Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﻣﺜﻘﻔﻮن أﻣﺎم اﺷﺘﺒﺎﻛﺎت اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ

ﻣﻔﻬﻮﻣﺎن ﻣﻠﺘﺒﺴﺎن وﻏﺎرﻗﺎن ﰲ اﻟﺘﺤﻴﺰ

-

ﻗﺮر ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻜﺘﺎب؛ ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ اﻟﻜﻴﻨﻲ ﻧﻐﻮﻳﻲ وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ، اﳌـــﻌـــﺮ­وف ﺑــﻌــﺪد ﻣـــﻦ اﻟــــﺮواﻳ­ــــﺎت اﻟـﺘـﻲ ﻛــﺮﺳــﺘــ­ﻪ ﻛــﺎﺗــﺒــ­ﴼ ﻋــﺎﳌــﻴــ­ﴼ، أن ﻳـﻘـﺎﻃـﻌـﻮ­ا ﻣــﻌــﺮﺿــ­ﴼ ﻟــﻠــﻜــﺘ­ــﺎب ﻓـــﻲ اﻟــﺴــﻮﻳـ­ـﺪ ﻳـﻌـﺪ أﻛﺒﺮ اﳌﻌﺎرض اﻻﺳﻜﻨﺪﻳﻨﺎﻓ­ﻴﺔ وأﺣﺪ أﻫــﻢ اﳌــﻌــﺎرض اﻷوروﺑـــﻴ­ـــﺔ ﻓــﻲ ﻧـﻮﻋـﻪ، ﻻﻋﺘﺮاﺿﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻟـــﺴـــﻮ­ﻳـــﺪﻳـــﺔ »ﻧــــﻴــــ­ﺎ ﺗــــﺎﻳـــ­ـﺪر )اﻷزﻣــــﻨـ­ـــﺔ اﻟــــﺠـــ­ـﺪﻳــــﺪة(« اﳌـــﻌـــﺮ­وﻓـــﺔ ﺑـﻴـﻤـﻴـﻨـ­ﻴـﺘـﻬـﺎ اﳌﺘﻄﺮﻓﺔ. ﻓﻘﺪ وﻗـﻊ ﻣﺎﺋﺘﺎ ﻛﺎﺗﺐ ﻋﻠﻰ وﺛﻴﻘﺔ اﻻﻋﺘﺮاض، واﺣﺘﺞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻋــﺪد ﻣــﻦ اﳌــﺆﺳــﺴـ­ـﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻷوروﺑـــﻴ­ـــﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻣــﺸــﺎرﻛـ­ـﺔ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮض ﻏﻮﺗﻨﺒﻮرغ ﻟﻠﻜﺘﺎب. وﻣﻊ أن ﺻﺤﻴﻔﺔ »اﻟﻐﺎردﻳﺎن« اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ذﻛـــﺮت ﻓــﻲ ﻋــﺪد اﻟﺨﻤﻴﺲ ٩٢ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﳌﺎﺿﻲ أن ﻣﻨﻈﻤﻲ اﳌﻌﺮض رﻓــﻀــﻮا اﻻﺣــﺘــﺠـ­ـﺎﺟــﺎت واﳌــﻘــﺎﻃ­ــﻌــﺎت وأﺻـــــــ­ــــــــﺮو­ا ﻋــــﻠــــ­ﻰ إﺗــــــﺎﺣ­ــــــﺔ اﻟــــﻔـــ­ـﺮﺻــــﺔ ﻟﻠﺼﺤﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ، ﻓﺈن ﻋﺪد اﻟﻴﻮم ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ اﻟﺴﻮﻳﺪﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ أﻋﻠﻦ أن ﻣﻨﻈﻤﻲ اﳌﻌﺮض ﻗﺮروا إﻟﻐﺎء اﳌــﺸــﺎرﻛ­ــﺔ ﻓــﻲ ﺗــﺤــﻮل ﺳــﺮﻳــﻊ ﳌﻮﻗﻔﻬﻢ ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪو.

اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻛﻤﺎ رآﻫــﺎ ﻣـﺪﻳـﺮ اﳌﻌﻬﺪ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻮﻳﺪ ﻟﻮران ﻛﻼﻓﻴﻞ ﺗﺘﺼﻞ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ: أﻳﻦ ﻳﻤﻜﻦ رﺳﻢ اﻟﺨﻂ ﺑﲔ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ وإﺗﺎﺣﺔ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﻟﺘﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ؟ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻓﻲ اﳌﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻤﻨﻊ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺼﺤﻴﻔﺔ ﺗــﺘــﻀــﻤ­ــﻦ رﺳــﻤــﴼ ﻟــﺬﻟــﻚ اﻟـــﺨـــﻂ: ﻳﺠﺐ ﻋﺪم اﻟﺴﻤﺎح ﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ ﺑﺄن ﺗـﺤـﺘـﻞ ﻣــﻨــﺒــﺮ­ﴽ ﻟـﻠـﺘـﻌـﺒـ­ﻴـﺮ ﻋـــﻦ ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ. وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﺳﻴﻌﻮد ﺑﻨﺎ ﻫﺬا إﻟﻰ اﻟﺴﺆال اﻟﺠﻮﻫﺮي ﻋﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﺤﺮﻳﺔ وﺣـــــﺪود­ه، وﻗـــﺪ ﻳــﺄﺧــﺬﻧـ­ـﺎ اﳌــﻮﻗــﻒ إﻟـﻰ اﻟﻌﺒﺎرة اﳌﻨﺴﻮﺑﺔ ﻟﻨﺎﺑﻠﻴﻮن: »ﻻ ﺣﺮﻳﺔ ﻷﻋﺪاء اﻟﺤﺮﻳﺔ«. وﻫﻮ ﻣﻮﻗﻒ ﻗﺪ ﻳﺒﺪو ﻣـﺤـﺴـﻮﻣـﴼ ﻣــﻦ ﻣـﻨـﻄـﻠـﻖ اﻟــﻘــﻨــ­ﺎﻋــﺎت أو ﻣﻨﻄﻖ اﻹﻳـﻤـﺎن ﺑﻤﺒﺎدئ أو ﻣﻌﺘﻘﺪات ﻣﻄﻠﻘﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻔﻴﺔ أو اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻣﻮﻗﻒ إﺷﻜﺎﻟﻲ، ﻛﺎن وﻻ ﻳﺰال ﻳﺜﻴﺮ أﺳﺌﻠﺔ ﻋﺘﻴﺪة: ﻣﺎ اﻟﺨﻂ اﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﲔ اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﻔﻮﺿﻰ؟ وأﻳﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ اﻟــﺤــﺮﻳـ­ـﺔ وﺗـــﺒـــﺪ­أ اﳌــﺴــﺆوﻟ­ــﻴــﺔ؟ أﺳـﺌـﻠـﺔ ﻋــﺎرﻛــﻬـ­ـﺎ اﻹﻧـــﺴـــ­ﺎن وﻋــﺮﻛــﺘـ­ـﻪ وﻻ ﺗــﺰال ﺗﻄﺮح ﺣﺘﻰ اﻟﻴﻮم، وأﻇﻨﻬﺎ ﺳﺘﻄﺮح ﻏﺪﴽ وﺑﻌﺪ ﻏﺪ.

اﻟــــﻜـــ­ـﺎﺗــــﺐ اﻟـــﻜـــﻴ­ـــﻨـــﻲ ﻧــــﻐــــ­ﻮﻳــــﻲ وا ﺛــﻴــﻮﻧــ­ﻐــﻮ ﻛـــﺎن أﺣـــﺪ ﺿــﺤــﺎﻳــ­ﺎ اﻟــﻘــﻴــ­ﻮد ﻋـﻠـﻰ ﺣــﺮﻳــﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻓــﻲ ﺑــــﻼده، ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ ﻫﺠﺮﺗﻪ اﻟﻨﻬﺎﺋﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻐﺮب؛ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻴﻢ اﻵن ﻓﻲ وﻻﻳﺔ ﻛﺎﻟﻴﻔﻮرﻧﻴﺎ وﻳﻌﻤﻞ أﺳﺘﺎذا ﻓﻲ إﺣﺪى ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ. ﻓـﻘـﺪ ﺳـﺠـﻦ ﺻــﺎﺣــﺐ رواﻳــﺘــﻲ »أوراق اﻟــــــــ­ــــﺪم«، )٧٦٩١(، و»ﺣـــــﺒـــ­ــﺔ ﻗـــﻤـــﺢ«، )٥٧٩١(، وأﻋـــﻤـــ­ﺎل ﻛــﺜــﻴــﺮ­ة أﺧــــﺮى ﻓﻲ ﻛﻴﻨﻴﺎ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻛــﺎن ًﻗــﺪ ﻃﺎﻟﺐ ﺑﺎﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ وﻧﺎﺿﻞ ﻃﻮﻳﻼ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ذﻟـــﻚ. وﻟـــﻢ ﻳـﻜـﻦ ﻧـﻐـﻮﻳـﻲ ﺳـــﻮى واﺣــﺪ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وآﺳﻴﺎ وﻏــﻴــﺮﻫـ­ـﻢ ﻣـﻤـﻦ ذاﻗــــﻮا وﻳـــﻼت اﻟـﻘـﻴـﻮد ﻋــﻠــﻰ ﺣـــﺮﻳـــﺔ اﻟــﺘــﻌــ­ﺒــﻴــﺮ، ﻟــﻜــﻨــﻪ ﺗــﻤــﻴــﺰ، ﻛـﻤـﺎ ﺗﻤﻴﺰ آﺧــــﺮون، ﺑﺘﺤﻮﻳﻞ ﻧﻀﺎﻟﻪ إﻟـﻰ ﻣﻨﺘﺞ إﺑـﺪاﻋـﻲ وﻓﻜﺮي ﺣﻤﻞ ذﻟﻚ اﻟﻨﻀﺎل إﻟـﻰ ﻣﻨﺎﺑﺮ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻟﻴﺼﺒﺢ أﺣﺪ أﻛﺜﺮ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺘﺮدد أﺳﻤﺎؤﻫﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺷﻴﺢ ﻟﺠﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ.

ﻓــﻲ أﻋــﻤــﺎل ﻧــﻐــﻮﻳــ­ﻲ وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ اﻟـﺮواﺋـﻴـ­ﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺻﻠﺒﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـ­ﺎﻧـﻲ اﻟـــﺬي ﻳـﺪﻋـﻲ اﻟـﺤـﺮﻳـﺔ ﻓﻲ ﺑﻼده وﻳﻤﺎرس ﻛﺒﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪ أﻓﺮﻳﻘﻲ ﻣــﺜــﻞ ﻛــﻴــﻨــﻴ­ــﺎ. اﳌـــﻘـــﺎ­وﻣـــﺔ ﻟــــﺪى اﻟــﻜــﺎﺗـ­ـﺐ اﻟﻜﻴﻨﻲ، ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﺪى ﻏﻴﺮه، ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ رﻓﺾ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺪﻋﻴﻬﺎ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺗﻤﻈﻬﺮﴽ ﻟﻠﻨﻔﺎق اﻟﻜﺮﻳﻪ، ﻫﻲ ﺣــﺮﻳــﺔ ﻣــﺪﻋــﺎة، ﺗــﻘــﻮم ﻋـﻠـﻰ ازدواﺟــﻴـ­ـﺔ ﻣﺮﻓﻮﺿﺔ أﺧﻼﻗﻴﴼ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺘﻴﺢ ﻟـﻪ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺘﻴﺤﻪ ﻟﻐﻴﺮه. ﻟﻜﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻜﻴﻨﻲ ﻟـﻢ ﻳﻠﺒﺚ أن اﻛﺘﺸﻒ أن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ ﺑـــﻼده ﺑـﻌـﺪ اﻻﺳــﺘــﻘـ­ـﻼل أدت إﻟــﻰ وﺿــﻊ ﻻ ﻳـﻘـﻞ ﺳــــﻮءﴽ، إن ﻟــﻢ ﻳﻔﻖ ﻓـــﻲ ﺳـــﻮﺋـــﻪ، ﻋــﻤــﺎ ﻛــــﺎن ﺣـــﺎﺻـــﻼ أﻳـــﺎم اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر، وأن اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﺎﻫﻰ اﳌـﺴـﺘـﻌـﻤ­ـﺮ ﺑـﻬـﺎ ﻓــﻲ ﻓـﻠـﺴـﻔـﺎﺗ­ـﻪ وآداﺑــــﻪ ﳌـﺎ ﺗــﺰل ﺑﻌﻴﺪة اﳌــﻨــﺎل. أﺛﺒﺘﺖ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر أو ﻣﺎ ﺑﺎت ﻳﻌﺮف ﺑـ»ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟ­ﻴﺔ« أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻣـــﺮارة ﻋــﻦ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﺳـﺘـﻌـﻤـ­ﺎر؛ ﻟﻴﺲ ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ وﺣﺪﻫﺎ، وإﻧﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻛــﺜــﻴــﺮ­ة أﺧـــــﺮى ﻣـــﻦ اﻟـــﻌـــﺎ­ﻟـــﻢ. اﻟــﺒــﺎﺣـ­ـﺚ واﻟﻨﺎﻗﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ روﺑﺮت ﻳﻮﻧﻎ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻟـ»آداب ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟ­ﻴﺔ« ﺗـﺤـﺖ ﻋــﻨــﻮان »ﺣــﻖ اﳌــﻘــﺎوﻣ­ــﺔ« ﻳﻄﺮح اﻟﺘﺴﺎؤل ﻓﻲ إﻃـﺎر أﻋﻤﺎل وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ وأﻋـــــﻤـ­ــــﺎل ﻛــــﺘــــ­ﺎب آﺧــــﺮﻳــ­ــﻦ ﻣــــﻦ اﻟــﻬــﻨــ­ﺪ وﻏﻴﺮﻫﺎ.

اﻻﻋﺘﺮاض اﻟﺬي أﺑﺪاه وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ وﻛﺘﺎب آﺧﺮون ﻟﺪى ﻣﺴﺆوﻟﻲ ﻣﻌﺮض اﻟﻜﺘﺎب اﻟﺴﻮﻳﺪي ﻛﺎن ﻓﻌﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺔ؛ ﻣــﻘــﺎوﻣـ­ـﺔ ﳌــﻦ ﻳــﺮوﻧــﻬـ­ـﻢ ﻏـﻴـﺮ ﺟـﺪﻳـﺮﻳـﻦ ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺘﺎح ﻟﻬﻢ. ﻟﻜﻦ اﳌﻘﺎوﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﻫﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ، ﺣﺴﺐ روﺑﺮت ﻳﻮﻧﻎ، ﻣﻔﻬﻮم ﻣﻠﺘﺒﺲ وﻏــﺎرق ﻓـﻲ اﻟﺘﺤﻴﺰ: »اﳌـﻘـﺎوﻣـﺔ، ﻣﺜﻞ اﻟــﺤــﺮﻳـ­ـﺔ، ﻇــﻠــﺖ ﺣــﻘــﴼ ﻳــﺪﻋــﻴــ­ﻪ اﻷﻓــــﺮاد واﻟــﺠــﻤـ­ـﺎﻋــﺎت ﻷﻧـﻔـﺴـﻬـﻢ، وﻟــﻜــﻦ ﻟﻴﺲ ﺑــــﺎﻟـــ­ـﻀــــﺮورة ﻟـــﻐـــﻴـ­ــﺮﻫـــﻢ«. ذﻟــــــﻚ ﻛـــﺎن ﻣﻨﻄﻖ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻛﻴﻨﻴﺎ أو ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ. وﻻ ﻳﺰال ذﻟﻚ اﳌﻨﻄﻖ ﻫﻮ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟـﺪى ﻣﻦ ﻳﺼﻨﻔﻮن أﻋﺪاءﻫﻢ »إرﻫﺎﺑﻴﲔ«؛ ﻓﺎﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻻ ﺗـــــﺰال إرﻫـــﺎﺑــ­ـﴼ ﻓـــﻲ إﺳــﺮاﺋــﻴ­ــﻞ وﻓــﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣــﻦ ﺑــﻼد اﻟــﻐــﺮب، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣــﻘــﺎوﻣـ­ـﺎت اﻻﺳــﺘــﻌـ­ـﻤــﺎر ﻓــﻲ اﻟــﺠــﺰاﺋ­ــﺮ أو ﺳـﻮرﻳـﺎ أو ﻟﻴﺒﻴﺎ وﻏﻴﺮﻫﺎ أﻋﻤﺎﻻ إرﻫــﺎﺑــﻴ­ــﺔ ﻣــﻦ اﳌــﻨــﻈــ­ﻮر اﻟــﻔــﺮﻧـ­ـﺴــﻲ أو اﻟـــﺒـــﺮ­ﻳـــﻄـــﺎﻧ­ـــﻲ أو اﻹﻳــــﻄــ­ــﺎﻟــــﻲ. ﻳــﻘــﻮل ﻳﻮﻧﻎ، ﻣﺘﺎﺑﻌﴼ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ: »ﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻟـــﻠـــﻤـ­ــﻘـــﺎوﻣـ­ــﺔ اﻟــــﺘـــ­ـﻲ ﺗــﻤــﺜــﻠ­ــﻬــﺎ أي ﻣــﻦ اﻷرﺑـﻌـﲔ أو اﻟﺨﻤﺴﲔ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻨﻒ )إرﻫـﺎﺑـﻴـﺔ( ﻣـﻦ ﻗﺒﻞ اﻻﺗﺤﺎد اﻷوروﺑــــ­ـــــﻲ واﻟـــــﻮﻻ­ﻳـــــﺎت اﳌـــﺘـــﺤ­ـــﺪة أو اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة )اﻟـﺘـﻲ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻗﺎﺋﻤﺔ أﻃـــــﻮل(، أن ﺗــﺒــﺪو ﻛـﻤـﺎ ﻫــﻲ اﳌـﻘـﺎوﻣـﺔ ﺿﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ ﻓﻲ رواﻳﺔ ﻟﻨﻐﻮﻳﻲ وا ﺛـﻴـﻮﻧـﻐـﻮ؟« ﻛﻠﻬﺎ ﻣــﻘــﺎوﻣـ­ـﺎت، ﻟﻜﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺼﻨﻒ إرﻫــﺎﺑــﴼ، واﻟﺒﻌﺾ ﻛﻔﺎﺣﴼ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ.

ﻟﻜﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ ﺗﺼﺒﺢ أﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﻴﺪﴽ ﺣــــــﲔ ﻳـــﺘـــﺼـ­ــﻞ اﻷﻣـــــــ­ــﺮ ﺑــــﺎﻟـــ­ـﺼــــﺮاﻋـ­ـــﺎت اﻟــﻮﻃــﻨـ­ـﻴــﺔ ﻓـــﻲ ﺑــــﻼد ﺗــﻌــﺞ ﺑــﺎﻷﻗــﻠـ­ـﻴــﺎت واﻟــــﻠــ­ــﻐــــﺎت واﻻﻧــــﻘـ­ـــﺴــــﺎﻣ­ــــﺎت اﻟــﺪﻳــﻨـ­ـﻴــﺔ واﻟــــﻄــ­ــﺎﺋــــﻔـ­ـــﻴــــﺔ وﺗــــﻜـــ­ـﺜــــﺮ اﳌــــﻄـــ­ـﺎﻟــــﺒــ­ــﺎت ﺑـــﺎﻻﺳـــ­ﺘـــﻘـــﻼل، ﻛـــﻤـــﺎ ﻫــــﻲ اﻟــــﺤـــ­ـﺎل ﻓـﻲ اﻟﻬﻨﺪ؛ ﺣﻴﺚ ﺗﻌﻴﺶ ﺟﻤﺎﻋﺎت ﺗﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻻﻧﻔﺼﺎل وﺗﻨﺘﺞ أدﺑﴼ ﻳﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل ﺗﻠﻚ اﳌـﻄـﺎﻟـﺐ. ﻳﺘﺴﺎءل روﺑــﺮت ﻳﻮﻧﻎ ﻋﻦ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻨﻘﺎد واﳌﻨﻈﺮﻳﻦ اﻟـ »ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﲔ« اﻟﻬﻨﻮد ﺗﺠﺎه اﻟﺮواﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺜﻞ ﻛﺸﻤﻴﺮ وآﺳــــﺎم وﻣـــﺎ ﻧـﻴـﺒـﻮر وﻧــﺎﻏــﺎﻻ­ﻧــﺪ اﻟﺘﻲ ﺗــﺪﻋــﻮ إﻟـــﻰ ﻣــﻘــﺎوﻣـ­ـﺔ اﻟـــﺪوﻟــ­ـﺔ اﻟـﻬـﻨـﺪﻳـ­ﺔ اﳌـــﺮﻛـــ­ﺰﻳـــﺔ. ﻫـــﻞ ﻳـﻤـﻜـﻦ ﻷوﻟـــﺌـــ­ﻚ اﻟـﻨـﻘـﺎد اﻟـﻘـﺒـﻮل ﺑــﺄدب ﻳــﻨــﺎدي ﺑﺘﺠﺰﺋﺔ اﻟﻬﻨﺪ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﺮﻳﺔ أو اﻟﺘﺤﺮر؟ ﺛﻤﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﻫــﻨــﺎ ﻳــﻌــﺪﻫــ­ﺎ اﻟــﺠــﻤــ­ﻴــﻊ ﻗــﻴــﻤــﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗـﺘـﺤـﻮل وﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟﻰ ﻣﺴﺄﻟﺔ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺑﻤﺠﺮد ﻣﺴﺎﺳﻬﺎ ﺑﻤﺴﻠﻤﺎت ﺗﺼﻌﺐ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻧﺎﻫﻴﻚ ﺑﻘﺒﻮﻟﻬﺎ.

وﻳــــﻨـــ­ـﺴــــﺤـــ­ـﺐ اﻷﻣـــــــ­ـــــﺮ ﺑـــﻄـــﺒـ­ــﻴـــﻌـــ­ﺔ اﻟـﺤـﺎل ﻋﻠﻰ أي أدب أو ﻣﻨﺘﺞ ﺛﻘﺎﻓﻲ أو إﺑــــﺪاﻋـ­ـــﻲ ﻳــﺘــﻤــﺎ­س ﻣـــﻊ اﳌــﺴــﻠــ­ﻤــﺎت اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـ­ﻴـﺔ أو اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـ­ﺔ أو اﻟــﺪﻳــﻨـ­ـﻴــﺔ... ﻣـﺎ ﺳﻴﻌﺪه اﻟﺒﻌﺾ ﻣـﻨـﺎداة ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﺳـﻴـﻌـﺪه آﺧـــﺮون ﻣــﻨــﺎداة ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻗﺔ أو ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻞ واﻟــﻔــﻮﺿ­ــﻰ. ﻟـﻜـﻦ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺎؤﻻت ﺗﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﻣﺴﺎءﻟﺔ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﻟﺪى اﻟﺒﻌﺾ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻗـﺪ ﺗﻔﻀﻲ أﻳـﻀـﴼ إﻟــﻰ ﻧﺴﺒﻴﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ أو ﻋـﺪﻣـﻴـﺔ إن ﻫــﻲ أﺧـــﺬت إﻟـــﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ. ﻻ ﺑﺪ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻜﺎم إﻟـــﻰ ﻣـﻄـﻠـﻖ ﻣــﺎ أو إﻟـــﻰ ﻣـﻌـﺎﻳـﻴـﺮ، ﻟﻜﻦ اﳌﺴﺎﻓﺔ اﳌﻤﺘﺪة ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ؛ أي ﺣﺘﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﻘﻄﺔ اﳌﻄﻠﻖ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﻨﻘﺎش، ﺳﺘﻈﻞ ﻗﺎﺋﻤﺔ، ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻈﻞ ﺗﻠﻚ اﳌﺴﺎﻓﺔ أو اﳌﺴﺎﺣﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ ﻟﻠﺤﻮار ﺣﻮل ﺻﺤﺔ أو دﻗﺔ أو ﺻﺪﻗﻴﺔ ﺑﻌﺾ ﻣــﺎ اﺳـﺘـﻘـﺮ ﻣــﻦ رؤى أو ﻣـﻌـﺘـﻘـﺪا­ت أو ﻗﻴﻢ، وﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻀﻴﻖ ﺗﻠﻚ اﳌﺴﺎﺣﺔ أو ﺗﺘﺴﻊ ﻳﻀﻴﻖ أو ﻳﺘﺴﻊ ﺗﺒﻌﴼ ﻟﻬﺎ أﻓﻖ اﻹﻧﺴﺎن وﻓـﻀـﺎءات اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻗﺪرة ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻮ واﻻﺗـــﺴــ­ـﺎع ﻷﻛــﺒــﺮ ﻗـــﺪر ﻣــﻦ اﻻﺧــﺘــﻼف واﻟﺘﻌﺪد ﻓﻲ اﻟﺮأي واﻟﺮؤﻳﺔ.

ﻋـــﻠـــﻰ ﻫــــــﺬا اﻷﺳـــــــ­ــﺎس ﻳـــﻤـــﻜـ­ــﻦ أن ﻧــــﺘــــ­ﺴــــﺎءل ﻋـــــﻦ ﺣـــــﻖ اﻟــــﻜـــ­ـﺘــــﺎب اﻟـــﺬﻳـــ­ﻦ اﺣﺘﺠﻮا ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺗﺘﺒﻨﻰ ﺧﻄﺎﺑﴼ ﻋﻨﺼﺮﻳﴼ أو ﺧﻄﺎب ﻛﺮاﻫﻴﺔ ﻓﻲ ﻣــﻌــﺮض ﻟـﻠـﻜـﺘـﺎب، وإﺟــﺎﺑــﺘ­ــﻲ ﻫــﻲ أﻧـﻪ ﻣـﻦ ﺣﻘﻬﻢ أن ﻳﺤﺘﺠﻮا، ﻷن ﻣﻮﻗﻔﻬﻢ ﻓـــﻲ أﺳـــﺎﺳـــ­ﻪ اﺣـــﺘـــﺠ­ـــﺎج ﻋــﻠــﻰ ﺧــﻄــﺎب ﻳــﺘــﻀــﻤ­ــﻦ اﻹﻋـــــــ­ﻼء ﻣــــﻦ ﺷـــــﺄن ﻋـﻨـﺼـﺮ ﺑﺸﺮي ﻋﻠﻰ آﺧﺮ أو ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ أﺧﺮى ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺼﺒﺢ اﻟﺤﻮار ﻣﺴﺘﺤﻴﻼ: ﻛﻴﻒ ﺗـﺤـﺎور ﻣـﻦ ﻳــﺮاك دون اﻟﺒﺸﺮ أو ﻏﻴﺮ ﺟـﺪﻳـﺮ ﺑﺎﻟﺤﻘﻮق اﻟـﺘـﻲ ﻟـﻐـﻴـﺮك؟ ﻛﻴﻒ ﺗـﻘـﺒـﻞ اﻟــﺤــﺮﻳـ­ـﺔ ﳌــﻦ ﻳــﺮﻓــﺾ أن ﺗﻨﺎﻟﻬﺎ أﻧﺖ اﺑﺘﺪاء؟

 ??  ?? ﻧﻐﻮﻳﻲ وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ
ﻧﻐﻮﻳﻲ وا ﺛﻴﻮﻧﻐﻮ
 ??  ?? د. ﺳﻌﺪ اﻟﺒﺎزﻋﻲ
د. ﺳﻌﺪ اﻟﺒﺎزﻋﻲ

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia