Asharq Al-Awsat Saudi Edition

تصعيد في الأزمة الفنزويلية بعد هجوم بمروحية على المحكمة العليا ووزارة الداخلية

الرئيس مادورو يهدد باللجوء للسلاح ويتهم المعارضة بالتخطيط لانقلاب بمساعدة واشنطن

- كاراكاس: »الشرق الأوسط«

هــــــــد­د الــــرئــ­ــيــــس الـــفـــن­ـــزويـــل­ـــي نيكولاس مادورو باللجوء للسلاح لمـــواجــ­ـهـــة »الــتــصــ­عــيــد فــــي عـمـلـيـة التمرد لعناصر متطرفة من اليمين« ضـــد حــكــومــ­تــه، مـتـهـمـاً واشــنــطـ­ـن بـــــالــ­ـــوقـــــ­وف وراء الاحـــتــ­ـجـــاجـــ­ات الـشـعـبـي­ـة الـتـي تـقـودهـا المـعـارضـ­ة البرلمانية، خصوصاً بعد أن قامت مـروحـيـة تابعة للشرطة، ليلة أول من أمس، بـ »اعتداء إرهابي«، حيث ألــقــت قـنـبـلـتـ­ين عـلـى مـقـر المـحـكـمـ­ة العليا في كـاراكـاس، وفتحت النار على مقر وزارة الداخلية. وبعدها، نشرت أعـداد كبيرة من الشرطة في مـحـيـط الـقـصـر الــرئــاس­ــي، وكـذلـك مــدرعــات لـلـجـيـش. وبـحـسـب بـيـان الرئاسة، ألقيت ٤ قنابل »إسرائيلية الـصـنـع« عـلـى مـقـر وزارة الداخلية الذي تعرض لـ١٥ طلقاً نارياً.

والـرئـيـس الاشـتـراك­ـي مــادورو حــــــذر نـــظـــيـ­ــره الأمــــيـ­ـــركــــي دونـــالــ­ـد تـــرمـــب مــــن أن الـــــولا­يـــــات المــتــحـ­ـدة ســتــواجـ­ـه تــدفــق مــلايــين الـلاجـئـي­ن الفنزويليي­ن، إذا لم تعمد واشنطن إلــى »وقــف جـنـون« المـعـارضـ­ة التي ضاعفت منذ مطلع أبريل (نيسان) تـظـاهـرات­ـهـا ضـد الـحـكـومـ­ة، والـتـي يتهمها الرئيس الاشتراكي بالتآمر مع واشنطن لإسقاط نظامه.

وخاطب مادورو الرئيس ترمب، قائلاً: »اسمع أيها الرئيس دونالد ترامب، القرار بين يديك«. وأضاف: »إذا تـمـكـنـت هـــذه الــقــوى الـعـنـيـف­ـة الحاقدة القاتلة من تدمير فنزويلا، فــــإن الــبــحــ­ر الأبـــيــ­ـض المــتــوس­ــط لن يكون شيئاً أمام البحر الكاريبي، مع آلاف وحـتـى مـلايـين (الفنزويليي­ن) الـــذي سـيـتـوجـه­ـون نـحـو الــولايــ­ات المتحدة. ما من شيء، وما من أحد، سيتمكن مـن وقـفـهـم (...) سيكون عليك أن تبني ٢٠ جداراً في البحر!«. لـكـن حــرص مـــــادور­و عـلـى الـتـأكـيـ­د على »احترامه« لترمب، مشيراً إلى انفتاحه على الحوار.

وبحسب الرئيس، فإن المروحية الــتــي شـنـت الــهــجــ­وم كـــان يـقـودهـا طيار وزير الداخلية والعدل السابق ميغيل رودريغيز توريس، الجنرال المـتـقـاع­ـد الـــذي شـغـل لـفـتـرة طويلة مـــنـــصـ­ــب رئــــيـــ­ـس الاســــتـ­ـــخــــبـ­ـــارات، لكنه ابـتـعـد فـي الآونـــة الأخـيـرة عن الحكومة. وقالت الحكومة في وقت لاحق إن الشرطي هو أوسكار بيريز، الموظف السابق في الشرطة العلمية. وظهر الضابط في تسجيل مصور على حسابه على موقع »إنستغرام«، فــي الـتـوقـيـ­ت نـفـسـه تـقـريـبـاً، وهـو يقف أمام عدد من الرجال المسلحين المـلـثـمـ­ين، ويــقــول إن عـمـلـيـة جـاريـة لاســــتــ­ــعــــادة الـــديـــ­مـــقـــرا­طـــيـــة. وقــــال بــيــريــ­ز فـــي الـتـسـجـي­ـل المـــصـــ­ور إنــه يمثل تحالفاً من مسؤولي الجيش والـــشـــ­رطـــة والمــــسـ­ـــؤولــــ­ين المــدنــي­ــين المـعـارضـ­ين للحكومة »الإجـرامـي­ـة«، ودعا مادورو إلى الاستقالة، وإجراء انــتــخــ­ابــات عــامــة، وأضــــــا­ف: »هــذه المعركة... ضد الحكومة الخسيسة، ضد الطغيان«.

ولـم يصدر رد فعل عن ائتلاف المـعـارضـ­ة، لكن أحـد قـادتـه، فريدي غــيــفــا­را، غـــرد قـــائـــل­اً، كـمــا ورد في تقرير الوكالة الألمانية: »ليس هناك معلومات كافية عن المروحية«، داعياً إلـى المشاركة في تظاهرات جديدة. ولم ترد أي أنباء عن وقوع إصابات في هجوم المروحية على المحكمة أو مبنى وزارة الداخلية. وقال مادورو: »عـــــاجــ­ـــلاً، ولـــيـــس آجـــــــل­اً، سـنـمـسـك بـــالـــط­ـــائـــرة، ونــلــقــ­ي الــقــبــ­ض عـلـى المسؤولين عن هذا الهجوم الإرهابي المسلح ضد مؤسسات الدولة«.

ويـــواجــ­ـه الــزعــيـ­ـم الاشــتــر­اكــي، الـــــبــ­ـــالـــــ­غ مـــــــن الــــعـــ­ـمــــر ٥٤ عــــامـــ­ـاً، احتجاجات منذ ٣ أشهر من زعماء المعارضة الذين وصفوه بديكتاتور دمر الاقتصاد الذي كان مزدهراً ذات يوم.

ويطالب المتظاهرون بانتخابات عــامــة، وإجــــــر­اءات لـتـخـفـيـ­ف الأزمـــة الاقــتــص­ــاديــة الــطــاحـ­ـنــة، والإفـــــ­ـراج عـــن مــئــات المـعـتـقـ­لـين مـــن نـاشـطـي المــــعــ­ــارضــــة، واســتــقـ­ـلالــيــة الـهـيـئـة التشريعية الوطنية (البرلمان) التي تسيطر عليها المعارضة.

ويطالب زعماء المعارضة منذ وقـت طويل قـوات الأمـن بالكف عن طــاعــة مـــــــاد­ورو. وظــهــرت تـكـهـنـات أيــضــاً بــين أنــصــار المــعــار­ضــة على وسـائـل الـتـواصـل الاجـتـمـا­عـي بـأن الــهــجــ­وم قـــد يــكــون مـــدبـــر­اً لـتـبـريـر الـقـمـع، أو التغطية على واقـعـة في الهيئة التشريعية الوطنية، حيث قال نحو ١٢ عضواً إنهم محاصرون مـن عصابات موالية للحكومة في مبنى الـبـرلمـا­ن، المـؤسـسـة الوحيدة التي تهيمن عليها المعارضة. ووقع شــجــار كـبـيـر الــثــلاث­ــاء بــين الــنــواب والـعـسـكـ­ريـين، مــا مـنـع الــنــواب من مــــغــــ­ادرة الـــبـــر­لمـــان حــتــى الــعــاشـ­ـرة مساء.

وقـــال مــــادورو لأنــصــار­ه خـلال مسيرة في العاصمة كاراكاس: »إذا وقعت فنزويلا في حالة من الفوضى والعنف، ودُمرت الثورة البوليفاري­ة، فإننا سنخوض المعركة«، وأضـاف بينما كــان يـنـاقـش مقترحه بشأن التعديلات الدستورية التي تهدف على مـا يبدو لتعزيز قبضته على السلطة: »إذا لـم نستطع فعل ذلك بــــــالأ­صــــــوات، فــإنــنــ­ا ســنــفــع­ــل ذلــك بالسلاح«.

وقـــال الـرئـيـس خـــلال احـتـفـالـ­ه بـــــــيـ­ــــــوم الــــــصـ­ـــــحــــ­ــافــــــ­ي فـــــــــ­ي قـــصـــر مــــيــــ­رافــــلــ­ــوريــــس الــــــرئ­ــــــاســ­ــــي، فــي كــــــارا­كــــــاس: »لـــقـــد وضـــعـــت جـمـيـع الـقـوات المسلحة فـي حــال جهوزية للدفاع عن النظام الـعـام؛ سنقبض سريعاً جـداً على المروحية وجميع من نفذوا هذا الاعتداء الإرهابي.«

وفــــي هــــذه الأجــــــ­ـواء المــتــوت­ــرة، رفــضــت المـحـكـمـ­ة الـعـلـيـا الــثــلاث­ــاء الطعن الــذي قدمته المدعية العامة لويزا أورتيغا، المنشقة عن مادورو، في طريقة انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية. ويسعى مادورو جاهداً لإجراء تصويت في ٣٠ يوليو (تموز) على انتخاب هيئة خـاصـة، تعرف بـاسـم الجمعية التأسيسية، التي قـد تعيد كتابة الـدسـتـور الوطني، وتحل محل مؤسسات أخـرى، مثل الكونغرس (الهيئة التشريعية) التي تسيطر عليها المعارضة.

ويعتبر معارضو مادورو وزارة الداخلية معقلاً للقمع، ويضمرون الــكــراه­ــيــة أيــضــاً لـلـمـحـكـ­مـة الـعـلـيـا بسبب سلسلة أحـكـام تـعـزز سلطة الرئيس، وتقوض الهيئة التشريعية التي تسيطر عليها المعارضة. ويقول مادورو إن الجمعية التأسيسية هي الـسـبـيـل الـوحـيـد لـتـحـقـيـ­ق الـسـلام في فنزويلا، لكن المعارضين الذين يريدون تقديم الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أواخـر عام ٢٠١٨، يـقـولـون إنــه تـصـويـت زائــف يهدف إلى بقاء الاشتراكيي­ن في السلطة.

ويقاطع المعارضون التصويت، ويحتجون يومياً في الشوارع، في محاولة لمنعه. وقد قتل ما لا يقل عن ٧٧ شخصاً منذ بـدء الاحتجاجات في أبريل الماضي. وتملك البلاد أكبر احتياطي نفطي في العالم، ولكنها تــواجــه أســــوأ أزمــــة اقـتـصـادي­ـة في تاريخها، مع نقص حاد في الغذاء والـــــــ­دواء. ويــتــوقـ­ـع صــنــدوق الـنـقـد الدولي تخطي نسبة التضخم ١٦٠٠ في المائة هذا العام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia