب أهل الحق« وسيطرة أمنية حكومية في بغداد.
ويـــــرى مـــراقـــبـــون لــلــشــأن الــعــراقــي أن الــتــوتــر بــين الــعــبــادي وبــعــض قــادة »الحشد«، يستند في إحـدى صـوره إلى رغـبـة رئـيـس الـــــوزراء، بـاعـتـبـاره القائد العام للقوات المسلحة، في السيطرة على مفاتيح العمل الأمني والخطط العسكرية، في ظل حرب تخوضها البلاد ضد تنظيم داعـش، في مقابل إصـرار بعض فصائل »الحشد« المدعومة إقليميا على لعب دور »أكبر« مما يسمح به العبادي.
وفــي الأيــام المـاضـيـة، ظـهـرت بــوادر جديدة لتصدع في العلاقة بين الجانبين، إذ وجّــه الـعـبـادي نـقـداً مـبـاشـراً إلـى أداء فـصـائـل »الـحـشـد الـشـعـبـي« فــي معركة قـضـاء تلعفر، غــرب المـوصـل، فــرد عليه الـقـيـادي فـي »الـحـشـد« رئـيـس »منظمة بدر« هادي العامري بانتقادات مماثلة.
وقــــال رئــيــس الـــــــوزراء خـــلال لـقـائـه صحافيين يمثلون وسائل إعلام محلية الأسبوع الماضي، عشية جولته الإقليمية التي شملت السعودية وإيران والكويت: »قبل أربعة أشهر أعطيت الإذن للحشد بدخول قضاء تلعفر، لكنهم تلكأوا، ولا أدري ما السبب في عدم تحركهم لتحرير المـديـنـة. لـقـد أعـطـونـي تـبـريـرات، لكنها غير مقنعة، لدي تبريري لكنني لا أفضل الكلام فيه«.
ولا يــعــرف عـلـى وجـــه الــدقــة سبب تــوجــيــه الـــعـــبـــادي الــنــقــد إلــــى فـصـائـل »الحشد«، لكن ربما جـاء كـلام العبادي فــي سـيـاق عـلاقـة الـتـوتـر الـقـائـمـة بينه وبين بعض قيادات »الحشد«، وقد يكون أراد عـشـيـة جـولـتـه الإقـلـيـمـيـة التلويح بـعـدم الـتـزام بـعـض الـفـصـائـل بـأوامـره، فـي رسـالـة مـضـمـرة لإيـــران الـتـي ترعى هذه الفصائل.
ورد القيادي في »الحشد الشعبي« هادي العامري على كلام العبادي قائلاً إن رئــيــس الـــــــــوزراء »لا يـــــدري لمـــــاذا لـم نـدخـل مدينة تلعفر«، خـلال مقابلة مع محطة تلفزيونية تابعه لـ »عصائب أهل الحق« أول من أمس. وشكا العامري من أن »الـحـشـد يـتـوسـل فـي أحـيـان كـثـيـرة، ويـــرجـــو الـــعـــبـــادي حــتــى يــحــصــل عـلـى موافقته لتنفيذ أي عملية عسكرية«.
وكــشــف عــن أن فـصـائـل »الـحـشـد« غـــالـــبـــاً مــــا تـــدخـــل فــــي »جـــــــدل وخــــلاف وصــــراع« مـع رئـيـس الـــــوزراء. وأضـــاف: »هناك كيل بمكيالين، يُطلب منا تحرير البعاج وهي منطقة ذات غالبية سنية، ولا يــســمــح لــنــا بــتــحــريــر تـلـعـفـر وهــي منطقة مشتركة بـين السنة والشيعة«. وعــن الأســبــاب الـتـي حـالـت دون دخــول قوات الحشد قضاء تلعفر، قال: »قيل لنا اذهـبـوا وحــرروا تلعفر، لكن ابـقـوا على حدود المدينة ولا تدخلوها لحين وصول قــوات الـجـيـش. ثـم جـرى اتـصـال بقيادة الـعـمـلـيـات، فأبلغتنا بـعـدم وجـــود قـوة كافية لدخول المدينة. نحن لا نستطيع الـوقـوف عـلـى مـشـارف المـديـنـة، لأن ذلـك يكلفنا مزيداً من الخسائر«.
وحـــمّـــل الـــعـــامـــري رئـــيـــس الـــــــوزراء مسؤولية »منع السيطرة على الحدود«، مــعــتــبــراً أنــــه »لا أمــــل لــلــعــراق مـــن دون السيطرة على الحدود، ويجب أن يوضع رئــيــس الـــــــوزراء أمــــام ضـغـط الـجـمـهـور ومجلس النواب«.
وتشير مصادر قريبة من »الحشد الـشـعـبـي« إلـــى أن خـــلاف الــعــبــادي مع قــــيــــادات فـــي الــحــشــد نــاجــم عـــن تـحـرك كبير لفصائل في الأخير للسيطرة على الــشــريــط الــــحــــدودي مـــع ســـوريـــا، عـقـب السيطرة على منفذ الوليد بين البلدين، وهــو مــا يـعـارضـه الــعــبــادي والــولايــات المتحدة، إذ تشير تقارير إلى هدف إيران المـتـمـثـل بــتــأمــين الــطــريــق الــرابــطــة بين طهران ودمشق عبر الأراضـي العراقية، باستخدام حلفائها في »الحشد«.