Asharq Al-Awsat Saudi Edition

هل يغير ترمب موقف بوتين من الصراع السوري؟

- صالح القلاب

رغــم أن الـضـربـة الـعـسـكـر­يـة الأمـيـركـ­يـة على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، في أبريل (نيسان) الماضي، كانت من الخطوات المهمة لإظهار أن الدعم الروسي لنظام بشار الأسد لا يضمن الحماية الكاملة لدمشق، إذا ما واصلت تحركاتها العدوانية ضد قوات المعارضة والسكان المدنيين السوريين، فإن هـذه الخطوة من الرئيس الأميركي دونالد ترمب لم تغير من قواعد اللعبة شيئاً، إذ لم تسفر عن تغيير النظام السوري أو حلفائه في روسيا أو إيران لاستراتيجي­تهم. ولا يزال الأمر على حاله، من حيث ممارسة المزيد من الضغوط العسكرية والسياسية على الجانب المعارض، ومحاولة موسكو أن تفرض الرؤية الروسية على القوات المعارضة لنظام الأسد وحلفائها لما بعد الصراع، التي توحي ببقاء الـنـظـام الـحـاكـم الـحـالـي، وضــمــان الـوجـود الروسي في الحياة السياسية والاقتصادي­ة للبلاد بعد انتهاء مرحلة الحرب.

والآن، عندما هدّد الرئيس ترمب بتكرار توجيه الضربات العسكرية ضد نظام الأسد، إذا ما حـاول استخدام الأسلحة الكيميائية مــجــدداً، يـبـدو أن الـجـانـب الــروســي لا يـزال على ثقته بقدراته على التأثير في تطورات الأوضاع في سوريا وما حولها. والكرملين مستمر فـي اعـتـقـاده أن مواقفه فـي الصراع الـسـوري هـي أقـوى مـن مـواقـف الـغـرب. ومن الــواضــح أن الـهـجـوم الأمـيـركـ­ي عـلـى قـاعـدة الشعيرات الـسـوريـة، إلـى جـانـب الإجـــراء­ات الفعالة التي اتخذها التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة في سوريا في مايو (أيار) ويـونـيـو (حــزيــران) المـاضـيـي­ن، لا تثير قلق الكرملين مـن قريب أو بعيد، مـع أن إسقاط طائرة سورية من قبل مقاتلة أميركية أثار انتباه موسكو.

إذ إن القيادة الروسية تملك قناعة ثابتة بأن عملية صنع القرار الأميركي حيال الأزمة السورية لا تزال مندفعة محمومة، وأن الإدارة الأميركية لا تزال تحاول وضع الاستراتيج­ية الـواضـحـة للتعامل عـلـى المــدى الـطـويـل مع الموقف الـروسـي. وفـي ظل هـذه الـظـروف، لم يتأثر الكرملين كثيراً بالبيانات الصادرة من الإدارة الأميركية، واستعدادها لمعاقبة الأسد في حال استخدم مجدداً الأسلحة الكيماوية. ويبدو أن الكرملين يعتقد أن ترمب يحاول استعراض القوة قبل الاجتماع المرتقب بينه وبـــين الــرئــيـ­ـس الــروســي فـلاديـمـي­ـر بـوتـين، عـلـى هــامــش قـمـة مـجـمـوعـة الـعـشـريـ­ن في هامبورغ، لإظهار أن سياسته مختلفة للغاية عـن سياسة سلفه بــاراك أوبـامـا، وأنــه على استعداد تام لاتخاذ التدابير الصارمة، إذا ما لزم الأمر. ونتيجة لما تقدم، لا تحاول موسكو الرد على البيانات الأميركية. وبدلاً من ذلك، تــرغــب مـوسـكـو فــي الاســتــم­ــاع لمــا سيقوله الرئيس الأميركي إلى نظيره الروسي خلال المـحـادثـ­ات. وعندها فقط، ستعلن موسكو عن خطوتها التالية إزاء الحوار الأميركي - الروسي بشأن سوريا. وتحاول روسيا، حتى الآن، التعزيز مـن مواقفها التفاوضية، ولا تلعب مناطق »خفض التصعيد« في سوريا الدور الأخير في هذه العملية.

ومـن وجهة النظر الروسية، فـإن إقامة هذه المناطق الآمنة تهدف إلى تحقيق عدد من الأهداف:

أولاً: تـضـمـن روســـيـــ­ا مـــن خــــلال طــرح هـذه الـفـكـرة على مـائـدة المـفـاوضـ­ات أنـهـا لا تزال تتصدر عملية التسوية السياسية في الأزمـة السورية. وقد حاولت موسكو أيضاً تحييد عــدد مــن الأطــــرا­ف الـدولـيـة الأخــرى مـن وضــع استراتيجيا­تها الـخـاصـة بشأن تسوية الصراع السوري، من خلال إجبارها على صرف انتباهها إلى مناقشة المبادرات الروسية المطروحة.

ثــانــيــ­اً: كــانــت مــوســكــ­و مـهـتـمـة بـنـشـر الإشـاعـات بـأن إدارة الرئيس ترمب يمكنها فــرض مـنـاطـق حـظـر الـطـيـران الـخـاصـة بها في الأجـواء السورية، بالتالي تأييد تقسيم سوريا إلى مناطق عدة. ونتيجة لذلك، سارع الكرملين بطرح البديل الروسي الذي يوحي بإمكانية إنشاء الجيوب أو المحميات، بدلاً من تقسيم البلاد، وإنشاء مناطق وقف النزاع تحت سيطرة حلفاء دمشق.

ثــالــثــ­اً: مـــن شــــأن إنـــشـــا­ء مــنــاطــ­ق وقــف الـتـصـعـي­ـد أن يـــــؤدي إلــــى إضـــفـــا­ء الـطـابـع الإقــلــي­ــمــي عــلــى الــــصـــ­ـراع الــــســـ­ـوري، وعـــزل الـجـمـاعـ­ات العسكرية الأكـثـر عـدائـيـة داخـل مناطق نزع الصراع المشار إليها. كما تتوقع روسـيـا أيـضـاً أن تفشل الـجـمـاعـ­ات الموالية لتركيا، إلى جانب عناصر »جبهة النصرة« (جبهة فتح الـشـام) المـحـصـور­ة فـي مناطق نزع الصراع، في الوصول إلى لغة مشتركة للحوار، والبدء في التقاتل فيما بينها من جديد.

وذكـــــرت الــتــقــ­اريــر أن دمــشــق، اعـتـبـاراً من أبريل الماضي، أفرجت عامدة عن مئات المــقــات­ــلــين مـــن »حـــركـــة أحـــــــر­ار الــــشـــ­ـام« مـن سجونها، ونقلتهم إلى محافظة إدلب بغية تـعـزيـز مــواقــف هــذه الـجـمـاعـ­ة فــي مـواجـهـة »جبهة النصرة« هناك. ومن الجدير بالذكر أيـضـاً أن روســيــا اسـتـبـعـد­ت إلــى حــد كبير الإشــــار­ة إلــى »جـبـهـة الـنـصـرة« بـاعـتـبـا­رهـا »جماعة إرهابية « من خطابها العام المناهض لـــلإرهــ­ـاب، ونـقـلـت الـتـركـيـ­ز فــي ذلـــك صـوب تنظيم داعش.

ويــقــول بـعـض الــخــبــ­راء إنـــه تــم الـقـيـام بذلك فعلياً، وبصورة متعمدة. ومن الناحية الــظــاهـ­ـريــة، يُــزعــم أن مـوسـكـو قــد اعـتـرفـت بأسلوب غير رسمي بـأن »جبهة النصرة« ستكون إحدى القوات المسيطرة على الموقف فـي مـنـاطـق نــزع الــصــراع المـزمـع إنـشـاؤهـا، وهذا بالتالي سيؤدي إلى الصدام الحتمي بـين »جـبـهـة الـنـصـرة« والـجـمـاع­ـات الأخــرى هناك.

وأخيراً، فإن إنشاء ٤ مناطق تعمل بشكل فـعـال نسبياً، سيجعل المـعـارضـ­ة الـسـوريـة منشغلة بالقتال من أجل السلطة فيما بينها. وفي الأثناء ذاتها، تكون موسكو قادرة على تركيز ُالانتباه على الـصـراع ضد »داعـش«. وإذا مـا قـــدر الـنـجـاح لتنفيذ استراتيجية مناطق نزع الصراع، ستشن روسيا هجوماً واســع الـنـطـاق على ديـر الـــزور، الـتـي يُشكل سـقـوطـهـا نـقـطـة ارتــكــاز روســيــة لـلانـتـصـ­ار على تنظيم داعش، وتحقيق فعلي للأهداف الـروسـيـة على الأرض فـي سـوريـا. وقـتـذاك، تخلع الآلـة الدعائية الروسية على موسكو عباءة الظافر المنتصر في مواجهة الغرب ذي التقدم البطيء للغاية في القتال ضد تنظيم داعـش في العراق. كما يمكن استخدام هذه النقطة أيضاً ذريـعـة رسمية تتيح لروسيا الانسحاب الجزئي من المستنقع السوري.

وتستند موسكو إلــى نـجـاح تجاربها السابقة في إبرام صفقات وقف إطلاق النار المحلية بـين دمـشـق والمـجـتـم­ـعـات الداخلية السورية من خلال الوسطاء الروس، غير أن هذه النجاحات المحلية تتناقض بوضوح مع حـالات الفشل الفعلية للعمليات السياسية العالمية في كل من مفاوضات جنيف وآستانة. ونتيجة لذلك، ومع اعتبار خبراتها السابقة، فـإن روسـيـا عـاقـدة الـعـزم على التركيز على إنشاء مناطق »خفض التصعيد«؛ الأمر الذي يُنظر إلـيـه فـي موسكو بـاعـتـبـا­ره نـوعـاً من أنواع إبرام صفقات وقف إطلاق النار المحلية.

وفــــي ظـــل هــــذه الــــظـــ­ـروف، حــــان الــوقــت للرئيس ترمب لإثبات أن الـولايـات المتحدة لـديـهـا استراتيجية جـديـدة بـشـأن سـوريـا، تعكس بجلاء الرؤية إزاء المستقبل السوري، ومـدى الاستعداد الأميركي لحمايته. وهذا هو الشرط الأساسي المسبق للبدء في حوار حقيقي وفعال بين واشنطن وموسكو بشأن سوريا.

وخـلافـاً لـذلـك، فـإن غـيـاب استراتيجية كهذه سيُعد من قبل موسكو إشارة إلى عدم الاسـتـعـد­اد الأمـيـركـ­ي لـلاضـطـلا­ع بــأي دور جاد وحقيقي في سوريا. هذا، وعدم إحراز أي تقدم على مسار المفاوضات الروسية مع الولايات المتحدة قد يرجع بنتائج خطيرة، إذ سيؤدي إلى تعديلات معينة في المقاربات الروسية. ويناقش مجتمع الخبراء الروس بمنتهى الـجـديـة إمـكـانـيـ­ة تـدنـي الاهـتـمـا­م الـــروســ­ـي بــشــأن تــطــور الـــحـــو­ار المــزمــع مع واشــنــطـ­ـن. وبــــدلاً مــن مـحـاولـة تـعـزيـز هـذا الـحـوار، ستحافظ السلطات الروسية على مستوى اتـصـالاتـ­هـا مـع الـجـانـب الأميركي عـنـد الـحـد الأدنـــى الــضــرور­ي. وفــي الـوقـت نفسه، سيكون الاهتمام الرئيسي للجانب الـروسـي منصباً على الـحـوار مـع اللاعبين الإقليميين في المنطقة (أولاً، وقبل كل شيء، تركيا وإيــران)، بغية ضمان تنفيذ مبادرة إنـــشـــا­ء مــنــاطــ­ق نــــزع الـتـصـعـي­ـد. ونـتـيـجـة لذلك، فإن إدراج أي تغييرات على المقاربات الروسية بشأن الأزمـة السورية سيزيد من مستوى المشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة. * باحث روسي في مركز »تشاتام هاوس«

البريطاني / موسكو كفاءة شبابية وسيأخذ من كل واحـد من أبناء جيله كل ما عنده من إمكانيات وفي المجالات كافة، وحقيقة أن مسيرة التطور وبـخـاصـة بـالـنـسـب­ـة لــلــدول الـتـي تتصدر حـركـة الـتـطـور الـحـضـاري تـؤكـد أن الأهـم في فنون القيادة هو أن يأخذ القائد الملهم من كل واحد من المحيطين به أهم وأفضل ما عنده، وهذا بالتأكيد سيتم وسيحدث في المملكة العربية السعودية في عهد هذه القفزة النوعية، وفـي عهد هـذه الانطلاقة الواعدة المباركة.

فـــــي كـــــل الــــتـــ­ـحــــولات والانـــعـ­ــطـــافــ­ـات التاريخية المهمة كـان يبرز ودائـمـاً وأبـداً وفــــي الــلــحــ­ظــة المــنــاس­ــبــة مـــن يـــقـــود هــذه الـتـحـولا­ت، وهـنـا فـإنـه لا بـد مـن الإشـــارة إلـى أنـه لـولا بـروز المصلح الكبير والقائد الملهم دينغ سياو بينغ بعد الثورة الثقافية المعروفة التي كـادت تدمر كل شـيء، فلما كانت الصين على ما هي عليه الآن من مكانة دولـيـة مـرمـوقـة، ومــن أوضـــاع اقـتـصـادي­ـة متقدمة، ومن تطور متسارع وفي الحقول والمجالات كافة.

وهــكــذا وفـــي الـنـهـايـ­ة فــإنــه لا بــد من الإشارة إلى أن غالبية الذين تناوبوا على ارتقاء عرش المملكة العربية السعودية من أبـنـاء الـراحـل الكبير الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، لم يسعفهم الزمن لإعطاء كل ما عندهم، وحقيقة أنَّ هذا هو أحد الجوانب الضرورية فعلاً والمهم حقا في أنْ يتولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد وهو في بدايات عطاءاته التاريخية، وبعد أن أثبت جدارة مبكرة في إدارة شؤون دولة شؤونها كثيرة وكبيرة... أعانه الله وسدد على طريق الخير خطاه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia