Asharq Al-Awsat Saudi Edition

رئيس الوزراء الجزائري يعرض مخطط الحكومة على مجلس الأمة

أزمة النفط وتهديدات الإرهاب أبرز التحديات التي تعترض طريقها

- الجزائر: »الشرق الأوسط«

عــرض رئـيـس الـــــوزر­اء الـجـديـد عــبــد المــجــيـ­ـد تـــبـــون أمـــــس مـخـطـط عمل الحكومة على »مجلس الأمـة« (الـغـرفـة البرلمانية الـثـانـيـ­ة)، بعدما أيــــده »المــجــلـ­ـس الـشـعـبـي الـوطـنـي« (الـغـرفـة الأولــــى) الأســبــو­ع المـاضـي. وحـسـب مـراقـبـين فـإنـه لا يـوجـد شك فـي أن »شـيـوخ الـبـرلمـا­ن« سيقدمون صــكــا عــلــى بـــيـــاض لــتــبــو­ن بـحـكـم أن غـالـبـيـت­ـهـم مـــن حــزبــي الـسـلـطـة »جبهة التحرير الوطني« و»التجمع الوطني الديمقراطي«، ما يعني أن كل الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الحكومة مستقبلا ستمر لا محالة بــغــرفــ­تــي الــــبـــ­ـرلمــــان، فــضــلا عــــن أن المعارضة ضعيفة ومشتتة الصفوف بالمؤسسة التشريعية.

وكانت الأزمة المالية الملف الذي طغى على مناقشة برنامج الحكومة فـــي الـــبـــر­لمـــان. وحــــــاو­ل تــبــون الـــذي استخلف عبد المالك سلال على رأس الـحـكـومـ­ة، الـتـهـويـ­ن مــن خـطـورتـهـ­ا عـلـى قـطـاعـات واسـعـة مـن المجتمع، بــقــولــ­ه إن »الــــعـــ­ـدالــــة الاجــتــم­ــاعــيــة مـعـتـرك يـتـعـين يـومـيـا عـلـى الــدولــة تــجــســي­ــده بـــين فـــئـــات المــجــتـ­ـمــع فـي كــل المــيــاد­يــن، وذلـــك بــالمــسـ­ـاواة أمــام الــقــانـ­ـون وتــــــوا­زن الأقــالــ­يــم وتـكـافـؤ الـفـرص، وكـذا الإنـصـاف فـي تطبيق النظم والمعايير «، موضحا أن »واجب الـعـدالـة الاجـتـمـا­عـيـة خـط ثـابـت في عمل الجهاز التنفيذي، وسنتقيد به خلال التعديلات التشريعية القادمة لقانون العمل ومنظومة التقاعد بعد تحقيق الإجماع في الثلاثية،« التي تتكون من النقابة المركزية، وأربـاب العمل الخواص، والحكومة.

وحسب ملاحظين، فإن الحكومة الجزائرية الجديدة تواجه نوعين من التحديات، أحدهما اقتصادي مرتبط بــأزمــة مـالـيـة حــــادة خـلـفـهـا انـهـيـار أسعار النفط، والثاني أمني تفرضه تهديدات الإرهاب وشبكات المتاجرة بالسلاح وتهريب البشر.

والمـلاحــ­ظ أن تـبـون بــدأ يوظف منذ تسلم مهامه قبل أسبوعين كلمة »تـرشـيـد نـفـقـات« بـــدل »الـتـقـشـف«، حتى لا يـصـدم مـلايـين الجزائريين. غـيـر أن الــواقــع يـثـبـت أن الـحـكـومـ­ة بصدد شد الحزام، وأهم مؤشر على ذلـــك أنــهــا أوقــفــت اســتــيــ­راد كـمـيـات كبيرة من المواد الغذائية والمنتجات نصف المصنعة، ومـا بقي منها في السوق المحلية يشهد غـلاء فاحشا، وانـعـكـس ذلـــك مـبـاشـرة عـلـى جيب المــــواط­ــــن. زيــــــاد­ة عــلــى ذلــــك جـمـدت الــحــكــ­ومــة مــشــروعـ­ـات بــنــاء مــرافــق عـمـومـيـة تعتبر مـهـمـة لـلـمـواطـ­نـين، كالمستشفيا­ت والمصحات والمدارس.

وتفيد إحـصـاءات وزارة المالية بأن مخزون العملة الصعبة انكمش إلى ١١٤ مليار دولار، بعدما كان ١٤٣ مليار دولار فـي نهاية ٢٠١٥، و٢٠٠ مـلـيـار دولار فـي نـهـايـة ٢٠١٣. ومـن شــأن ذلــك أن يثير مـخـاوف غالبية الــجــزائ­ــريــين، الـــذيـــ­ن يــشــتــر­ون أهــم حاجياتهم مـن الـغـذاء ومستلزمات المعيشة بفضل ما تستورده الجزائر من حبوب ومنتجات كثيرة.

ويـتـفـق خــبــراء الاقـتـصـا­د على أن الــبــلاد سـتـصـل إلـــى حــالــة عجز كامل عن تلبية حاجيات ٤٠ مليون جزائري في غضون السنوات الثلاث المـقـبـلـ­ة، إذا لــم تـجـد بــدائــل سريعة للاقتصاد المبني حصريا على الريع البترولي.

وأعلن تبون أنه سيستمر على خـطـى ســلال بـخـصـوص تطبيق ما سمي »نـمـوذجـا اقتصاديا جـديـدا« يـــقـــوم عــلــى تــشــجــي­ــع الاســتــث­ــمــار، وتحفيز الشركات الخاصة الـقـادرة على تصدير منتجها إلـى الـخـارج. غـيـر أن بـعـض الـخـبـراء يـشـكّـون في قــــدرة المـنـتـج المـحـلـي عـلـى مـنـافـسـة المنتجات التي تأتي في معظمها من الصين وتركيا ومن أوروبا الغربية، وخــاصــة فــرنــســ­ا. وحــتــى إذا تـوفـر شـرط »الـقـدرة على المنافسة« بشأن ما تنتجه المؤسسة الخاصة، فالأزمة الحالية تتطلب حلولا سريعا لجلب مــبــالــ­غ كــبــيــر­ة، وتــحــاشـ­ـي تـوقـيـف مزيد من المشروعات الحيوية. وقال تبون إنه يستبعد تماما اللجوء إلى الاستدانة من الخارج، وهو خيار قد يكون المخرج الوحيد أمام الحكومة إذا بقي سعر النفط منخفضا.

وفــي الأزمـــة الأمـنـيـة الـداخـلـي­ـة، أظــهــر نــشــاط الــجــيــ­ش خــــلال شـهـر رمـضـان أن السلطات مطالبة ببذل مــجــهــو­د كـبـيـر إذا أرادت الـحـفـاظ على مـا تسميه »واحــة اسـتـقـرار في مـحـيـط إقــلــيــ­مــي عــــاصـــ­ـف«. فـخـلال ثــــلاثــ­ــين يــــومـــ­ـا لـــــم تـــتـــوق­ـــف وزارة الدفاع عن نشر بيانات تتعلق بقتل إرهابيين واعتقال أشخاص بتهمة دعــم المـتـطـرف­ـين، ومــصــادر­ة أسلحة وذخـــيـــ­رة حـربـيـة وتـفـكـيـك شـبـكـات لتهريب السلاح والمخدرات والمتاجرة بــالــبــ­شــر. ومــواجــه­ــة هــــذا الـتـحـدي تتطلب مضاعفة مـوازنـات مختلف الأجــهــز­ة الأمـنـيـة، وسـيـنـعـك­ـس ذلـك حتما على موازنات قطاعات أخرى، كــالــتــ­عــلــيــم. وتــبــقــ­ى وزارة الـــدفـــ­اع الأولـى من حيث الاعتمادات المالية، إذ رصدت لها الدولة ١٣ مليار دولار عام ٢٠١٦، بينما مداخيل البلاد من بيع النفط والغاز لم تتعد ٣٣ مليار دولار في السنوات الأخيرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia