هل يغير ترمب موقف بوتين من الصراع السوري؟
رغــم أن الـضـربـة الـعـسـكـريـة الأمـيـركـيـة على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، في أبريل (نيسان) الماضي، كانت من الخطوات المهمة لإظهار أن الدعم الروسي لنظام بشار الأسد لا يضمن الحماية الكاملة لدمشق، إذا ما واصلت تحركاتها العدوانية ضد قوات المعارضة والسكان المدنيين السوريين، فإن هـذه الخطوة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم تغير من قواعد اللعبة شيئاً، إذ لم تسفر عن تغيير النظام السوري أو حلفائه في روسيا أو إيران لاستراتيجيتهم. ولا يزال الأمر على حاله، من حيث ممارسة المزيد من الضغوط العسكرية والسياسية على الجانب المعارض، ومحاولة موسكو أن تفرض الرؤية الروسية على القوات المعارضة لنظام الأسد وحلفائها لما بعد الصراع، التي توحي ببقاء الـنـظـام الـحـاكـم الـحـالـي، وضــمــان الـوجـود الروسي في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد بعد انتهاء مرحلة الحرب.
والآن، عندما هدّد الرئيس ترمب بتكرار توجيه الضربات العسكرية ضد نظام الأسد، إذا ما حـاول استخدام الأسلحة الكيميائية مــجــدداً، يـبـدو أن الـجـانـب الــروســي لا يـزال على ثقته بقدراته على التأثير في تطورات الأوضاع في سوريا وما حولها. والكرملين مستمر فـي اعـتـقـاده أن مواقفه فـي الصراع الـسـوري هـي أقـوى مـن مـواقـف الـغـرب. ومن الــواضــح أن الـهـجـوم الأمـيـركـي عـلـى قـاعـدة الشعيرات الـسـوريـة، إلـى جـانـب الإجـــراءات الفعالة التي اتخذها التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا في مايو (أيار) ويـونـيـو (حــزيــران) المـاضـيـين، لا تثير قلق الكرملين مـن قريب أو بعيد، مـع أن إسقاط طائرة سورية من قبل مقاتلة أميركية أثار انتباه موسكو.
إذ إن القيادة الروسية تملك قناعة ثابتة بأن عملية صنع القرار الأميركي حيال الأزمة السورية لا تزال مندفعة محمومة، وأن الإدارة الأميركية لا تزال تحاول وضع الاستراتيجية الـواضـحـة للتعامل عـلـى المــدى الـطـويـل مع الموقف الـروسـي. وفـي ظل هـذه الـظـروف، لم يتأثر الكرملين كثيراً بالبيانات الصادرة من الإدارة الأميركية، واستعدادها لمعاقبة الأسد في حال استخدم مجدداً الأسلحة الكيماوية. ويبدو أن الكرملين يعتقد أن ترمب يحاول استعراض القوة قبل الاجتماع المرتقب بينه وبـــين الــرئــيــس الــروســي فـلاديـمـيـر بـوتـين، عـلـى هــامــش قـمـة مـجـمـوعـة الـعـشـريـن في هامبورغ، لإظهار أن سياسته مختلفة للغاية عـن سياسة سلفه بــاراك أوبـامـا، وأنــه على استعداد تام لاتخاذ التدابير الصارمة، إذا ما لزم الأمر. ونتيجة لما تقدم، لا تحاول موسكو الرد على البيانات الأميركية. وبدلاً من ذلك، تــرغــب مـوسـكـو فــي الاســتــمــاع لمــا سيقوله الرئيس الأميركي إلى نظيره الروسي خلال المـحـادثـات. وعندها فقط، ستعلن موسكو عن خطوتها التالية إزاء الحوار الأميركي - الروسي بشأن سوريا. وتحاول روسيا، حتى الآن، التعزيز مـن مواقفها التفاوضية، ولا تلعب مناطق »خفض التصعيد« في سوريا الدور الأخير في هذه العملية.
ومـن وجهة النظر الروسية، فـإن إقامة هذه المناطق الآمنة تهدف إلى تحقيق عدد من الأهداف:
أولاً: تـضـمـن روســـيـــا مـــن خــــلال طــرح هـذه الـفـكـرة على مـائـدة المـفـاوضـات أنـهـا لا تزال تتصدر عملية التسوية السياسية في الأزمـة السورية. وقد حاولت موسكو أيضاً تحييد عــدد مــن الأطــــراف الـدولـيـة الأخــرى مـن وضــع استراتيجياتها الـخـاصـة بشأن تسوية الصراع السوري، من خلال إجبارها على صرف انتباهها إلى مناقشة المبادرات الروسية المطروحة.
ثــانــيــاً: كــانــت مــوســكــو مـهـتـمـة بـنـشـر الإشـاعـات بـأن إدارة الرئيس ترمب يمكنها فــرض مـنـاطـق حـظـر الـطـيـران الـخـاصـة بها في الأجـواء السورية، بالتالي تأييد تقسيم سوريا إلى مناطق عدة. ونتيجة لذلك، سارع الكرملين بطرح البديل الروسي الذي يوحي بإمكانية إنشاء الجيوب أو المحميات، بدلاً من تقسيم البلاد، وإنشاء مناطق وقف النزاع تحت سيطرة حلفاء دمشق.
ثــالــثــاً: مـــن شــــأن إنـــشـــاء مــنــاطــق وقــف الـتـصـعـيـد أن يـــــؤدي إلــــى إضـــفـــاء الـطـابـع الإقــلــيــمــي عــلــى الــــصــــراع الــــســــوري، وعـــزل الـجـمـاعـات العسكرية الأكـثـر عـدائـيـة داخـل مناطق نزع الصراع المشار إليها. كما تتوقع روسـيـا أيـضـاً أن تفشل الـجـمـاعـات الموالية لتركيا، إلى جانب عناصر »جبهة النصرة« (جبهة فتح الـشـام) المـحـصـورة فـي مناطق نزع الصراع، في الوصول إلى لغة مشتركة للحوار، والبدء في التقاتل فيما بينها من جديد.
وذكـــــرت الــتــقــاريــر أن دمــشــق، اعـتـبـاراً من أبريل الماضي، أفرجت عامدة عن مئات المــقــاتــلــين مـــن »حـــركـــة أحـــــــرار الــــشــــام« مـن سجونها، ونقلتهم إلى محافظة إدلب بغية تـعـزيـز مــواقــف هــذه الـجـمـاعـة فــي مـواجـهـة »جبهة النصرة« هناك. ومن الجدير بالذكر أيـضـاً أن روســيــا اسـتـبـعـدت إلــى حــد كبير الإشــــارة إلــى »جـبـهـة الـنـصـرة« بـاعـتـبـارهـا »جماعة إرهابية « من خطابها العام المناهض لـــلإرهـــاب، ونـقـلـت الـتـركـيـز فــي ذلـــك صـوب تنظيم داعش.
ويــقــول بـعـض الــخــبــراء إنـــه تــم الـقـيـام بذلك فعلياً، وبصورة متعمدة. ومن الناحية الــظــاهــريــة، يُــزعــم أن مـوسـكـو قــد اعـتـرفـت بأسلوب غير رسمي بـأن »جبهة النصرة« ستكون إحدى القوات المسيطرة على الموقف فـي مـنـاطـق نــزع الــصــراع المـزمـع إنـشـاؤهـا، وهذا بالتالي سيؤدي إلى الصدام الحتمي بـين »جـبـهـة الـنـصـرة« والـجـمـاعـات الأخــرى هناك.
وأخيراً، فإن إنشاء ٤ مناطق تعمل بشكل فـعـال نسبياً، سيجعل المـعـارضـة الـسـوريـة منشغلة بالقتال من أجل السلطة فيما بينها. وفي الأثناء ذاتها، تكون موسكو قادرة على تركيز ُالانتباه على الـصـراع ضد »داعـش«. وإذا مـا قـــدر الـنـجـاح لتنفيذ استراتيجية مناطق نزع الصراع، ستشن روسيا هجوماً واســع الـنـطـاق على ديـر الـــزور، الـتـي يُشكل سـقـوطـهـا نـقـطـة ارتــكــاز روســيــة لـلانـتـصـار على تنظيم داعش، وتحقيق فعلي للأهداف الـروسـيـة على الأرض فـي سـوريـا. وقـتـذاك، تخلع الآلـة الدعائية الروسية على موسكو عباءة الظافر المنتصر في مواجهة الغرب ذي التقدم البطيء للغاية في القتال ضد تنظيم داعـش في العراق. كما يمكن استخدام هذه النقطة أيضاً ذريـعـة رسمية تتيح لروسيا الانسحاب الجزئي من المستنقع السوري.
وتستند موسكو إلــى نـجـاح تجاربها السابقة في إبرام صفقات وقف إطلاق النار المحلية بـين دمـشـق والمـجـتـمـعـات الداخلية السورية من خلال الوسطاء الروس، غير أن هذه النجاحات المحلية تتناقض بوضوح مع حـالات الفشل الفعلية للعمليات السياسية العالمية في كل من مفاوضات جنيف وآستانة. ونتيجة لذلك، ومع اعتبار خبراتها السابقة، فـإن روسـيـا عـاقـدة الـعـزم على التركيز على إنشاء مناطق »خفض التصعيد«؛ الأمر الذي يُنظر إلـيـه فـي موسكو بـاعـتـبـاره نـوعـاً من أنواع إبرام صفقات وقف إطلاق النار المحلية.
وفــــي ظـــل هــــذه الــــظــــروف، حــــان الــوقــت للرئيس ترمب لإثبات أن الـولايـات المتحدة لـديـهـا استراتيجية جـديـدة بـشـأن سـوريـا، تعكس بجلاء الرؤية إزاء المستقبل السوري، ومـدى الاستعداد الأميركي لحمايته. وهذا هو الشرط الأساسي المسبق للبدء في حوار حقيقي وفعال بين واشنطن وموسكو بشأن سوريا.
وخـلافـاً لـذلـك، فـإن غـيـاب استراتيجية كهذه سيُعد من قبل موسكو إشارة إلى عدم الاسـتـعـداد الأمـيـركـي لـلاضـطـلاع بــأي دور جاد وحقيقي في سوريا. هذا، وعدم إحراز أي تقدم على مسار المفاوضات الروسية مع الولايات المتحدة قد يرجع بنتائج خطيرة، إذ سيؤدي إلى تعديلات معينة في المقاربات الروسية. ويناقش مجتمع الخبراء الروس بمنتهى الـجـديـة إمـكـانـيـة تـدنـي الاهـتـمـام الـــروســـي بــشــأن تــطــور الـــحـــوار المــزمــع مع واشــنــطــن. وبــــدلاً مــن مـحـاولـة تـعـزيـز هـذا الـحـوار، ستحافظ السلطات الروسية على مستوى اتـصـالاتـهـا مـع الـجـانـب الأميركي عـنـد الـحـد الأدنـــى الــضــروري. وفــي الـوقـت نفسه، سيكون الاهتمام الرئيسي للجانب الـروسـي منصباً على الـحـوار مـع اللاعبين الإقليميين في المنطقة (أولاً، وقبل كل شيء، تركيا وإيــران)، بغية ضمان تنفيذ مبادرة إنـــشـــاء مــنــاطــق نــــزع الـتـصـعـيـد. ونـتـيـجـة لذلك، فإن إدراج أي تغييرات على المقاربات الروسية بشأن الأزمـة السورية سيزيد من مستوى المشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة. * باحث روسي في مركز »تشاتام هاوس«
البريطاني / موسكو كفاءة شبابية وسيأخذ من كل واحـد من أبناء جيله كل ما عنده من إمكانيات وفي المجالات كافة، وحقيقة أن مسيرة التطور وبـخـاصـة بـالـنـسـبـة لــلــدول الـتـي تتصدر حـركـة الـتـطـور الـحـضـاري تـؤكـد أن الأهـم في فنون القيادة هو أن يأخذ القائد الملهم من كل واحد من المحيطين به أهم وأفضل ما عنده، وهذا بالتأكيد سيتم وسيحدث في المملكة العربية السعودية في عهد هذه القفزة النوعية، وفـي عهد هـذه الانطلاقة الواعدة المباركة.
فـــــي كـــــل الــــتــــحــــولات والانـــعـــطـــافـــات التاريخية المهمة كـان يبرز ودائـمـاً وأبـداً وفــــي الــلــحــظــة المــنــاســبــة مـــن يـــقـــود هــذه الـتـحـولات، وهـنـا فـإنـه لا بـد مـن الإشـــارة إلـى أنـه لـولا بـروز المصلح الكبير والقائد الملهم دينغ سياو بينغ بعد الثورة الثقافية المعروفة التي كـادت تدمر كل شـيء، فلما كانت الصين على ما هي عليه الآن من مكانة دولـيـة مـرمـوقـة، ومــن أوضـــاع اقـتـصـاديـة متقدمة، ومن تطور متسارع وفي الحقول والمجالات كافة.
وهــكــذا وفـــي الـنـهـايـة فــإنــه لا بــد من الإشارة إلى أن غالبية الذين تناوبوا على ارتقاء عرش المملكة العربية السعودية من أبـنـاء الـراحـل الكبير الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، لم يسعفهم الزمن لإعطاء كل ما عندهم، وحقيقة أنَّ هذا هو أحد الجوانب الضرورية فعلاً والمهم حقا في أنْ يتولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وهو في بدايات عطاءاته التاريخية، وبعد أن أثبت جدارة مبكرة في إدارة شؤون دولة شؤونها كثيرة وكبيرة... أعانه الله وسدد على طريق الخير خطاه.