خطوات أوروبية جديدة لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال
مراقبة نقل العملات نقداً أو عبر شيكات أو داخل الحقائب... والسماح بـ١٠ آلاف يورو فقط
وافـــــــــــــق المـــــجـــــلـــــس الـــــــــــــــوزاري الأوروبـــــــــــــي فــــي بــــروكــــســــل، أمـــس الأربعاء، على مشروع لائحة تهدف إلـى تحسين الـضـوابـط على النقد الـذي يدخل إلى الاتحاد الأوروبـي أو يخرج منه. ويعتبر ذلك بمثابة الــضــوء الأخــضــر لـلـمـجـلـس الــذي
ّ يــمــث ــل الـــــــدول الأعـــــضـــــاء، لإطـــلاق مـفـاوضـات مـع الـبـرلمـان الأوروبـــي في هذا الصدد.
وقــال إدوارد سيكلونا، وزيـر المـــالـــيـــة فــــي مــالــطــا الـــتـــي تـتـولـى الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، إن الشبكات الإرهابية والإجرامية تـرفـض الإعـــلان المـسـبـق عـن هوية مـعـامـلات الــدفــع الــنــقــدي، و»لـهـذا الـسـبـب نـحـن فـي حـاجـة إلــى نظام فـعّـال يـسـاعـد الـسـلـطـات عـلـى منع الأنشطة غير المشروعة، ومكافحتها بشكل أفضل، وبالتالي تعزيز الأمن في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي«.
وجـــاء اتــفــاق الــــدول الأعـضـاء عـلـى الــضــوابــط الــجــديــدة لمـراقـبـة دخول وخروج الأمـوال النقدية من الاتحاد وإليه، خلال اجتماع أمس على مستوى سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقـــــــــــــال المـــــجـــــلـــــس الـــــــــــــــوزاري الأوروبــــي، إن الـضـوابـط الـجـديـدة الـتـي أقـرهـا الـسـفـراء ستساهم في تــحــســين مـــراقـــبـــة حـــركـــة الــنــقــود، والاستغناء عن مشروع الضوابط رقم ١٨٨٩ لعام ٢٠٠٥، وذلك بهدف مراعاة تطوير أفضل في خصوص تـنـفـيـذ المـعـايـيـر الــدولــيــة لمكافحة غـسـل الأمــــــوال وتــمــويــل الإرهـــــاب، وبناء على ضوابط وضعتها فرق عمل معنية بالإجراءات المالية في الاتحاد الأوروبي.
ويــتــضــمــن مـــشـــروع الــلائــحــة الجديدة توسيع الإجراءات لتشمل الــصــكــوك أو طـــرق الــدفــع الأخـــرى خــلافــاً لــلــعــمــلات، مــثــل الـشـيـكـات والذهب وشيكات السفر وبطاقات الــدفــع المـسـبـق. كـمـا يـمـتـد ليشمل النقود التي تُرسل بأشكال مختلفة، وكذلك في عمليات الشحن ومنها شـحـن الـحـقـائـب. وبـذلـك يُستكمل الإطار القانوني لمنع غسل الأموال وتمويل الإرهاب المنصوص عليها فـي قـرار أوروبــي يحمل الـرقـم ٨٤٩ لعام ٢٠١٥ .
وبــمــوجــب الــتــعــديــل الـجـديـد يستوجب عـلـى كـل مـواطـن يحمل أكــثــر مــن ١٠ آلاف يــــورو أن يُـبـلـغ الـجـمـارك أو الـجـهـة المعنية بـذلـك، ســــواء كـــان الـشـخـص يـحـمـل هـذه النقود فـي جيبه أو فـي الحقائب. وفــيــمــا يـتـعـلـق بــالــنــقــود المـرسـلـة فـي الــطــرود الـبـريـديـة أو شحنات الــبــريــد الــســريــع أو الأمــتــعــة غـيـر المصحوبة بأشخاص، أو ما شابه ذلـك، فسيكون للسلطات الحق في المطالبة بكشف المحتوى، سواء في صــورة إقــرار مـن جـانـب المـرسـل أو المستلم في نموذج موحد.
وسيكون للسلطات الحق في تنفيذ الضوابط على شاحنات أو وسائل نقل توجد فيها أموال غير مصحوبة بأشخاص. وستتبادل السلطات فـي الــدول الأعـضـاء تلك المعلومات، ولا سيما عندما يتعلق الأمـــــر بــنــشــاط إجـــرامـــي قـــد يـؤثـر سلباً على المصالح المالية للاتحاد الأوروبـــــــي. وفـــي الــوقــت نـفـسـه لن تمنع اللائحة الجديدة أن تفرض الـــــدول الأعـــضـــاء ضــوابــط وطـنـيـة إضافية على تحركات النقد داخل الاتحاد، بموجب القانون الوطني، بــشــرط أن تــكــون هــــذه الــضــوابــط مطابقة لمعايير الحريات الأساسية المعتمدة في الاتحاد الأوروبي.
وبـدأت في البرلمان الأوروبـي، فـــــي فــــبــــرايــــر (شــــــبــــــاط) المــــاضــــي، جـــلـــســـات لـــتـــحـــديـــد المـــــوقـــــف مــن تعديلات تشريعية تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب، وشارك فيها نواب فــي لـجـنـتـي الــشــؤون الاقـتـصـاديـة والنقدية، والحريات المدنية. وقال البرلمان الأوروبي إن التعديلات في الإجــــراءات الـتـي تتعلق بمواجهة تــمــويــل الإرهـــــــاب وغــســل الأمـــــوال والتهرب الضريبي، تهدف إلى سد الثغرات وتعزيز التدابير لمواجهة تـمـويـل الإرهــــاب، ومـنـهـا إجـــراءات تـتـعـلـق بـإنـهـاء الـسـريـة عــن الُمــلاك الحقيقيين للشركات، وتبادل هذه المعلومات بين الدول الأعضاء. وأقــــــــــــــــر مـــــجـــــلـــــس الاتــــــــحــــــــاد
ّ الأوروبــــــــــــــي، الـــــــذي يـــمـــثـــل الــــــدول الأعــــضــــاء، فـــي ديـسـمـبـر (كــانــون الأول) الماضي، الموقف التفاوضي مـــــع الــــبــــرلمــــان الأوروبـــــــــــــــي، حـــول مقترحات لتعزيز قـواعـد الاتحاد لمواجهة تمويل الإرهاب وعمليات غــســل الأمـــــــــــوال. ووجّــــــــه المـجـلـس طـلـبـاً لـلـرئـاسـة الــدوريــة الـجـديـدة لـــلاتـــحـــاد، الــتــي تــتــولاهــا مـالـطـا منذ مطلع الـعـام، بـأن تبدأ عملية الــتــفــاوض مــع الــبــرلمــان الأوروبــــي لـتـحـقـيـق هــدفــين رئـيـسـيـين، هما منع استخدام النظام المالي لتمويل الأنشطة الإجرامية، وتعزيز قواعد الشفافية لمنع التستر على الأموال عــلــى نـــطـــاق واســــــــع. وقــــــال بــيــان أوروبي في بروكسل إن الغرض من المفاوضات هو التوصل إلى صيغة قوانين تُغلق الوسائل المالية أمام المجرمين من دون خلق عقبات غير ضــروريــة لـعـمـل الأنـظـمـة البنكية والأسواق المالية. وستركّز العملية الــتــفــاوضــيــة عــلــى تــعــديــل بـعـض التوجيهات في هذا الصدد، والتي اعتمدت في مايو (أيار) ٢٠١٥.
وأشــــار الـبـيـان الأوروبـــــي إلـى أنــــه عــقــب سـلـسـلـة مـــن الـهـجـمـات الإرهــابــيــة فــي أوروبــــــا، كـــان لا بد مــن تـحـقـيـق الــتــوازن بــين الـحـاجـة إلـــــــى زيــــــــــادة الأمــــــــن وفـــــــي الـــوقـــت نـفـسـه حـمـايـة الـحـقـوق الأسـاسـيـة والـحـريـات الاقتصادية. وستكون المــقــتــرحــات المــطــروحــة لـلـتـفـاوض جزءاً من عمل المفوضية الأوروبية في إطار مكافحة الإرهاب.
وكــانــت المـفـوضـيـة الأوروبــيــة قد أطلقت في فبراير العام الماضي خطة عمل لمكافحة تمويل الإرهاب، بطلب مُـلـحّ مـن فرنسا بعد موجة الهجمات التي شهدتها باريس في عام ٢٠١٥.
وقـــال نـائـب رئـيـس المفوضية اللاتفي فلاديس دومبروفسكيس، بــعــدمــا تـبـنـى أعـــضـــاء المـفـوضـيـة الـــــــــ٢٨ الـــخـــطـــة خـــــلال اجــتــمــاعــهــم فـــي ســـتـــراســـبـــورغ شــــرق فــرنــســا: »بفضل الخطة اليوم، سنضع حداً سريعاً لتمويل الإرهاب مع اقتراح تــشــريــعــات فـــي الأشـــهـــر المـقـبـلـة.« وأضــــــــاف دومـــبـــروفـــســـكـــيـــس، فـي مـؤتـمـر صـحـافـي، أن كـل الـتـدابـيـر »يـنـبـغـي تـنـفـيـذهـا بـحـلـول نـهـايـة .«٢٠١٧ والـــخـــطـــة الـــتـــي لا تــــزال تتطلب مـوافـقـة الـبـرلمـان والمجلس الأوروبــيــين، تعتمد إلـى حـد بعيد على اقتراحات فرنسية. وتتضمن »خطة العمل « جانبين: الأول يتناول عمليات تـحـويـل الأمـــوال للحؤول دون وصــولــهــا إلــــى الإرهـــابـــيـــين، والثاني يهدف إلى تجفيف منابع التمويل، وفق ما قال نائب رئيس المفوضية.
وبالنسبة إلـى الجانب الأول، تــركــز المــفــوضــيــة خــصــوصــاً عـلـى البطاقات المدفوعة سلفاً والعملة الافتراضية. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية الفرنسي بيار مـوسـكـوفـيـسـي فـــي بـــيـــان: »نــريــد التصدي للطابع المجهول لوسائل الـدفـع الإلكترونية هــذه.« وتعتبر الـبـطـاقـات المـدفـوعـة سـلـفـاً، والـتـي تــبــيّن أنــهــا اسـتـخـدمـت فــي تـدبـيـر اعـــتـــداءات بــاريــس لـتـمـويـل تـأمـين سيارات وشقق للمهاجمين، بديلاً من بطاقات الدفع العادية لا سيما بـالـنـسـبـة إلــــى الأشـــخـــاص الــذيــن ليست لديهم حـسـابـات مصرفية. وهذه البطاقات التي تحمل أختام شركات عالمية، تتيح لمستخدميها أن يسحبوا الأموال نقداً من أجهزة الصرف الآلي، أو الشراء من متاجر أو عـبـر المـواقـع الإلـكـتـرونـيـة، على غـرار البطاقات الائتمانية العادية الصادرة من المصارف.