Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الأهرامات ليست مصرية!

-

مـا زلـنـا نتحدث عـن الأهــرامـ­ـات المـصـريـة التي تثير خـيـال الـعـامـة فـي كـل مـكـان بـالـعـالـ­م. وهـنـاك الملايين الذين يعتقدون أنها - أي الأهرامات - ليست صناعة مصرية. وأنا دائماً أعلن أن أي شخص لم يــدرس الأهـرامـا­ت وجــاء إلـى مصر، لـن يتصور أن الـهـرم بناه المـصـريـو­ن الـقـدمـاء، وخـاصـة لأن أغلب الآراء التي كُتبت عن بنائها ليست صحيحة، مثل أن العمال الذين قاموا ببناء الهرم الأكبر بالجيزة كانوا يعملون فقط خلال أيام الفيضان، أي يعملون فقط خلال أربعة شهور في العام! وكذلك أن الملك »خوفو« حكم ٢٣ عاماً طبقاً لبردية تورين. وأيضاً أن الأحجار التي بُني بها الـهـرم أحضرها المـصـريـو­ن القدماء مـن طــرة، والـتـي تبعد أكـثـر مـن عـشـرة كيلومترات عن الهرم. وأخيراً أن أحجار الهرم يصل عددها إلى نحو مليونين و٣٠٠ ألـف حجر، يـزن الـواحـد منها ما بين طنين إلى عشرة أطنان. لذلك يعتقد الملايين أن الهرم ليس صناعة مصرية، وهناك الكتب التي تـتـحـدث عــن خـزعـبـلات مــن نـوعـيـة الـفـضـائـ­يـين أو علماء الأطـلانـت­ـس، وكـذلـك المـقـالات الـتـي ينشرها العامة ويؤكدون فيها أن البشر لا يمكن أن يقوموا بهذا العمل!

ولو نظرنا إلى الاعتقادات التي أشرت إليها، وأن العمال يعملون خلال الفيضان أربعة أشهر، فمعنى ذلك أنهم كانوا ينقلون حجراً كل ثانية، وبالطبع هذا العمل لا يقدر عليه البشر. ولكن الثابت أن العمال كانوا يعملون طوال العام، وكانوا يحصلون على يوم واحد راحة كل عشرة أيام، وجاءت هذه المعلومات بعد كشفنا عن مقابر العمال بناة الأهــرام، والتي أثبتت للعالم كله أن الأهـرامـا­ت بناها المصريون، وأنها لم تُبن بالسخرة؛ لأن العمال قد دفنوا بجوار الهرم، ولـو كانوا عبيداً لما دفنوا ومعهم أيضاً ما يحتاجونه في العالم الآخر حسب معتقداتهم.

وقد تأكدنا أن الهرم كان المشروع القومي لكل المصريين؛ ولذلك كانت العائلات الكبيرة التي تحكم الصعيد والدلتا تشارك في بناء الهرم، ويرسلون العمال للعمل فـي بـنـاء الـهـرم، بـالإضـافـ­ة إلـى أننا عثرنا على صوان حجرية كبيرة كانوا يرسلون فيها المأكولات التي تساعد على إعاشة العمال، وبالتالي كـان الملك يقوم بإعفائهم مـن دفـع الـضـرائـب، وأكـد ذلك أن الهرم كان المشروع القومي الذي يشارك فيه كل المصريين.

والمـــؤكـ­ــد أن الــــذي قـــرر أن عـــدد أحــجــار الــهــرم يـصـل إلــى أكـثـر مـن مليوني حـجـر، لـم يـكـن يعرف أن قاعدة الهرم من الصخر الطبيعي، وأنها ترتفع بـمـا يـزيـد عـلـى سـبـعـة أمــتــار، ويـمـكـن رؤيـتـهـا من الناحية الجنوبية للهرم، ولذلك أعتقد أن أحجار هــرم المـلـك »خـوفـو« لا تـزيـد عـن مليون حـجـر. وأن هذه الأحجار تزن فقط ما بين نصف طن إلى طنين

ُ ونصف فقط، وأن الطريق الصاعد الذي نقلت عليه الأحجار من المحجر إلى قاعدة الهرم لم يصل إلى منتصف الهرم، بل كان يتصل بالناحية الجنوبية الغربية من الهرم بحيث يصبح طريقاً ثابتاً، وكان يُبنى مـن دبــش الحجر والـطـفـلـ­ة. وقــد قمنا بعمل حـفـائـر شــمــال وجــنــوب الــطــريـ­ـق الأسـفـلـت­ـي لـهـرم الملك »خـوفـو«، وعثرنا على بقايا هـذا الطريق في الناحيتين. ونحن نعرف أن الناحية الجنوبية لأي هرم في الدولة القديمة كانت تحتوى على الأهرامات الجانبية أو أهرامات الملكات، ولكن مهندس الهرم نـقـل هــذه الأهـــرام­ـــات إلــى الـنـاحـيـ­ة الـشـرقـيـ­ة حتى تـصـبـح الـنـاحـيـ­ة الـجـنـوبـ­يـة خـالـيـة تـمـامـاً مــن أي مبان، حتى يمكن بناء الطريق الصاعد. أما المراكب الموجودة فقد بناها ابن الملك »خوفو« بعد وفاته، والمقابر تعود إلى عصر الملك »خفرع«.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia