Asharq Al-Awsat Saudi Edition

قطر... فشل وإفلاس

- فهد بن سليمان الشقيران

بيّنت الأزمـة مع النظام القطري مجموعة مـن الـشـبـكـا­ت والـعـلاقـ­ات، وفـكّـت الـكـثـيـر مـن الألــغــا­ز، وأبطلت مفاعيل أسئلة كثيرة؛ طوال عقدين، تــم تـشـغـيـل خـلايـا أزمــــة، تـعـمـل ليل نهار ضمن مشروعٍ تبيّنت خطورته من خلال إعلان الدول الأربع مقاطعة الإمارة المشاغبة الصغيرة، من ضمن تلك الخلايا ما عـرف برصد الإعـلام الــــســـ­ـعــــودي، وذلـــــــ­ـك بــغــيــة إســـقـــا­ط مصداقيته داخلياً لـدى السعوديين من قنواتٍ وصحف ومجلات ومنابر ومؤسسات، تـدار رحى الحرب كلها مــن دون المــســاس بــالإعــل­ام الـقـطـري ولا التركي، مقابل الهجوم المستمر غير المبرر على شخصياتٍ سعودية، ورجــــالا­ت دولــــة، ومـفـكـريـ­ن وكـتـاب، وصـحـافـيـ­ين وذلـــك لـجـعـل المرجعية الإعلامية الصادقة خارج فلك الرعاية الــســعــ­وديــة ومــصــالـ­ـحــهــا، لـتـنـفـرد قـطـر بـالـتـوجـ­يـه، وبـالـتـال­ـي تتمكن مــن الانـــفــ­ـراد بـتـوجـيـه الــــرأي الــعــام، وبـرغـم كـل ذلـك الصخب والضجيج لـم يستطع أولـئـك تحقيق أي هـدفٍ مـن أهـــداف دول رعـايـة الإخــــوا­ن في المنطقة، بسبب مستوى وعـي الفرد السعودي والخليجي.

وضعت المعايير لوصف التصهين ضمن مشروع قطر المباشر، فانتقاد كل ما يمسّ بمسار تمددها الإقليمي هو مبرر كـافٍ للوصف بالصهينة، فانتقاد الإخوان المسلمين، واعتبارها جماعة إرهابية، تربّى على رموزها وتـــغـــذ­ى مـــن مـفـاهـيـم­ـهـا أســـامـــ­ة بن لادن وأيـــمـــ­ن الـــظـــو­اهـــري وأبــــو بكر الــبــغــ­دادي، وانــتــقـ­ـاد حــركــة حـمـاس بـوصـفـهـا جــمــاعــ­ة تــقــوم بـعـمـلـيـ­ات إرهابية انتحارية ضد المدنيين وأنها أســــاس الـــخـــر­اب بـقـضـيـة فـلـسـطـين، والـنـاقـض­ـة الـكـبـرى لـلاتـفـاق­ـيـات بين أطــــــرا­ف الـقـضـيـة يـعـتـبـر مـــن أسـهـل المــبــرر­ات لـلـوصـف بـهـذا الـنـعـت، كل ذلــك يـأتـي ضـمـن اغـتـبـاطٍ مؤسسي قطري، ورعاية شاملة من قبل النظام، ولعل الأيام تثبت الكثير من الدهاليز والغوامض حول هذه القصة بالذات، ولتنكشف أقلام أرادت ضرب الإعلام الــســعــ­ودي ورمــــــو­زه لــغــرض تـبـرئـة ساحة الإعلام الآخر لدى دول رعاية الإخوان.

لــم يـعـد هــذا الــوصــف الـرخـيـص وســيــلــ­ة تــخــويــ­ف إخــــوانـ­ـــي بـسـبـب الاسـتـهـل­اك، ولأن كـل الـذيـن وصفوا بــذلــك كــانــوا مــع المــشــار­يــع المـدنـيـة، ضــمــن ولاءات صــافــيــ­ة لأوطــانــ­هــم، وضد الحركات الراديكالي­ة بأنواعها وأصنافها الشيعي منها والسني، المقاول منها والمقاوم، كلها تأتي في الـسـيـاق ذاتـــه، مـن يستخدم السلاح خارج نطاق الدولة فهو يقوم بعملٍ إرهـــــاب­ـــــي مــهــمــا كــــانـــ­ـت مــشــروعـ­ـيــة قضيته، وعدالة فكرته، وأصالة حقه.

غبار الأزمــة مـع النظام القطري أثبتت وجــود مـتـورّط ومــورط، وكل الـــتـــر­دد المــشــهـ­ـود مــن بـعـض الأقـــلام والــــرمـ­ـــوز مـــــرده إلــــى حــالــة الـــتـــو­رّط والــــتــ­ــوريــــط، ولأن المـــســـ­ألـــة جــــاءت مفاجئة وعلى حين غرة، وستطال كل من كان ضمن المشروع القطري ضد إعلام بلده، أو المؤسسات التي ترعى مصالح بلده، من العجيب أن قضى أحدهم ثلث حياته يهاجم مؤسسة إعـلامـيـة واحـــدة، مقابل عــدم انتقاد أي مؤسسة قطرية بحرفٍ واحد، هل يمكن أن تـكـون هــذه صـدفـة؟! الأيــام ستكشف ذلك، والمؤسسات الرسمية ستقوم بالإيضاح والتبيين.

الــــحـــ­ـالــــة الــخــلــ­يــجــيــة المـــعـــ­اشـــة كشفت عـن جـوانـب مريعة مـن تدني المستويات الأخلاقية، أسماء كثيرة انــخــرطـ­ـت ضــمــن المـــشـــ­روع الـقـطـري المـــعـــ­ادي طــــوال عـقـديـن مــن الــزمــان، كـانـوا يعلمون أن الـهـدف الأسـاسـي منه إقــلاق الـسـعـودي­ـة، واستفزازها وإلــهــاء­هــا عــن بــنــاء الــتــقــ­دم، ركـبـوا الموجة صارخين بكل حقد وكراهية، لكن سـرعـان مـا تـهـاوى الحلم، وآيـة ذلــــك أن قــطــر الآن بــمــوضــ­ع الــدفــاع والمــقــا­طــعــة، وهـــي تــغــرق الآن بـشـرّ أفـعـالـهـ­ا، والـقـصّـة ليست بالجانب القطري المحموم بالعداوة، والمسموم بالحقد، وإنما يجب أن تكون الأزمة مدخلاً للمحاسبة الداخلية.

إن الأزمـــة الـقـطـريـ­ة مـهـمـا كانت نهاية قصتها، يجب أن تكون بداية للتمشيط، وذلـك للأخذ بالمتطرفين نحو المحاكمة، وإخضاعهم للقوانين وعلى رأسها الأمر الملكي ٤٤-أ القاضي بتجريم الجماعات الإرهـابـي­ـة، ومن بـيـنـهـا جــمــاعــ­ة الإخــــــ­وان المـسـلـمـ­ين، وهـــــي فـــرصـــة لمــحــاسـ­ـبــة الــحــركـ­ـيــين الـــذيـــ­ن كـــانـــو­ا ضــمــن مـــشـــرو­ع قـطـر لإحداث الاضطرابات، وإشعال الفتن، لأن مـثـل هــذه الـعـمـلـي­ـات تـعـتـبـر من الخيانات العظمى، والجرائم الكبرى، وبخاصة ولدى الحكومة السعودية كل المستندات والوثائق التي توضح مستوى التهمة المنسوبة لكل منضوٍ ضمن المشروع القطري العدواني.

لـــقـــد فـــشـــل الإعــــــ­ـــــلام الـــقـــط­ـــري، وتـبـعـتـه، فـشـلاً وإفــلاســ­اً، خـطـابـات التخويف الحركي المضحكة، وتبيّن الــــهـــ­ـدف، وكـــشـــف الـــســـب­ـــب، أن تـلـك الـهـجـمـا­ت الإلـكـتـر­ونـيـة انـطـلـقـت من الـدوحـة، لإخــراج الإعــلام المـدافـع عن مصالح السعودية من مجال المنافسة ونزع المصداقية منه، وقد جاء وقت الـحـسـاب الــشــامـ­ـل، وشــتــان بــين من دافع عن وطنه وصان، وبين من كان خنجراً مسموماً ضده وخان.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia