ماكرون يطلق »وصفة« للتسوية في أوكرانيا والكرملين يرفض تصريحاته
يفتح الأبواب الحساسة نحو موسكو لتفعيل دور بلاده في الشـأن الدولي
أعرب الكرملين عن رفضه تصريحات الـرئـيـس الـفـرنـسـي إيـمـانـويـل مـاكـرون، حول الأزمة الأوكرانية، التي وصف فيها روسـيـا »دولــة معتدية« على أوكـرانـيـا. وجــــاء كـــلام مـــاكـــرون خـــلال مـحـادثـاتـه أجراها في باريس مع الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو، عرض خلالها آلية لتنفيذ اتفاقيات مينسك الخاصة بالأزمة الأوكـرانـيـة، وأطـلـق الـرئـيـس الأوكـرانـي على تلك الآلـيـة »وصـفـة مـاكـرون.« وفي رده عـلـى الـتـصـريـحـات الـفـرنـسـيـة، قـال ديـمـتـري بـيـسـكـوف، المـتـحـدث الـرسـمـي باسم الكرملين: »نحن لسنا متفقين مع الــزمــلاء الـفـرنـسـيـين حــول تـلـك الصيغة الـتـي صــدرت فيها تصريحات الرئيس الـفـرنـسـي«، وأكــد أن »الـجـانـب الـروسـي دون شك يواصل بصبر توضيح حقيقة الوضع في أوكرانيا، وموقفه من الأزمة هناك .«
ويتهم الـغـرب روسـيـا بأنها طرف مباشر في الـنـزاع المسلح الـدائـر جنوب - شرق أوكرانيا بين السلطات في كييف والمــيــلــيــشــيــات المــحــلــيــة فـــي لـوغـانـسـك ودونيتسك المدعومة من روسيا.
مـــن جــانــبــهــا تــرفــض روســـيـــا تـلـك الاتهامات وتكرر دوماً أنها ليست طرفا في النزاع.
وتــشــارك أوروبــــا بـصـورة مباشرة فـي جـهـود تسوية الـنـزاع فـي أوكـرانـيـا، وذلــك عبر »ربـاعـيـة الـنـورمـانـدي« التي تـشـكـلـت أثــنــاء لــقــاء ربــاعــي فــي فـرنـسـا صيف عام ٢٠١٤ على هامش الاحتفالات بالسنوية السبعين لإنــزال الحلفاء في النورماندي. وشـارك في ذلـك اللقاء كل مـن الـرئـيـس الـفـرنـسـي فـرنـسـوا هـولانـد والمــســتــشــارة الألمــانــيــة أنـجـيـلا مـيـركـل، والـــرئـــيـــس الـــروســـي فــلاديــمــيــر بـوتـين والرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو. وكانت تلك المرة الأولى التي يلتقي فيها بـوتـين وبوروشينكو منذ بـدايـة الأزمـة الأوكــرانــيــة ربـيـع عــام ٢٠١٤. وواصـلـت »رباعية النورماندي« جهودها وعقدت لــقــاءات عـلـى مـسـتـوى وزراء خـارجـيـة الـــدول الأربـــع، ولــقــاءات أخـــرى، بـمـا في ذلـــك فــي مـيـنـسـك عـــام ٢٠١٥ بـمـشـاركـة الــزعــمــاء، الــذيــن تــوصــلــوا حـيـنـهـا إلـى اتــفــاق حــول أطــر الـتـسـويـة الأوكــرانــيــة، وتـــــعـــــرف بــــاســــم »اتــــفــــاقــــيــــات مـيـنـسـك لـتـسـويـة الأزمـــــة الأوكــــرانــــيــــة«. وتـنـص تـلـك الاتـفـاقـيـات عـلـى سـحـب الـجـانـبـين للقوات لمسافة معينة بعيدا عن خطوط الـــتـــمـــاس، وإجـــــــراء انــتــخــابــات مـحـلـيـة فــي لـوغـانـسـك ودونـيـتـسـك واسـتـعـادة السلطات الأوكرانية السيطرة على كامل الحدود مع روسيا، وخـروج كل القوات والمـيـلـيـشـيـات الأجــنــبــيــة مـــن الأراضـــــي الأوكــرانــيــة. وخـــلال الـسـنـوات المـاضـيـة كـــانـــت هـــنـــاك مـــــحـــــاولات عـــــدة لإطــــلاق العمل بموجب تلك الاتفاقيات، غير أن التصعيد العسكري كان وما زال يحول دون ذلــك، ويحمل كـل طـرف المسؤولية عن فشل الاتفاق للطرف الآخر، ويؤكدان في الوقت ذاته تمسكهما بتلك الاتفاقيات كحل وحيد للخروج من الأزمــة. وخلال محادثاته في الإليزيه مؤخراً مع الرئيس الأوكـرانـي فيكتور بوروشينكو، عرض الـرئـيـس الـفـرنـسـي إيـمـانـويـل مــاكــرون رؤيـــتـــه لآلــيــة تـنـفـيـذ تــلــك الاتــفــاقــيــات، ورجـــح عـقـد لـقـاء عـلـى مـسـتـوى رؤســاء دول »رباعية النورماندي« نهاية الشهر الـحـالـي. وكـــان لافـتـاً أن مــاكــرون أظـهـر نشاطاً في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية، حيث روسيا طرف بشكل أو بآخر مؤثر ومـتـأثـر بــالأزمــة، فــي الــوقــت الـــذي كـان قــد أظــهــر فـيـه ذات الـتـفـاعـل مــع الأزمـــة الـسـوريـة، وأطـلـق مـواقـف جـديـدة، قـال: إنها »براغماتية« اقترب فيها قليلا من موقف موسكو، حين قال إن »الأسد عدو الشعب السوري وليس عدو فرنسا «، وإن »رحيله لـم يعد شرطاً مسبقا بالنسبة لـبـاريـس«. ويـــرى مـراقـبـون أن الـرئـيـس الفرنسي الشاب يسعى عبر هذا النشاط إلى استعادة الزخم للدور الفرنسي في الملفات الدولية، ويعول على التعاون مع روسـيـا، لذلك فتح الأبــواب نحوها عبر الملفين السوري والأوكراني.
وكشفت إدارة الـرئـيـس الأوكـرانـي عـن بـعـض تفاصيل »وصـفـة مـاكـرون« حــول آلـيـات تنفيذ اتـفـاقـيـات مينسك. وقــــــال قــســطــنــطــين يــلــيــســيــيــف، نــائــب مدير إدارة الرئاسة الأوكـرانـيـة إن تلك الـوصـفـة تـقـوم عـلـى »خـطـوات صغيرة لكن محددة«، وأوضح أن »تلك الوصفة تنص على عمل مشترك هــادف، بغية ضمان التنفيذ التام لاتفاقيات مينسك، عبر خطوات صغيرة محددة«، وأكد أن الآلية التي عبر عنها الرئيس الفرنسي »تعكس إدراكاً لحقيقة أن الأولوية تبقى لحل المسائل المتصلة بحزمة الأمـن في الاتــفــاقــيــات«، مــشــددا عـلـى أن الـبـدايـة ستكون من وقف إطلاق النار والسماح بتنقل حر للمراقبين في منطقة النزاع. ويـــــرجـــــح أن يــــجــــري بـــحـــث »وصـــفـــة مــــاكــــرون« خــــلال الــلــقــاء المــقــبــل لــقــادة »رباعية النورماندي«. إذ أكدت مصادر من كييف، وأكد كذلك يوري أوشاكوف معاون الرئيس الروسي، أن محادثات رباعية هاتفية قد تجري قريبا بين قادة »الرباعية«. ويعلق الرئيس الأوكراني آماله على اقتراحات الرئيس الفرنسي لإنـهـاء الأزمـــة، وقـــال: »مــا اتفقنا عليه (مـع مـاكـرون) أننا سنضع على الـورق مـشـروع الحلول الممكنة ضمن رباعية النورماندي، وسيطلق عليها (وصفة ماكرون(«. وعبر عن قناعته بأنه حينها »سـنـتـمـكـن مـــن عــــرض خــطــة لتحقيق السلام، وإنهاء احتلال شرق أوكرانيا«.