عفرين... الحلقة الأضعف في الإدارات الكردية
رغم كل ما يحكى عن استنفار تنفذه »قــوات سـوريـا الـديـمـقـراطـيـة« و»وحــدات حماية الشعب« الكردية في منطقة عفرين شمال غربي حلب تحسباً لحملة عسكرية تركية محتملة، فـإن مـخـاوف الأكــراد من مخطط دولي يضع حداً لـلإدارات الذاتية الكردية، ويحصرها في إقليمي الجزيرة وعين العرب (كوباني)، تتزايد جراء »غض نــظــر« أمـيـركــي - روســــي عــن الـتـعـزيـزات التركية إلى »أعزاز«، استعداداً للمعركة.
وأفـــادت الأنـبـاء مـن أنـقـرة بــأن هـدف العملية العسكرية المحتملة »طرد وحدات الحماية من مدينة تل رفعت ومطار منغ فـي ريــف حـلـب، والـتـقـدم بـاتـجـاه منطقة مـريـمـين، الـتـي تبعد خمسة كيلومترات شـــرق مـديــنـة عــفــريــن«، فــي وقـــت أفـــادت مصادر مقربة من فصائل »درع الفرات« التي يدعمها الجيش التركي بأن العملية التي تخطط لها أنقرة لا تهدف إلى اقتحام مدينة عفرين وريفيها الغربي والشمالي، بـل ستركز على فتح خـط إمــداد عسكري بين محافظتي إدلب وريف حلب الشمالي مــا يـتـطـلـب فـتـح الـسـيـطـرة عـلـى المـنـاطـق الشمالية المحاذية لبلدتي نبل والزهراء، الــخــاضــعــتــين لــســيــطــرة قــــــوات الــنــظــام، وضمان الـوصـول إلـى بلدة دارة عـزة في ريــف حـلـب الـغـربـي، وبـالـتـالـي محافظة إدلب. لكن المشروع التركي، بالنسبة إلى مراقبين، لا يبدو واضحا ونهائيا، خاصة فـي ظـل مـا تـم تـداولـه عـن »ضـوء أخضر« روســـي يـسـمـح لأنــقــرة بـمـواجـهـة الأكـــراد فـي المنطقة، باعتبار أن الجيش التركي كــان نـشـر فـي شـهـر مـايـو (أيــــار) المـاضـي قــوات فـي عـفـريـن. وتُعتبر عفرين ضمن مـنـاطـق نــفــوذ الأكـــــراد الــذيــن أعـلـنـوا من جانب واحد نهاية ٢٠١٣ إدارات ذاتية في أقاليم الحسكة وعين العرب وعفرين. ولم تفلح »وحدات الحماية« في وصل الأقاليم الثلاثة على مساحة تناهز العشرين ألف كيلومتر مربع. واعتبرت أنقرة ربط هذه الأقاليم وإقامة »كردستان سوريا« خطاً أحمر لن تسمح به. وتعتبر عفرين »الحلقة الأضعف« باعتبارها غير متصلة بشرق نهر الـفـرات الــذي يـقـدم التحالف الـدولـي بقيادة أميركا فيه للأكراد دعماً في قتال »داعـــش«. ويشير الـدكـتـور كـمـال سيدو، مسؤول قسم الشرق الأوسط في »جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة،« التي تتخذ من ألمانيا مقرا رئيسيا لها، إلى أن عفرين تعيش منذ عام ٢٠١٣ نوعا من الحصار؛ باعتبار أن المنافذ الـ٣ لها مهددة بالإغلاق بأي لحظة. وفيما تغلق تركيا بشكل كلي أي مـنـفـذ مــع عـفـريـن عـلـى طــول الـحـدود المشتركة على مسافة ١٠٠ كلم، يبقى لأهل المنطقة ٣ منافذ أخرى، الأول باتجاه إدلب تـسـيـطـر عـلـيـه فـصـائـل المــعــارضــة، وآخــر باتجاه أعزاز تسيطر عليه الفصائل أيضا، ومنفذ أخير باتجاه حلب تحت سيطرة قوات النظام.
ويعيش في عفرين حالياً نحو مليون نسمة معظمهم من الأكراد، وعدد لا بأس به من النازحين من العرب السنة، حسبما يؤكد سيدو لــ »الـشـرق الأوســـط.« وأشـار إلــى أن أي هـجـوم تـركـي عـلـى عـفـريـن أو
ّ المناطق المحيطة بها مـن شـأنـه أن يشرد مئات الآلاف.
ويضيف: »أي هجوم واســع النطاق لأنقرة في المنطقة سيكون أشبه بكارثة. لكن العملية العسكرية لـن تـكـون نزهة، خاصة أن عشرات آلاف الأكــراد منظمون ومسلحون هناك للمواجهة.«
وتتبع عفرين إداريـا محافظة حلب، وهــي تبعد عـن المـديـنـة ٦٣ كـلـم. وتتألف بـالإضـافـة إلـى مدينة عفرين مـن ٧ نـواحٍ هـــي: شـــــران، شـيـخ الــحــديــد، جـنـديـرس، راجو، بلبل، المركز ومعبطلي و٣٦٦ قرية.
وقد نجحت »الإدارة الذاتية الكردية« إلى حد كبير في تدبير أمور سكان عفرين طـــوال الـفـتـرة المــاضــيــة، رغـــم الانــتــقــادات الـكـبـيـرة الـتـي تـوجـه إلـيـهـا لـجـهـة فـرض التجنيد الإجــبــاري، وتشديد الإجـــراءات عــلــى مـــن هـــم مـــن غــيــر الأكـــــــــراد. ويـشـيـر بـعـض المـنـتـقـديـن إلــى أن المـنـطـقـة تتمتع بـ »الاستقلالية شبه التامة مـن النواحي العسكرية والخدمية والإداريـــة والمالية، وبرز ذلك واضحاً من خلال التعليم الذي يشرف عليه (حزب الاتحاد الديمقراطي) بشكل مستقل، بمناهجه وكوادره الخاصة، إذ أضيفت اللغة الكردية وحذفت اللغات الأجنبية.« فـي المقابل، يتهم معارضون عرب الأكراد بأنهم »انفصاليون«، وبأنهم قـامـوا بـأعـمـال تطهير عـرقـي خــلال طـرد »داعش«.
كــمــا فــــرضــــوا، بــحــســب المــنــتــقــديــن، رســـومـــاً جـمـركـيـة عــلــى تـــجـــارة الــعــبــور، وضرائب على السكان المحليين وأصحاب المهن، وقاموا بإحداث قضاء »مستقل« يتم العمل فيه وفق القانون السوري والكردي المحدث، كما فرض »التجنيد الإجباري« ما أثار استياءً عاماً في المقاطعة.