مقاتلو تشاد ودارفور يؤججون اضطرابات ليبيا
يعملون لحساب فصائل متناحرة ويمارسون تهريب السلاح
قــــــال بـــاحـــثـــون مــقــيــمــون فـي جــنــيــف، إن مـــئـــات المــقــاتــلــين مـن تــشــاد وإقــلــيــم دارفــــــور الــســودانــي يؤججون الاضـطـرابـات فـي ليبيا، بعد قبولهم دخول الحرب لحساب فصائل متناحرة، وبــدأوا يسعون لتشكيل حركات تمرد ويمارسون قطع الطرق وتهريب السلاح.
وذكـــر الـتـقـريـر الـــذي أصـدرتـه مجموعة مسح الأسلحة الصغيرة، أن عـــدم الــتــوصــل لاتــفــاقــات سـلام لدمج المتمردين في تشاد والسودان أدى إلى انتعاش »سوق للمقاتلين عــبــر الـــــحـــــدود«، الـــتـــي تـــربـــط بـين البلدين وليبيا، مشيرا إلى أنه في ظـل وجـــود مـتـشـدديـن فـي المناطق الصحراوية، بالإضافة إلى مهربي البشر والـسـلاح، فـإن خطر زعزعة الاسـتـقـرار سـيـزداد أكـثـر فـي ليبيا القابعة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.
ويقع التقرير في ١٧٩ صفحة، ويركز على قبائل التبو التي تسكن جـــبـــال تــبــســتــي فــــي شـــمـــال تــشــاد عــلــى مـــشـــارف الـــحـــدود مـــع لـيـبـيـا والنيجر، والتي لعبت دورا رئيسيا في حركات التمرد بالدول الثلاث. وقد انتهى أحدث تمرد لأبناء هذه الـقـبـائـل فـي تـشـاد عــام ٢٠١١. لكن الانــتــفــاضــة الــتــي أطــاحــت بمعمر الـقـذافـي فـي ليبيا فـي نـفـس الـعـام استقطبتهم، وأتاحت لهم الحصول على الأسلحة بسهولة.
وقال التقرير إن »هذه الفوضى تـجـذب عــشــرات المـقـاتـلـين، بـمـا في ذلـك الـقـوات المعارضة المسلحة من شمال تشاد ودارفور، ولها تداعيات بــالــفــعــل فــــي تـــشـــاد والــــــســــــودان،« مضيفا أن »مثلث تشاد - السودان وليبيا أصبح مرة أخرى مركز نظام إقليميا للصراعات. ومـن التبعات الـواضـحـة لـهـذه الــصــراعــات عــودة ظهور سوق إقليمية للمقاتلين عبر الحدود منذ عام ٢٠١١.«
وتـــتـــبـــادل الــفــصــائــل الـلـيـبـيـة المـتـنـاحـرة الاتـهـامـات بالاستعانة بعشرات المرتزقة من أفريقيا جنوب الـصـحـراء. وبـهـذا الـخـصـوص قـال جــيــروم تـوبـيـانـا الــــذي شــــارك في وضع التقرير، إن نحو ١٥٠٠ مقاتل ربما يكونون في ليبيا حاليا، وإن معظمهم يعملون مع قوات موالية لـلـقـائـد خليفة حـفـتـر، الـــذي يتخذ مـن شـرق ليبيا قـاعـدة لـه، مضيفا أن نحو ألـف من تشاد يعملون مع الــقــوات المـنـاهـضـة لـحـفـتـر، بينما يـحـاول بضع مـئـات الـتـزام الحياد أو يريدون العمل لأي من الجانبين.
وذكــر التقرير عـدة أمثلة على تمركز جماعات من تشاد والسودان بمنطقة الجفرة الصحراوية بوسط الــبــلاد، والــتــي كـانـت مــؤخــرا بــؤرة للقتال بـين الــقــوات المـوالـيـة لحفتر وخصومها، وفي بنغازي حيث تشن قـوات حفتر حملة منذ فترة طويلة على متشددين وخصوم آخرين.
وأوضــــح الـتـقـريـر أن الـجـيـش يركز جهوده على إعادة الاستقرار لــلــمــنــطــقــة، لــكــنــه رجــــــح ألا تـكـلـل هــذه الـجـهـود بـالـنـجـاح، ودعــا إلى سـيـاسـات اجـتـمـاعـيـة لـدمـج أبـنـاء قبائل التبو، مشددا على أن »الأزمة الليبية وقضية وجــود المتشددين فــي الــصــحــراء لــن يـحـلـهـا الـتـدخـل الــعــســكــري فـــي جـــنـــوب لــيــبــيــا، أو نشر جـنـود غربيين على الـحـدود، ولا يــمــكــن الاســـتـــهـــانـــة بــأهــمــيــة وجـود الـدول الثلاث (ليبيا وتشاد والــــنــــيــــجــــر)، لـــيـــس مـــــن الــنــاحــيــة الـعـسـكـريـة فـحـسـب، وإنــمــا أيـضـا لجهة توفير الخدمات والتنمية.«
وعـــلـــى صــعــيــد غــيــر مـتـصـل، تــوقــع عــمــيــد بــحــار أيـــــوب قــاســم، المتحدث باسم رئاسة أركان القوات البحرية الليبية »زيادة متسارعة« في أعداد المهاجرين غير الشرعيين، الـــذيـــن يــعــبــرون الــبــحــر المـتـوسـط انطلاقا من سواحل ليبيا.
وقال قاسم في تصريح لوكالة الأنــبــاء الألمــانــيــة، إنـــه »إذا استمر الاتـحـاد الأوروبـــي والمنظمات غير الـحـكـومـيـة الـتـابـعـة لـه فـي انـتـهـاج نفس السياسة الكلاسيكية سبيلاً لمـــقـــاومـــة الـــهـــجـــرة، فــإنــنــا نـتـوقـع تحطيم أرقـــام قياسية كـثـيـرة قبل نهاية هذه السنة.«
وعــــبــــر قــــاســــم عــــن امــتــعــاض الـبـحـريـة الـلـيـبـيـة مــن وجـــود سفن كثيرة تابعة لمنظمات أوروبية غير حكومية تنتظر المهاجرين بالقرب مـن لـيـبـيـا، وقـيـام بعضها أحـيـانـا بـاخـتـراق المـيـاه الإقليمية الليبية، وقال في هذا السياق: »حين قيامنا بـإنـقـاذ ١٤٧ مـهـاجـرا يـوم الـثـلاثـاء، رصدنا وجود أكثر من ٦ منظمات، كانت المياه مليئة بقوارب المهاجرين الـــراغـــبـــين فـــي الــــركــــوب عــلــى ظـهـر إحـدى السفن التي ساعد وجودها في إيصال المهاجرين إلى أوروبا.«
وتـابـع المـتـحـدث بـاسـم رئاسة أركــــان الـبـحـريـة الـتـابـعـة لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، قـائـلا: »فــي ظـل إمـكـانـات البحرية الليبية البسيطة، وتغول عصابات الهجرة التي باتت تستعمل السلاح، وعدم إصغاء شركائنا الأوروبيين، فـــإن الأحـــــوال الـجـويـة هــي الـعـامـل الرئيسي الذي يحد أحيانا من عدد المهاجرين، فيما تدفع كل العوامل البشرية إلى زيادتها، ولهذا نتوقع هذا الصيف مع هدوء البحر، زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين، قد تفوق التي سُجلت في اليومين الماضيين، والــتــي وصـلـت إلــى ٨٠٠٠ مـهـاجـر، انطلق أغلبهم مـن شـواطـئ مدينة صـبـراتـة غـــرب طـرابـلـس خـــلال ٤٨ ساعة .«
وحـــول سـبـل مـقـاومـة الـهـجـرة مــن وجـهـة نـظـر الـبـحـريـة الليبية، قــال قــاســم: »يـنـبـغـي عـلـى الاتـحـاد الأوروبــــــــي مــراجــعــة سـيـاسـتـه فـي هذا الشأن، ومنع المنظمات المهتمة مـن العمل أمــام الـسـواحـل الليبية، فمكافحة الهجرة لا تبدأ من البحر، بــل مــن الــبــر، عـبـر مـراقـبـة الـحـدود الــجــنــوبــيــة الــلــيــبــيــة، والــتــعــامــل بحكمة مـع دول المـصـدر، وتسهيل دخول مواطنيها إلى أوروبا بطرق مقننة .«