Asharq Al-Awsat Saudi Edition

عفرين... الحلقة الأضعف في الإدارات الكردية

- بيروت: بولا أسطيح

رغم كل ما يحكى عن استنفار تنفذه »قــوات سـوريـا الـديـمـقـ­راطـيـة« و»وحــدات حماية الشعب« الكردية في منطقة عفرين شمال غربي حلب تحسباً لحملة عسكرية تركية محتملة، فـإن مـخـاوف الأكــراد من مخطط دولي يضع حداً لـلإدارات الذاتية الكردية، ويحصرها في إقليمي الجزيرة وعين العرب (كوباني)، تتزايد جراء »غض نــظــر« أمـيـركــي - روســــي عــن الـتـعـزيـ­زات التركية إلى »أعزاز«، استعداداً للمعركة.

وأفـــادت الأنـبـاء مـن أنـقـرة بــأن هـدف العملية العسكرية المحتملة »طرد وحدات الحماية من مدينة تل رفعت ومطار منغ فـي ريــف حـلـب، والـتـقـدم بـاتـجـاه منطقة مـريـمـين، الـتـي تبعد خمسة كيلومترات شـــرق مـديــنـة عــفــريــ­ن«، فــي وقـــت أفـــادت مصادر مقربة من فصائل »درع الفرات« التي يدعمها الجيش التركي بأن العملية التي تخطط لها أنقرة لا تهدف إلى اقتحام مدينة عفرين وريفيها الغربي والشمالي، بـل ستركز على فتح خـط إمــداد عسكري بين محافظتي إدلب وريف حلب الشمالي مــا يـتـطـلـب فـتـح الـسـيـطـر­ة عـلـى المـنـاطـق الشمالية المحاذية لبلدتي نبل والزهراء، الــخــاضـ­ـعــتــين لــســيــط­ــرة قــــــوات الــنــظــ­ام، وضمان الـوصـول إلـى بلدة دارة عـزة في ريــف حـلـب الـغـربـي، وبـالـتـال­ـي محافظة إدلب. لكن المشروع التركي، بالنسبة إلى مراقبين، لا يبدو واضحا ونهائيا، خاصة فـي ظـل مـا تـم تـداولـه عـن »ضـوء أخضر« روســـي يـسـمـح لأنــقــرة بـمـواجـهـ­ة الأكـــراد فـي المنطقة، باعتبار أن الجيش التركي كــان نـشـر فـي شـهـر مـايـو (أيــــار) المـاضـي قــوات فـي عـفـريـن. وتُعتبر عفرين ضمن مـنـاطـق نــفــوذ الأكـــــر­اد الــذيــن أعـلـنـوا من جانب واحد نهاية ٢٠١٣ إدارات ذاتية في أقاليم الحسكة وعين العرب وعفرين. ولم تفلح »وحدات الحماية« في وصل الأقاليم الثلاثة على مساحة تناهز العشرين ألف كيلومتر مربع. واعتبرت أنقرة ربط هذه الأقاليم وإقامة »كردستان سوريا« خطاً أحمر لن تسمح به. وتعتبر عفرين »الحلقة الأضعف« باعتبارها غير متصلة بشرق نهر الـفـرات الــذي يـقـدم التحالف الـدولـي بقيادة أميركا فيه للأكراد دعماً في قتال »داعـــش«. ويشير الـدكـتـور كـمـال سيدو، مسؤول قسم الشرق الأوسط في »جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة،« التي تتخذ من ألمانيا مقرا رئيسيا لها، إلى أن عفرين تعيش منذ عام ٢٠١٣ نوعا من الحصار؛ باعتبار أن المنافذ الـ٣ لها مهددة بالإغلاق بأي لحظة. وفيما تغلق تركيا بشكل كلي أي مـنـفـذ مــع عـفـريـن عـلـى طــول الـحـدود المشتركة على مسافة ١٠٠ كلم، يبقى لأهل المنطقة ٣ منافذ أخرى، الأول باتجاه إدلب تـسـيـطـر عـلـيـه فـصـائـل المــعــار­ضــة، وآخــر باتجاه أعزاز تسيطر عليه الفصائل أيضا، ومنفذ أخير باتجاه حلب تحت سيطرة قوات النظام.

ويعيش في عفرين حالياً نحو مليون نسمة معظمهم من الأكراد، وعدد لا بأس به من النازحين من العرب السنة، حسبما يؤكد سيدو لــ »الـشـرق الأوســـط.« وأشـار إلــى أن أي هـجـوم تـركـي عـلـى عـفـريـن أو

ّ المناطق المحيطة بها مـن شـأنـه أن يشرد مئات الآلاف.

ويضيف: »أي هجوم واســع النطاق لأنقرة في المنطقة سيكون أشبه بكارثة. لكن العملية العسكرية لـن تـكـون نزهة، خاصة أن عشرات آلاف الأكــراد منظمون ومسلحون هناك للمواجهة.«

وتتبع عفرين إداريـا محافظة حلب، وهــي تبعد عـن المـديـنـة ٦٣ كـلـم. وتتألف بـالإضـافـ­ة إلـى مدينة عفرين مـن ٧ نـواحٍ هـــي: شـــــران، شـيـخ الــحــديـ­ـد، جـنـديـرس، راجو، بلبل، المركز ومعبطلي و٣٦٦ قرية.

وقد نجحت »الإدارة الذاتية الكردية« إلى حد كبير في تدبير أمور سكان عفرين طـــوال الـفـتـرة المــاضــي­ــة، رغـــم الانــتــق­ــادات الـكـبـيـر­ة الـتـي تـوجـه إلـيـهـا لـجـهـة فـرض التجنيد الإجــبــا­ري، وتشديد الإجـــراء­ات عــلــى مـــن هـــم مـــن غــيــر الأكــــــ­ـــراد. ويـشـيـر بـعـض المـنـتـقـ­ديـن إلــى أن المـنـطـقـ­ة تتمتع بـ »الاستقلالي­ة شبه التامة مـن النواحي العسكرية والخدمية والإداريــ­ـة والمالية، وبرز ذلك واضحاً من خلال التعليم الذي يشرف عليه (حزب الاتحاد الديمقراطي) بشكل مستقل، بمناهجه وكوادره الخاصة، إذ أضيفت اللغة الكردية وحذفت اللغات الأجنبية.« فـي المقابل، يتهم معارضون عرب الأكراد بأنهم »انفصاليون«، وبأنهم قـامـوا بـأعـمـال تطهير عـرقـي خــلال طـرد »داعش«.

كــمــا فــــرضـــ­ـوا، بــحــســب المــنــتـ­ـقــديــن، رســـومـــ­اً جـمـركـيـة عــلــى تـــجـــار­ة الــعــبــ­ور، وضرائب على السكان المحليين وأصحاب المهن، وقاموا بإحداث قضاء »مستقل« يتم العمل فيه وفق القانون السوري والكردي المحدث، كما فرض »التجنيد الإجباري« ما أثار استياءً عاماً في المقاطعة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia