Asharq Al-Awsat Saudi Edition

قادة »داعش« يفرون من الرقة ويتركون المقاتلين ليموتوا »كالخراف«

مقابلات مع زوجات وأرامل عناصر في التنظيم تكشف عن خوف من »انقلاب أو انتفاضة«

- الرقة (سوريا:( »الشرق الأوسط«

ذكرت زوجات ثلاثة مقاتلين تونسيين فــروا مـن مـديـنـة الـرقـة الـسـوريـة أن قــادة تنظيم داعـش استخدموا الجواسيس للقضاء عـلـى مــن يـشـتـبـه فــي أنـهـم أعــداء فــــــي صـــــفـــ­ــوف الـــتـــن­ـــظـــيــ­ـم قــبــيــل الهجوم الـذي ستقوده الـولايـات المـتـحـدة هــذا الـشـهـر عـلـى معقل »داعـــــــ­ـش« الــرئــيـ­ـســي فـــي الـــرقـــ­ة. ووصفن كيف فر القادة من الرقة مـع تنامي الضغوط مـن الحملة الـتـي تـقـودهـا الــولايــ­ات المـتـحـدة وعمليات منفصلة بقيادة قوات مـــعـــار­ضـــة مـــدعـــو­مـــة مــــن تـركـيـا والقوات الحكومية التي تساندها روســــــي­ــــــا. وقـــــالـ­ــــت إحــــــدا­هــــــن إن المقاتلين العاديين تُركوا ليموتوا »كالخراف«.

وتشير رواياتهن إلى تنامي المعارضة داخل صفوف التنظيم المــتــشـ­ـدد فـــي شــمــال ســـوريـــ­ا في الشهور القليلة الماضية.

وقـــالـــ­ت خـــدوجـــ­ة الــحــمــ­ري، إحدى ثلاث نساء فررن من الرقة قبل نحو ستة أشـهـر، إن زعماء »داعـــــــ­ــــــش« قـــلـــقـ­ــون مـــــن حـــــدوث انـــتـــف­ـــاضـــة أو انـــــقــ­ـــلاب، وإنـــهـــ­م اعتبروا التونسيين تهديداً لأنهم انـتـقـدوا الـطـريـقـ­ة الـتـي يــدار بها التنظيم.

وأضــــافـ­ـــت لـــــ »رويــــتــ­ــرز« فـي مـخـيـم لـلـنـازحـ­ـين فــي قــريــة عين عيسى شمال الرقة: »كـان زوجي خــائــفــ­اً. صـــوب الـنـهـايـ­ة كـــان ٧٠ تونسياً على قائمة أجهزة الأمن (التابعة لـ »داعش«...( مطلوبين. أرادوا قـتـلـهـم.« وتـابـعـت قـائـلـة: »لا تستطيع الـتـحـدث بحرية أو انتقاد التنظيم فأنت لا تعلم من يتنصت .«

وقـالـت النساء الـثـلاث، وهن تونسيتان ولبنانية، إنهن سافرن للانضمام إلى »داعش« على أمل عـيـش حـيـاة ديـنـيـة طـالمـا حلمن بـهـا. لـكـن تـبـين أنـهـا لـيـسـت كما توقعن.

وذكـــــرت الــحــمــ­ري أن بعض المــتــشـ­ـدديــن الـتـونـسـ­يـين أعـلـنـوا قــــيــــ­ادة »داعـــــــ­ــش« كــــفــــ­اراً بـسـبـب الـطـريـقـ­ة المـتـطـرف­ـة الـتـي يـديـرون بها الرقة، مضيفة أن عدم المساواة بــين الــقــادة والمـقـاتـ­لـين الـعـاديـي­ن أصبح أكثر وضوحاً من أي وقت مضى.

ولـم يتسن تأكيد رواياتهن، غير أن »داعـش« نشر تسجيلات مــصــورة تـظـهـر إعــــدام أشـخـاص جرى تعريفهم بأنهم جواسيس أو عملاء لدول أجنبية معادية.

وقالت الحمري إنها وزوجها فرا من الرقة بالذهاب جنوباً إلى مــديــنــ­ة المـــيـــ­اديـــن، وهــــي مـنـطـقـة أخـــرى يسيطر عليها »داعـــش«، حيث اختبآ لبعض الوقت. وسرق زوجـــهـــ­ا ســـيـــار­ات مـــن مـسـؤولـي »داعش« وباعها لجمع أموال كي يدفعها لمهرب أخذهما لاحقاً عبر نهر الـفـرات إلـى مناطق تسيطر عليها »وحــدات حماية الشعب« الكردية. وعندما وصل إلى هناك اعتقلته الــوحــدا­ت الـكـرديـة التي تتصدر هجوماً تقوده الولايات المتحدة لطرد »داعش« من الرقة. وخضعت الحمري للاستجواب لكنها لم تعتقل.

وقـــــالـ­ــــت وهــــــي جـــالـــس­ـــة مـع المرأتين الأخريين في مبنى قليل الأثاث يقيم فيه الأجانب في عين عيسى: »أوضحنا أننا فررنا من (داعـش). عاملونا جيداً... كل ما أريده هو الخروج من هذا المخيم.«

واتـــبـــ­عـــت الـــنـــس­ـــاء مـــســـار­ات مماثلة. فقد توجهن إلى سوريا عبر تركيا للالتحاق بأزواجهن الـذيـن ذهـبـوا للقتال فـي الـحـرب المتعددة الأطراف.

وقالت الحمري ونور الهدى، الأم لــطــفــل­ــين مــــن طـــرابـــ­لـــس فـي لبنان، إن أول زوجـين لهما قتلا في المعركة.

والتقوا للمرة الأولى في »دار ضــيــافــ­ة« يــديــرهـ­ـا »داعـــــــ­ش« في الرقة تؤوي أرامل ليس بوسعهن أن يبرحنها.

وكانت دار الضيافة مكتظة، فكل غرفة كانت تحوي ١٢ امـرأة وأطفالهن. وقالت نور الهدى إن مقاتلي »داعش« يختارون أزواجاً مــن هــنــاك بــنــاء عـلـى مـواصـفـات تقدمها مسؤولة في التنظيم.

وقــالــت نـــور الــهــدى إن قــادة »داعش« كانوا يدفعون للشخص الذي يدير »دار الضيافة« للظفر بــالــزوج­ــات الــلائــي يـخـتـارون­ـهـن إمـا أمــوالاً نقدية أو أسلحة مثل المـــســد­ســـات. وكــــان المـــســـ­دس من طراز »غلوك« الأكثر طلباً.

وأضـافـت أن التونسي الـذي تزوجته أراد رعـايـة الأيـتـام. ولم يـسـتـطـع الــقــتــ­ال لـبـعـض الــوقــت لإصابته في كلتا يديه. وتابعت: »كــان عطوفاً للغاية مـع أطفالي وعــامــلـ­ـنــي مـعـامـلـة جــيــدة جـــداً. لكنهم لم يعاملوه بإنصاف ولم يعطوه مالاً .«

وأفــــادت بــأن أحــد مـسـؤولـي »داعـش« هو الذي يختار النساء الـلائـي يعشن فـي أفـضـل المـنـازل ويلبسن أفخر الثياب، مضيفة أن »والــي الـرقـة« كـان معروفاً بمنح أقاربه مناصب مرتفعة الرواتب في الإدارة. وأضـافـت: »بصراحة نـــدمـــن­ـــا كـــثـــيـ­ــراً عـــلـــى الالـــتــ­ـحـــاق بـ(داعش .«(

ويقدّر التحالف الذي تقوده الـولايـات المتحدة لطرد »داعـش« مــــن الــــرقــ­ــة أن ثـــلاثـــ­ة آلاف إلـــى أربـعـة آلاف مـن مقاتلي التنظيم متحصنون هـنـاك، حـتـى بعدما هـجـر قـادتـه المـديـنـة إلــى مناطق أكــــثـــ­ـر أمــــنـــ­ـاً. ويــــقـــ­ـول مــســؤولـ­ـو المــخــاب­ــرات الأمــيــر­كــيــة إن قـيـادة »داعـــــــ­ــش« أعــــــــ­ادت الــتــمــ­ركــز فـي الميادين بجنوب شرقي سوريا.

وقـال جلال العياف المسؤول عن المخيم الذي يؤوي نحو سبعة آلاف شخص في عين عيسى، إن نـحـو ١٥ إلـــى ٢٠ أســــرة أجـنـبـيـة وصلت إلى هناك حتى الآن ومنها أسـر من روسيا وتونس ولبنان وإندونيسيا. ومن المتوقع وصول المـــزيــ­ـد إلــــى المــخــيـ­ـم الــــذي يــديــره مـجـلـس مــدنــي تــســانــ­ده »قــــوات سوريا الديمقراطي­ة« وهي القوة العسكرية التي تشن حملة الرقة على الأرض.

وذكـــر الـعـيـاف أن الـسـلـطـا­ت تــــهــــ­تــــم بـــــاحــ­ـــتـــــي­ـــــاجـــ­ــات الأســــــ­ــر وستساعدها في المغادرة إلى أي مكان تريده. وقالت النساء إنهن لم يعتقلن لكن ينتظرن ترتيبات العودة إلى أوطانهن. وقالت نور الهدى: »نريد أحداً يساعدنا على الخروج .«

 ??  ?? تونسية زوجة عنصر سابق في »داعش« في مركز لإيواء النازحين في بلدة عين عيسى شمال الرقة في سوريا أمس (رويترز)
تونسية زوجة عنصر سابق في »داعش« في مركز لإيواء النازحين في بلدة عين عيسى شمال الرقة في سوريا أمس (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia